الأصحاح الرابع سفر اللاويين القمص أنطونيوس فكري

الإصحاح الرابع

مقدمــــــــــــــــــــــــــة.

ما بين ذبيحة الخطية وذبيحة الإثم.

هما ذبيحتان لهما شريعة واحدة تقريباً نرى المسيح فيهما حاملاً خطايانا ولعنتنا.

ولكن لماذا شرح الوحى هذا النوع من الذبائح مستخدماً ذبيحتين وليس ذبيحة واحدة؟

حينما أخطأ أبونا آدم وسقط إنفصل عن الله، وهذا ما رأيناه عملياً فى موته، فالموت إنفصال عن الله. وكانت هناك نتيجة أخرى لهذا الإنفصال وهى أن طبيعة آدم اصبحت طبيعة ساقطة ومتمردة. هذا ما عناه داود النبى بقوله “هأنذا بالإثم صُوِّرت وبالخطية حبلت بى أمى” (مز51: 5) وهو نفس ما ردده بولس الرسول بقوله “الخطية الساكنة فىَّ” (رو7: 17)، ويقول أيضا “فإنى أعلم أنه ليس ساكن فىَّ أى فى جسدى شئ صالح” (رو7: 18). والفرق بين العهد الجديد وبين العهد القديم النعمـــــــــة التى فاض بها الله على شعبه فى العهد الجديد، وهى قوة يعطيها لنا الروح القدس الساكن فينا، لكل من يجاهد، فتحفظنا من السقوط.

وكانت مظاهر سكن الخطية فينا، إنفصال إرادتنا عن إرادة الله، أى ظهور الأنا = ماذا أريد أنا؟ ماذا أشتهى أنا؟ ولم يعد ما يريده الله هو هدفى، بل ما أريده أنا أو ما أشتهيه أنا.

والله أعلن إرادته فى وصاياه، وظن الإنسان فى إنحرافه أن الله بهذه الوصايا يتحكم فى حريته ويقيده، ولكن كان الهدف من وصايا الله حماية الإنسان من نتائج الإنحراف الذى حدث فى داخله. هذا الإنحراف أو التمرد يعرض الإنسان لفقدان حريته الحقيقية، ويضيع منه الفرح الذى خلقه الله ليعيش فيه فى جنة عدْنْ (عدْنْ كلمة عبرية تعنى فرح) بل يؤدى لفقدانه الحياة الأبدية. ولقد خدع الشيطان الإنسان وما زال يخدعه بأن الفرح هو فى الملذات العالمية الخاطئة، بينما أن هناك فروق كبيرة بينهما، ولكن للأسف فما زال الإنسان يصدق الشيطان ولا يصدق الله، تماما كما فعلت حواء ثم آدم.

  • الفرح هو عطية الله. واللذة هى عطية الجسد. وشتان الفارق بين هذا وذاك.
  • الفرح يكون مستمرا كنور الشمس. بينما اللذة وقتية كنور البرق.
  • الفرح لا يمكن لأحد أن ينزعه منا (يو16: 22). بينما أن اللذة الحسية تضيع مع أول شدة أو مرض أو ضيق.

بين الخطية والإثم.

الخطية: – لغوياً فى اللغة اليونانية تعنى أن إنسان أخطأ فى إصابة الهدف، فهذا لا تكون له مكافأة. فإذا فهمنا أنه لا بد أن يكون هدف أو إرادة الإنسان هو نفس إرادة الله، وذلك لصالحه، هنا على الأرض، وهناك فى حياته فى السماء (إرادة الله معلنة فى الوصايا الإلهية)، ومن يصدق الله، أن الوصايا لصالحه ويطيعها تكون مكافأته هى أن يكون له نصيب فى مجد الله. وبهذا نفهم قول بولس الرسول “الجميع أخطأوا وأعوزهم مجد الله” (رو3: 23). والمسيح قدَّم نفسه ذبيحة خطية ليكون لنا نصيب فى مجده (يو17: 5، 22 + رؤ3: 21).

الإثم: – لغوياً يعنى أى تصرف خاطئ تجاه الله أو إنسان. وتصرفاتنا الخاطئة تنشأ من فساد طبيعتنا الخاطئة. والمسيح قدم نفسه كذبيحة إثم ليرفع عنا أثامنا.

كل إثم هو خطية (1يو5: 17): – والمقصود أن أى خطأ تجاه الله أو الناس يتسبب فى ضياع الملكوت منا. ولهذا قدم المسيح نفسه عنا فهو لا يشاء موت الخاطئ “هل مسرة أسر بموت الشرير يقول السيد الرب. ألا برجوعه عن طرقه فيحيا” (حز18: 24).

نتائج الخطية وعمل المسيح بفدائه.

الخطية هى تمركز حول الذات، والقداسة هى وحدة مع الله، والله حياة، لذلك فأى إنفصال عن الله هو موت. وهذه الوحدة فى المشيئة والإرادة رأيناها فى المسيح الإنسان، الذى يريد كإنسان أن لا يجتاز ألام الصليب فيطلب أن يرفع عنه أبوه الكأس… لكن نجده يقول “فلتكن إرادة الآب وليس إرادته”. وهذا ما صنعه لنا المسيح بتجسده فقد أعطانا أن نكون واحداً معه (يو17: 20 – 23). وبإتحادنا بالمسيح الحى صارت لنا حياة وإنكسرت شوكة الموت، وبإتحادنا بالمسيح الكلى القداسة أصبح لنا إمكانية القداسة، إذا كنا بحريتنا نسلك بحسب الروح وليس بحسب الجسد. فالسلوك بحسب الجسد وشهواته إرتداد للأنا والتمركز حول الذات، وبالتالى الإنفصال عن الله فلا شركة بين النور والظلمة (2كو6: 14)، وبالتالى تكون نتيجة الإنفصال عن الله هى الموت. أما السلوك بحسب الروح ففيه ثبات فى المسيح وبالتالى حياة أبدية. وليشرح الوحى هذه الحقائق إستخدم ذبيحتان: -.

  • الأولى ذبيحة الخطية لتشرح أن المسيح إفتدى طبيعتى الخاطئة.
  • والثانية ذبيحة الإثم لتشرح كيف أن المسيح إفتدى أيضاً أعمالى الآثمة التى نتجت عن طبيعتى الساقطة.

فالخطية ساكنة فىَّ، لأن طبيعتى أصبحت طبيعة خاطئة ومتمردة. أما الإثم فهو ثمار هذه الخطية، فالخطية فى طبعنا. الإثم هو أعمالى الخاطئة الناشئة عن طبيعتى المتمردة التى أصبحت تطلب ما تريده وليس ما يريده الله.

  • وذبيحة الخطية تكفر عن الخطية الأصلية أو الجدية التى فى طبيعتى. هذه الذبيحة تعبر عن وضعى أثناء الخطية، ماذا كنت أثناء فعل الخطية.
  • أما ذبيحة الإثم فهى تكفر عن الخطية التى صنعتها، أى عن ماذا فعلت كنتيجة لهذه الخطية التى صارت تسكن فى داخلى. وهذه الطبيعة المتمردة التى وُلِدنا بها وورثناها من أبوينا الأولين هى ما نسميه الخطية الجدية أو الأصلية.

ولأن الإثم الظاهر هو الذى يَسْهُل ملاحظته بينما أن الطبيعة الساقطة لا يسهل إدراكها، إستخدم الوحى ذبيحتان للتعبير عن ذلك. ونلاحظ أن الإنسان الروحى المبتدئ يبكى على الخطايا الظاهرة التى يصنعها، أما الإنسان المتقدم روحياً فهو يبكى أيضاً طبيعته الساقطة. فما يؤلمه أنه حين يريد أن يفعل الصلاح يجد الشر أمامه، وهذا يتسبب فى صراع داخلى يؤلمه. فالروح يشتهى ضد الجسد والجسد يشتهى ضد الروح. الروح يشتهى السماويات، أما الجسد المتمركز حول الأنا واللذة يجذب لأسفل، هذا ما جعل بولس يصرخ قائلاً “ويحيى أنا الإنسان الشقى من ينقذنى من جسد هذا الموت” (رو7: 14 – 24). شكراً للمسيح الذى صلب ليفدى طبيعتنا الخاطئة وأيضاً أعمالنا الخاطئة.

+ ولأن الخطية والإثم متداخلان، تداخل الكلام عنهما مثل “ذبيحة لإثمه عن خطيته” (لا5: 5، 6) وهذه الآيات تشير كيف أن الإثم صادر عن الخطية الساكنة فى الداخل.

+ فى ذبيحة الخطية نرى أشخاص الخطاة، رئيس الكهنة – الجماعة – الرئيس – فرد عادى من الشعب. ويأتى المخطئ بذبيحته التى تتدرج من ثور إلى تقدمة دقيق ويعترف المخطئ بخطيته وتُقدَّم الذبيحة. إذاً هنا نرى أشخاص فالكل أخطأ وهذا يشير لفساد الطبيعة البشرية (الخطيئة الأصلية أو الجدية).

أما فى ذبيحة الإثم لا نرى أشخاص الخطاة بل نرى أفعالاً معينة، وصف لخطايا هى ثمر الطبيعة الساقطة. وهنا فى ذبيحة الإثم لا نرى تدرجاً فالذبيحة هى هى لا تتغير، كبشاً صحيحاً، وهذا معناه ببساطة أن من أخطأ فى واحدة فقد أخطأ فى الكل “لان من حفظ كل الناموس وانما عثر في واحدة فقد صار مجرما في الكل” (يع2: 10)، وأى خطية مهما كانت صغيرة تؤدى لموت الخاطئ، وتحتاج لفداء متساوى.

+ فى ذبيحة الخطية نرى تدرج المسئولية الأدبية فرئيس الكهنة خطيته لا تساوى خطية فرد عادى من أفراد الشعب فهو قدوة وقد يعثر آخرين، وهو مسئول عنهم أيضاً لذلك تدرجت أنواع الذبائح فى ذبيحة الخطية.

+ فى ذبيحة الخطية نرى شخصاً خاطئاً يأتى طالباً التكفير عن نفسه كخاطئ (يمكن أن نقول أنه شاعرا بإشمئزاز من نفسه ومن خطاياه الساكنة فيه).

+ أما فى ذبيحة الإثم نرى شخصا يأتى طالبا التكفير عن خطية معينة. لذلك نجد هنا بعض الخطايا التى تحتاج لتكفير، وهذه تم تقسيمها لخطايا ضد أقداس الله وأخرى ضد الناس، ولكن بينما هى ضد الناس فهى فى حقيقتها ضد الله.

+ إذاً ذبيحة الخطية تُقَيِّم الناس بالنسبة للخطية (كاهن – جماعة – رئيس – فرد).

أما ذبيحة الإثم فهى تقيم الخطية بالنسبة لله (خطية ضد أقداس الله – خطية ضد الناس) + ذبيحة الخطية تقدم تكفيراً عن مقدم الذبيحة أكثر منها ذبيحة عن خطية معينة، حتي وإن قدمها الإنسان بمناسبة إرتكابه خطأ معين. لذلك نجد الذبائح العامة التى تقدم فى الأعياد والمناسبات هى ذبائح خطية.

+ أما ذبيحة الإثم فهي تقدم تكفيراً عن إثم معين إرتكبه مقدم الذبيحة ضد الله أو ضد إنسان.

+ ويتضح أيضاً من طقوس ذبيحتى الخطية والإثم أن ذبيحة الخطية تقدم عن إنسان إرتكب خطأ معين لا يحتاج معه إلى تعويض الآخرين عنه، فخطأه هذا لم يصب أحداً بضرر سواه. أما لو كان خطأه هذا قد تسبب فى إضرار الغير فعليه أن لا يكتفى بالذبيحة (وهنا تكون الذبيحة ذبيحة إثم) ولكن أن يصلح ما أفسده، أى يرد ما إغتصبه من أحد مثلا بل أيضا عليه أن يدفع غرامة (لذلك يطلب أب الإعتراف من المعترف أن يذهب ليعتذر ويتصالح مع من أساء إليه أو أهانه قبل أن يتقدم للتناول وهذا بحسب تعليم الرب نفسه مت5: 23 – 24).

قبل الناموس قدم الأباء ذبائح محرقات وذبائح سلامة، ولم نسمع عن تقديم ذبائح خطية إلا نادراً وحتى أيوب حين قدم محرقاته قال “ربما أخطأ بنىَّ” أما ذبائح الخطية فقد نص عليها الناموس. فبدون ناموس لا توجد معرفة الخطية (رو3: 20 + 5: 13) فالخطية هى تعدٍ على الوصية.

+ ولذلك نسمع فى ذبيحة الخطية تكرار قول الكتاب “وإن سها أحد…” والمعنى أنها خطية لا إرادية أو عن جهل، وهذا النوع من الخطايا يعبر عن فساد الطبيعة، والعمى الذى أصابها فصارت لا تدرى الطريق الصحيح، يخطئ الإنسان مدفوعا برغبة منحرفة راجعة لطبيعته الساقطة، ونلاحظ أن هذه الرغبة تضعف مع الإمتلاء من النعمة أى الإمتلاء من الروح القدس (أف5: 81 – 21) ومع ضعف الجهاد يضعف عمل النعمة فيجد الإنسان نفسه مدفوعا للخطية.

ولكن هل يعنى قول الكتاب “وإن سها أحد” أن نفهمها حرفيا؟ وهل نقول أن أى خطية يفعلها إنسان العهد القديم بإرادته لن يغفرها الله؟ ونقول قطعا لا يمكن فهم هذا حرفيا، فمثلا هل حينما أخطأ داود فى موضوع زوجة أوريا ودبَّر قتله، كان كل هذا سهواً؟ ومع هذا فهو حين ندم وإعترف قال له ناثان النبى الرب نقل عنك خطيتك لا تموت (2صم12: 13). ونقول:

  • من الذى يُحكم عليه بالموت؟ هو من يتحدى الله بتجبر وإستخفاف (لا10: 1، 2 + لا24: 10 – 16 + عد15: 32).
  • ولم يكن كل من يتجبر يموت، ولكن كان هذا ليفهم الشعب أن عقوبة الخطية هى موت فيطيعوا الوصية.
  • وكان هذا هو ما حدث فى العهد الجديد فى قصة موت حنانيا وسفيرة، فقد سمح الله بموتهما حتى لا يفهم أحد أن عهد النعمة وغفران الخطايا بدم المسيح معناه الإستهتار.
  • يقول بولس الرسول “لأن ليس لنا رئيس كهنة غير قادر أن يرثى لضعفاتنا بل مُجَرَّب فى كل شئ مثلنا بلا خطية. فلنتقدم بثقة إلى عرش النعمة لكى ننال رحمة ونجد نعمة عونا فى حينه” (عب4: 15، 16). يقصد بولس الرسول أن المسيح إذ إختبر ضعف طبيعتنا والتجارب التى نتعرض لها إذ تعرض هو أيضا لها، سيرحم من يتقدم إليه طالبا الرحمة والغفران والمعونة. وبنفس المنطق كان الخاطئ الذى أخطأ متعمدا إذ هو مدفوع برغبة داخلية وضعف إرادى، ثم يذهب لرئيس الكهنة اليهودى، ومعه ذبيحة ليقدمها طالبا الغفران من الله، نجد رئيس الكهنة الذى يعانى من ضعف الطبيعة البشرية هو أيضا، نجده يتغاضى عن موضوع الإرادة والسهو، وهذا ما حدث فى موضوع خطية داود. ونلاحظ أن الفرق بين المسيح كرئيس كهنة وبين رؤساء الكهنة اليهود، أن رئيس الكهنة اليهودى كان يخطئ أما المسيح فكان بلا خطية.
هل تبحث عن  السبتيين الأدفنتست جزء 3 29 11 2005 محاضرات الكلية الإكليريكية فيديو البابا شنودة الثالث

أما فى ذبيحة الإثم فهى خطية إرادية. لذلك فالخاطئ فى حالة الخطايا الإرادية يقدم ذبيحة الإثم وعليه أن يصلح خطأه بالإضافة إلى غرامة يقدمها. ولكن كلا النوعين ناشئ عن فساد الطبيعة الإنسانية.

ولذلك يمكن أن نقول أن ذبيحة الخطية هى عن الخطايا اللا إرادية، أما ذبيحة الإثم فهى عن الخطايا الإرادية. والشكر لله أن المسيح كفر عنا من كلاهما.

بين ذبيحة الخطية وذبيحة المحرقة.

  1. لسان حال المسيح كذبيحة محرقة هو “الكأس التى أعطانيها الآب ألا أشربها”. هذه هنا طاعة كاملة. أما لسان حاله كذبيحة للخطية “يا أبتاه إن أمكن أن تعبر عنى هذه الكأس” فهو سيحمل خطايا العالم كله ولعنة البشر. فكيف يمكن تقديم ذبيحة واحدة لتعبر عن هاتين الحالتين، من هنا نرى أهمية تعدد الذبائح.
  2. كانت النغمة التى تتردد فى ذبيحة المحرقة أنها محرقة وقود رائحة سرور للرب، فهى تعبر عن الطاعة الكاملة أما فى ذبيحة الخطية ولأنها تعبر عن خطايا فلم نسمع هذه الجملة إلا مرة واحدة (لا4: 31) لأن المسيح القدوس أطاع وقال “لتكن لا كإرادتى بل كإرادتك”. وحينما تم تنفيذ إرادة الآب بالصليب رفع المسيح خطايا البشر فصاروا محل رضا وسرور الآب، وقال الآب “هذا هو إبنى الحبيب الذى به سررت”.

تنوع الذبائح يشرح جوانب ذبيحة الصليب.

كيف يمكن شرح كل جوانب ذبيحة الصليب فى ذبيحة واحدة، فذبيحة الفصح قدمت فى مصر أرض العبودية وبها تحرروا وخرجوا للحرية.

وفى ذبائح سفر اللاويين نرى تقديس من تحرر وخرج من العبودية.

فى ذبيحة المحرقة لا يأكل منها أحد إطلاقا، كلها للمذبح فهى تشير لإرضاء الله، بينما ذبيحة الخطية يأكل الكاهن جزءاً منها إعلانا عن رفع خطية الخاطئ، وأن المسيح ككاهن قدَّم ذبيحة نفسه حمل خطيتنا وأماتها بموته.

أما ذبيحة السلامة فيأكل منها الجميع فهى تشير لذبيحة الإفخارستيا.

فى تقدمة الدقيق نرى تجسد المسيح وأنه أعطانا حياته.

أما البقرة الحمراء فى سفر العدد = رحلة الشعب إلى كنعان تشير لدم المسيح الذى يقدسنا خلال رحلة حياتنا على الأرض.

ذبيحة الخطية.

“يا أولادى أكتب إليكم هذا لكى لا تخطئوا. وإن أخطأ أحد فلنا شفيع عند الآب يسوع المسيح البار. وهو كفارة لخطايانا. ليس لخطايانا فقط بل لخطايا كل العالم أيضا” (1يو2: 1، 2).

+ هذه الذبيحة هى التى يسهل فهمها على المسيحى المبتدئ، أن المسيح رفع خطاياه ولكن حين يبدأ فى النمو يدرك أعماق الذبائح الأخرى مثل المحرقة والسلامة.

+ هنا نرى المسيح حاملاً خطايانا على كتفيه ليدفع الثمن، أى حاملاً لعنة الناموس التى سقطنا نحن تحتها، وكأنه وهو الإبن المحبوب قَبِل أن يحتل مركزنا نحن الذين تحت الغضب الإلهى لكى يرفعنا. وهنا نرى الآب حاجباً وجهه عن الإبن مما جعله يصرخ “إلهى إلهى لماذا تركتنى” فالآب أسلم إبنه الوحيد للألام والعقوبات التى كانت من نصيب البشر، فهو هنا حامل خطاياهم، وهذا ما جعله يقول “نفسى حزينة جداً حتى الموت”.

+ نجد هنا تقسيم لمن يقدم الذبيحة 1 – رئيس الكهنة أو الكاهن الممسوح.

2 – كل الجماعة.

3 – الرئيس أى الملك.

4 – أحد أفراد الشعب.

وإذا وضعنا أمامنا أن تقديم الذبيحة يستلزم: -.

1 – * مقدم الذبيحة 2 – * كاهن 3 – * ذبيحة.

وهذه العناصر إستوفاها المسيح فهو الذى قدم ذبيحة نفسه ككاهن. نرى أن التقسيم السابق يشير إلى أن المسيح قد 1 – * قدم نفسه 2 – * ذبيحة خطية 3 – * كرئيس كهنة ممسوح من الروح القدس (يوم العماد)، بالنيابة عن كل الجماعة.

  • لذلك فذبيحة 1 – رئيس الكهنة 2 – وذبيحة كل الجماعة هى ثور فى الحالتين.

أى خطية رئيس الكهنة تساوى تماماً خطية كل الجماعة.

والمسيح حمل خطية كل الجماعة كرئيس كهنتنا.

وفى هاتين الحالتين فقط كان رئيس الكهنة يدخل بدم ذبيحة الخطية للأقداس “وليس بدم تيوس وعجول بل بدم نفسه دخل مرة واحدة إلى الأقداس فوجد فداءً أبديا” (عب9: 12).

  • 3 – وهو أيضاً الرئيس أو الملك، بل هو ملك على قلوبنا بصليبه ليجعلنا ملوكاً وكهنة، بعد أن فقدنا مركزنا نتيجة للخطية. وهو قدم نفسه ذبيحة عن الكنيسة عروسه لتكون مقبولة أمام الآب. وللتعبير عن هذا كانت الذبيحة فى الحالات الثلاث الأولى من الذكور (فهى تمثل العريس).
  • 4 – أما فى الحالة الرابعة = أحد أفراد الشعب، فهى من الإناث فهى تمثل الكنيسة العروس. التى يجب أيضاً أن تقدم نفسها ذبيحة. ولنرى ماذا قدم المسيح لنا.

ففى الحالات الثلاث الأولى التى تمثل المسيح لم يذكر الكتاب أنها رائحة سرور، فهو قبل أن يحمل خطايا شعبه. أما فى الحالة الرابعة التى تمثل الكنيسة فقد ذكر أنها رائحة سرور. فالمسيح ليجعلنا موضع سرور الآب “صار هو خطية لأجلنا حتى نصبح نحن بر الله فيه” (2كو5: 21 + إش53).

الأعداد 1-2

الأيات (1 – 2): –

“1 وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى قَائِلاً: 2«كَلِّمْ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَائِلاً: إِذَا أَخْطَأَتْ نَفْسٌ سَهْوًا فِي شَيْءٍ مِنْ جَمِيعِ مَنَاهِي الرَّبِّ الَّتِي لاَ يَنْبَغِي عَمَلُهَا، وَعَمِلَتْ وَاحِدَةً مِنْهَا:”.

كلم الرب موسى = عبارة كانت تتردد حينما يريد الله أن يعرض لنا شيئاً جديداً. والله الكلى المعرفة يريد لنا هنا أن نعرف ما لا نعرفه عن الخطية. فالخطية قاتلة للنفس حتى لو بجهل أو سهواً. الله لم يضع الوصايا ليتحكم فى الإنسان بقوله إفعل هذا ولا تفعل ذاك. بل الله فى محبته يعرف أن الخطية قاتلة ومدمرة للإنسان فيعطيه الوصايا لحمايته (كما تفعل الأم حين تنبه طفلها…. لا تلعب بالنار – لا تأكل شيئاً غير نظيف….) وقوله سهواً هنا يحمل هذا المعنى أنه دون أن يدرى أن فعلته قاتلة له. راجع (مز19: 12). فطبيعتنا الساقطة تجعلنا نخطئ، والله المحب الذى يشعر بجهلنا يقدم الحل لنا. وهذا أيضاً معنى قول المسيح على الصليب “إغفر لهم لأنهم لا يعلمون”. والله كان يقبل من يأتى تائباً معترفاً بخطيته لكن الذى يخطئ فى تحدى كان يأمر بقطعه. مناهى الرب = الوصايا (التي ينهي فيها الرب عن عمل خطية معينة).

