الأصحاح الرابع عشر تفسير الرسالة إلى رومية القمص أنطونيوس فكري

الإصحاح الرابع عشر

يري القديس ذهبي الفم أن بولس هنا يعالج مشكلة قامت بين اليهود المتنصرين بعضهم البعض، إذ كان البعض يخشي لئلا في أكلهم اللحوم يأكلون لحم الخنزير أو الجمل وهم لا يدرون، فيكونوا كاسرين للناموس، وإذ كان ضميرهم متشككاً تظاهروا بالصوم والتقشف فإمتنعوا عن أكل اللحوم بالكلية. بينما أدرك آخرون أنهم في المسيح يسوع نالوا الحرية من الطقوس الحرفية، فصاروا يأكلون اللحوم أياً كانت. فدخلوا في صراع فكري ومناقشات مع إخوتهم المتظاهرين بالصوم وهم في حقيقتهم ضعيفو الإيمان. والرسول لم يرد أن يدخل في هذا الصراع، وإنما حسب أن أمر الأكل أتفه من أن يشغل فكر المسيحيين ووقتهم، ولكن المهم أن لا يكون هناك صراع، بل أن تسود المحبة. الرسول كشف ضعف الضعفاء الذين يتشككون بسبب طول ممارساتهم للشريعة الموسوية ويصعب عليهم التخلص منها. وفي الوقت نفسه هاجم الأقوياء الذين يزدرون بإخوتهم الضعفاء. ونلاحظ أن بطرس نفسه لم يكن سهلاً عليه أن يتخلص من العوائد اليهودية، فكان يمتنع عن الأكل مع الأمم إذا دخل يهود عليه (غل12: 2) والله أراه الملاءة حتى يقبل أن يعمد كرنيليوس ويقبله في الأيمان) أع10: 11 – 16).

وقد يكون الصراع ناشئاً بين طائفة اليهود المتنصرين والأمم علي أكل اللحوم التي حرمها الناموس، فالأممي المتنصر إحتقر اليهودي علي إمتناعه عن أكل اللحوم لتشككه.

وهناك مشكلة أخري ناقشها الرسول في رسالة كورنثوس (1كو8 – 10) هي مشكلة اللحوم التي كانت تقدم في أعياد ومناسبات الوثنيين في هياكلهم فهناك جماعة إمتنعت عن أكل اللحوم لأن الوثنيون بعد أن يقدموا ذبائحهم لآلهتهم كانوا يبيعون هذه اللحوم في محال الجزارة، فإمتنع المتشككين من أكل اللحوم وشرب الخمر تماماً لئلا يكون بينهما ما قدم في هياكل الأوثان.

وغالباً فالرسول يناقش في هذا الإصحاح (رو14) الطعام المحرم عند اليهود ذلك أنه يقول واحد يعتبر يوماً دون يوم وآخر يعتبر كل يوم (ويقصد أعياد اليهود ويوم السبت). أما في (1كو8) فناقش لحوم هياكل الأوثان.

علي أن هناك مشكلة أخري خاصة باللحوم وهي خاصة بجماعة الأسينيين الذين كانوا يحرمون أكل اللحم تماماً. وغالباً هؤلاء لا يقصدهم الرسول.

العدد 1

آية (1): –

“1 وَمَنْ هُوَ ضَعِيفٌ فِي الإِيمَانِ فَاقْبَلُوهُ، لاَ لِمُحَاكَمَةِ الأَفْكَارِ.”.

يوجد نوع من المسيحيين ضعاف في إيمانهم يعلقون أمر خلاصهم علي التمييز بين أنواع الأطعمة، وبين يوم ويوم، وعلي الكنيسة أن تقبل الكل برأفة. لاَ لِمُحَاكَمَةِ الأَفْكَارِ = أي دون إدانة أفكاره، فالدينونة هي عمل الله، إذاً لنتركها له. لكن هذا الكلام لا ينطبق علي العقائد، فمن يعلِّم تعليماً مناقضاً لإيماننا، يجب أن تقاومه الكنيسة، ولنراجع ثورة بولس الرسول نفسه فى رسالته لأهل غلاطية عندما دخل بينهم فكر خاطئ.

