الأَصْحَاحُ الخَامِسُ
نمو الكنيسة والمحاكمات.
(1) حنانيا وسفيرة (ع1 – 11):
1 وَرَجُلٌ اسْمُهُ حَنَانِيَّا، وَامْرَأَتُهُ سَفِّيرَةُ، بَاعَ مُلْكًا 2 وَاخْتَلَسَ مِنَ الثَّمَنِ، وَامْرَأَتُهُ لَهَا خَبَرُ ذَلِكَ، وَأَتَى بِجُزْءٍ وَوَضَعَهُ عِنْدَ أَرْجُلِ الرُّسُلِ. 3فَقَالَ بُطْرُسُ: «يَا حَنَانِيَّا، لِمَاذَا مَلأَ الشَّيْطَانُ قَلْبَكَ لِتَكْذِبَ عَلَى الرُّوحِ الْقُدُسِ، وَتَخْتَلِسَ مِنْ ثَمَنِ الْحَقْلِ؟ 4أَلَيْسَ وَهُوَ بَاقٍ كَانَ يَبْقَى لَكَ؟ وَلَمَّا بِيـعَ، أَلَمْ يَكـُنْ فِى سُلْطَانِكَ؟ فَمَا بَالُكَ وَضَعْتَ فِى قَلْبِكَ هَذَا الأَمْرَ؟ أَنْتَ لَمْ تَكْذِبْ عَلَى النَّاسِ، بَلْ عَلَى اللهِ. » 5فَلَمَّا سَمِعَ حَنَانِيَّا هَذَا الْكَلاَمَ، وَقَعَ وَمَاتَ. وَصَارَ خَوْفٌ عَظِيمٌ عَلَى جَمِيعِ الَّذِينَ سَمِعُوا بِذَلِكَ. 6 فَنَهَضَ الأَحْدَاثُ وَلَفُّوهُ، وَحَمَلُوهُ خَارِجًا وَدَفَنُوهُ.
7ثُمَّ حَدَثَ، بَعْدَ مُدَّةِ نَحْوِ ثَلاَثِ سَاعَاتٍ، أَنَّ امْرَأَتَهُ دَخَلَتْ وَلَيْسَ لَهَا خَبَرُ مَا جَرَى. 8فََأَجَابَهَا بُطْرُسُ: «قُولِى لِى: أَبِهَذَا الْمِقْدَارِ بِعْتُمَا الْحَقْلَ؟ » فَقَالَتْ: «نَعَمْ، بِهَذَا الْمِقْدَارِ. » 9فَقَالَ لَهَا بُطْرُسُ: «مَا بَالُكُمَا اتَّفَقْتُمَا عَلَى تَجْرِبَةِ رُوحِ الرَّبِّ؟ هُوَذَا أَرْجُلُ الَّذِينَ دَفَنُوا رَجُلَكِ عَلَى الْبَابِ، وَسَيَحْمِلُونَكِ خَارِجًا. » 10فَوَقَعَتْ فِى الْحَالِ عِنْدَ رِجْلَيْهِ وَمَاتَتْ. فَدَخَلَ الشَّبَابُ وَوَجَدُوهَا مَيْتَةً، فَحَمَلُوهَا خَارِجًا، وَدَفَنُوهَا بِجَانِبِ رَجُلِهَا. 11فَصَارَ خَوْفٌ عَظِيمٌ عَلَى جَمِيعِ الْكَنِيسَةِ، وَعَلَى جَمِيعِ الَّذِينَ سَمِعُوا بِذَلِكَ.
العدد 1
ع1:
هذا نموذج لتجربة تصيب الكنيسة من الداخل، بخلاف اضطهادات زعماء اليهود التى كانت تصيبها من الخارج.
فهوذا حنانيا الذى معنى اسمه حنان الرب وسفيرة زوجته ومعنى اسمها مضيئة، يبيعا حقلاً لأجل احتياج الكنيسة كما يفعل الكثيرون.
