فإذ لنا رئيسُ أحبارِ عظيمٌ قد اجتاز السَّموات، يسوع ابن الله، فلنتمسك بالإقرار. لأن ليس لنا رئيس كهنةٍ لا يستطيع أن يتألَّم مع ضعفاتنا، بل هو مُجرَّبٌ فى كلِّ شيءٍ مثلنا، بلا خطيَّة. فلندخل إذاً بإقرار إلى كرسي النِّعمة لكى نأخذ رحمة ونجد نعمةً عوناً فى حينه.
لأن كل رئيس كهنةٍ مأخوذٍ من النَّاس يُقام لأجل النَّاس عند الله، لكي يُقدِّم قرابين وذبائح عن الخطايا، قادراً أن يتألَّم بمقدارٍ مع الجُهَّال والضَّالِّين، إذ هو أيضاً مُحاطٌ بالضَّعف. ولهذا يلتزم أنه كما يُقدِّم عن خطايا الشَّعب هكذا يُقدِّم عن خطايا نفسه. ولا يأخُذُ أحدٌ الكرامة بنفسه ولكن الله يدعوه كما هَرون أيضاً. كذلك المسيح أيضاً لم يُمَجِّدْ نفسه وحده ليَصيرَ رئيسَ كهنةٍ، بل الذى قال له: ” أنت ابني أنا اليوم وَلَدتُكَ “. كما يقول أيضاً فى موضع آخرَ: ” أنت الكاهنُ إلى الأبدِ على طقس ملكي صادقَ “. الذى فى أيَّام جسده قَدَّم بصراخٍ شديدٍ ودُموعٍ طَلِباتٍ وتضرُّعاتٍ للقادر أن يُخلِّصَهُ مِنَ الموت، وسُمِعَ له من أجل التَّقوى، مع كونه ابناً تعلَّم الطَّاعة مما تألَّم به. وإذ كُمِّلَ صار لجميع الذين يطيعونه، سبب خلاص أبديٍّ، مَدعوّاً من الله رئيس كهنةٍ إلى الأبد على طقس ملكي صادق.
هذا الذى من أجله الكلام كثيرٌ عندنا، وعسير التَّفسير، إذ قد صرتم ضعفاء فى مسامعكم. لأنكم إذ كان ينبغي لكم أن تكونوا مُعلِّمين لسبب طول الزَّمان تحتاجون أن يُعلِّمكم أحدٌ ما هى أركان بداءة أقوال الله، وصرتم محتاجين إلى اللَّبن، لا إلى طعام قويٍّ. لأن كل من يرضع اللَّبن هو عديم الخبرة فى كلام البرِّ لأنه طفلٌ، وأمَّا الطَّعام القويُّ فللبالغين، الذين بسبب التَّمرُّن قد صارت لهم الحواسُّ ليبحثوا بها على التَّمييز بين الخير والشَّرِّ.