العدد 3

أية (3): –

“3إِنْ كَانَ الْكَاهِنُ الْمَمْسُوحُ يُخْطِئُ لإِثْمِ الشَّعْبِ، يُقَرِّبُ عَنْ خَطِيَّتِهِ الَّتِي أَخْطَأَ ثَوْرًا ابْنَ بَقَرٍ صَحِيحًا لِلرَّبِّ، ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ.”.

الكاهن الممسوح = هو رئيس الكهنة فهو الذى يُمسح وحده أما الكهنة فكانوا لا يُمسحون راجع (لا8: 12، 13). ورئيس الكهنة هو المسئول الأول والقدوة الأولى وهو الذى يَعْلم ويُعَلِّم الشريعة، وهو الذى يشفع فى المخطئ، فلو هو أخطأ فمن يشفع فيه. وكانت غلطة أيوب أنه قدم ذبيحة عن أولاده ولم يقدم عن نفسه. ويتضح مسئولية رئيس الكهنة من قوله يخطئ لإثم الشعب = أى خطيته تكون عثرة للشعب وتجعل الشعب يخطئ، ربما فى أنهم سيقومون بمحاكاة خطيته، وقد تعنى أنه يخطئ كما يخطئ الشعب. وكونه يبدأ برئيس الكهنة فيها درس له أنه ليس بمعصوم من الخطأ (1تى1: 15). ولذلك يصلى الكاهن فى القداس “إقبل هذه الذبيحة عن خطاياى وجهالات شعبك”. ولذلك تصلى الكنيسة دائماً لرئيس الكهنة وللكهنة حتى لا يُفتح باب للشيطان. ولأن رئيس الكهنة معرض للخطأ وهو يعرف ضعفه فهو يشعر بضعفات شعبه ويقبل أن يقدم ذبائح عنهم ليرفع الله خطاياهم ولا يأمر بقطعهم ببساطة وهذا مفهوم قول بولس الرسول فى (عب2: 17، 18 + 4: 14، 15).

ثورا إبن بقر = أي ثور هو إبن بقر، فما معنى هذا التشديد أو التنبيه؟ هذا يشير أن الثور المقدم هو من نفس جنس البقر، وفى هذا إشارة إلى أن المسيح الذى قدم نفسه ذبيحة عنا هو من نفس جنس البشر = تجسد وتأنس (قانون الإيمان).

صحيحا = أى بلا عيب فهو إشارة للمسيح القدوس البار الذى بلا عيب أى بلا خطية.

العدد 4

أية (4): –

“4يُقَدِّمُ الثَّوْرَ إِلَى بَابِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ أَمَامَ الرَّبِّ، وَيَضَعُ يَدَهُ عَلَى رَأْسِ الثَّوْرِ، وَيَذْبَحُ الثَّوْرَ أَمَامَ الرَّبِّ.”.

باب خيمة الإجتماع = يتكرر هذا التعبير مع الذبائح، لأنه لا دخول لأحد إلى الأقداس إلا بالمسيح “أنا باب الخراف…. إن دخل بى أحد فيخلص ويدخل ويجد مرعى” (يو10: 7، 9). فلا أحد يدخل ويخلص سوى بالمسيح ذبيحة المحرقة وذبيحة الخطية….

وَيَضَعُ يَدَهُ عَلَى رَأْسِ = ويعترف بخطيته فتنقل الخطية إلى الثور البرئ، ويذبح بدلا منه.

الأعداد 5-6

الأيات (5 – 6): –

“5 وَيَأْخُذُ الْكَاهِنُ الْمَمْسُوحُ مِنْ دَمِ الثَّوْرِ وَيَدْخُلُ بِهِ إِلَى خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ، 6 وَيَغْمِسُ الْكَاهِنُ إِصْبَعَهُ فِي الدَّمِ وَيَنْضِحُ مِنَ الدَّمِ سَبْعَ مَرَّاتٍ أَمَامَ الرَّبِّ لَدَى حِجَابِ الْقُدْسِ.”.

كان الكاهن ينضح = يرش الدم قبل الحجاب. فهو لم يكن مسموحاً له أن يدخل إلى قدس الأقداس سوى مرة واحدة فى السنة، فى يوم الكفارة. والبعض يرجح أنه كان يرش هذه الدماء على الحجاب والبعض يعتقد أنها كانت ترش على الأرض. ولو كانت ترش على الأرض أو على الحجاب فالمعنى واحد. لكن الأكثر وضوحاً فى المعنى أنه كان يرش على الحجاب ويسقط منه على الأرض فكل الخيمة كانت غارقة فى الدماء ليُحفر فى ضمير الشعب أن كل شئ يتطهر بالدم. ووجود الدماء على الأرض فى طريق قدس الأقداس معناه أن الدم هو الطريق لفتح الأقداس. ورش الدماء على الحجاب له معنى آخر. فالحجاب يشير لجسد المسيح (عب10: 20). والدماء المرشوشة على الحجاب تشير لجسد المسيح المخضب بالدماء. وأخيراً إنشق هذا الحجاب يوم الصليب لتفتح الأقداس بواسطة دم المسيح الذى هو “أفضل من دم هابيل” (عب12: 24).

فدم هابيل كان يطلب الإنتقام أما دم المسيح فكان يطلب الشفاعة والغفران.

سبع مرات = رقم 7 يشير للكمال، أى أن رش الدم معناه أن الذبيحة كفارة كاملة، وهكذا كانت ذبيحة المسيح كفارة كاملة لكل الناس فى كل العصور. ومعنى هذا أيضاً أن خطيتنا هى كاملة تحتاج لكفارة كاملة وخطيتنا هى التى صنعت الحجاب بين الله والناس. ودم المسيح وجسده المكسور فتح الحجاب، لذلك إنشق الحجاب فإنفتحت الأقداس بموت المسيح على الصليب. ولنرى تطبيقاً عملياً من الطقس القبطى فى القداس… ففى صلوات القسمة نقسم الجسد إلى أجزاء، ثم بعد ذلك نضع من الدم على الجسد المكسور فيتغطى بالدم، ونرى فى هذه الصورة صورة جسد المسيح المكسور المصلوب (الحجاب المشقوق) المخضب بالدم. وهذا يشرح معنى التكفير، فجسد المسيح هو كنيسته التى تغطت (covered) بدمه. ورش الدم يعنى التطهير “طهرنى بالزوفا فأطهر” (مز51: 7) = وجاءت الآية فى السبعينية “تنضح علىَّ بزوفاك فأطهر” فكان الكاهن ينضح بالدم ليُطَهِّر، وهذا ما شرحه القديس بولس الرسول “لأن موسى أخذ دم العجول والتيوس مع ماء وصوفا قرمزيا وزوفا ورش الكتاب نفسه وجميع الشعب…. وكل شئ تقريبا يتطهر بالدم وبدون سفك دم لا تحدث مغفرة…” (عب9: 19 – 23). وكون رئيس الكهنة يدخل بنفسه ليرش دم ذبيحة خطيته. فهذا لأنه مسئول أمام الله عنها، أما المسيح فصنع نفس الشئ حين دخل بدمه للأقداس السماوية كحامل لخطايانا.

هل تبحث عن  الإنتصار فوق جبل التجربة (الكورينتينا)

قال الرب على الصليب “يا أبتاه إغفر لهم..” وقال إسطفانوس عند رجمه “يا رب لا تقم لهم هذه الخطية” فهل يحمل القولين نفس المعنى؟ كلاّ.. فإسطفانوس يطبق قول السيد “إن لم تغفروا لا يغفر لكم”. أما الرب يسوع فقوله هذا على الصليب، وجسده مغطى بالدم، فهو يعلن بدء الكفارة، أى أن جسده وهو كنيسته تم تغطيته بالدم (أف1: 22، 23 + أف5: 30) وبالتالى بدأ غفران خطايا البشر. (كفارة = تغطية = وهى نفسها بالإنجليزية cover. وهذا يمكن تشبيهه بخطأ حدث فى الكتابة على ورقة بيضاء، وبدلا من أن نمزق الورقة، نغطيها بالـــ corrector، فتعود الورقة بيضاء صالحة للكتابة مرة أخرى وكأنها صارت جديدة). وراجع (رؤ7: 14) تجد أن اللابسين ثيابا بيضاء “قد غسَّلوا ثيابهم وبيضوا ثيابهم فى دم الخروف”. وهذا ما يشير إليه طقس القداس فى تغطية الجسد فى الصينية بالدم قبل الإعتراف الأخير.

العدد 7

أية (7): –

“7 وَيَجْعَلُ الْكَاهِنُ مِنَ الدَّمِ عَلَى قُرُونِ مَذْبَحِ الْبَخُورِ الْعَطِرِ الَّذِي فِي خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ أَمَامَ الرَّبِّ، وَسَائِرُ دَمِ الثَّوْرِ يَصُبُّهُ إِلَى أَسْفَلِ مَذْبَحِ الْمُحْرَقَةِ الَّذِي لَدَى بَابِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ.”.

الدم على قرون مذبح البخور العطر = مذبح البخور هذا كان فى القدس داخل الخيمة. والقرون عليه تشير للقوة، وهكذا كان يفهمها اليهود كمجتمع رعوى (القرن أقوى شئ عند الكبش لذلك يأخذ الرعاة القرن كرمز للقوة). فيقول داود راعى الغنم “إلهى صخرتى به أحتمى. ترسى وقرن خلاصى وملجإى” (مز18: 2) أي إلهى يحمينى بقوة جبارة. وهم كانوا يفهمون هذا أنهم كانوا يقتربون لله بقوة عن طريق المذابح التى لها قرون. والبخور يرمز للصلاة والتسبيح ويرمز لشفاعة المسيح الكفارية. وكون أن الدم يوضع على قرون المذبح، فهذا إشارة لقوة شفاعة المسيح الكفارية، التى ترجع لدمه الذى سال على الصليب. والصليب هنا نراه فى مذبح المحرقة الذى يقدم عليه المحرقات. لذلك كان رئيس الكهنة يخرج بعد ذلك ليصب باقى الدم أسفل مذبح المحرقة = هذا هو الرباط بين صليب المسيح وشفاعته الكفارية. مذبح المحرقة يمثل الصليب، وسكب الدم تحته يشرح أن الدم هو أساس الكفارة.

لاحظ فى ترتيب الآية قرون مذبح البخور = شفاعة المسيح الكفارية… أمام الرب = فالمسيح يشفع فينا أمام الآب. بماذا؟ الدم أسفل مذبح المحرقة = رأينا فى وضع الدم على قرون مذبح البخور إشارة لشفاعة المسيح الكفارية أمام الآب، فمن أين جاءت قوة الشفاعة هذه؟ هنا يشرح الوحى أن الكاهن يخرج من الخيمة ثانية، ليتجه إلى مذبح المحرقة، ليسكب باقى الدم أسفل مذبح المحرقة. فإن كان مذبح البخور يشير لشفاعة المسيح فى السماء أمام الآب، فمذبح المحرقة يشير للصليب. ونفهم بهذا أن قوة شفاعة المسيح راجعة لدم صليبه. هذا الدم هوالذى يغطينا (كفارة) فلا يرى الله خطايانا، فدم المسيح على الصليب غطى (covered) كل جسده، وجسد المسيح هو كنيسته، ومن الذى يكفر عنه دم المسيح؟ هو من يأتى إلى المسيح مؤمنا معتمدا (تم عماده… ممارسا للأسرار الكنسية) تائبا نادما معترفا مجاهدا، مثل هذا يكون ثابتا فى المسيح فيغطيه دم المسيح. لذلك يطلب منا الرب قائلا “إثبتوا فىَّ وأنا فيكم” (يو15: 4).

ومع أن شريعة ذبيحة الخطية تقريبا هى نفسها شريعة ذبيحة الإثم، لكن نجد فارق مهم، فنجد الكاهن فى شريعة الخطية يسكب الدم تحت المذبح، ولكن فى شريعة ذبيحة الإثم نجده يرش دم الذبيحة مستديرا حول المذبح. فماذا يعنى هذا الفرق فى الشريعتين؟

نفهم أن ذبيحة الخطية قد إفتدت طبيعتى الساقطة، لكن ما زالت هناك خطية ساكنة فى جسدى (رو7: 14 – 23). وهذه ترجع وتفصلنى عن المسيح والثبات فيه، والحل هو فيما يُسمَّى حياة التوبة، أى كلما أخطئ علىَّ أن أذهب للمسيح تائبا معترفا ناوياً أن لا أعود للخطية ثانيا، وتستمر حياتى فى جهاد مستمر العمر كله. وفى هذا يقول عريس سفر النشيد (المسيح) مناديا عروسه (الكنيسة أو نفسى البشرية) “إرجعى إرجعى يا شولميث إرجعى إرجعى فننظر إليكِ” (نش6: 13). فحياتنا على الأرض هى رحلة رجوع دائم للمسيح بالتوبة. ولكن لاحظ قول العريس فننظر… فمن الذى ينظر؟ الثالوث. الآب يريد رجوعها، والروح يبكت ويعين ليعيدها إلى المسيح فتثبت فيه. وهذا ما شرحته شريعة ذبيحة الإثم، إذ نجد الكاهن يرش الدم مستديرا حول المذبح وهذا يعنى الغفران الكامل للخطية لكل من أتى تائبا مستجيبا لصوت تبكيت الروح، فيعينه الروح ويغفر له ويعيده للثبات فى المسيح ويفرح به الآب. وبهذا تتكامل شريعتى ذبيحتى الخطية والإثم. وكأن شريعة ذبيحة الخطية تشير لأن المسيح قام بكل العمل وإفتدى طبيعتى الخاطئة أما شريعة ذبيحة الإثم، فهى تتكلم عن جهادى أنا فى أن أظل ثابتا فى المسيح.

الذى لدى باب خيمة الإجتماع = المسيح بصليبه صار لنا باب الدخول للأقداس، صار هو الباب والطريق.

ولنتصور رئيس كهنة يهودى شعر بخطيته وقدم ذبيحة خطية. ودخل بالدم للقدس، وسجد وبكى أمام الحجاب ثم رش الدم، ثم ذهب أمام مذبح البخور ووضع الدم على القرون صارخاً لله أن يغفر له.

أليس هذا هو منظر المسيح وهو يبكى ليلة القبض عليه فى البستان “الذى فى أيام جسده إذ قدم بصراخ شديد ودموع طلبات وتضرعات للقادر أن يخلصه من الموت (أى يقيمه ويقيمنا من موت الخطية فنخلص). وسمع له لأجل تقواه” (عب5: 7). (وبعد صعوده يشفع فى كنيسته إلى الأبد = مذبح البخور يرمز لشفاعة المسيح عنا، لذلك كان الكاهن اليهودى بعد تقديم ذبيحة المحرقة على مذبح المحرقة يدخل للقدس ليرفع البخور). ولكن المسيح كان يبكى من أجل الآخرين، أى من أجل كنيسته، فهو بلا خطية ولكن كأن خطيتهم خطيته هو، فهو لمحبته فى كنيسته عروسه حملها بالنيابة عنها. ثم ينتقل رئيس الكهنة إلى مذبح المحرقة ويسكب باقى الدم. ويقال أن تحت مذبح المحرقة كانت توجد قناة تحمل الدم إلى وادى قدرون. ووادى قدرون هو وادى يهوشافاط ومعنى يهوشافاط الله يقضى. والمعنى لكلمة قدرون هو أسود. والمعنى أن عمل المسيح أعطى حياة بعد موت (يشير له اللون الأسود) وتم هذا بأن قُضِىَ أى حُكِم على المسيح بالصلب. راجع (يو18: 1) “خرج يسوع مع تلاميذه إلى عبر وادى قدرون حيث كان هناك بستان دخله هو وتلاميذه” وهناك سلمه يهوذا. هكذا أرتبط الطقس بالمرموز إليه.

الأعداد 8-10

الأيات (8 – 10): –

“8 وَجَمِيعُ شَحْمِ ثَوْرِ الْخَطِيَّةِ يَنْزِعُهُ عَنْهُ. الشَّحْمَ الَّذِي يُغَشِّي الأَحْشَاءَ، وَسَائِرَ الشَّحْمِ الَّذِي عَلَى الأَحْشَاءِ، 9 وَالْكُلْيَتَيْنِ وَالشَّحْمَ الَّذِي عَلَيْهِمَا الَّذِي عَلَى الْخَاصِرَتَيْنِ، وَزِيَادَةَ الْكَبِدِ مَعَ الْكُلْيَتَيْنِ يَنْزِعُهَا، 10كَمَا تُنْزَعُ مِنْ ثَوْرِ ذَبِيحَةِ السَّلاَمَةِ. وَيُوقِدُهُنَّ الْكَاهِنُ عَلَى مَذْبَحِ الْمُحْرَقَةِ.”.

كما رأينا فى دراسة ذبيحة السلامة فى الإصحاح السابق أن حرق الشحم يعنى تقديم وتكريس كل الطاقات الإنسانية لله “يا إبنى إعطنى قلبك” فهذه الآية أتت بعد تقديم الذبيحة، والمعنى أنه بعد أن قدم المسيح نفسه ذبيحة على الصليب، علينا نحن أن نكرس أنفسنا لله بالكلية، وهذا معنى قول بولس الرسول “لأن فصحنا أيضا المسيح ذبح لأجلنا. إذاً لنعيد ليس بخميرة عتيقة ولا بخميرة الشر والخبث بل فطير الإخلاص والحق” (1كو5: 7، 8).

كما أن وضع الشحم على النار يشير إلى أن الله يقبل مقدم الذبيحة وعطاياه. فكون النار الإلهية تأكل الشحم فهذا علامة قبول الله لمقدم الذبيحة وغفران خطيته والمصالحة بين الله وبينه. ولذلك نرى جزء من الذبيحة يعامل على أنه ذبيحة سلامة. وبقبول الله للخاطئ نجد صوت سلام يرتفع على المذبح.

الأعداد 11-12

الأيات (11 – 12): –

“11 وَأَمَّا جِلْدُ الثَّوْرِ وَكُلُّ لَحْمِهِ مَعَ رَأْسِهِ وَأَكَارِعِهِ وَأَحْشَائِهِ وَفَرْثِهِ 12فَيُخْرِجُ سَائِرَ الثَّوْرِ إِلَى خَارِجِ الْمَحَلَّةِ إِلَى مَكَانٍ طَاهِرٍ، إِلَى مَرْمَى الرَّمَادِ، وَيُحْرِقُهَا عَلَى حَطَبٍ بِالنَّارِ. عَلَى مَرْمَى الرَّمَادِ تُحْرَقُ.”.

باقى الذبيحة كلها تُحرق إشارة لكره الله للخطية، فالجلد يشير للمظهر الخارجى، والرأس إشارة للأفكار، والأكارع إشارة للتصرفات والتوجهات الخاطئة، والأحشاء إشارة للنيات والمشاعر. الكل تلوث بالخطية فالكل لابد أن يحرق. ومن هذا ينبغى أن نفهم مقدار كراهية الله للخطية فلا بد أن نكرهها ونرفضها (عب13: 11 – 13). الفرث = بقايا الطعام التى فى أحشاء الحيوان وهذا يشير لإدمان الخطايا. وحرق جسد الذبيحة لم يكن يتم على مذبح المحرقة، فهذه لا تحرق بجانب الأقداس، مكان وجود الله. وكان ينبغى أن يتم فى مكان بعيداً عن المكان المقدس خارج المحلة. ربما فى هذا إشارة للقول عَسِر الفهم بل هو مستحيل أن نفهمه كبشر، وهو أن المسيح على الصليب حاملا لكل خطايا البشر قد “حجب الآب وجهه عنه” وكان هذا هو أقسى ما إحتمله المسيح. فألام المسيح على الصليب التى قال عنها لأبيه “إن أمكن فلتعبر عنى هذه الكأس” لم تكن ألام الصلب والمسامير ولا تخلى كل الناس بل حتى تلاميذه عنه، فهذه قد إحتملها الشهداء عبر العصور بفرح شديد، ربما الأصعب أنه وهو القدوس البار الذى بلا خطية يحمل كل الخطايا على رأسه، بل صار خطية ولعنة (2كو5: 21 + غل3: 13). والأصعب والأعجب من الكل أن الآب حجب وجهه عنه، والمعبر عن هذا، بأن ذبيحة الخطية تحرق بعيدا عن الأقداس.

ولكن مرة أخرى فهذا المكان الذى سيتم فيه الحرق يسمى طاهراً = فهناك سيحرق كل ذنب وكل خطية مهما كانت صغيرة، لأن كل شئ فى الذبيحة سيحرق هناك. الذى لم يصنع خطية صار خطية لتحترق كل خطية فينا. وهو طاهر لأنه مخصص لعمل مقدس. وهذا المكان يشير لقبر المسيح (إش11: 10) “ويكون محله مجداً” وفى ترجمة أخرى “يكون قبره مجداً”.

وكما أن هذه الذبيحة كانوا يحرقونها خارج المحلة فهى ذبيحة خطية، هكذا المسيح صلب خارج أورشليم فى عار. ولذلك من روعة طقس كنيستنا أن تصلى فى أسبوع البصخة بعيداً عن الهيكل (قدس الأقداس) لتذكر ما صنعه لها المسيح. ولاحظ أن التدمير الذى حدث لهذه الذبيحة كان تدميراً كاملاً، لم يبق منها شئ وهذا إشارة لقتل المسيح للخطية “قتلت خطيئتى بقبرك”.

هل تبحث عن  أمثال سليمان2 - تفسير سفر الأمثال

تصور صورة المسيح وما إحتمله على الصليب مرتدياً قناع المجرمين لمدة ثلاث ساعات، والآب يحجب وجهه عنه، وتلاميذه تخلوا عنه وشعبه يهزأ به. هذا هو الغضب فى قمته. هذه صورة من سيرمى فى جهنم مرفوضاً من الله بلا تعزية، هذه الصورة إحتملها المسيح لأجلنا. ومن سيلتصق بالمسيح سيحمل عاره فلا نخجل إذا طردونا وعيرونا فصرنا مثاراً للسخرية. وفى خروج المسيح إلى خارج المحلة معنى آخر للمسيح الذى أدخلنا للملكوت بعد أن أخرجنا آدم الأول بخطيته من الفردوس.

حطب = أى خشب إشارة لخشبة الصليب. هنا تحرق الذبيحة بالنار. أليس هذا منظر آخر يراه الخاطئ الذى لا يريد أن يثبت فى المسيح فيستحق نار جهنم. ولعل فى قوله ثوراً إبن بقر أو تيساً من الماعز إشارة للمسيح إبن الإنسان فهو صار إنسان إبن إنسان. أى إنسان من نفس جنسنا. خارج المحلة = تحرق الذبيحة خارج المحلة لأنها حاملة خطية. أما ذبائح المحرقة والدقيق فتقدما على المذبح فهما لا يشيران للخطية.

لاحظ أن شريعة ذبيحة الخطية “الكاهن الذى يعملها للخطية يأكلها” (لا6: 26)، وذلك لأن الكاهن هنا بكهنوته يمثل المسيح رئيس كهنتنا الذى حمل خطيتنا ومات بها فأماتها، وكرمز لذلك يأكل الكاهن من لحم ذبيحة الخطية، وكأنه بأكله من الذبيحة التى حملت خطية الخاطئ قد شفع فى الخاطئ وإبتلع خطيته، فإختفت إلى غير رجعة، فيذهب الخاطئ مقدم الذبيحة إلى بيته هادئ البال إذ غفرت خطيته. وهذا الطقس يشرح معنى شفاعة المسيح الكفارية فى الخطاة، وهنا فالله يشرح المعنى لشعبه عن طريق الكاهن وكأن الكاهن يشفع فى الخاطئ فترفع خطيته.

ولكن لو أخطأ رئيس الكهنة نفسه، كان لا يأكل من لحم ذبيحة الخطية، بل تحرق كلها.

بالنار، فكيف يشفع فى نفسه وهو نفسه خاطئ. لكن كان يدخل بدم الذبيحة إلى خيمة الإجتماع وينضح من الدم طالبا الغفران من الله (لا4: 5 – 7). وراجع (لا10: 18 – 20) لترى كيف فهم هرون هذا الطقس.

وبنفس الطريقة نجد أنه لو أخطأت كل الجماعة كان رئيس الكهنة يفعل نفس الشئ ويحرق كل الذبيحة، وكأنه هو المسئول، فكيف يشفع فى الشعب وهو المسئول عن فساد الشعب.

وقد لخص بولس الرسول هذا الطقس فقال “فإن الْحَيَوَانَاتِ الَّتِي يُدْخَلُ بِدَمِهَا عَنِ الْخَطِيَّةِ إِلَى «الأَقْدَاسِ» بِيَدِ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ تُحْرَقُ أَجْسَامُهَا خَارِجَ الْمَحَلَّةِ” (عب13: 11). فهنا نجد رئيس الكهنة اليهودى غير قادر على أن يشفع فى نفسه أو فى شعبه إذ أنه هو نفسه خاطئ، فلا يأكل من لحم الذبيحة بل يحرقه. ويذهب بدم الذبيحة إلى داخل الخيمة طالبا الغفران من الله لنفسه وعن الشعب.

أما المسيح الذى بلا خطية وحده فلقد قدم نفسه كرئيس كهنتنا، وأكلته نيران العدالة الإلهية، بل قل نيران المحبة الإلهية ليرفع خطايانا ويدخل بدمه إلى الأقداس السمائية لا ليطلب غفرانا لنفسه بل ليشفع فينا شفاعة أبدية “وليس بدم تيوس وعجول بل بدم نفسه دخل مرة واحدة إلى الأقداس فوجد فداءً أبديا” (عب9: 12).

العدد 13

أية (13): –

“13« وَإِنْ سَهَا كُلُّ جَمَاعَةِ إِسْرَائِيلَ، وَأُخْفِيَ أَمْرٌ عَنْ أَعْيُنِ الْمَجْمَعِ، وَعَمِلُوا وَاحِدَةً مِنْ جَمِيعِ مَنَاهِي الرَّبِّ الَّتِي لاَ يَنْبَغِي عَمَلُهَا، وَأَثِمُوا،”.

وإن سها كل جماعة إسرائيل = هذا يعنى أن خطية معينة تفشت وسط الشعب كما حدث وإنتشرت العبادة الوثنية بينهم. وقد يحدث هذا إذا أخطأ رئيس الكهنة فأعثر كل الجماعة وحينئذ يقدم رئيس الكهنة ذبيحة. لكن هذا ليس عذراً للجماعة فينبغى على الجماعة أن تقدم ذبيحة خطية. فقيافا رئيس الكهنة أخطأ بأن أسلم المسيح للصليب. لكن هذا لا يعفى الشعب الذى صرخ “دمه علينا وعلى أولادنا” راجع (هو4: 6 – 9).

ولكن المعنى الحقيقى وراء هذا النص أن المسيح ذبيحة خطيتنا مات لأجل كل العالم حاملا كل خطايا العالم = وهذا معنى كل جماعة إسرائيل، “فالجميع زاغوا وفسدوا معا. ليس من يعمل صلاحا ليس ولا واحد” (رو3: 12). فالكنيسة هى “إسرائيل الله” (غل6: 16). ونلاحظ أن كلمة الجماعة تترجم باليونانية “إككليسيا” وتعنى بالعربية كنيسة.

العدد 14

أية (14): –

“14ثُمَّ عُرِفَتِ الْخَطِيَّةُ الَّتِي أَخْطَأُوا بِهَا، يُقَرِّبُ الْمَجْمَعُ ثَوْرًا ابْنَ بَقَرٍ ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ. يَأْتُونَ بِهِ إِلَى قُدَّامِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ،”.

ثم عرفت الخطية = لم تقال هذه الجملة عن رئيس الكهنة فهو مفروض أنه يعرف كل شئ. ونرجع للطقس القبطى، فحين يقدم الكاهن الحمل فى القداس، يصلى ويقول أنه مقدم عن خطاياه هو وجهالات الشعب، فالكاهن مفروض أنه المعلم ويعلم الشريعة.

العدد 15

أية (15): –

“15 وَيَضَعُ شُيُوخُ الْجَمَاعَةِ أَيْدِيَهُمْ عَلَى رَأْسِ الثَّوْرِ أَمَامَ الرَّبِّ، وَيَذْبَحُ الثَّوْرَ أَمَامَ الرَّبِّ.”.

ويضع شيوخ الجماعة أيديهم على رأس الثور = هذا نجد فيه إشارة لوجوب التوبة والإعتراف قبل تقديم الذبيحة. لكن أليس هذا هو ما فعله شيوخ إسرائيل تماماً مع رب المجد يسوع. وكل هذا ويسميه “وإن سها” (آية 13) لأنهم كانوا “لا يعرفون ماذا يفعلون” هكذا قال المسيح على الصليب. ولاحظ أن من يقدم هذه الذبيحة هو الكاهن الممسوح، هذا ما حدث مع المسيح، فقد حكم عليه قيافا (الكاهن الممسوح أى رئيس الكهنة) حين أشار على اليهود أنه “خير أن يموت إنسان واحد عن الشعب” (يو18: 14). هو الذبيحة التى قدمت حقاً عن الشعب. وفى هذه الذبيحة نرى الطقس يتكرر كما فى الذبيحة الأولى. وهنا أيضاً فرئيس الكهنة يدخل بالدم إلى القدس لأن رئيس الكهنة مسئول عن خطية الجماعة كلها أمام الله، ولأن هذا العمل يشير لدخول المسيح بدمه إلى الأقداس ليعطينا فداء أبدياً.

الأعداد 16-21

الأيات (16 – 21): –

“16 وَيُدْخِلُ الْكَاهِنُ الْمَمْسُوحُ مِنْ دَمِ الثَّوْرِ إِلَى خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ، 17 وَيَغْمِسُ الْكَاهِنُ إِصْبَعَهُ فِي الدَّمِ، وَيَنْضِحُ سَبْعَ مَرَّاتٍ أَمَامَ الرَّبِّ لَدَى الْحِجَابِ. 18 وَيَجْعَلُ مِنَ الدَّمِ عَلَى قُرُونِ الْمَذْبَحِ الَّذِي أَمَامَ الرَّبِّ فِي خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ، وَسَائِرَ الدَّمِ يَصُبُّهُ إِلَى أَسْفَلِ مَذْبَحِ الْمُحْرَقَةِ الَّذِي لَدَى بَابِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ. 19 وَجَمِيعَ شَحْمِهِ يَنْزِعُهُ عَنْهُ وَيُوقِدُهُ عَلَى الْمَذْبَحِ. 20 وَيَفْعَلُ بِالثَّوْرِ كَمَا فَعَلَ بِثَوْرِ الْخَطِيَّةِ. كَذلِكَ يَفْعَلُ بِهِ. وَيُكَفِّرُ عَنْهُمُ الْكَاهِنُ، فَيُصْفَحُ عَنْهُمْ. 21ثُمَّ يُخْرِجُ الثَّوْرَ إِلَى خَارِجِ الْمَحَلَّةِ وَيُحْرِقُهُ كَمَا أَحْرَقَ الثَّوْرَ الأَوَّلَ. إِنَّهُ ذَبِيحَةُ خَطِيَّةِ الْمَجْمَعِ.”.

ولاحظ أن الوحى لم يذكر فى الحالة الأولى، حالة تقديم رئيس الكهنة ذبيحة عن خطيته تعبير فيصفح عنه… لأن رئيس الكهنة يرمز للمسيح الذى بلا خطية. أما هنا فقيل فى آية (20) فيصفح عنهم. فرئيس كهنتنا قدم لنا فداء وغفراناً.

العدد 22

أية (22): –

“22«إِذَا أَخْطَأَ رَئِيسٌ وَعَمِلَ بِسَهْوٍ وَاحِدَةً مِنْ جَمِيعِ مَنَاهِي الرَّبِّ إِلهِهِ الَّتِي لاَ يَنْبَغِي عَمَلُهَا، وَأَثِمَ،”.

رئيس = هو الملك فهو كقائد مسئول عن شعبه فخطيته تعثر كثيرين، ولكن ليس كرئيس الكهنة قطعاً. ولكن الرئيس يشير للمسيح (حز37: 25 + 44: 3) ملك الملوك. المسيح كرئيس كهنة قدم نفسه ذبيحة على الصليب ليغفر خطايانا، وبتقديم نفسه على الصليب ملك على قلوبنا “وتكون الرياسة على كتفه” (إش9: 6). فهو حمل الصليب على كتفه، وبالصليب ملك علينا إذ رأينا حبه العجيب.

الأعداد 23-26

الأيات (23 – 26): –

“23ثُمَّ أُعْلِمَ بِخَطِيَّتِهِ الَّتِي أَخْطَأَ بِهَا، يَأْتِي بِقُرْبَانِهِ تَيْسًا مِنَ الْمَعْزِ ذَكَرًا صَحِيحًا. 24 وَيَضَعُ يَدَهُ عَلَى رَأْسِ التَّيْسِ وَيَذْبَحُهُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَذْبَحُ فِيهِ الْمُحْرَقَةَ أَمَامَ الرَّبِّ. إِنَّهُ ذَبِيحَةُ خَطِيَّةٍ. 25 وَيَأْخُذُ الْكَاهِنُ مِنْ دَمِ ذَبِيحَةِ الْخَطِيَّةِ بِإِصْبَعِهِ وَيَجْعَلُ عَلَى قُرُونِ مَذْبَحِ الْمُحْرَقَةِ، ثُمَّ يَصُبُّ دَمَهُ إِلَى أَسْفَلِ مَذْبَحِ الْمُحْرَقَةِ. 26 وَجَمِيعَ شَحْمِهِ يُوقِدُهُ عَلَى الْمَذْبَحِ كَشَحْمِ ذَبِيحَةِ السَّلاَمَةِ، وَيُكَفِّرُ الْكَاهِنُ عَنْهُ مِنْ خَطِيَّتِهِ فَيُصْفَحُ عَنْهُ.”.

هنا يقدم تيس من الماعز ذكراً فهو يمثل المسيح الملك الذى صلب ليعيد لنا صورة الملك بعد أن إستُعبِدنا للشياطين. وهنا لا يدخل الكاهن بالدم للأقداس. فهنا لا يتكلم عن الشفاعة الكفارية عن الإنسان أمام الآب، بل نجد الكاهن يأخذ من دم ذبيحة الخطية بإصبعه ويجعل على قرون مذبح المحرقة. مذبح المحرقة يمثل الصليب. والقرون تشير للقوة، والمعنى أن عمل المسيح على الصليب كان قوياً جداً ضد الشياطين فأفقدهم قوتهم ليحررنا. ولاحظ تكرار كلمة مذبح المحرقة فى آية (25) للتشديد على عمل الصليب القوى وراجع (لو11: 20 – 22) لترى أن مسيحنا قوى والخلاص بدم صليبه كان خلاصا قويا، وحقاً “كانت الرياسة على كتفه”. ولاحظ هنا أنه لا يحرق الجلد واللحم بل يكونا من نصيب الكهنة (لا6: 26)، لأن الكاهن حينما يأكل منها يعطى طمأنينة لمقدم الذبيحة أن الله غفر خطاياه. فالله لن يسمح لخدامه بأن يأكلوا ويشتركوا فى الذبيحة لو لم يكن قد نزع الخطية وغفرها تماماً (فيلون اليهودى). ولكن من ناحية الرمز فالكاهن يمثل كهنوت المسيح، فالمسيح كحامل لخطايانا مات بها على الصليب فأماتها، وهذا يشير إليه إختفاء لحم الذبيحة إذ أكلها الكاهن الذى قدمها.

الأعداد 27-35

الأيات (27 – 35): –

“27« وَإِنْ أَخْطَأَ أَحَدٌ مِنْ عَامَّةِ الأَرْضِ سَهْوًا، بِعَمَلِهِ وَاحِدَةً مِنْ مَنَاهِي الرَّبِّ الَّتِي لاَ يَنْبَغِي عَمَلُهَا، وَأَثِمَ، 28ثُمَّ أُعْلِمَ بِخَطِيَّتِهِ الَّتِي أَخْطَأَ بِهَا، يَأْتِي بِقُرْبَانِهِ عَنْزًا مِنَ الْمَعْزِ أُنْثَى صَحِيحَةً عَنْ خَطِيَّتِهِ الَّتِي أَخْطَأَ. 29 وَيَضَعُ يَدَهُ عَلَى رَأْسِ ذَبِيحَةِ الْخَطِيَّةِ، وَيَذْبَحُ ذَبِيحَةَ الْخَطِيَّةِ فِي مَوْضِعِ الْمُحْرَقَةِ. 30 وَيَأْخُذُ الْكَاهِنُ مِنْ دَمِهَا بِإِصْبَعِهِ وَيَجْعَلُ عَلَى قُرُونِ مَذْبَحِ الْمُحْرَقَةِ، وَيَصُبُّ سَائِرَ دَمِهَا إِلَى أَسْفَلِ الْمَذْبَحِ. 31 وَجَمِيعَ شَحْمِهَا يَنْزِعُهُ كَمَا نُزِعَ الشَّحْمُ عَنْ ذَبِيحَةِ السَّلاَمَةِ، وَيُوقِدُ الْكَاهِنُ عَلَى الْمَذْبَحِ رَائِحَةَ سَرُورٍ لِلرَّبِّ وَيُكَفِّرُ عَنْهُ الْكَاهِنُ فَيُصْفَحُ عَنْهُ.

32« وَإِنْ أَتَى بِقُرْبَانِهِ مِنَ الضَّأْنِ ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ، يَأْتِي بِهَا أُنْثَى صَحِيحَةً. 33 وَيَضَعُ يَدَهُ عَلَى رَأْسِ ذَبِيحَةِ الْخَطِيَّةِ، وَيَذْبَحُهَا ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَذْبَحُ فِيهِ الْمُحْرَقَةَ. 34 وَيَأْخُذُ الْكَاهِنُ مِنْ دَمِ ذَبِيحَةِ الْخَطِيَّةِ بِإِصْبَعِهِ وَيَجْعَلُ عَلَى قُرُونِ مَذْبَحِ الْمُحْرَقَةِ، وَيَصُبُّ سَائِرَ الدَّمِ إِلَى أَسْفَلِ الْمَذْبَحِ. 35 وَجَمِيعَ شَحْمِهِ يَنْزِعُهُ كَمَا يُنْزَعُ شَحْمُ الضَّأْنِ عَنْ ذَبِيحَةِ السَّلاَمَةِ، وَيُوقِدُهُ الْكَاهِنُ عَلَى الْمَذْبَحِ عَلَى وَقَائِدِ الرَّبِّ. وَيُكَفِّرُ عَنْهُ الْكَاهِنُ مِنْ خَطِيَّتِهِ الَّتِي أَخْطَأَ فَيُصْفَحُ عَنْهُ. “.

هنا نجد خطأ واحد من عامة الشعب، وهنا نجد الذبيحة أنثى من المعز أو الضأن وهى أرخص على حسب مقدرة مقدم الذبيحة. والسبب فى أن الذبيحة من الإناث أنها تشير للكنيسة عروس المسيح التى يجب أن تقدم نفسها ذبيحة مع عريسها (الذكر) الذى يتشفع عنها وأعطاها حرية (رو12: 1 + غل2: 20). المسيح مقدم الذبيحة هنا يقوم بدور الكنيسة، فالكنيسة عروس المسيح صارت جسد المسيح من لحمه ومن عظامه.

رَائِحَةَ سَرُورٍ لِلرَّبِّ = هذه هنا هى المرة الوحيدة فى ذبائح الخطية التى يذكر فيها هذا التعبير، إشارة لفرح الله بغفران خطايا كنيسته ورجوعها إليه.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي