+++
تحتفل الكنيسة في هذا الأحد بعيد الرَّحمة الإلهيّة. وترتبط عبادتها بالقدّيسة ماري – فوستين، الرّاهبة البولونيّة من جمعية راهبات سيّدة الرَّحمة في فرصوفيا. وُلدت في آب 1905. دخلت الرّهبانيّة بعمر 19 سنة سنة 1924. ظهر لها الربّ يسوع لأوّل مرّة في شباط 1931، بالشّكل الذي تنقله صورة الرَّحمة الإلهيّة: واقف مرتدٍ لباسًا أبيض، يدُه اليمنى مرفوعة تبارك، واليُسرى على صدره من جهّة القلب، ويخرج من هذه الجهّة شعاعان، الأوّل أحمر والثاني أبيض. سمعت الأخت ماري – فوستين معنى هذَين الشعاعَين من فم يسوع:
“هما الدّم والماء اللذان فاضا من أعماق رحمتي، لمّا طُعن قلبي بحربة على الصّليب. الشّعاع الأبيض يرمز إلى الماء الذي يطهّر النفوس، والأحمر يرمز إلى الدّم الذي هو حياة النفوس”.
لقد قرأت الكنيسة فيهما رمز سرَّيّ المعموديّة والقربان.
وقال لها يسوع: “ارسمي لوحة بما ترين وضعي عليها الكتابة التالية: “يا يسوع أنا أثق بك”. “أرغب أن تكرَّم هذه الصّورة في كنيستكِ أوّلًا، ثمّ في العالم أجمع. وأعدُ كلّ نفس تكرّم هذه الصّورة بأنّها لا تهلك، وأعدها بالانتصار على أعدائها في هذه الحياة، وبخاصّة عند ساعة موتها. أنا أدافع عنها بذاتي. إنّ نظرة عيناي في هذه الصورة هي ذاتها وأنا على الصّليب”.
وتابع: “كلّمي العالم كلّه على رحمة قلبي، لتتعلّم الإنسانيّة جمعاء التعمّق في رحمتي اللّامحدودة. إنّها علامة لآخر الأزمنة، بعدها يأتي يوم الدينونة. ولكن قبله سأفتح واسعة أبواب رحمتي. مَن لا يريد أن يمرّ بأبواب رحمتي، ينبغي أن يمرّ بأبواب عدالتي.
2. ماتت الأخت ماري – فوستين في 5 تشرين الأوّل 1983 بعمر المسيح 33 سنة بمرض السّل، في دير الجمعيّة بكراكوفيا. وانتشرت عبادة الرَّحمة الإلهيّة في العالم كلّه. وفي لبنان تكوّنت عدّة “جمعيّات للرَّحمة الإلهيّة” في العديد من الرعايا.
حدّد القدّيس البابا يوحنّا بولس الثاني عيد الرَّحمة الإلهيّة في الأحد الذي يلي أحد القيامة. يومها في 30 نيسان 2000 أعلن الطوباويّة الاخت ماري – فوستين قدّيسة. وهو نفسه توفّي ليلة عيد الرَّحمة الإلهيّة في 5 نيسان 2005.
وكان قد أصدر في 30 تشرين الثاني 1980 رسالة عامّة بموضوع “الرَّحمة الإلهيَّة”. هذه الرِّسالة تشكّل مع البراءة التي افتتح بها قداسة البابا فرنسيس في 8 كانون الأوّل 2015، سنة الرَّحمة المقدّسة، وهي بعنوان “وجه الرَّحمة”، خير موجّه لعيش سنة الرَّحمة بمفهومها وأبعادها ومقتضياتها. كم نرجو أن تكون الرَّحمة هويّة المسيحيّين ورسالتهم!
صلاة
أيّها الربّ يسوع، نحن نجدّد اليوم إيماننا بك، ثبّتنا فيه بوجه المصاعب وأسباب الشّك. حوّله فينا رجاءً نثبت فيه محافظين على الاتّحاد بك، وعلى كلمتك الهادية. وكمِّلْه بالمحبّة لكي نجسّده بالأفعال والمبادرات والمواقف.
يا وجه رحمة الآب، افتح قلوبنا على الرَّحمة الإلهيَّة، لكي نعود إليها بالتوبة، وننعم بثمارها، وننشرها من حولنا، مدركين أنّ العالم لا يستطيع أن يعيش بسلام وفرح من دون اختبار الرَّحمة في القلوب. أدخِلْ الرَّحمة إلى العائلات وجماعات المؤمنين، إلى المجتمع والوطن.
أهِّلْنا، وقد امتلأت قلوبنا رحمة في هذه السّنة المقدّسة، أن نرفع بأعمالنا الرَّحيمة نشيد المجد والتّسبيح للآب والابن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين.
يا يسوع أنا أثق بك
عيد مبارك
البطريرك الراعي – التنشئة المسيحية