الأعياد والمحافل المقدسة

درج بنو إسرائيل، منذ أوائل تاريخهم، على حفظ السبت ومعظم الأعياد الكبرى في الديانة اليهودية. إلا أن اثنين من الأعياد الموصوفة في ما يلي بُدئ تعييدهما في زمن متأخر كثيراً- وهما الفوريم (من زمن الإمبراطورية الفارسية، القرن الخامس ق م) والتطهير أو الأنوار (من زمن المكابيين، القرن الثاني ق م).
ارتبطت الأعياد الدينية الرئيسية عند العبرانيين بالمواسم والتقويم الزراعي في كنعان. فكانت الأعياد تقام في الربيع وأوائل الصيف وفي الخريف. وكان متوقعاً من الرجال أن يذهبوا إلى الهيكل المحلي ويقدموا قرابينهم لله. وبعد القرن السابع ق م أصبحت أعياد “الحج” هذه تقام في أورشليم فقط. وفي زمن المسيح كان عدد سكان المدينة العادي والبالغ 000,40 نسمة أو نحوها يتضاعف حتى يصير 000,150 تقريباً، لكثرة الحجاج الذين يؤمُّونها لتعييد الفصح. وقد كانت الأعياد مواسم شكر لله على الغلال، ومناسبات لتذكر الأحداث الكبرى في تاريخ الشعب، وفرصاً للابتهاج والتعييد.

الفصح والفطير:

كان الفصح واحداً من أهم الأعياد السنوية. والعبرانيون يحتفلون به عشية الرابع عشر من نيسان. تلك الليلة تذبح كل عائلة حملاً، تذكاراً لأول ذبيحة من هذا النوع تمت قُبيل إنقاذ الرب لبني إسرائيل من أرض مصر. وفي تلك المناسبة “عبر” الله عن بيوت العبرانيين التي رُش الدم على عتباتها العليا وقوائمها، فأبقى على حياة أبكارهم. (معنى “فصح” بالعربية “عبور”).
وفي عشاء الفصح، كما في كل أيام الأسبوع التالي، لم يكن يؤكل إلاَّ الخبز الفطير (المخبوز من عجينٍ لم تدخله خميرة). وهذا أيضاً مذكِّر بالاستعدادات العاجلة التي قام بها العبرانيون لما سمح لهم فرعون آخر الأمر بمغادرة مصر. كما أن فيه أيضاً تذكاراً لأول عجنة خبزت من القمح الجديد في اليوم الرابع لدخول بني إسرائيل أرض كنعان.
كان الاحتفال بالفصح في بادئ الأمر يتم في البيوت، إلا أنه أصبح في زمن العهد الجديد أهم عيد “حج” يحتفل به في أورشليم.
[ويفيدنا العهد الجديد أن المسيح، حمل الله الذي يرفع خطية العالم، هو فصحنا الذي ذُبح لأجلنا. ولذلك ندعى إلى حياة الفرح الدائم على أساس قبولنا، بتوبة صادقة وإيمان قلبي، عمل المسيح الكامل على الصليب- 1 كورنثوس 5: 7 و8].
خروج 12؛ يشوع 5: 10- 12؛ مرقس 14: 1 و2.

الباكورة أو أول الحصيد:

كان هذا العيد يقام في آخر يوم من أيام عيد الفطر. وفيه يؤتى بأول حزمة تُحصد من الشعير وتقدم للرب. أما عيد الحصاد الكبير (أو الأسابيع) فكان يتم في ما بعد.
لاويين 23: 9- 14.

الأسابيع (يوم الخمسين في ما بعد):

عند انتهاء حصاد الحنطة يقدم الكاهن رغيفي خبز صنعا من الدقيق الجديد، فضلاً عن ذبائح حيوانية. ويجري ذلك بعد مضي خمسين يوماً (أو سبعة أسابيع ويوم واحد) على انتهاء عيد الفصح وابتداء الحصاد. وصار هذا العيد معروفاً في ما بعد بيوم الخمسين. وهو يوم فرح عظيم وشكر لله على عطاياه في الحصاد. [وقد نزل الروح القدس على نواة الكنيسة يوم الخمسين، كما نقرأأ في أعمال الرسل 2].
خروج 23: 16؛ لاويين 23: 15- 21؛ تثنية 16: 9- 12.

هتاف الأبواق (رأس السنة في ما بعد):

كانت الأبواق تُنفخ في أول كل شهر، كما في كل عيد أيضاً. ولكن في أول يوم من الشهر السابع كان يُنفخ في الأبواق باحتفال خاص، فاليوم مخصص للراحة والعبادة، وهو أهمٌ حتى من السبت، نظراً إلى التقدمات المقربة. وفي ذلك إيذان بأن الشهر السابع هو أكثر أشهر السنة حُرمةً. وقد عومل هذا العيد بعد السبي باعتباره عيداً دينياً هو رأس السنة (رُوش هَشَّنَه)، إلا أن الأشهر كانت ما تزال تُعد بدءًا بنيسان العبري (آذار- نيسان/ مارس- ابريل).
عدد 10: 10؛ 28: 9؛ 29: 1 و2.

يوم الكفارة:

في هذا اليوم يُوْم كُيبُّور) تعترف الأمة كلها بخطيتها وتلتمس غفران الله والتطهير. يلبس رئيس الكهنة كتاناً أبيض، ويقدم أولاً ذبيحة عن خطيّته وخطيّة الكهنة، ثم ذبيحةً أخرى عن خطية الشعب. وفي هذا اليوم فقط يُسمح للكاهن الأعظم بأن يدخل إلى “قُدس الأقداس”، وهو الغرفة الداخلية من خيمة الاجتماع والهيكل التي تُعتبر المكان الأقدس فيه. وهناك كان رئيس الكهنة يرشُّ دم الذبيحة. وبعد ذلك يأخذ تيس مِعزى، يُدعى تيس “عزازيل” أو الإطلاق، ثم يطلقه إلى الصحراء بعد وضع يده على رأسه، علامة أن خطايا الشعب قد كُفَّر عنها. [وتذكر الرسالة إلى العبرانيين أن المسيح قد دخل بدم نفسه إلى الأقداس السماوية مرة واحدة فوجد للمؤمنين به فداءً أبدياً- عبرانيين 9: 12].
راجع أيضاً الكفارة، الكهنة واللاويون، الذبائح.
لاويين 16.

الجمع/ المظال، الخيام:

كان هذا العيد أكثر الأعياد شعبيةً وبهجةً. ويُحتفل به في الخريف بعد جني جميع الغلال وجمعها. ويتضمن الاحتفال به التخييم في البساتين والحقول وعلى السطوح في خيام أو مظال من أغصان الشجر. هذه الخيام أو المظال تذكر بالزمن الذي فيه أقام بنو إسرائيل في الخيام أثناء تيهانهم في الصحراء.
وقد اشتمل هذا العيد على احتفالٍ يُسكب فيه الماء وترفع الصلوات طلباً للمطر لأجل الموسم المقبل. في هذا العيد، وربما في أعقاب هذا الطقس بالذات، وقف المسيح ونادى قائلاً: “إن عطش أحد فليُقبل إلي ويشرب. من آمن بي- كما قال الكتاب- تجري من بطنه أنهار ماء حي”.
خروج 34: 22؛ قضاة 21: 19- 21؛ نحميا 8: 14- 16؛ لاويين 23: 39- 43؛ يوحنا 7: 37 و38.

التطهير أو الأنوار:

هذا العيد يخلِّد ذكرى تطهير الهيكل الثاني وتدشينه على يد يهوذا المكابي في 165 ق م، بعدما دنسه الوالي الروماني على سورية أنطيوخس الرابع أبيفانس. وقد دُعي أيضاً “الأنوار” إذا كانت المصابيح كل مساءٍ توضع في البيوت والمجامع. هذا العيد، المدعو في يوحنا 10: 22 “عيد التجديد”، يحتفل به اليوم باسم “هانوكاه”.

الفوريم:

احتفالٌ مثير وصاخب يرقى عهده إلى الزمن الذي فيه نجا اليهود، على يدي أستير وابن عمها مردخاي، من مذبحة دُبِّرت ضدهم في أثناء حكم الملك الفارسي أحشويروش (زركسيس). والكلمة “فوريم” بالعبرانية جمعٌ للكلمة “فور” ومعناها “قرعة”، وهي إشارة إلى القرعة التي ألقاها هامان، كبير وزراء الملك، ليقرر في أي يوم تتم المذبحة. استير 3؛ 7؛ 9: 24، 26.

السبت:

هو العيد الأكثر خصوصية عند اليهود. فقد كانت لبعض الأمم الأخرى أعياد حصاد وطقوسٌ تتعلق باستهلال الأشهر. إلا أن بني إسرائيل وحدهم كان لديهم السبت الذي يكسر رتوب المواسم. فكل سابع يوم من الأسبوع كان مخصصاً للتعطيل والراحة. إنه يوم الراحة المكرس لله (والكلمة “سبت” معناها “راحة”). ونمط العمل ستة أيام يعقبها يوم راحة يعود حقاً إلى الخلق، إذ استراح الله في اليوم السابع. وكان على بني إسرائيل يوم السبت أن يتذكروا كل ما فعله الله لأجلهم، ولا سيما إنقاذهم من العبودية في مصر.
وقد قال الرب بفم النبي أشعياء: “إن رددت عن السبت رِجلَك، عن عمل مسرَّتك يوم قدسي، ودعوت السبت لذّةً ومقدَّس الرب مكرَّماً وأكرمته من عمل طرقك وعن إيجاد مسرّتك والتكلم بكلامك، فإنك حينئذٍ تتلذّذ بالرب.”
وفي زمن العهد الجديد كان حفظ السبت قد أصبح معقّداً جداً إذ أثقلته القوانين والنُّظم بحيث رأى المسيح من اللازم أن يُذكر الشعب بأن السبت جُعِل لخير الإنسان وليس الإنسان صُنِع لأجل السبت.
[وبعد قيامة المسيح من الأموات، خصّص المسيحيون اليوم الأول من الأسبوع، أي الأحد، للعبادة. ودعاه الرسل “يوم الرب”. ولم يُوصِ المجمع الأول المذكور في أعمال الرسل 15 بحفظ السبت. فالمسيحي ليس ملزماً أن يحفظ السبت، ولا سيما لأنه دخل الراحة الحقيقية في المسيح].
تكوين 2: 2 و3؛ خروج 20: 8- 11؛ 31: 12- 17؛ تثنية 5: 12- 14؛ أشعياء 56؛ 58: 13 و14؛ متى 12: 1- 14؛ مرقس 2: 23- 28.

الهلال:

كان ظهور الهلال إيذاناً ببدء شهر جديد. إذ ذاك يُنفخ في الأبواق وتُقدّم ذبائح خاصة. وفي استهلال الشهر ما يذكر بأن الله خلق كوناً نظيماً. ولم يكن ولم يكن الشعب يقومون يوم الهلال بأي عمل بل يعتكفون للتعليم الديني وإقامة ولائم خاصة.
تكوين 1: 16؛ عدد 10: 10؛ 28: 11- 15؛ مزمور 104: 19؛ 1 صموئيل 20: 5؛ 24؛ 2 ملوك 4: 23.

السنة السبتيَّة:

كما أن كل يوم سابع عُدَّ يوم راحة، فكل سنة سابعة (“سبتية”) فيها “يكون للأرض سبت عطلة سبتاً للرب”. ومن البديهي أن الأرض كلها لا يمكن أن تراح في سنة واحدة بعينها. فربما كان كل حقلٍ يراح كل سنة سابعة بعد زرعه أول مرة. وأي شيء ينمو في هذه السنة يمكن أن يجنيه الفقراء مجاناً. وهذا الترتيب مذكَّرٌ للشعب القديم بأن الأرض لم تكن لهم. فهي كانت “مقدسة” (أي ملكاً لله). كذلك أيضاً في كل سابعة كان جميع العبيد العبرانيين يُطلقون أحراراً وجميع الديون تُلغى.
لاويين 25: 1- 7؛ خروج 23: 10 و11؛ 21: 2- 6؛ تثنية 15: 1- 6.

سنة اليوبيل:

حدَّدت الشريعة أنه في كل سنة تكون الخمسين- أي السنة التي تعقب سبع سنواتٍ سبتيَّة- تُرَدُّ الأراضي والعقارات إلى أصحابها الأصليِّين (ما عدا بيوت المدن)، ويطلق العبيد العبرانيون أحراراً، وتُلغى الديون، وتراح الأرض. وربما تبرهن أن شريعة اليوبيل هذه أصعب من أن تُطبَّق، ولذا صارت محطَّ الأنظار كزمنٍ لا يستطيع تحقيقه إلا الله. وقد كانت هي “السنة” التي وعد بها أشعياء وأعلنها المسيح.
لاويين 25: 8- 17 و23- 55؛ أشعياء 61: 1 و2؛ لوقا 4: 16- 21.
هل تبحث عن  "لُؤلُؤةً ثَمينة" πολύτιμον μαργαρίτην في الكتاب المقدس

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي