الإصحاح الأول سفر حكمة يشوع بن سيراخ القس أنطونيوس فكري

مقدمة سفر يشوع بن سيراخ

  • هو آخر أسفار الحكمة. كُتِبَ في زمن سادت فيه الحضارة الهيللينية (اليونانية) بعد أن إستعمر الإسكندر الأكبر معظم العالم المعروف، فجاء السفر قادراً على إقامة توازن بين الفكر الهيلليني والعقيدة اليهودية. الكاتب لاحظ خطر الفلسفة اليونانية يتهدد اليهودية، فكتب كتابه ليدافع عن تراث اليهودية الديني والثقافي، وأن إسرائيل يمتلك في الشريعة المعطاة له من الله الحكمة الأصلية، لأن ببساطة مصدر الحكمة هو الله. وبالتالي فإن اليهودي لا يحتاج لأن يعتمد على الفكر والحضارة الهيللينية. وهو أول من تحدث عن تطابق الشريعة مع الحكمة.
  • إفتتح مدرسة لتعليم الحكمة (23: 51) ليواجه الحركة الهيللينية. ولكنه لم يقف بفكر جامد أمام هذه الحكمة الهيللينية، فأخذ ما أخذ ولكنه حذر من أضرارها.
  • الإسم اللاتيني Ecclesiasticus بمعنى الكنسي (إكليسيا أي كنيسة) فكان السفر يستخدم ككتاب تهذيب بالنسبة للمقبلين على الإيمان أو الحديثي العماد.
  • الكاتب هو يشوع بن سيراخ الأورشليمي (29: 50 + 1: 51). كان من وجهاء أورشليم. أحب الشريعة منذ حداثته، وأراد أن يفيد الآخرين من ثمار تأملاته (18: 33). وكان كثير الأسفار وهذا مما زاد خبراته فأراد أن يعطي خبرته للشبان (9: 34 – 12). ومن أكثر ما يعلم الحكمة التجارب وهو إجتاز في تجارب نجاه منها الرب (2: 51 – 12). وكان متزوجاً من إمرأة فاضلة أحسن إختيارها. ورزق منها بنين أحسن تربيتهم. سكن في أورشليم. ولكنه كان كثير الأسفار. وبعد عودته إلى أورشليم صدم لرؤية اليهود فيها يخجلون من شريعتهم مفضلين الفلسفة اليونانية (42: 1، 2 + 41: 8، 9) بل كما نرى هم تركوها ويسمى هؤلاء “بنو الخطأة”.
  • لم ينضم إلى جماعة الحسيديين (التقاة) التي خرج منها الفريسيين بعد ذلك لكنه كان معجب بهم.
  • يشوع = يهوه يخلص. وسيراخ = ربما لفظة آرامية تعني أسير (سيراً).
  • كتب كتابه بالعبرية حوالي سنة 180ق. م. وقام حفيده ويسمى إبن سيراخ أيضاً بترجمة الكتاب في الإسكندرية إلى اليونانية. وكتب له مقدمة (غير موجودة في النص العبري وبالتالي غير موجودة في النص العربي. وكانت ترجمة الحفيد في الإسكندرية بين سنة (116 – 155ق. م.).
  • كثير من المجامع أيدت شرعية السفر وأولها مجمع نيقية. وهكذا كثير من الأباء كأثناسيوس الرسولي وإكليمنضس السكندري والقديس باسيليوس.
  • أقسام السفر: أولاً: الإصحاحات (1 – 43) تضم الكثير من الحكم والنصائح.

ثانياً: الإصحاحات (44 – 50) تضم سير بعض الآباء والقديسين.

الأولين.

ثالثاً: الإصحاح (51) خاتمة السفر وصلاة يشوع.

هو كتب كتابه بنفس طريقة سليمان الحكيم في سفر الأمثال.

الإصحاح الأول

العدد 1

آية (1): –

“1 كل حكمة فهي من الرب ولا تزال معه إلى الأبد.”.