العدد 2
ع2:
لكنهما أرادا إخفاء جزء من الثمن والاحتفاظ به لهما مع الإدعاء بأن ما سيعطيانه للرسل هو كل الثمن. فاتفقا على ذلك وتمماه وذلك حباً فى ظهورهما أنهما كريمان ويعطيان بسخاء، مع أنه من حقهما الاحتفاظ بجزء وإعطاء الجزء الآخر، ولكنها خطية الرياء وحب الظهور التى قادت إلى الكذب، وبكذبهما يُعتبرا سارقين لجزء من مال الله الذى ادعيا أنهما قد أعطياه له وهو كل ثمن الحقل.
العدد 3
ع3:
أعلن بطرس لحنانيا خطورة استجابته للشيطان الذى ملأ قلبه بحب الظهور، وهذا معناه أنه كان يمكن لحنانيا طرد أفكار الشيطان الشريرة ولكنه تهاون لكبريائه.
ولعل هذا يوضح أقنوميه الروح القدس، فهو أحد أقانيم الثالوث وليس مجرد قوة الله كما ادعى مقدونيوس المبتدع الذى تلقبه الكنيسة بعدو الروح القدس وقد حُرِمَ بمجمع القسطنطينية.
العدد 4
ع4:
وضع فى قلبه: أى نوى على الشر أو بيَّت النية لذلك.
أوضح بطرس لحنانيا أن من حقه أن يتصرف فى ملكه كما يشاء، فلا يبيع الحقل إن أراد وكذلك يمكنه أن يعطى كل ثمنه أو جزء منه. ووبخه الرسول على كذبه لأنه موجه لله قبل الناس.
إعلم أن كل خطية نصنعها فى حق إنسان هى موجهة نحو الله أولاً كما قال داود النبى “لك وحدك أخطأت” (مز51: 4). فلا تتناسى وجود الله بل من أجله ابتعد عن الخطية حتى لا تغضبه، وذكر نفسك أنه واقف أمامك يرى كل أعمالك وكلامك وأفكارك، حتى وإن سقطت أسرع بالتوبة إليه فيسامحك وتنجو من كل عقوبة.
العدد 5
ع5:
كان عقاب الله فوريًا بسقوط حنانيا ميتًا، مما جعل خوف الله فى قلوب المؤمنين. وكان هذا ضروريًا فى بداية الكنيسة ليرفضوا الخطية ويدققوا فى حياتهم، كما أعطى مهابة للرسل إذ أن لهم موهبة كشف الغيب فأعطى الروح القدس لبطرس أن يعرف ما صنعه حنانيا وزوجته سفيرة.
إن كنت تعانى من الكسل والتهاون فتذكر دينونة الله لتخافه وتبتعد عن الخطية، فالحب وحده ليس كافيا لخلاصك بل أيضاً مخافة الله ورفض الخطية التى تسبب هلاكك. ولذلك تذكرك الكنيسة كل يوم قبل أن تنام فى صلاة النوم بالأجبية أنك ستقف أمام الديان العادل، حتى تشعر أنك مرعوب ومرتعب لكثرة ذنوبك، فتقودك للتوبة وخلاص نفسك وتتمتع بحلاوة عشرته وحبه الفياض.
العدد 7
ع7:
استمر اجتماع المؤمنين ثلاث ساعات، تم اثناءها دفن حنانيا، وبعد ذلك حضرت زوجته سفيرة وهى لا تعلم بما حدث لزوجها، بل تظن أن ما اتفقا عليه من خداع وكذب قد نجح.
العدد 8
ع8:
لم يزل ثمن الحقل موضوعاً أمام الرسل عندما دخلت سفيرة، فبادر بطرس بسؤالها هل هذا المبلغ هو كل ثمن الحقل، ليعطيها فرصة للتوبة وإعلان الحقيقة، ولكنها للأسف أصرت على الكذب الذى اتفقت عليه مع زوجها.
لا تجامل الآخرين فى كسر وصايا الله، فتكذب حتى لا يغضبوا منك أو توافق على أى خطية وتشارك فيها مثل الإدانة أو الكلمات النجسة.. فأنت مسئول عن كل كلمة تخرج من فمك.
ليتك تراعى إرضاء الله قبل إرضاء الناس.
العدد 9
ع9:
تجربة روح الله: بشك حنانيا وسفيرة فى قدرة الرسل على كشف حقيقة خداعهما بواسطة الروح القدس.
أرجل الذين دفنوا رجُلك: أى أن الشبان قاربوا على الوصول إلى مكان الاجتماع بعد دفن حنانيا.
يعلن بطرس الرسول اتفاق الزوجين على الشر وبالتالى ضرورة وقوع العقوبة عليهما.
العدد 10
ع10:
سقطت سفيرة ميتة ووصل الشبان الذين دفنوا زوجها فحملوها ليدفنوها.
العدد 11
ع11:
خاف الجميع الله، سواء كانوا من أعضاء الكنيسة أو من باقى اليهود فى أورشليم.
وهنا فى سفر الأعمال تُستعمل كلمة “كنيسة” للمرة الأولى.
(2) معجزات الرسل (ع12 – 16):
12 وَجَرَتْ عَلَى أَيْدِى الرُّسُلِ آيَاتٌ وَعَجَائِبُ كَثِيرَةٌ فِى الشَّعْبِ. وَكَانَ الْجَمِيعُ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ فِى رِوَاقِ سُلَيْمَانَ. 13 وَأَمَّا الآخَرُونَ، فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْهُمْ يَجْسُرُ أَنْ يَلْتَصِقَ بِهِمْ، لَكِنْ كَانَ الشَّعْبُ يُعَظِّمُهُمْ. 14 وَكَانَ مُؤْمِنُونَ يَنْضَمُّونَ لِلرَّبِّ أَكْثَرَ، جَمَاهِيرُ مِنْ رِجَالٍ وَنِسَاءٍ، 15حَتَّى إِنَّهُمْ كَانُوا يَحْمِلُونَ الْمَرْضَى خَارِجًا فِى الشَّوَارِعِ، وَيَضَعُونَهُمْ عَلَى فُرُشٍ وَأَسِرَّةٍ، حَتَّى إِذَا جَاءَ بُطْرُسُ يُخَيِّمُ وَلَوْ ظِلُّهُ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ. 16 وَاجْتَمَعَ جُمْهُورُ الْمُدُنِ الْمُحِيطَةِ إِلَى أُورُشَلِيمَ، حَامِلِينَ مَرْضَى وَمُعَذَّبِينَ مِنْ أَرْوَاحٍ نَجِسَةٍ، وَكَانُوا يُبْرَأُونَ جَمِيعُهُمْ.
العدد 12
ع12:
تمت على أيدى الرسل معجزات تؤكد صحة رسالتهم علناً أمام جميع الشعب. وكان الكل فى وحدانية الروح يصلون فى رواق سليمان.
العدد 13
ع13:
أما الخارجون عن الإيمان، فكانوا يهابون المؤمنين والرسل ويعظمونهم لأجل نقاوتهم وقوة الله العاملة فيهم.
العدد 14
ع14:
استمر انضمام مؤمنين جدد ولم يذكر عددهم كما ذكر فى آخر مرة حين قال خمسة آلاف، لأن العدد تزايد جدًا. وأوضح هنا ما لم يوضحه قبلاً أنهم كانوا من الرجال والنساء. ليظهر أهمية المرأة كالرجل فى الكنيسة.
العدد 15
ع15:
فرش: أسرة ناعمة مفروشة تليق بالأغنياء.
أسرة: خشنة ويستخدمها الفقراء.
كان المرضى من أغنياء (يحملونهم على فرش) وفقراء (يضعونهم على أسرة)، يشفون بمجرد وقوع ظل بطرس الرسول عليهم، حتى دون أن يلمسهم. فأراد الله أن يظهر قوة روحه القدوس فى رسله وهو أن ظلهم فقط كافٍ لشفاء الأمراض، خاصة وأن العدد المزدحم حولهم لطلب الشفاء كان كبيرًا جدًا.
العدد 16
ع16:
لم يقتصر شفاء المرضى على سكان أورشليم، بل شمل أيضًا الآتين من المدن المحيطة بها. ولم يكن شفاءًا من الأمراض فقط، بل أيضًا إخراج شياطين وشفاء كل ما ينتج عن هذه الأرواح النجسة من أمراض مختلفة. وتظهر قوة الروح القدس فى الرسل، الذين عجزوا عن شفاء المصروع من الروح النجس عند جبل التجلى (مت17: 19)، بينما الآن يستطيعون باللمس أو حتى الظل شفاء كل الأمراض وإخراج الشياطين.
الروح القدس الساكن فيك يدعوك للتحلى بالفضائل وخدمة من حولك، فتجاوب مع صوته ولا تهمله، حينئذ تكون نوراً للعالم المحيط بك ويروا قوة الله ونعمته فيك كما كانت مع الرسل.
(3) محاكمة الرسل (ع17 – 32):
17فَقَامَ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ وَجَمِيعُ الَّذِينَ مَعَهُ، الَّذِينَ هُمْ شِيعَةُ الصَّدُّوقِيِّينَ، وَامْتَلأُوا غَيْرَةً، 18فَأَلْقَوْا أَيْدِيَهُمْ عَلَى الرُّسُلِ وَوَضَعُوهُمْ فِى حَبْسِ الْعَامَّةِ. 19 وَلَكِنَّ مَلاَكَ الرَّبِّ، فِى اللَّيْلِ، فَتَحَ أَبْوَابَ السِّجْنِ وَأَخْرَجَهُمْ، وَقَالَ: 20«اذْهَبُوا، قِفُوا وَكَلِّمُوا الشَّعْبَ فِى الْهَيْكَلِ بِجَمِيعِ كَلاَمِ هَذِهِ الْحَيَاةِ. » 21فَلَمَّا سَمِعُوا، دَخَلُوا الْهَيْكَلَ نَحْوَ الصُّبْحِ، وَجَعَلُوا يُعَلِّمُونَ. ثُمَّ جَاءَ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ وَالَّذِينَ مَعَهُ، وَدَعَوُا الْمَجْمَعَ وَكُلَّ مَشْيَخَةِ بَنِى إِسْرَائِيلَ، فَأَرْسَلُوا إِلَى الْحَبْسِ لِيؤْتَى بِهِمْ. 22 وَلَكِنَّ الْخُدَّامَ لَمَّا جَاءُوا لَمْ يَجِدُوهُمْ فِى السِّجْنِ، فَرَجَعُوا وَأَخْبَرُوا 23قَائِلِينَ: «إِنَّنَا وَجَدْنَا الْحَبْسَ مُغْلَقًا بِكُلِّ حِرْصٍ، وَالْحُرَّاسَ وَاقِفِينَ خَارِجًا أَمَامَ الأَبْوَابِ، وَلَكِنْ لَمَّا فَتَحْنَا، لَمْ نَجِدْ فِى الدَّاخِلِ أَحَدًا. ».
24فَلَمَّا سَمِعَ الْكَاهِنُ وَقَائِدُ جُنْدِ الْهَيْكَلِ وَرُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ هَذِهِ الأَقْوَالَ، ارْتَابُوا مِنْ جِهَتِهِمْ: مَا عَسَى أَنْ يَصِيرَ هَذَا؟ 25ثُمَّ جَاءَ وَاحِدٌ وَأَخْبَرَهُمْ قَائِلاً: «هُوَذَا الرِّجَالُ الَّذِينَ وَضَعْتُمُوهُمْ فِى السِّجْنِ، هُمْ فِى الْهَيْكَلِ وَاقِفِينَ يُعَلِّمُونَ الشَّعْبَ. » 26حِينَئِذٍ مَضَى قَائِدُ الْجُنْدِ مَعَ الْخُدَّامِ فَأَحْضَرَهُمْ، لاَ بِعُنْفٍ، لأَنَّهُمْ كَانُوا يَخَافُونَ الشَّعْبَ لِئَلاَّ يُرْجَمُوا. 27فَلَمَّا أَحْضَرُوهُمْ، أَوْقَفُوهُمْ فِى الْمَجْمَعِ، فَسَأَلَهُمْ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ قَائِلاً: 28«أَمَا أَوْصَيْنَاكُمْ وَصِيَّةً أَنْ لاَ تُعَلِّمُوا بِهَذَا الاِسْمِ؟ وَهَا أَنْتُمْ قَدْ مَلأْتُمْ أُورُشَلِيمَ بِتَعْلِيمِكُمْ، وَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْلِبُوا عَلَيْنَا دَمَ هَذَا الإِنْسَانِ. » 29فَأَجَابَ بُطْرُسُ وَالرُّسُلُ وَقَالُوا: «يَنْبَغِى أَنْ يُطَاعَ اللهُ أَكْثَرَ مِنَ النَّاسِ. 30إِلَهُ آبَائِنَا أَقَامَ يَسُوعَ الَّذِى أَنْتُمْ قَتَلْتُمُوهُ مُعَلِّقِينَ إِيَّاهُ عَلَى خَشَبَةٍ. 31هَذَا رَفَّعَهُ اللهُ بِيَمِينِهِ رَئِيسًا وَمُخَلِّصًا، لِيعْطِىَ إِسْرَائِيلَ التَّوْبَةَ وَغُفْرَانَ الْخَطَايَا. 32 وَنَحْنُ شُهُودٌ لَهُ بِهَذِهِ الأُمُورِ، وَالرُّوحُ الْقُدُسُ أَيْضًا الَّذِى أَعْطَاهُ اللهُ لِلَّذِينَ يُطِيعُونَهُ. ».
الأعداد 17-18
ع17 – 18:
هيج الشيطان رئيس الكهنة وكل أتباعه من الصدوقيين الذين ينكرون القيامة، وكانت تعاليم الرسل المؤكدة لقيامة المسيح تغيظهم، فغاروا غيره شديدة على معتقداتهم الخاطئة وقبضوا على الرسل وحبسوهم فى سجن أورشليم. وبالطبع رفع الرسل أصواتهم بالصلاة إلى الله ليخلصهم ويسندهم.
الأعداد 19-20
ع19 – 20:
الهيكل: غالباً فى رواق سليمان وهو أكثر مكان ظاهر يتجمع فيه الشعب ليبشروا بالمسيح دون خوف.
كلام هذه الحياة: أى البشارة بالمسيح التى نحيا بها فى العالم وتمتد بنا إلى الأبد.
جاء ملاك الرب ليلاً وفتح باب السجن وأخرجهم، ثم عاد فأغلقه وطلب منهم أن يذهبوا لإكمال الكرازة. فلم يكن خروجهم من السجن هروباً منه، لكن لأجل تكميل خدمتهم فى الهيكل كارزين بالحياة الأبدية.
هكذا نرى كمال المسيحى لرسالته أهم عنده من سلامة حياته، لأنه يعلم أن بقاءه على الأرض هو من أجل إتمام كرازته بالمسيح.
فاهتم أن تعلن الحق حتى لو تعرضت لكلمات وإساءات الآخرين المعارضين، واثقاً من قوة الله التى تسندك. فقط أطلب الله قبل أن تتكلم ليرشدك ويعطيك حكمة متى وكيف تتكلم.
العدد 21
ع21:
دخل الرسل إلى الهيكل فورًا فى الصباح، وقت امتلائه باليهود الذين جاءوا ليصلوا صلاة الصباح، وبدأوا يكرزون بيسوع والقيامة غير مبالين بتعبهم وإرهاقهم فى السهر طوال الليل بالسجن، لأن قلوبهم تعلقت بمحبة الله فسندت أجسادهم الضعيفة.
وفى نفس الوقت دعا رئيس الكهنة وأتباعه – من الصدوقيين – أعضاء مجمع السنهدريم للاجتماع ومعهم كل شيوخ اليهود. وكان القصد معاقبة الرسل لمنعهم من التبشير، فيتخلصون بهذا من الكرازة بالمسيح وتنتهى هذه القصة المزعجة لهم.
وعندما اجتمع المجمع أرسلوا خدامهم ليأتوا بالرسل من السجن إذ لم يعلموا بوجود الرسل فى الهيكل.
الأعداد 22-23
ع22 – 23:
لما فتح الخدام، أى جند الهيكل، السجن لم يجدوا به أحدًأ رغم إحكام غلقه ووقوف الحراس أمام الأبواب.
وهذا يؤكد أن ما حدث كان بيد ملاك وليس إنسانا، وتظهر قوة الله التى جعلت حراس السجن لا يشعرون بخروج الرسل إذ كانوا فى نوم عميق.
العدد 25
ع25:
زاد اضطرابهم عندما علموا أن الرسل واقفون وثابتون ولم يهربوا بل يعلمون الشعب فى الهيكل. ومعنى هذا إصرارهم على التبشير باسم المسيح، رافضين أوامر رؤساء الكهنة.
العدد 26
ع26:
مضى قائد جند الهيكل مع جنوده وأحضروا الرسل بدون عنف، خوفًا على حياتهم، نظرًا لإكرام الشعب للرسل واحترامهم لهم؛ فلو استخدموا العنف معهم سوف لا يقاومهم الرسل لكن الشعب كان سيفتك بهم ويرجمهم.
الأعداد 27-28
ع27 – 28:
عندما وقفوا لدى المجمع، سألهم رئيس الكهنة عن سبب مخالفتهم لوصيته واستمرارهم فى التعليم باسم المسيح. ونلاحظ هنا أمرين:
- لم يسألهم عن معجزة إخراجهم من السجن كأنها لا تعنيه لأنه يرفض الإيمان.
- لم يرضَ أن يذكر اسم المسيح بلسانه فدعاه الإنسان، كأنه نكرة لا اسم له، من فرط حقده عليه، وتضايقه من أن كرازة الرسل بالمسيح القائم تظهر خطأ الكهنة الذين قتلوه وتجلب عليهم دمه، ناسياً ما قالوه هم أنفسهم فى (مت27: 25) “دمه علينا وعلى أولادنا”.
العدد 29
ع29:
أعلن بطرس وكل الرسل أن أوامر الله، التى هى كلام المسيح لهم وما أمرهم به الملاك، أهم من كلام الناس حتى لو كان أعظم مجمع عند اليهود وهو السنهدريم.
العدد 30
ع30:
قال الرسل إن الله إله كل الآباء الذين يؤمن بهم اليهود، قد أقام المسيح الذى أخطأوا فى حقه وصلبوه.
العدد 31
ع31:
رفع الله المسيح بقوته العالية الإلهية رئيسًا للكنيسة ومخلصًا للعالم كله وداعيًا للتوبة ومانحًا للغفران لكل المؤمنين من اليهود، إذ أن الكرازة كانت لهم أولاً قبل الأمم.
العدد 32
ع32:
هذه هى شهادة الرسل وشهادة الروح القدس الذى يملأهم كمؤمنين بالمسيح طائعين له.
وتتكرر ملاحظتنا أن الشهادة للمسيح هى محور حياة المؤمنين به فى كل زمان ومكان.
انتهز الرسل فرصة محاكمتهم أمام مجمع السنهدريم ليبشروهم بالمسيح لعلهم يتوبون. فاصنع الخير والمحبة مع كل أحد مهما كان قاسياً ورافضاً كلام الله. فإن كنت تصنع محبة مع الأخ الحبيب، فأصنع أضعافها مع المسئ والمعاند لأنه أحوج من غيره للمحبة ولا تيأس من خلاص أحد.
