الإصحاح الثاني]]>الإصحاح الثاني
آية (1): “فأرسليشوع بن نون من شطيم رجلين جاسوسين سراً قائلاً اذهبا انظرا الأرض وأريحا فذهباودخلا بيت امرأة زانية اسمها راحاب واضطجعا هناك.”
أريحا= تبعد 5ميل عننهر الأردن، 20 ميل عن أورشليم فى اتجاه شمال الشرق. وكانت خطة يشوع العسكرية أن يبدأبأريحا فهي قائمة عند مدخل الممرات الجبلية المؤدية للبلاد الكنعانية، فهي المدخلالشرقي لكنعان ومن يحتلها يسهل دخوله لكل المدن الهامة. ويشوع فضل أن يكون دخولهمن الشرق وليس من الجنوب فمن ناحية الجنوب توجد تحصينات قوية لسبب خوفهم من مصرفضلاً عن أن إقتراب جيوشه من مصر سيكون سبباً في مناوشات عسكرية مع مصر وهو لايريد هذا، ومن ناحية أخرى فتحصينات الكنعانيين من ناحية الشرق ضعيفة فهم اعتمدواعلى الأردن كعائق مائي يحول دون تقدم جيوش الأعداء. ويشوع أرسل جاسوسين ليعرفا طرقالاقتراب لأريحا ويعرفا استعدادات الدفاع. فالجواسيس والخطط العسكرية لا مانع منهافمع وعود الله لا مانع من التخطيط والتدبير.
امرأة زانية اسمهاراحاب= كانت صاحبة خان (فندق) لذلك نزل الجاسوسين عندها وكلمة صاحبة خان وكلمةزانية تقريباً هما نفس الكلمة، فقديماً كانت صاحبة الخان ليست بعيدة عن الشبهات فينظر الناس. ولعل سلمون زوجها كان أحد الجاسوسين (مت5:1) وعموماً فسلمون زوجها هوشخص من سبط يهوذا وهو أبو بوعز زوج راعوث وراحاب هذه بإيمانها صارت رمزاً لدخولالأمم للإيمان بل صارت أماً للمسيح. فالله لا يرفض الأمم بل يرفض رجاساتهم. وهنانرى الجانب البشري في الخلاص ألا وهو الإيمان الحي العامل الذي جعل راحاب تحميالجاسوسين وتطلب حمايتهما لها ولأسرتها. وإن كان يشوع يرمز للمسيح فالجاسوسينيرمزان لتلاميذ المسيح وهم إثنين رمز لإرسال المسيح رسله لليهود والأمم. ولاحظ أنهكان هناك عشرات الأماكن في أريحا يمكن أن يذهب لها الجاسوسين لكنهما ذهبا إلىراحاب وهذه ليست مصادفة فلا توجد مصادفات في حياتنا بل هو تدبير إلهي محكم. فلوذهب الجاسوسين لأي أحد آخر غير راحاب لقتلا ولما آمنت راحاب. إذاً كل أمور حياتناليست من تدبير المصادفات بل هي يد الله التي تقود دون أن ندري. وراحاب هذه آمنتبالله فوجدت خلاصاً رغماً عن خطاياها السابقة. وهي سمعت عن عمل الله مع الشعب كماسمع كل أهل المدينة وهي وحدها آمنت، فالإيمان مسئولية شخصية بل طلبت حماية الشعبلها وهذا هو الإيمان العملي الذي خلصها (عب31:11 + يع25:2). ولاحظ خلاص راحاببإيمانها بينما هلك شعب الله وماتوا في البرية بسبب عدم الإيمان. فراحاب إذاًاغتصبت بإيمانها المواعيد الإلهية وتوبتها، والتوبة كما يقول الآباء تحول الزانيلبتول.
الآيات (2-5):”فقيل لملك أريحا هوذا قد دخل إلى هنا الليلة رجلان من بني إسرائيل لكييتجسسا الأرض. فأرسل ملك أريحا إلى راحاب يقول اخرجي الرجلين اللذين أتيا إليكودخلا بيتك لأنهما قد أتيا لكي يتجسسا الأرض كلها. فأخذت المرأة الرجلين وخبأتهماوقالت نعم جاء إلى الرجلان ولم اعلم من أين هما. وكان نحو انغلاق الباب في الظلامانه خرج الرجلان لست اعلم أين ذهب الرجلان اسعوا سريعاً وراءهما حتىتدركوهما.”
هاج ملك أريحا علىالجاسوسين، وروحياً نفهم أن مع كل إرسالية إلهية أو عمل إلهي يهيج عدو الخير ليبعثإرسالية شيطانية بقصد تحطيم الإيمان (إيمان راحاب) وإرهاب خدام الله (الجاسوسين).نحو إنغلاق الباب= قرب الوقت الذي يغلق فيه باب المدينة.
آية (6): “وإما هيفأطلعتهما على السطح ووارتهما بين عيدان كتان لها منضدة على السطح.”
منضدة= كانوا يرصونعيدان الكتان بعضها فوق بعض بنظام خاص. وكانوا يضعونها على السطح تحت ضوء وحرارةالشمس لتيبس ثم يأخذون الألياف لتغزل وتنسج، والعيدان يستخدمونها كوقود. وإذافهمنا أن الكتان في بياضه يرمز للحياة السماوية النقية يصير لما فعلته راحاب معنىروحي رائع. فالمسيح أرسل رسله إلى الأمم= يشوع أرسل الجاسوسين إلى أريحا (وإلىراحاب). والأمم آمنوا بالمخلص بقلوبهم وأخفوا إيمانهم في قلوبهم= وراحاب أخفتالجاسوسين في منزلها. والإيمان جعل المؤمنين يرتفعون لحياة سماوية نقية = كما صعدتراحاب للسطح والكتان رمز للنقاوة.
آية (7): “فسعىالقوم وراءهما في طريق الأردن إلى المخاوض وحالما خرج الذين سعوا وراءهما أغلقواالباب.”
المخاوض= المعابر التييعبرون فيها نهر الأردن خوضاً بالقدمين وهي الأماكن الضحلة أو بالقوارب والجسور فيالأماكن العميقة.
الآيات (8-11): “ و اماهما فقبل ان يضطجعا صعدت اليهما الى السطح. و قالت للرجلين علمت ان الرب قد اعطاكمالارض و ان رعبكم قد وقع علينا و ان جميع سكان الارض ذابوا من اجلكم. لاننا قدسمعنا كيف يبس الرب مياه بحر سوف قدامكم عند خروجكم من مصر و ما عملتموه بملكيالاموريين اللذين في عبر الاردن سيحون و عوج اللذين حرمتموهما. سمعنا فذابت قلوبناو لم تبق بعد روح في انسان بسببكم لان الرب الهكم هو الله في السماء من فوق و علىالارض من تحت.”
هذا الكلام تحقيق لنبوةموسى (خر14:15-16) بل لاحظ أن راحاب استخدمت نفس كلمات موسى “ذابوا منأجلكم” فأعمال الله بل حتى نشيد موسى وصل لهم. فالله لا يترك نفسه بلا شاهد.
آية (12-17): “ فالاناحلفا لي بالرب و اعطياني علامة امانة لاني قد عملت معكما معروفا بان تعملا انتماايضا مع بيت ابي معروفا. و تستحييا ابي و امي و اخوتي و اخواتي و كل ما لهم وتخلصا انفسنا من الموت. فقال لها الرجلان نفسنا عوضكم للموت ان لم تفشوا امرنا هذاو يكون اذا اعطانا الرب الارض اننا نعمل معك معروفا و امانة. فانزلتهما بحبل منالكوة لان بيتها بحائط السور و هي سكنت بالسور. و قالت لهما اذهبا الى الجبل لئلايصادفكما السعاة و اختبئا هناك ثلاثة ايام حتى يرجع السعاة ثم اذهبا في طريقكما.فقال لها الرجلان نحن بريئان من يمينك هذا الذي حلفتنا به.”
هناك سؤال!! ألم تخنراحاب شعبها؟ بل هي كانت على ثقة أن الله يريد هذا وهي أطاعت الله أكثر من الناسوهي تأكدت من هلاك أريحا بأمر الرب فربطت نفسها مع شعب الله. وها نحن بالإيمانمتأكدون من هلاك العالم أو على الأقل أننا نحن سنموت ونترك العالم فهل ربطناأنفسنا بالله. ومحبة راحاب لأهلها هو نفس ما ردده بولس الرسول (رو1:9،2) فإيمانهالم يكن فيه أنانية ولا إنعزالية.
هذه المرأة الأمميةالتي شربت التعاليم الوثنية وتعلمت عبادة الأوثان والزنا حينما سمعت ما عمله اللهمع شعبه صدقت الواقع والنبوات وتركت كل الجهل الذي عاشت فيه وآمنت بل طلبت وتشفعتعن أهلها. وهي غالباً سمعت عن طريق نزلاء فندقها عن عمل الله مع شعبه ولذلك سمع كلسكان أريحا. لكنها هي وحدها استجابت لعمل الله في قلبها.
الآيات (18-21): “ هوذانحن ناتي الى الارض فاربطي هذا الحبل من خيوط القرمز في الكوة التي انزلتنا منها واجمعي اليك في البيت اباك و امك و اخوتك و سائر بيت ابيك. فيكون ان كل من يخرج منابواب بيتك الى خارج فدمه على راسه و نحن نكون بريئين و اما كل من يكون معك فيالبيت فدمه على راسنا اذا وقعت عليه يد. و ان افشيت امرنا هذا نكون بريئين من حلفكالذي حلفتنا. فقالت هو هكذا حسب كلامكما و صرفتهما فذهبا و ربطت حبل القرمز فيالكوة.”
الحبل القرمزي= قال بعضالمفسرين أن الحبل القرمزي هو نفس الحبل الذي نزل عليه الجاسوسين من الكوة وهونفسه الذي كان على راحاب أن تربطه على كوتها والبعض قالوا بل هو حبل آخر. والحبلالقرمزي يشير لدم المسيح “فبدون سفك دم لا تحدث مغفرة” (عب22:9 +1بط18:1،19). فإذا فهمنا هذا لابد أن يكون الحبل الذي نجا به الجاسوسين هو نفسالحبل الذي نجا به بيت راحاب وراحاب نفسها، والحبل يرمز لدم المسيح. وهذا هو نفسما حدث للشعب الذي نجا بدم خروف الفصح ليلة الخروج من مصر حينما وضعوا الدم علىأبوابهم. ولاحظ أن من سيكون خارج البيت في الحالتين يهلك والبيت يرمز للكنيسة فلاخلاص خارج الكنيسة.
آية (22):”فانطلقا وجاءا إلى الجبل ولبثا هناك ثلاثة أيام حتى رجع السعاة وفتش السعاةفي كل الطريق فلم يجدوهما.”
غالباً حدد ملك أريحا 3أيام للسعاة يفتشون خلالها عن الجاسوسين لذلك طلبت منهم راحاب أن يختبئوا 3 أيامفي الجبل. وروحياً الجبل يشير للمسيح (دا 34:2،35) الذي يجب أن يختبئ فيه كل منيريد أن ينجو ويهرب من يد إبليس أي ملك أريحا وجنوده السعاة الذين يسعون لهلاك كلمؤمن. لذلك نصلي رفعت عيني إلى الجبال (مز1:121). ولذلك طلب إبليس من المسيح أنيلقي نفسه من على الجبل فهو يحب أن يسقط كل إنسان ليتحطم. ولاحظ أن رقم (3) يتكررفعلينا أن نظل محتمين بالجبل ثابتين فيه حتى قيامتنا بالجسد الجديد أو بثباتنا فيهتكون لنا الحياة المقامة مع يسوع القائم من بين الأموات، الحياة المنتصرة.
الآيات (24،23):”ثم رجع الرجلان ونزلا عن الجبل وعبرا وأتيا إلى يشوع بن نون وقصا عليه كل ماأصابهما. وقالا ليشوع أن الرب قد دفع بيدنا الأرض كلها وقد ذاب كل سكان الأرضبسببنا.”
إن الرب قد دفع بيدنا=لقد نزلا الجاسوسين عن الجبل لا ليتركوا الحياة المقامة بل ليبشروا بما نالوه منقوة الإيمان وما نالوه من عون إلهي. هم نزلوا لإخوتهم ليفرحوا قلوبهم فيصعد الجميعللجبل ويحصل الجميع على الحياة المقامة.
ما أعظم راحاب التيقبلت الإيمان (الجاسوسين) وتحولت حياتها الزانية لطهارة (الكتان) واحتمت بدمالمسيح (القرمز) وتشفعت عن أهلها ليخلصوا مثلها.
تم نسخ الرابط