عموماً الكنيسة هي مستشفي لعلاج كل مريض وليست محكمة لإدانة الناس. وعلي ذلك يليق بالمسيحي أن يترفق بأخيه الضعيف الإيمان ليسنده بروح الحب لا الإدانة حتى يسير الكل في طريق الخلاص. والرسول هنا يدعو لأن نترك صغائر الأمور ونلتفت لما هو للبنيان. والعجيب أن بولس القوي خضع لهذه الأمور، فهو نذر نفسه بطقس النذير اليهودي وختن تيموثاوس ليربح الضعفاء، فصار لليهودي كيهودي ليربحهم (1كو9: 19 – 22).

وهنا في رسالة رومية نري بولس غير مهتم بأن يلتزم المؤمن بيوم أو بنوع من الأطعمة أو لا يلتزم. ولكنه في رسالة (كولوسي2: 8، 16) منع نهائياً هذا التحكم اليهودي وهكذا فعل في غلاطية فلماذا؟ السبب أن أهل روما حديثي الإيمان، فلا يريد أن يربكهم إلي أن يحضر هو بنفسه ويعلِّم التعليم الصحيح الذي يرفعهم فوق مستوي الشرائع اليهودية، فروما ليس بها رسل يعلمون الشعب البسيط أمّا كولوسي وغلاطية فهما كنائس قد تأسست ولها أساقفة وكهنة يعلِّمونهم. فأهل روما حديثي الإيمان، ولا يريد أن يجعلهم يتشككون بسبب ماضيهم في الإيمان، إذ هم بسطاء، أمّا في كولوسي وغلاطية فهو يتشدد مع المعلمين الذين يدعون للتهود أولاً قبل الدخول في المسيحية. وبولس يراعي أن من أصله يهودي سيعاني من ضغوط ضميره بسبب نشأته. فبولس الرسول لا يدقق فيما يفعله هذا المسيحى فى روما ذو المعلومات الشحيحة عن الإيمان الصحيح، ليريح له ضميره الذى تشكل لفترة طويلة فى ظل الناموس. وأما المسيحى الذى من أصل أممي وثني ولا علاقة له سابقة بالناموس، وجاء إليه هؤلاء المتهودين من المعلمين وأقنعوه بأن يبدأ أولاً بالممارسات اليهودية كوسيلة للخلاص، فهؤلاء يهاجمهم بولس الرسول كما فعل مع أهل غلاطية وكولوسي. فأهل رومية فعلوا ما فعلوه عن ضعف بسبب ماضيهم مع الناموس واليهودية، أما أهل غلاطية فعن عناد ومقاومة. فكأن بولس أراد أن يدفن الناموس الطقسي بالتدريج فكان أهل رومية يشيعونه إلي قبره بحزن وبكاء، وبولس يحتملهم بصبر. أما أهل غلاطية فكانوا ينبشون قبره فهاجمهم. فَاقْبَلُوهُ = هو مقبول عند الله فإقبلوه أنتم في محبة وإبعدوا عن المناقشات التي تحيره وتربكه، فمن له معرفه يميل إلي الإنتفاخ علي إخوته. أطلق الرسول على صاحب المعلومات الشحيحة عن الإيمان الصحيح إسم ضعيف الإيمان.

العدد 2

آية (2): –

“2 وَاحِدٌ يُؤْمِنُ أَنْ يَأْكُلَ كُلَّ شَيْءٍ، وَأَمَّا الضَّعِيفُ فَيَأْكُلُ بُقُولاً.”.

يَأْكُلَ كُلَّ شَيْءٍ = قال الله لبطرس “ما طهره الله لا تدنسه أنت” (أع15: 10) فالقوي إيمانياً يؤمن أنه نال في المسيح الحرية من الطقوس الحرفية فيأكل بلا إرتياب. وهذا تعليم السيد المسيح الذي لم يمنع أكل شيء، فالأكل لا ينجس إنما النجاسة تنبع من داخل الإنسان (مت11: 15). أَمَّا الضَّعِيفُ فَيَأْكُلُ بُقُولاً = خوفاً من أكل لحوم قد تكون محرمة كالخنزير (أو قدمت لأوثان) فيكسر بهذا الناموس. فالناموس منع بعض لحوم الحيوانات والأسماك والطيور، لكن لم يمنع البقول. ومع أن هذا التصرف فيه تزمت وأفكار ضيقة لكن يجب أن نقبله ولا ندينه.

هل تبحث عن  حنانيا رئيس الكهنة

العدد 3

آية (3): –

“3لاَ يَزْدَرِ مَنْ يَأْكُلُ بِمَنْ لاَ يَأْكُلُ، وَلاَ يَدِنْ مَنْ لاَ يَأْكُلُ مَنْ يَأْكُلُ، لأَنَّ اللهَ قَبِلَهُ.”.