(4) معاقبة الرسل (ع33 – 42):
33فَلَمَّا سَمِعُوا، حَنِقُوا، وَجَعَلُوا يَتَشَاوَرُونَ أَنْ يَقْتُلُوهُمْ. 34فَقَامَ فِى الْمَجْمَعِ رَجُلٌ فَرِّيسِىٌّ اسْمُهُ غَمَالاَئِيلُ، مُعَلِّمٌ لِلنَّامُوسِ، مُكَرَّمٌ عِنْدَ جَمِيعِ الشَّعْبِ، وَأَمَرَ أَنْ يُخْرَجَ الرُّسُلُ قَلِيلاً. 35ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِسْرَائِيلِيُّونَ، احْتَرِزُوا لأَنْفُسِكُمْ مِنْ جِهَةِ هَؤُلاَءِ النَّاسِ فِى مَا أَنْتُمْ مُزْمِعُونَ أَنْ تَفْعَلُوا. 36لأَنَّهُ قَبْلَ هَذِهِ الأَيَّامِ، قَامَ ثُودَاسُ قَائِلاً عَنْ نَفْسِهِ إِنَّهُ شَىْءٌ، الَّذِى الْتَصَقَ بِهِ عَدَدٌ مِنَ الرِّجَالِ نَحْوُ أَرْبَعِمِئَةٍ، الَّذِى قُتِلَ، وَجَمِيعُ الَّذِينَ انْقَادُوا إِلَيْهِ تَبَدَّدُوا وَصَارُوا لاَ شَىْءَ. 37بَعْدَ هَذَا، قَامَ يَهُوذَا الْجَلِيلِى فِى أَيَّامِ الاِكْتِتَابِ، وَأَزَاغَ وَرَاءَهُ شَعْبًا غَفِيرًا. فَذَاكَ أَيْضًا هَلَكَ، وَجَمِيعُ الَّذِينَ انْقَادُوا إِلَيْهِ تَشَتَّتُوا. 38 وَالآنَ أَقُولُ لَكُمْ: تَنَحَّوْا عَنْ هَؤُلاَءِ النَّاسِ وَاتْرُكُوهُمْ، لأَنَّهُ إِنْ كَانَ هَذَا الرَّأْى أَوْ هَذَا الْعَمَلُ مِنَ النَّاسِ، فَسَوْفَ يَنْتَقِضُ. 39 وَإِنْ كَانَ مِنَ اللهِ، فَلاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَنْقُضُوهُ، لِئَلاَّ تُوجَدُوا مُحَارِبِينَ لِلَّهِ أَيْضًا. » 40فَانْقَادُوا إِلَيْهِ. وَدَعَوُا الرُّسُلَ وَجَلَدُوهُمْ، وَأَوْصَوْهُمْ أَنْ لاَ يَتَكَلَّمُوا بِاسْمِ يَسُوعَ، ثُمَّ أَطْلَقُوهُمْ.
41 وَأَمَّا هُمْ، فَذَهَبُوا فَرِحِينَ مِنْ أَمَامِ الْمَجْمَعِ، لأَنَّهُمْ حُسِبُوا مُسْتَأْهِلِينَ أَنْ يُهَانُوا مِنْ أَجْلِ اسْمِهِ. 42 وَكَانُوا لاَ يَزَالُونَ كُلَّ يَوْمٍ، فِى الْهَيْكَلِ وَفِى الْبُيُوت، ِ مُعَلِّمِينَ وَمُبَشِّرِينَ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ.
العدد 33
ع33:
نتيجة لشدة غضب رئيس الكهنة، تشاور مع أتباعه على قتل الرسل جميعًا حتى ينتهى من هذا الأمر.
العدد 34
ع34:
الناموس: أى التوراة وهى أسفار موسى الخمسة.
أمر: حتى يهدأ غيظ الصدوقيين ويتقبلوا كلامه. فهو فريسى يؤمن بالقيامة ويبدو أنه كان معتدلاً حكيمًا.
استخدم الله أحد عظماء معلمى اليهود وهو غمالائيل ابن سمعان الشيخ، الذى حمل الرب على ذراعيه عند تقديمه للهيكل فى سن 40 يومًا، والذى كان بدوره ابن هليل المعلم اليهودى العظيم. وكان غمالائيل ذا كرامة وحكمة عقلية واضحة وتتلمذ على يديه شاول الطرسوسى. وقد أمر بإخراج الرسل للمداولة.
العدد 35
ع35:
حذر غمالائيل المجتمعين من محاولة قتل الرسل، لأنه قد يكون ظلماً وبالتالى عصيان وتحدى لله.
العدد 36
ع36:
أعطى غمالائيل مثالاً للمضلين وهو “ثوداس“، الذى ادعى أنه نبى أو ربما المسيا المنتظر وتلمذ نحو 400 شخصاً، لكن لأنه كاذب فقد هلك وتشتت كل أتباعه. فلو كان الرسل مضلين مثل ثوداس فسيهلكهم الله ولا داعٍ لقتلهم بأيدى الرؤساء.
العدد 37
ع37:
يهوذا الجليلى: شخص ولد فى الجليل وأقام ثورة ضد الرومان لعدم دفع الجزية لهم باعتبار اليهود شعب الله ويدفعون العشور لله فقط.
الاكتتاب: هذا اكتتاب ثانٍ أمر به الإمبراطور غير الاكتتاب الذى تم أيام ميلاد المسيح، وكان الغرض منه حصر رعايا الإمبراطورية لجمع الجزية منهم.
وقد قام الرومان بإخماد الثورة وقتل يهوذا وكثير من أتباعه، فهرب الباقون وتشتتوا فى بلاد كثيرة بعيدة.
وغرض غمالائيل من هذا المثل الثانى أيضاً أن يترك المجلس الرسل، لأنهم إن كانوا أشرارًا فسيهلكهم الله.
الأعداد 38-39
ع38 – 39:
هذا الرأى: التبشير بالقيامة.
هذا العمل: المعجزات.
طلب منهم غمالائيل أن يتركوا الرسل يتكلمون عن القيامة ويعملون المعجزات، موقنين أنه إن كان مصدر هذا العمل إنسان فسينتهى العمل مع الوقت، أما إن كان مصدره الله فسيثبته ولن يقدر أحد أن يحاربه.
العدد 40
ع40:
انقادوا إليه: كان عمل الله قويًا، فتأثر المجمع بكلام غمالائيل واقتنعوا به، رغم أن هناك وجهات نظر أخرى أنه لا مانع من تأديب الأشرار كما كانوا يظنون فى الرسل، ولكن نعمة الله جعلتهم يصمتون ويخضعون لرأيه.
وهكذا استخدم الله حكمة غمالائيل فى نجاة الرسل من القتل، لكن رئيس الكهنة نَفَّسَ عن غضبه تجاههم بأن جلدهم، والعادة عند الرومان أن يكون 39 جلدة، وأعاد توصيتهم بالكف عن الكرازة. وقصد بالجلد تخويفهم حتى يرجعوا عن التبشير بالمسيح أو يكونوا فى خجل أمام الشعب بعد جلدهم، لأن الجلد عند الرومان عار كبير وبالتالى يخجلوا من الكرازة أيضاً.
العدد 41
ع41:
على عكس ما توقع المجمع، خرج الرسل فى فرح وحماس لكرازة أكبر، لأنهم اعتبروا آلام الجلد شركة فى آلام المسيح واستعدادًا لأمجاد السماء.
العدد 42
ع42:
استمر الرسل مواظبين على التعليم فى الهيكل وفى البيوت باسم الرب.
وهكذا ضربوا لنا المثل فى الإحساس بقيمة الرسالة الروحية والحرص على إتمامها أكثر من حرص الإنسان على سلامته الشخصية. وأظهروا لنا أن الخدمة لا تكون فقط لمن يحضرون الكنيسة، بل نبحث عن البعيدين والمرضى فى البيوت ونستغل كل فرصة لخدمة المسيح.
وكانوا يقيمون القداسات والطقوس المسيحية فى البيوت، لأنه لم تكن بعد قد بنيت كنائس.
إذا أصابتك آلام بسبب تمسكك بوصايا الله أو خدمته، فليتك تقبلها من أجل محبته، لأنه إن كان المسيح قد ضحى بحياته من أجلك، فليس بكثير أن تحتمل كل شئ لأجله، بل تعتبر هذه الآلام بركة وشرف لك لأنك شاركت مخلصك فى حمل صليبه.