الرب يعزي المتضعين


الرب يعزي المتضعين


التفت إليَّ وارحمني، لأني وَحدٌ ومسكينٌ أنا

( مز 25: 16 )




لقد ألف ربنا المعبود في حياته على الأرض أن يكون وحيدًا منفردًا متروكًا من الجميع، يعاني من الوحدة والانفراد إذ لا يجد مَنْ يشاركه أفكاره واهتماماته، مسراته وأحزانه.

وقبيل الصليب، وفي وقت كان يحتاج إلى كل التعاطف والتسنيد من أحبائه، يقول لتلاميذه «كلكم تشكُّون فيَّ في هذه الليلة» ( مت 26: 31 )، وكل ذلك لتتم النبوة «أحبائي وأصحابي يقفون تجاه ضربتي، وأقاربي وقفوا بعيدًا» ( مز 38: 11 )، وأيضًا «أبعدت عني مُحبًا وصاحبًا. معارفي في الظلمة» ( مز 88: 18 ).

ولقد اختبر الرسول بولس شيئًا من «شركة آلامه» في هذا المجال حيث كان متروكًا في ظروف صعبة. فيقول هذه الكلمات المؤثرة، في احتجاجي الأول لم يحضر أحدٌ معي بل الجميع تركوني لا يُحسب عليهم» ( 2تي 4: 16 )، لكنه في هذه الظروف عينها اختبر رفقة الرب ومعيته، فيقول «ولكن الرب وقف معي وقواني» ( 2تي 4: 17 ).

ومن بين اختبارات البرية الطويلة هناك اختبار شكَا منه الكثيرون، خاصة في الشيخوخة، ذلك هو اختبار الوحدة بلا رفيق يبدد صمت الانفراد. وهنا نزداد إحساسًا بوقعه مع الأيام، ذلك لأن أحباءنا يغيبون عنا الواحد بعد الآخر إلى أن نجد أنفسنا وحدنا، لكن عزاءنا هو رفقة الله لنا «أنا معك وأحفظك حيثما تذهب … لأني لا أتركك حتى أفعل ما كلمتك به» ( تك 28: 13 – 16). وهذا الوعد تكرر لموسى «إني أكون معك» ( خر 3: 12 )، وليشوع «أكون معك، لا أهملك ولا أتركك» ( يش 1: 5 )، ثم تكرر لنا بصفة عامة «ها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر» ( مت 28: 20 ) ـ كل الأيام ـ في أيام الصحو وأيام الغيم، في أيام الصحة وأيام المرض، في أيام الخير وأيام الضيم، في الشدو والنوح، في النهار وفي الليل. ولن يأتي اليوم الذي فيه يكون الرب بعيدًا عنا. قد يتخلى مُحب وصاحب، لكنه يلتصق بنا ولو كنا في الأتون. «أيضًا إذا سرت في وادي ظل الموت لا أخاف شرًا لأنك أنت معي» ( مز 23: 4 ). هذا هو أقسى أنواع الوحدة والانفراد حيث يعبر الشخص إلى الشط الآخر من الحياة بمفرده. لكنه حتى في هذا يقول: «لأنك أنت معي»، ويا لها من تعزية! إنه الصديق الوفي والمُحب الألزق من الأخ.

هل تبحث عن  غمالائيل

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي