+++++++++++++++++++
إذ استولى بطليموس الأول على أورشليم أرسل كثيراً من الأسرى اليهود إلى مصر وأعطاهم الحرية في ممارسة أعمالهم التجارية. اهتم بعضهم بالفكر الهيلّيني والثقافة اليونانية، وقاموا بحركة ترجمة لبعض كتبهم الدينية. أنشأ بطليموس مكتبة الإسكندرية التي ضمت أكثر من نصف مليون مجلدًا. وجاء عن بطليموس الثاني ” فيلادلفي، أي محب أخيه” Ptolemy II Philadelphus (283-246 ق.م) أنه اهتم بترجمة التوراة من العبرية إلى اليونانية، وهي الترجمة المعروفة بالسبعينية Septuagint وتعتبر أهم ترجمة للعهد القديم من العبرية إلى اليونانية. وقد جاءت قصة هذه الترجمة في خطاب أرستياس Letter of Aristeas في المنتصف الأخير من القرن الثاني ق.م. أشار بطليموس إلى كاتب يوناني لديه يدعى أرسكاى ليكتب لرئيس الكهنة اليعازر في أورشليم أن يرسل إليه نسخ الأسفار المقدسة وكتب التاريخ مع بعض الخبراء في اللغة العبرية واللغة اليونانية، وقد أرسل إليه هدية فاخرة ووعده بإطلاق سراح 120 ألفًا من اليهود المقيمين في مصر. أرسل اليعازار 72 عالمًا، ستة من كل سبط وسلمهم نسخة التوراة مذهبة للملك، فأكرمهم الملك. أقامهم في جزيرة فاروس عند مدخل مرفأ الإسكندرية، التي ألحقت فيما بعد باليابسة وأقيمت فيها المنارة. قسمهم الملك ستة وثلاثين فرقة، ووزعهم في أماكن منفردة، وطلب منهم أن يترجموا التوراة، فأقاموا نحو سبعين يومًا حتى أكملوا الترجمة. وقد أجزل لهم بطليموس الجوائز، وكان ذلك في حوالي سنة 280 الي 282 ق.م. اُستخدمت هذه الترجمة في مجامع اليهود في مصر حتى يمكنهم أن يقرأوا من الكتاب المقدس يوميًا باللهجة الكوين Koinĕ التي نشرها الإسكندر الأكبر في كل الشرق كان ذلك بتدبير إلهي حيث أمكن للعالم بثقافته اليونانية أن يتعرف على النبوات الخاصة بالسيد المسيح عند كرازة الرسل لهم، خاصة وأن الترجمة تمت بواسطة علماء يهود قبل انتشار المسيحية. ها العذراء تحبل خشي سمعان أن يترجم كلمة عذراء ” تي بارثينوس” (إش 7: 14)، فيسخر به الملك ويهزأ به، فأراد أن يستبدلها بكلمة ” فتاة” . ويبدو أن الشك دخل إليه، فتساءل: ” كيف يمكن لعذراء أن تحبل وتلد؟” في وسط صراعه الداخلي بين ثقته في الكتاب المقدس وأمانته في الترجمة وبين استحالة تحقيق ذلك رأى في حلم من يقول له: ” إنك لن تعاين الموت حتى ترى عمانوئيل هذا مولودًا من عذراء” .
عاش قرابة 320 عاما فكلّ بصره، وجاء إلى الهيكل وحمل السيد المسيح على ذراعيه وأبصر. جلس الشيخ في طريق العالم يتفرس لينظر متى يأتي سيد العالم كما وعد. جازت عليه أجيال، وجاز الموت هنا وهناك، ولم يتعرض له، والشيخ قائم ثابت ومستيقظ ليكون شاهدًا ببقائه لسيد الأزمان، لأن الكلمة حفظه في الطريق حتى يأتي الذي يأتي؟
هذا التقليد موجود في الكنيسة البيزنطية والكنيسة الروسيّة وكذلك في التقليد السرياني والقبطي والأرمني.. ومع ذلك فانه لا توجد عنه في مؤلّفات وكتابات الآباء القديسين القدماء أي إشارة تؤكّد حقيقته بشكل قاطع!
بالإضافة الى ذلك فانّ موضوع “الترجمة السبعينية” ليس تماماً كما يوصَف، لأن السبعينية لم يقم بترجمتها مجموعات مختلفة وبعد الانتهاء قارنوها ووجدوها متطابقة! انّ هذه القصة غير حقيقية عن “الترجمة السبعينية” لأنّ من يدرس السبعينية يجد بالفعل أن كل مُترجِم لأحد الأجزاء اختلف أسلوبه في الترجمة عن الآخر، وتميل الترجمة الي الاسلوب التفسيري (التوضيحي) الى الأُمم الذين لم يكونوا يفهمون التقليد اليهودي.
لذلك فالهالة القُدسيّه التي أُحيطَت بها “الترجمة السبعينية” غير دقيقة تماماً، فبعد اختلاف المسيحيين مع اليهود في القرن الثاني الميلادي، بسبب أن المسيحيين كانوا يستطيعون وبكل قوة اثبات أن يسوع هو المسيح المنتظر، من خلال اثبات تحقيق النبؤات المكتوبة في يسوع في أسفار العهد القديم، ولم يستطيع اليهود ان يردّوا عليهم، ووصلوا الي حلّ وهو رفض الترجمة السبعينية اليونانية وتحريم قراءتها، والرجوع الي نسخة عزرا العبريّة لأنّ معظم المسيحيين لن يستطيعوا أن يُجادلوا اليهود عبر النصّ العبريّ، ولهذا أوصى العلامة اوريجينيس لتلاميذه في مدرسه الإسكندرية أن يناقشوا اليهود بالنصّ العبري للعهد القديم، لأنهم لو استشهدوا بالسبعينية اليونانية، فانّ اليهود سيجاوبونهم بأنها مرفوضة لديهم.
وبعد هذا الأمر بدأ اليهود يُقلّلون من قيمة السبعينية جداً، ويرفضوها بشدّة، ولكن في المقابل فانّ بعض المسيحيين بدأوا يُغالون من قيمة الترجمة السبعينية.
ولكن لنتخيّل الموقف معاً، وفق ما يُقال فانّ الترجمة السبعينية قام بها 72 شيخاً قُسّموا الى 36 فرقة لتُترجم كل فرقة العهد القديم كامل، فلو كانت حدثت معجزة لسمعان، وهو واحد من الاثنين وسبعين مترجماً أو فرقه من 36 هل حدثت المعجزة مع بقيّة المترجمين أو المجموعات؟ أو على الأقلّ هو والشيخ الثاني المرافق له في الترجمة أم هو فقط ؟