هنا نجد الرسول يحذر من ضربة يمينية، فالقوي يشعر بقوته ويحتقر الضعيف قليل العلم والفهم. وبنفس مفهوم هذه الآية فعلي البتول أن لا يزدري بالمتزوج وعلي المتزوج أن لا يدين البتول، فالله يقبل هذا وذاك فالله لا يقصف قصبة مرضوضة، فهل يقبله الله وأرفضه أنا. ومَنْ لاَ يَأْكُلُ لاَ يَدِنْ مَنْ يَأْكُلُ = فلا يحسبه نَهِمْ شهواني كاسر للناموس.

العدد 4

آية (4): –

“4مَنْ أَنْتَ الَّذِي تَدِينُ عَبْدَ غَيْرِكَ؟ هُوَ لِمَوْلاَهُ يَثْبُتُ أَوْ يَسْقُطُ. وَلكِنَّهُ سَيُثَبَّتُ، لأَنَّ اللهَ قَادِرٌ أَنْ يُثَبِّتَهُ.”.

مَنْ أَنْتَ الَّذِي تَدِينُ عَبْدَ غَيْرِكَ = هنا يوجه كلامه للضعيف الذي يدين القوي لأنه يأكل، معتبرا إياه نهماً وساقطاً. وأيضا الكلام موجه للقوى إيمانيا الذى يسخر من مفاهيم الضعيف قليل العلم. هذه الطياشة في الدينونة هي التي قصدها يعقوب حين قال “لا تكونوا معلمين كثيرين..” لأننا بدينونة إخوتنا نجعل من أنفسنا سادة لهم. والرب وحده هو سيد الجميع، ونحن كلنا عبيد له. وإذا كان الآخر ليس عبداً لي بل لله فلماذا أدينه، الله يدينه. هُوَ لِمَوْلاَهُ يَثْبُتُ = إن ثبت في إيمانه سيكسبه مولاه، وسقوطه خسارة لمولاه. فالأمر خاص بالله الذي يشتاق أن يربح الكل. قد نظن أن الله لن يقبل الذي يتصرف بحرية أو سوف يرفض من يتشكك. ولكن الله قادر أن يثبت الواحد في نزاهته والآخر في راحة ضميره = لأَنَّ اللهَ قَادِرٌ أَنْ يُثَبِّتَهُ = فهو لا يقبله فقط بل يثبته فى المسيح فيخلص. بل الله قادر أن يصلح للضعيف مفاهيمه ويقنعه (إر20: 7). أو أن يرسل له من يشرح له ويقنعه كما أرسل بطرس لكرنيليوس، وأرسل فيلبس للخصى الحبشى..

العدد 5

آية (5): –

“5 وَاحِدٌ يَعْتَبِرُ يَوْمًا دُونَ يَوْمٍ، وَآخَرُ يَعْتَبِرُ كُلَّ يَوْمٍ. فَلْيَتَيَقَّنْ كُلُّ وَاحِدٍ فِي عَقْلِهِ:”.

هنا يتكلم عن السبت والأعياد والمواسم والأصوام اليهودية، فاليهود المتنصرين ما زالوا يحترمون أيام الفصح والهلال الجديد… والأمم الذين آمنوا بالمسيح يحترمون الأحد بدلاً من السبت الذي يقدسه اليهود. فَلْيَتَيَقَّنْ كُلُّ وَاحِدٍ فِي عَقْلِهِ = أي يحكم ضميره وعقله في هذا الأمر وذاك. ويتخذ قراره دون إرتياب أو تشكك. كلٌ حسب النور الذي في قلبه وكلٌ حسب إقتناعه.

العدد 6

آية (6): –

“6الَّذِي يَهْتَمُّ بِالْيَوْمِ، فَلِلرَّبِّ يَهْتَمُّ. وَالَّذِي لاَ يَهْتَمُّ بِالْيَوْمِ، فَلِلرَّبِّ لاَ يَهْتَمُّ. وَالَّذِي يَأْكُلُ، فَلِلرَّبِّ يَأْكُلُ لأَنَّهُ يَشْكُرُ اللهَ. وَالَّذِي لاَ يَأْكُلُ فَلِلرَّبِّ لاَ يَأْكُلُ وَيَشْكُرُ اللهَ.”.

هنا يرفع الرسول نظر أهل رومية من المسيحيين بدلاً من أن ينشغلوا بإدانة بعضهم البعض، عليهم أن يشكروا الله، لذلك يهتم المسيحيين أن يشكروا الله عند الأكل. الَّذِي يَهْتَمُّ بِالْيَوْمِ = من يعتبر يوماً أقدس من باقي الأيام كما يعتبر اليهود يوم السبت مقدساً، فهو يحترم السبت ويقدسه ليس إلا لأن الله أمر بهذا. هنا بولس يقول مثل هذا يهتم باليوم لأنه في قلبه يعتبر هذا مجداً للرب. وَالَّذِي لاَ يَهْتَمُّ بِالْيَوْمِ، فَلِلرَّبِّ لاَ يَهْتَمُّ = أي لا يخصص يوم معين. فمن لا يهتم بالسبت أو غيره شاعراً بأن المسيح حرره من هذه الطقوس، فهو لا يهتم لأنه يمجد الرب. وَالَّذِي يَأْكُلُ،… يَشْكُرُ = شاعراً أن الرب أعطاه الحرية ليأكل كل شئ. وَالَّذِي لاَ يَأْكُلُ… وَيَشْكُرُ = علي باقي الأطعمة والبركات التي أعطاها الله له. ونحن المسيحيين نصوم ونصلي ليقبل الله هذا الصوم ذبيحة شكر، لا لأن هناك طعاماً محرماً.

الأعداد 7-8

الآيات (7 – 8): –

“7لأَنْ لَيْسَ أَحَدٌ مِنَّا يَعِيشُ لِذَاتِهِ، وَلاَ أَحَدٌ يَمُوتُ لِذَاتِهِ. 8لأَنَّنَا إِنْ عِشْنَا فَلِلرَّبِّ نَعِيشُ، وَإِنْ مُتْنَا فَلِلرَّبِّ نَمُوتُ. فَإِنْ عِشْنَا وَإِنْ مُتْنَا فَلِلرَّبِّ نَحْنُ.”.

في حكمة عجيبة سحب الرسول الطرفين من النقاش في هذه الأمور ليرتفع بفكرهم، وفكرنا فوق محيط الأكل والشرب والأعمال الزمانية التي تختص بهذا الزمن، إلي أفق أعلي إيمانياً وحياتياً، فالقديس بولس يسمو بالإيمان المسيحي فوق أعمال هذا الزمان ليضع الإنسان المسيحي في وضعه النهائي مع المسيح الذي يحتضن الجميع في شخصه، فالحياة كلها ينبغي أن تكون لأجل المسيح الذي خلقني وفدانى فإشترانى بدم كريم (1كو7: 23 + رؤ5: 9 + 1بط1: 18، 19). وختمنا بختم الروح القدس. والختم هو علامة ملكية الله لنا (2كو1: 21، 22 + أف1: 13). حياتنا كلها سواء مادية أو روحية هي لكي نمجد المسيح ونعمل مشيئته “فليضئ نوركم هكذا قدام الناس، لكى يروا أعمالكم الحسنة، ويمجدوا أباكم الذى فى السموات” (مت5: 16). ولنلاحظ أن الله خلق الكل لمجد إسمه (إش43: 7).

والموت به نذهب للمسيح وهذا أفضل جداً، خلقنا لأعمال صالحة نمجد الله بها (أف2: 10)، وبعد أن ننهي أعمالنا نموت لنبدأ حياة من نوع آخر نسبح فيها المسيح ونمجده بطريقة أخري (2كو5: 14، 15). فما عدنا نحيا كما نريد حسب شهواتنا وملذاتنا، وما عدنا نخاف الموت، لقد مات المسيح وقام لكي يهبنا الحياة فنحسب أنفسنا مدينين له بحياتنا سواء في وجودنا في هذا العالم الحاضر أو إنتقالنا منه. لم نعد ملكاً لأنفسنا (في21: 1). لقد صارت إرادة المسيح هي قانون لنا ومجد المسيح هدفٌ لنا، نحن نعيش ونموت ونستشهد لكي نمجده في كل تصرفات حياتنا. المسيح هو المركز الذي فيه تلتقي كل خطوط الحياة والموت. المسيحية الحقة هي التي تجعل المسيح هو الكل في الكل. إذاً ما دمنا للمسيح سواء أحياء أو أموات فيجب أن كل أعمالنا نعملها من أجل الله وليس لأجل ذواتنا أو للعناد، فنحن لسنا لذواتنا بل لله. هذه الآيات 7، 8 تختم الفقرة التي تتحدث عن إحترام الآراء وأن كل عضو يتكامل مع باقي الأعضاء، يعيشوا في محبة وتعاون إذ الكل يحيا لله، الكل يسير في إتجاه واحد لهدف واحد، فلماذا الشجار في الطريق. من عاش محباً للإخوة فهو يعيش للرب. فالمحبة الصادقة هي تطبيق حي للإيمان.

هل تبحث عن  عازر أبو حوشة

العدد 9

آية (9): –

“9لأَنَّهُ لِهذَا مَاتَ الْمَسِيحُ وَقَامَ وَعَاشَ، لِكَيْ يَسُودَ عَلَى الأَحْيَاءِ وَالأَمْوَاتِ.

المسيح مات وقام لكي يكون مَلِكاً علي الكل (أف22: 1). فكيف نزدري بمن هو واحد معنا في المسيح، والمسيح يملك علي كلينا. إن كان المسيح مات وبذل نفسه لأجل الناس فكيف نُحزن الذي مات المسيح لأجله (آية 15). إن كان المسيح مات ليقبل الكل فهل نرفض الناس لأنهم يأكلون أو لا يأكلون. إن المهم هو ربح النفوس فهذا ما يريده المسيح. وعلينا أن ننشغل بمن مات وقام عوضاً عن إنشغالنا بالإدانة. ونسلم له مشاعرنا لأن الإدانة: -.

  1. تفسد أعماقنا إذ تحمل ازدراء الإخوة عوضا عن إتساع القلب لهم.
  2. تسئ لله بكونه هو الديان الذي يخضع له الكل، فهل أجعل من نفسى ديانا للناس.
  3. تعثر الآخرين.

العدد 10

آية (10): –

“10 وَأَمَّا أَنْتَ، فَلِمَاذَا تَدِينُ أَخَاكَ؟ أَوْ أَنْتَ أَيْضًا، لِمَاذَا تَزْدَرِي بِأَخِيكَ؟ لأَنَّنَا جَمِيعًا سَوْفَ نَقِفُ أَمَامَ كُرْسِيِّ الْمَسِيحِ،”.

لأننا كلنا سنقف أمام كرسي المسيح، فعلينا أن لا نزدري بأحد (من لا يأكل) ولا ندين أحد (من يأكل). وكرسي هنا تشير لكرسي القضاء فالمسيح هو الديان (يو22: 5).

العدد 11

آية (11): –

“11لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «أَنَا حَيٌّ، يَقُولُ الرَّبُّ، إِنَّهُ لِي سَتَجْثُو كُلُّ رُكْبَةٍ، وَكُلُّ لِسَانٍ سَيَحْمَدُ اللهَ».”.

مَكْتُوبٌ = في (إش23: 45) أَنَا حَيٌّ = وفي أشعياء وردت “أقسمت” بهذا نفهم أن قول الله أنا حي أو حيٌ أنا يقول الرب، فإن الله بهذا يقسم. أن الإمتياز الذي ينفرد به الله هو أنه حي في ذاته. وبالمقارنة مع (في2: 10، 11) نجد أن بولس يطبق أن كل ركبة ستجثو للمسيح، فهو بهذا فهم أن المسيح هو الله. وبولس هنا يرفع ذهن سامعيه إلي الإنشغال بالوقوف أمام كرسي الرب عوضاً عن الإنشغال بإدانة الناس. أي لننشغل باليوم الذي سندان فيه أمام الله عوضاً عن أن ننشغل بإدانة بعضنا البعض.

العدد 12

آية (12): –

“12فَإِذًا كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا سَيُعْطِي عَنْ نَفْسِهِ حِسَابًا ِللهِ.”.

كلُ منا سيعطي حساباً لله عن نفسه وليس عن الآخرين.

العدد 13

آية (13): –

“13فَلاَ نُحَاكِمْ أَيْضًا بَعْضُنَا بَعْضًا، بَلْ بِالْحَرِيِّ احْكُمُوا بِهذَا: أَنْ لاَ يُوضَعَ لِلأَخِ مَصْدَمَةٌ أَوْ مَعْثَرَةٌ.”.

وعلي هذا فلنمتنع عن محاكمة بعضنا البعض. لأن محاكمة الآخرين تضع أمامهم معطلات وعوائق تكون لهم مَصْدَمَةٌ = ما يصطدم به الإنسان فيتعثر = ومَعْثَرَةٌ. فعوضاً عن أن نحاكم الآخرين فنعثرهم، فلنهتم برفع أي عثرة من أمامهم بمحبة. لنرفع عوائق المحبة وذلك بالإمتناع عن أكل ما يعثرهم حتى لو كان محللاً أكله من أجل ضعفهم (1كو19: 9 + 13: 8).

العدد 14

آية (14): –

“14إِنِّي عَالِمٌ وَمُتَيَقِّنٌ فِي الرَّبِّ يَسُوعَ أَنْ لَيْسَ شَيْءٌ نَجِسًا بِذَاتِهِ، إِلاَّ مَنْ يَحْسِبُ شَيْئًا نَجِسًا، فَلَهُ هُوَ نَجِسٌ.”.

خليقة الله طاهرة إن أكلناها بدون تشكك (مر7: 14، 15) وأما إن تشكك أحد أن شيئاً نجساً وأكله فهو بهذا يخالف ضميره الذي يشتكي عليه فيكون له هذا الشيء نجساً. (والكنيسة تصوم ليس لأن الطعام نجس، فنحن نعود لنأكله بعد الصيام بل نحن نصوم لقمع الجسد وتدريبه وتدبيره حسناً تحت قيادة الروح القدس).

عَالِمٌ وَمُتَيَقِّنٌ فِي الرَّبِّ يَسُوعَ = هذا الاقتناع أَلْهَمَني إياه إتحادي مع المسيح. بهذا المبدأ هنا فالرسول يقف في صف اليهودي المتنصر الذي تربي ضميره من خلال الناموس علي إعتبار أن بعض الأطعمة نجسة، فلو أكل منها تكون له نجسة فعلاً لأنه يخالف ضميره. ويقف أيضاً في صف الأمم الأقوياء بالإيمان لأن لا شئ نجس بذاته.

العدد 15

آية (15): –

“15فَإِنْ كَانَ أَخُوكَ بِسَبَبِ طَعَامِكَ يُحْزَنُ، فَلَسْتَ تَسْلُكُ بَعْدُ حَسَبَ الْمَحَبَّةِ. لاَ تُهْلِكْ بِطَعَامِكَ ذلِكَ الَّذِي مَاتَ الْمَسِيحُ لأَجْلِهِ.”.

المحبة أهم بكثير جداً من الاقتناع بأن آكل لحماً محللاً فأعثر أحد. فإذا كان بسبب تناولك بعض الأطعمة أن يحزن أخوك (بل قد يرتد لليهودية فيهلك) أو يظن السوء بك ويتشكك في أنك تهين عقيدته فيهلك بسبب ضعفه، أو يقلدك ويأكل مما يعتبره هو نجسا ويخالف ضميره فيهلك (آية23). فبهذا فإنك لا تسلك بعد بما يتفق والمحبة لأنك تظل تتناول من الأطعمة وتتسبب في حزن أخيك الَّذِي مَاتَ الْمَسِيحُ لأَجْلِهِ = فأنت بهذا تهلك نفساً مات المسيح لأجلها، فإن كان المسيح قد قدم نفسه لأجل أخيك، أفلا تقدم ما هو أقل وتترك طعاماً. ولقد نفذ بولس نفسه هذا المبدأ، فمع أنه غير مقتنع بالختان إلا أنه ختن تيموثاوس حتى لا يعثر اليهود الذين يخدم تيموثاوس وسطهم. وهذا المبدأ سائد علي كل من يعثر الناس فيما يعتقد أنه صحيح. ويكون بذلك سبباً في أنهم يهاجمون مسيحيته.

العدد 16

آية (16): –

“16فَلاَ يُفْتَرَ عَلَى صَلاَحِكُمْ،”.

أفكارك ومعتقداتك عن الأكل بحرية هي معتقدات صالحة ولكن أخوك الضعيف سيتعثر فيك ويَفْتَرِي عليك قائلاً إنك غير صالح ويتكلم عليك بالسوء. ونحن لن نستطيع أن نمنع الإفتراء، ولكن علينا أن لا نكون سبباً فيه.

العدد 17

آية (17): –

17لأَنْ لَيْسَ مَلَكُوتُ اللهِ أَكْلاً وَشُرْبًا، بَلْ هُوَ بِرٌّ وَسَلاَمٌ وَفَرَحٌ فِي الرُّوحِ الْقُدُسِ. “.

مَلَكُوتُ اللهِ = حين يملك الله علي القلب، ويخضع الإنسان خضوعاً قلبياً لسلطان الله. حينئذ لن يهتم الإنسان بالأكل والشرب = لَيْسَ أَكْلاً وَشُرْبًا = لن نفرح أو لن يكون فرحنا بسبب أكلات معينة أو أشربة معينة، وإمتناعنا عنها لن يكون سبباً في أن نفقد فرحنا. فنحن في ملكوت الله نحيا مع المسيح حياة سماوية في ملكوت السموات، يملأنا الرُّوحِ الْقُدُسِ فيعطينا أن نحيا في بِرٌّ وَسَلاَمٌ وَفَرَحٌ أي نحيا نهتم أن نصنع البر ويمتلئ القلب سلاماً وفرحاً. إذاً إذا تركنا طعاماً لأجل إخوتنا لن نخسر شيئاً.

هل تبحث عن  أمثلة لمعجزات وبركات أجساد القديسين ومقتنياتهم

ملحوظة: دعي عهد الإنجيل ملكوت الله، تمييزاً له عن عهد الناموس.

العدد 18

آية (18): –

“18لأَنَّ مَنْ خَدَمَ الْمَسِيحَ فِي هذِهِ فَهُوَ مَرْضِيٌّ عِنْدَ اللهِ، وَمُزَكُى عِنْدَ النَّاسِ.”.

لأَنَّ = هي توضيح وتأكيد لما سبق… فِي هذِهِ = أى أن كل من إستمع لتعليمى فيما سبق فى هذا الإصحاح، وإهتم أن لا يكون سبب عثرة لأحد ولم يعاند فهو بهذا خدم المسيح، إذ لم يكن سببا بعناده فى أن يهلك أحد ممن إشتراهم المسيح بدمه. ومن عاش يخدم المسيح صانعاً سلاما بين الناس يقول عنه رب المجد “طوبى لصانعى السلام، لأنهم أبناء الله يُدْعَوْنَ” (مت5: 9). بل ويمتلئ قلبه هو بر وسلام وفرح. وهذا البر والسلام والفرح لأنه مَرْضِيٌّ عِنْدَ اللهِ.

وأيضا سيكون مُزَكُى عِنْدَ النَّاسِ أى محبوب من الناس، ومشهود له بالنجاح في الإختبار أمام الله وأمام الناس. هذا هو من قيل عنه من “يغلب…” (رؤ2: 7، 11، 17).

العدد 19

آية (19): –

“19فَلْنَعْكُفْ إِذًا عَلَى مَا هُوَ لِلسَّلاَمِ، وَمَا هُوَ لِلْبُنْيَانِ بَعْضُنَا لِبَعْضٍ.”.

لتكن غايتنا حفظ السلام في الكنيسة ووحدتها بعيداً عن الإنشقاقات. فلا بنيان للكنيسة دون محبة ولا تثبيت لعمل الله دون سلام. فليحتمل القوي الضعيف حتى تبني الكنيسة.

العدد 20

آية (20): –

“20لاَ تَنْقُضْ لأَجْلِ الطَّعَامِ عَمَلَ اللهِ. كُلُّ الأَشْيَاءِ طَاهِرَةٌ، لكِنَّهُ شَرٌّ لِلإِنْسَانِ الَّذِي يَأْكُلُ بِعَثْرَةٍ.”.

لاَ تَنْقُضْ = عمل الله كان الفداء ليؤسس الكنيسة هيكل جسده. ومازال يعمل لبنيان الكنيسة (19) أما منازعات الإنسان فهي تهدم ما يبنيه الله. ومعني الآية أن لا تحاول بمثل هذه الأمور غير الجوهرية في العبادة (كالأطعمة) أن تعطل وتعوق عمل الخلاص الذي دبره الله من أجل أخيك. والرسول سبق وقال لا تكن بأكلك سبباً في هلاك أخيك. وهنا يقول لا تكن سبباً في نقض عمل الله. فهل يمكن أن أُهْلِكْ أنا بتصرفاتي إنساناً إختاره الله أو أنقض ما يبنيه الله؟! من المؤكد هذا لا يجوز. وإذا فعلت فأكون في صف الشيطان الذي يريد هلاك الجميع ونقض كل بنيان. بل أكون ضد الله الذي يريد خلاص الجميع، وأقاوم الله. ولاحظ أن الرسول يسمي المؤمنين عمل الله ويسميهم في (1كو9: 3) فلاحة الله وبناء الله وهيكله. شَرٌّ لِلإِنْسَانِ الَّذِي يَأْكُلُ بِعَثْرَةٍ = تعني:

  1. أن يأكل إنسان بضمير مرتاب فيصبح مُعْثَراً.
  2. يأكل أمام يهودي متشكك فيصير عثرة له (مُعْثِراَ).

العدد 21

آية (21): –

“21حَسَنٌ أَنْ لاَ تَأْكُلَ لَحْمًا وَلاَ تَشْرَبَ خَمْرًا وَلاَ شَيْئًا يَصْطَدِمُ بِهِ أَخُوكَ أَوْ يَعْثُرُ أَوْ يَضْعُفُ.”.

جميل أن تأكل بإيمان قوي والأجمل أن لا تفعل ما يُعْثِرْ أخوك. فاللحم والخمر ليسا لازمين للحياة البشرية، والأهم نفس أخي. وبنفس المفهوم قال الرسول فى موضوع الذبائح المقدمة للأوثان “لذلك ان كان طعام يعثر اخي فلن اكل لحما الى الابد لئلا اعثر اخي” (1كو8: 13).

العدد 22

آية (22): –

“22أَلَكَ إِيمَانٌ؟ فَلْيَكُنْ لَكَ بِنَفْسِكَ أَمَامَ اللهِ! طُوبَى لِمَنْ لاَ يَدِينُ نَفْسَهُ فِي مَا يَسْتَحْسِنُهُ.”.

هل لَكَ إِيمَانٌ (إيمان صحيح فيما يختص بالأطعمة)… هذا حسن ليكن لك هذا الإيمان في نفسك وليعرفه الله فقط، ولا تتباهي بإيمانك القوي علي من لا يزال إيمانه ضعيفاً. وكلمة إيمان هنا لا تعني الإيمان بالمسيح الذي يبرر، فهذا لابد أن يُعلَن، بل يقصد الرسول هنا بكلمة الإيمان.. الحرية التي أعطتنا أن نتحرر من الناموس وصارت لنا المعرفة السليمة، ولكن هذه تسبب تشكك الآخرين. طُوبَى لِمَنْ لاَ يَدِينُ نَفْسَهُ فِي مَا يَسْتَحْسِنُهُ. (هذه تشبه 1يو21: 3). فطوبى للإنسان الذي لا يشعر بتأنيب ضميره عندما يفعل هذا الذي سبق وفحصه بكل تدقيق وإستحسن فعله. لكنه خطر جداً أن يسمح الإنسان بأن يفعل شيئاً ضد ضميره من أجل اللذة أو المنفعة لأن قلبه (ضميره) سيوبخه. فإن وبخه ضميره علي شئ ما وفعله ففي هذا تحدٍ لله وإستهتار بوصايا الله.

طُوبَى لِمَنْ لاَ يَدِينُ نَفْسَهُ فِي مَا يَسْتَحْسِنُهُ = هذه الآية نضعها أمامنا فى إتخاذ أى قرار. فطالما أننى لا أختار طريق خاطئ، فأنا عاقل وحر، ومن حقى أن أتخذ قرارى كما أريد. ولنثق فى حماية الله لى من العواقب، فإن كان القرار خاطئا بعد أن درسته وتشاورت فيه فإن الله قادر أن يحمينى من عواقب القرار. وعن المشورة يقول الكتاب “طريق الجاهل مستقيم في عينيه. اما سامع المشورة فهو حكيم” (أم12: 15).

العدد 23

آية (23): –

“23 وَأَمَّا الَّذِي يَرْتَابُ فَإِنْ أَكَلَ يُدَانُ، لأَنَّ ذلِكَ لَيْسَ مِنَ الإِيمَانِ، وَكُلُّ مَا لَيْسَ مِنَ الإِيمَانِ فَهُوَ خَطِيَّةٌ.”.

كل من يأكل وهو متشكك يدان فلماذا؟ هذا هو مقدار ما فهمه وآمن به، هذا من قال عنه الرسول ضعيف الإيمان، إذاً هذا هو مقدار إيمانه. ويكون بأكله قد تحدى ما يؤمن أنه الطريق لخلاص نفسه. هو غَلَّبَ شهوته على ما يؤمن به. بذلك يكون قد خَرَّب ميزان خلاصه بيده. لأنه إن تعارض ما عمله مع ضميره، فسيصرخ الضمير يوم الدين شاكياً صاحبه ومحتجاً. وسيكون ضميره أداة دينونته لأنه سيكون قد أكل وشرب حسب شهوته وضد ما يؤمن به فى ضميره. فكل شئ لا يتم بإقتناع وإيمان باطني فهو خطية.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي