الإيمان والرجاء والمحبة


«الرجاء» هو أحد أركان المسيحية الثلاثة: «الإيمان والرجاء والمحبة» (1كو13:13)، هذه الأركان التي يتكرر ذكرها مراراً عديدة في الكتاب كقول الرسول «متذكرين بلا انقطاع عمل إيمانكم وتعب محبتكم وصبر رجائكم ربنا يسوع المسيح» (1تس3:1). وقد لخّص الرسول بولس مهام الحياة المسيحية للمؤمنين في تسالونيكي في هذه الأمور الثلاثة: الرجوع إلى الله، والعبادة، وانتظار المسيح من السماء إذ يقول : «كيف رجعتم إلى الله من الأوثان لتعبدوا الله الحي الحقيقي وتنتظروا ابنه من السماء الذي أقامه من الأموات يسوع الذي ينقذنا من الغضب الآتي» (1تس9:1،10).

إن مجيء المسيح الثاني ليأخذ قديسيه إليه هو الرجاء الموضوع أمام المسيحيين، بحسب وعد الرب لهم «وإن مضيت وأعددت لكم مكاناً آتي أيضاً وآخذكم إليَّ حتى حيث أكون أنا تكونون أنتم أيضاً» (يو3:14). ولقد فاه الرب بهذه الكلمات الثمينة لإزالة الاضطراب من قلوب تلاميذ
ه المتألمين لغيابه عنهم. وهو رجاء حاضر، أي أنه كان نصب عيون المؤمنين منذ أن نطق الرب بهذا الوعد الثمين، ويجب أن يكون نصب عيونهم إلى أن يتحقق الرجاء. وقد أيَّد الرب وعده لتلاميذه في وقت صعوده عنهم إلى السماء، إذ أرسل إليهم ملاكين ليقول لهم «إن يسوع هذا الذي ارتفع عنكم إلى السماء سيأتي هكذا كما رأيتموه منطلقاً إلى السماء» (أع11:1). ثم أيَّد الوعد لهم من مجده إذ قال «ها أنا آتي سريعاً» أربع مرات في سفر الرؤيا، آخر أسفار الوحي الإلهي، كما نجد على غلاف هذه النبذة.

وفي هذا الرجاء الحاضر تعزية المؤمنين وفرحهم كما يقول الرسول «فرحين في الرجاء صابرين في الضيق» (رو12:12)، وأيضاً «فلا تطرحوا ثقتكم التي لها مجازاة عظيمة لأنكم تحتاجون إلى الصبر حتى إذا صنعتم مشيئة الله تنالون الموعد. لأنه بعد قليل جداً سيأتي الآتي ولا يبطئ» (عب35:10-37).

هل تبحث عن  القصة الخامسة

وهذا هو العلاج الناجح الوحيد الذي قدّمه الوحي في رسالة يعقوب للمؤمنين المتألمين والمظلومين، قائلاً لهم «فتأنوا أيها الأخوة إلى مجيء الرب… فتأنوا أنتم وثبّتوا قلوبكم لأن مجيء الرب قد اقترب» (يع7:5،8).

كما أن هذا الرجاء المبارك حافز للمؤمنين على العيشة في القداسة والخدمة والسهر، كما يقول الرسول «هذا وإنكم عارفون الوقت أنها الآن ساعة لنستيقظ من النوم فإن خلاصنا الآن أقرب مما كان حين آمنّا. قد تناهى الليل وتقارب النهار فلنخلع أعمال الظلمة ونلبس أسلحة النور» (رو11:13،12)، والرسول يوحنا أيضاً يكتب «وكل من عنده هذا الرجاء به يطهر نفسه كما هو طاهر» (1يو3:3)

إن الرجاء المسيحي ليس هو أن يأتي المسيح ويأخذ المؤمن إليه عند موته ـ كلا. ليس الموت رجاءنا، إنما رجاؤنا هو شخص الرب نفسه آتياً ليأخذنا جميعاً معاً، ونراه وجهاً لوجه «نراه كما هو». أما عند رقاد المؤمن فلا يأتي الرب ليأخذه بل يقول الرب «مات المسكين وحملته الملائكة» (لو22:16)، وعند رقاد استفانوس أول شهيد لم يأتِ الرب ليأخذه بل استقبله في السماء، إذ قال قبيل موته: «ها أنا انظر السماوات مفتوحة وابن الإنسان قائماً عن يمين الله» (أع56:7).

وليس رجاؤنا مجيء المسيح ليباركنا هنا بإبطال نتائج الخطية من الأرض، وجعل العالم مكاناً سعيداً لنا، الذي هو رجاء الشعب الأرضي، بل رجاؤنا سماوي؛ وهو أن يأتي الرب نفسه ليأخذنا جميعاً من هنا دفعة واحدة إلى المنازل السماوية في بيت الآب. وفي انتظار تحقيق هذا الرجاء يجب أن نخرج بقلوبنا لملاقاة العريس كعذارى حكيمات.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي