هو استعمال الغصب في أمور الضمير وإيقاع القصاص على المغتصب لأجل مخالفته الشريعة الدينية وكان من النظام الموسوي أن الشريعة الدينية تحكم على جميع الناس لأن الله كان ملكًا للأمة العبرانية ولذلك كانت عبادة إله آخر تحسب خيانة لبني إسرائيل والحكومة فترتب لذلك القصاص الصارم على مرتكبيها بموجب نص إلهي (تث ص 13). ومع أنه لم يضطر الوثنيون الساكنون في فلسطين أن يتهودوا لم يكن لهم حق الرعوية إلا إذا اعتنقوا الموسوية (خر 12: 48). وكانوا يقاصّون على عبادة الأوثان (لا 18: 26 و20: 1-5).
وأما الديانة المسيحية فهي مبنية على أساس آخر وهو الأخوة بين جميع أفراد الإنسان وأبوة الله لكل فرد من الجنس البشري وعلى حرية الإقبال إلى الخلاص فاضطهاد أفرادها لغيرها مخالف لمبدئها الأساسي ولقدوة المسيح ورسله (يو 18: 36 و2 كو 10: 4). على أنه يجوز للكنيسة أن تقطع عضوًا لسبب آراء هرطوقية أو تصرف غير لائق (1 كو 5: 3-5 و13). والأمر ظاهر أن قول بولس “لهلاك الجسد” فيعني إحلال القصاص بجسد الإنسان المقطوع عن شركة الكنيسة حتى يعود إلى المصالحة. فالقصاص هنا معالجة وتهذيب ويقبله المؤمن طوعًا وهو لا يحمل طابع العنف والاغتصاب. فليس القصاص اضطهادًا إلا إذا فرض باسم الدين على إنسان خرج على هذا الدين أو رفض فكرة التأديب.