الحكمة الحقيقية هي من الرب، يعطيها لمن يريد ولكنها لا تفارقه. فالحكمة هي الإبن الكلمة (يو1: 1) والروح القدس هو روح الحكمة (إش2: 11). ومن يسكن فيه الروح يكون له الحكمة (2تي7: 1).

العدد 2

آية (2): –

“2من يحصي رمل البحار وقطار المطر وأيام الدهر ومن يمسح سمك السماء ورحب الأرض والغمر.”.

الله بحكمته خلق كل ما نراه “به كان كل شئ” (يو3: 1) قطار المطر = قطرات الأمطار.

العدد 3

آية (3): –

“3 ومن يستقصي الحكمة التي هي سابقة كل شيء.”.

الحكمة أزلية = هي سابقة كل شيء لأن الله أزلي. وطالما الله موجود فالحكمة فيه لا تفارقه. “في البدء كان الكلمة” (يو1: 1) ومن يستطيع أن يصل لبداياتها = ومن يستقصي ومتى بدأت؟

العدد 4

آية (4): –

“4 قبل كل شيء حيزت الحكمة ومنذ الأزل فهم الفطنة.”.

فالحكمة بها كان كل شئ. أقنوم الحكمة كائن فى الآب، ولكنه بفطنة خلق العالم.

الفطنة = هي السلوك العملي للحكمة. هنا حكمة الله تولد من الله لتخلق العالم. هى حكمة وقوة خلق، قوة كلها حكمة وقادرة على خلق وضبط وصيانة الكون، لذلك قال بولس الرسول عن المسيح أنه حكمة الله وقوة الله “(1كو1: 24).

حيزت الحكمة = الإبن الوحيد الذى هو فى حضن الآب هو خبَّر.

الأعداد 5-10

الآيات (5 – 10): –

“5 ينبوع الحكمة كلمة الله في العلى ومسالكها الوصايا الأزلية.

6 لمن انكشف اصل الحكمة ومن علم دهاءها. 7 لمن تجلت معرفة الحكمة ومن أدرك كثرة خُبرتها. 8 واحد هو حكيم عظيم المهابة جالس على عرشه. 9 الرب هو حازها ورآها وأحصاها. 10 وأفاضها على جميع مصنوعاته فهي مع كل ذي جسد على حسب عطيته وقد منحها لمحبيه. “.

هنا نرى أن ينبوع الحكمة هو كلمة الله = الكلمة مولود من الآب أزلياً. وبالنسبة للبشر فالذي يريد أن يحيا حكيماً فليسلك بحسب الوصايا = مسالكها. الله وحده يحوز الحكمة، وهو يعطيها لمحبيه وهؤلاء هم الذين يحفظون وصاياه (يو14: 23). وعلى جميع مصنوعاته = فهو بحكمة خلق وصنع كل شئ. ورآها = والسيد المسيح يقول “لا يقدر الإبن أن يعمل من نفسه شيئاً إلاّ ما ينظر الآب يعمل” (يو19: 5) + “لأن الآب يحب الإبن ويُريه جميع ما يعمله” (يو20: 5). الحب هنا إشارة للوحدة والرؤيا تشير للتطابق. فكل ما للآب هو للإبن وكل ما للإبن هو للآب (يو15: 16 + يو17: 10) إذاً الحكمة هي خاصة بالله وحده، هو يحوزها ويحتويها ويعطيها لمن يحبه. والحصول عليها سهل.. بتنفيذ وصايا الله. فالحكمة متطابقة مع الشريعة. خُبرة (آية7) بضم حرف الخاء تشير بحسب القاموس للعلم بالشئ = فالحكمة تعطى معرفة بكل شئ. دهاء (آية6) تشير هنا بحسب قاموس مختار الصحاح إلى جودة الرأي. لمن انكشف اصل الحكمة = من عرف أصل الحكمة، وهذه تساوى “كل شيء قد دفع الي من ابي. وليس احد يعرف الابن الا الاب. ولا احد يعرف الاب الا الابن ومن اراد الابن ان يعلن له” (مت11: 27).

هل تبحث عن  الإبركسيس فصل من أعمال آبائنا الرسل الأطهار ( 21 : 5 - 14 ) يوم الاربعاء

الأعداد 11-20

الآيات (11 – 20): –

“11 مخافة الرب مجد وفخر وسرور وإكليل ابتهاج. 12 مخافة الرب تلذ للقلب وتعطي السرور والفرح وطول الأيام. 13 المتقي للرب يطيب نفسا في أواخره وينال حظوة يوم موته. 14 محبة الرب هي الحكمة المجيدة. 15 والذين تتراءى لهم يحبونها عند رؤيتهم لها وتأملهم لعظائمها. 16 راس الحكمة مخافة الله أنها تولدت في الرحم مع المؤمنين وجعلت عشها بين الناس مدى الدهر وستسلم نفسها إلى ذريتهم. 17 مخافة الرب هي عبادته عن معرفة. 18 العبادة تحفظ القلب وتبرره وتمنح السرور والفرح. 19 المتقي للرب يطيب نفسا وينال حظوة في يوم وفاته. 20 كمال الحكمة مخافة الرب أنها تسكر بثمارها.”.

من يخاف الرب يطيع وصاياه. ومن يفعل يحيا في فرح. فالله لا يريد أن يتحكم في البشر ويذلهم عن طريق الوصايا، بل أعطانا الوصايا لكي نحيا في فرح. لذلك حينما أراد الله أن يقول لشعب إسرائيل أنه أعطاهم شيئاً حسناً وعمل معهم أعمال حسنة، لم يقل ضربت المصريين لكم أو شققت البحر لكم.. بل قال أعطيتكم الوصايا التي بها تحيون في فرح (حز11: 20). ومخافة الرب مجد وفخر فالمجد هو أن يسكن الله في وسطنا (زك5: 2). ومن يحفظ الوصايا يأتي الآب والإبن ويصنعوا عنده منزلاً، فيكون له مجد (يو23: 14). وإذا أطاع إنسان وصايا الله يمتلئ من الروح القدس ومن يمتلئ من الروح يمتلئ فرح وسلام (غل22: 5) بل يستمر في حالة الفرح حتى موته. أما العالم إن أعطى شئ يعطي لذة لا تدوم سوى لحظات يعقبها غم وكآبة. ولاحظ أن رأس الحكمة مخافة الله = البداية لكي تكون حكيماً أن تخاف الله خالق هذا الكون والذي له الحق أن تطيع وصاياه. وكمال الحكمة مخافة الرب = هنا إستبدل لفظ الله بلفظ الرب. فالرب هو الله الذي له علاقة حب خاصة مع شعبه. فكمال الحكمة أن أكتشف علاقة الحب هذه الخاصة. إذاً أخاف أن أغضب الله عن حب = تُسِكرُ بثمارها = الخمر إشارة للفرح الناشئ عن الحب. لذلك محبة الرب هي الحكمة المجيدة = فمن الحكمة أن تحيا في فرح كل أيام حياتك وحتى موتك. ولهذا السبب طلب الرب منا أن “حب الرب إلهك من كل قلبك..” (تث5: 6) وذلك حتى نفرح، والروح القدس يسكب محبة الله في قلوبنا (رو5: 5). ومخافة الله تولد في كل نفس منذ الصغر، وعلى الأباء أن يربوا أولادهم عليها، وتنتقل من جيل إلى جيل. مخافة الرب تلذ للقلب = ليس خوف الذل، بل خوف الحب وهذا يعطي لذة للقلب، فمن يخاف الله ويحفظ وصاياه ثقة في الله، يملأه الروح القدس لذة وفرح. طول الأيام = إشارة لكل بركات الله.

الأعداد 21-30

الآيات (21 – 30): –

“21 تملا كل بيتها رغائب ومخازنها غلالا. 22 إكليل الحكمة مخافة الرب أنها تنشئ السلام والشفاء والعافية. 23 وقد رأت الحكمة وأحصتها وكلتاهما عطية من الله. 24الحكمة تسكب المعرفة وعلم الفطنة وتعلي مجد الذين يملكونها. 25 اصل الحكمة مخافة الرب وفروعها طول الأيام. 26 في ذخائر الحكمة العقل والعبادة عن معرفة أما عند الخطاة فالحكمة رجس. 27 مخافة الرب تنفي الخطيئة. 28 غضب الأثيم لا يمكن أن يبرر لان وقر غضبه يسقطه. 29 الطويل الأناة يصبر إلى حين ثم يعاوده السرور. 30العاقل يكتم كلامه إلى حين وشفاه المؤمنين تثني على عقله.”.

هنا نرى البركات التي ينالها الذي يخاف الله / رغائب / المخازن تمتلئ غلال / سلام / شفاء / عافية. ومن يخاف الله يرى الحكمة ويدركها. “طوبى لأنقياء القلب لأنهم يعاينون الله” (مت8: 5) وكلتاهما الحكمة ومخافة الله. والحكمة تسكب المعرفة = فسليمان كان يعرف كل شئ. وعلم الفطنة = هو التصرف العملي في كل موقف. وبهذا يكون من يملك الحكمة في مجد. ويشبه الحكمة بشجرة لها أصل وفروع فهي تمتد لكل شئ في حياة الإنسان وطوال عمر الإنسان. في ذخائر الحكمة = من يحوز الحكمة سيكتشف أن لها كنوز هي العقل والعبادة عن معرفة. أما الخطاة فهم يكرهون الحكمة كأنها رجس. وهنا مقارنة بين الحكيم الذي يستطيع أن يسيطر على نفسه وبهذا يستعيد سروره بسرعة، (فالسمة العامة للحكيم أنه مسرور) وبين الجاهل الذي بسبب غضبه الشديد لا يستطيع أن يبرر تصرفاته. بل أن الحكيم لا يتكلم كثيراً ويكتم كلامه إلى حين والكل من الفاهمين = المؤمنين، يفرحون به = شفاه المؤمنين تثنى على عقله. إكليل الحكمة مخافة الرب = الإكليل هو علامة الملك، وعلامة الحكمة هي مخافة الرب. ومن يخاف الله له إكليل. ترجمة أخرى لآية (23) رآها الرب وأحصاها. وهذه الترجمة تقول رأت الحكمة = فالحكمة هنا في نظر الكاتب شخص، فالحكمة إذاً هو الرب الذي يقدر كل شئ ويزنه بميزان، وتعطى لمن يستحق.

هل تبحث عن  يا مريم نحن نحبك جداً

وِقر (آية28) بكسر الواو تعني بحسب القاموس = حِملْ. وِقر غضبه يسقطه = الغضب الثقيل يكون كحمل ثقيل يدفع الإنسان لتصرفات سيئة، وكأنه منساق إليها تحت ضغط هذا الحمل. وقد يندم على ما فعله بعد أن ينتهى تأثير هذا الحمل.

الأعداد 31-40

الآيات (31 – 40): –

“31 في ذخائر الحكمة أمثال المعرفة. 32 أما عند الخاطئ فعبادة الله رجس. 33 يا بني إن رغبت في الحكمة فاحفظ الوصايا فيهبها لك الرب. 34 فان الحكمة والتأديب هما مخافة الرب والذي يرضيه. 35 هو الإيمان والوداعة فيغمر صاحبهما بالكنوز. 36 لا تعاص مخافة الرب ولا تتقدم إليه بقلب وقلب. 37 لا تكن مرائيا في وجوه الناس وكن محترسا لشفتيك. 38 لا تترفع لئلا تسقط فتجلب على نفسك الهوان. 39 ويكشف الرب خفاياك ويصرعك في المجمع. 40 لأنك لم تتوجه إلى مخافة الرب لكن قلبك مملوء مكراً.”.

من يريد الحكمة فليحفظ الوصايا فيهب الرب له الحكمة (آية 33). لا تتقدم إليه بقلب وقلب = أي تقدم إلى الله بقلب بسيط أي له هدف واحد (آية 36). لا تكن مرائياً = أي تظهر بمظهر أمام الناس يرضيهم، بل إجتهد أن ترضي الله في قلبك وفي تصرفاتك. والحكمة لا تسكن عند المتكبر، إذاً لا تترفع لئلا تسقط (إش15: 57) فتفتضح لأنك لم تتوجه إلى مخافة الرب = لم يكن الرب هدفك بل الناس = لكن قلبك مملوء مكراً. من ذخائر الحكمة أمثال المعرفة = من له حكمة يكون له من كنوزها أنه يراقب الأحداث ويستخرج منها معرفة بطرق الله، فيدرك ماذا سوف يحدث. لكن الخاطئ لا يستطيع أن يقدم عبادة لله، هو بعيد بقلبه عن الله، وغير مدرك للأمور. الحكمة والتأديب هما مخافة الرب = من يخاف الرب سيكون له حكمة ولكن سيكون له تأديب، وهذا من محبة الله له “فمن يحبه الرب يؤدبه” (عب6: 12) وكيف نستفيد من التأديب = الذي يرضيه الإيمان والوداعة = “فبدون إيمان لا يمكن إرضاؤه” (عب6: 11) وما هو الإيمان المطلوب؟ أن الله صانع خيرات (رو28: 8). والوداعة عكس التذمر. فبالشكر يزداد الإيمان (كو7: 2).

تأملات في الإصحاح الأول.

أولاً: هذا الإصحاح والإصحاح الأول من إنجيل القديس يوحنا.

هنا تطابق واضح. فالإبن وهو حكمة الله (1كو1: 24) وهو لا يفارقه أزلياً وأبدياً، وهذا ما يعنيه القديس يوحنا بقوله “الذي هو في حضن الآب” وتساوى “أنا فى الآب والآب فىَّ” (يو14: 10، 11).

ينبوع الحكمة = الحكمة مولودة، الآب نبع ينبع حكمة خالقة قوية ومجد هذه الحكمة ظاهر فى كل ما عمله فى الخلقة كإبن لله، وكل ما عمله المسيح من أعمال وأقوال وسلطان على كل الخليقة بل كان يخلق وتجلى لتلاميذه. وحيد من الآب = ولادة فريدة من الآب فى نوعها * فالإبن الجسدى ينفصل عن أبوه حين يولد أما بنوة المسيح ليست هكذا، بل هو يولد ويستمر فى الآب. * والإبن الجسدى يأتى زمنيا بعد أبيه أما المسيح الإبن الوحيد الجنس فله نفس أزلية الآب، فلا توجد لحظة من الزمان كان الآب موجودا، والإبن لم يكن موجود، فإذا فهمنا أن الإبن هو حكمة الله، فهل يمكن أن يكون هناك فترة من الزمان كان الآب فيها موجودا بدون حكمة وبدون قوة.

الآب ينبوع يلِد.

الإبن الوحيد الذي هو أقنوم الحكمة.

ويكمل إبن سيراخ موضوع الإبن الخالق، الذى هو حكمة الله فى إصحاح 24.

برجاء إستكمال الموضوع فى إصحاح 24 لنرى قصة المسيح من التجسد إلى المجد.

وراجع فى نفس الموضوع الآيات 42: 15 + 51: 14.

ثالثاً: خطة الله تجاه البشر:

  1. الله خلق الإنسان في جنة عَدْن تعني فرح. أي أن إرادة الله أن الإنسان يفرح.
  2. حينما أخطأ الإنسان طُرِد من الجنة ومات. أي حُرم من الفرح في هذه الحياة وخسر حياته الأبدية.
  3. وكان الفداء ليعود الفرح للإنسان، وتعود له حياته الأبدية لذلك نسمع:

أ) من ثمار الروح القدس الفرح (غل22: 5).

ب) “إفرحوا في الرب كل حين” (في4: 4).

ج) حيــاة أبديــة “أتيت لتكون لهم حياة” (يو10: 10).

إذاً هذه هي إرادة الله.

  1. نسمع هنا نفس الشئ:

“مخافة الرب تلذ للقلب وتعطي السرور والفرح وطول الأيام. المتقي للرب يطيب نفساً في أواخره وينال حظوة يوم موته” (آيات12، 13)، (ألم تحمل الملائكة نفس لعازر يوم موته بالجسد).

بل من يخاف الرب تملأ البركة حياته (آية21).

  1. * الله وضع للإنسان خطة إختيارية من يوم ميلاده ليوم وفاته وزوده بالمواهب (الوزنات) (1بط10: 4). فالإنسان حر وليس مُسَيَّرْ.

* والله خلق كل إنسان ليتمم عملاً (أف10: 2)، ولا يوجد إنسان خُلق ليحيا بدون فائدة (حك12: 15). والمواهب المعطاة هي لبناء الكنيسة.

هل تبحث عن  رسالة امرأة بيلاطس إلى زوجها إنذار «إِيَّاكَ»

* والهدف الآن أن المسيح يبني هيكل جسده، وكلٌ منا حجر حي في هذا الهيكل (1بط5: 2).

* ومن يتجاوب مع خطة الله ويكتشفها يحيا في فرح ونهايته حياة أبدية. ولإكتشاف هذه الخطة يجب أن نحيا في حياة توبة، فنقاوة القلب تجعلنا نعاين الله (مت8: 5).

* ومن لا يتجاوب هو حر لكنه سيعيش في حزن ويخسر حياته الأبدية. لكنه سيصير أداة في نحت وتلميع الحجارة الحية لإعدادها لتكون حجارة حية في هيكل جسد الرب.

أمثلـــة:

  1. الله خلق يهوذا وإختاره ليصير تلميذاً ولما رفض صار أداة لتتميم الخلاص. والشيطان خلقه الله كملاك كاروبيم ولما رفض صار أداة تأديب لأولاد الله (راجع قصة أيوب وشوكة بولس الرسول).
  2. وأيضاً راجع (1مل7: 6) والذي يشير لأن نحت الحجارة بالمعاول وغيرها كان في الجبل (رمز لهذه الحياة) أما في الهيكل لم يسمع صوت معول (رمز للسماء حيث يمسح الله كل دمعة من العيون). فمن يرفض أن يكون حجراً حياً في هيكل الرب سيصير معولاً لإعداد الحجارة الحية.

وهذا معنى التجارب والآلام بسماح من الله على يد الأشرار.

لا حياة أبدية

.

* ولأن الله أب فهو أعد لأولاده قبل أن يولدوا كل ما يلزم لحياتهم. لذلك فنحن لا نهتم بالغد، فالله قد دبره. ولذلك يحيا أولاد الله في إطمئنان كامل، لا يفكرون في الغد حاملين هموماً، بل يفكرون في إطمئنان ويكتشفوا يوماً فيوماً أن الله قد دبر كل شئ لهم. فنحن نحيا لنكتشف محبة الله في كل تدبير خاص بحياتنا.

رابعاً: علاقة معرفة الله بحب الله وبالفرح:

  • راجع تفسير (مت27: 11) فمعرفة الله تعني (1) TO KNOW.

(2) إتحاد.

  • وتبدأ معرفة الله على مستوى المعرفة العقلانية (To Know). لكن كلما نعرفه، كلما نحبه بالأكثر فهو لذيذ العشرة ويُحَّبْ.
  • كلما إزداد الحب نزداد ثباتاً في المسيح، وإتحاداً به (راجع تفسير يو9: 15) وهنا نصل للمعرفة التي هي إتحاد. الله محبة وكلما نما الحب داخلنا (لله وللناس) نزداد إلتصاقاً وإتحاداً بالله نصير حباً يذوب في حب. ولا وسيلة للإتحاد بالمسيح سوى المحبة.
  • وكلما إزداد إتحادنا بالمسيح إبن الله، نمتلئ من الروح القدس، الذي من ثماره الفرح (غل22: 5).
  • معرفة الناس هي بحسب الظاهر، أما معرفة الله فهي بالروح القدس من خلال إتحادنا بالمسيح. والروح القدس الذي حلَّ فينا يفحص كل شئ حتى أعماق الله. (1كو9: 2 – 16).
  • وكلما عرفنا فكر الله من نحونا، وقوته الموجهة لتدبير أمورنا نزداد حباً وبالتالي ثباتاً في المسيح، وأيضاً يزداد فرحنا إذ ندرك حبه غير المتناهي الذي يصل لدرجة الموت عنا.

“فنحن نحبه لأنه أحبنا أولاً” (1يو19: 4).

خامساً: مخافة الله في هذا الإصحاح:

  1. مخافة الله: الله هو خالق العالم كله، يعاقب من لا يسلك حسب وصاياه فهو ملك الملوك. ومن الحكمة حتى لا نعاقب أن نلتزم بوصاياه. لذلك: رأس الحكمة مخافة الله.
  2. مخافة الرب: الرب هو الله حين ندخل معه في علاقة حب، أب مع أولاده لذلك أول مرة سمعنا فيها هذه الكلمة كانت في (تك2) حيث كان آدم في علاقة حب مع الله في الجنة. أمّا في (تك1) نسمع عن الله خالق العالم والمسئول عنه. وفي (تك2) نسمع عن الرب الإله. ولذلك نلاحظ أن مخافة الرب هنا تِردْ مع ذكر الفرح والسرور (آيات 11، 12، 20). كما أن كلمة الرب وردت في (تك2) عندما كان آدم في جنة عَدْن – الفرح.
  3. وردت كلمة مخافة الله أو مخافة الرب في هذا الإصحاح 11 مرة فهي:
  1. رأس الحكمــة = البداية لتكون حكيماً هي أن تلتزم بوصايا الله (آية5) خوفاً من غضب الله.
  2. عبادة عن معرفة = حين نعرف الرب وعلاقته بنا كأب مع أولاده، نخاف أن نغضبه إذ أننا نحبه. لذلك نسمع هنا “مخافة الرب هي عبادته عن معرفة” (آية17). ومن يعرف الله يحبه فعشرته لذيذة. وكلما يقول مخافة الرب أو محبة الرب (آية14) نسمع عن الفرح.
  3. كـمال الحكمـة = هي مخافة الرب. حين نصل لمحبة الله (الرب) فهذا كمال الحكمة. (آية20).
  4. إكليـل الحكمـة = الإكليل هو ما يظهر فوق رأس الإنسان. وماذا يظهر في وجه من يخاف الرب “سلام وشفاء وعافية” (آية22).
  5. أصل الحكمة وفروعها = (آية25) فالحكمة تبدأ مع الإنسان، ومخافة الرب تبدأ مع الإنسان منذ ولادته. ومن يستمر في مخافة الرب تمتد الحكمة معه كل أيام حياته وفي كل عمل يعمله.
  6. تنفـي الخطيئة = (آية27). وهنا قال مخافة الرب. فمن يحب الله لا يستطيع أن يخطئ حتى لا يغضبه (يو23: 14).
  7. حكمة وتأديـب = الرب في محبته يؤدب أبناءه حتى لا يبتعدوا ويضلوا (آية34).

عموماً فالإنسان يبدأ بأن يخاف عقوبات الله، وكلما نمت معرفة الله في الإنسان يحب الإنسان الرب الإله فيقبل تأديبه كإبن، ويخاف أن يغضبه فهو إكتشف محبته ويخاف أن يحزن قلب الله أبوه. وكلما إزداد هذا الحب يزداد فرح الإنسان.

ونعود لنقول أبعد كل هذا ينكر البعض قانونية هذا السفر.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي