الادارة
نشر منذ سنتين
4
العذراء أم النور | العذراء القديسة عيناها حمامتان

العذراء القديسة عيناها حمامتان


وصَفَ العريسُ عروسه في سفر نشيد الأنشاد، بقوله: “هَا أَنْتِ جَمِيلَةٌ يَا حَبِيبَتِي، هَا أَنْتِ جَمِيلَةٌ. عَيْنَاكِ حَمَامَتَانِ” (نش 1: 15). وشبه الرَّبّ أبناءه المؤمنين به في بساطتهم بالحمام، قائلًا: “هَا أَنَا أُرْسِلُكُمْ كَغَنَمٍ فِي وَسْطِ ذِئَابٍ، فَكُونُوا حُكَمَاءَ كَالْحَيَّاتِ وَبُسَطَاءَ كَالْحَمَامِ” (مت 10: 16). ومدحَ الرَّبُّ الإنسان الذي له عين بسيطة كعين الحمام، قائلًا: “سِرَاجُ الْجَسَدِ هُوَ الْعَيْنُ، فَمَتَى كَانَتْ عَيْنُكَ بَسِيطَةً فَجَسَدُكَ كُلُّهُ يَكُونُ نَيِّرًا، وَمَتَى كَانَتْ شِرِّيرَةً فَجَسَدُكَ يَكُونُ مُظْلِمًا” (لو11: 34).
إنَّ الحمامة تنظر إلى أمامها دائمًا وتشتاق دائمًا الرجوع لبيتها، كما رجعت حمامة نوح إلى الفلك. والحمامة لا يمكنها أن تجد راحتها في مكان غريب.. وهكذا وجدت العذراء القديسة مريم مستقرًا لها منذ صغرها في حضن الله. ولم تكن تعرف مكانًا آخر لراحتها غير الله. لقد كان لسان حالها ما قاله بطرس الرسول للرب يسوع المسيح: “… يَا رَبُّ، إِلَى مَنْ نَذْهَبُ؟ كَلاَمُ الْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ عِنْدَكَ” (يو6: 68).
العين البسيطة التي للحمام ترجع إلى الطبيعة الروحية الطاهرة المقدسة التي يحيا بها الإنسان، الذي يقوده روح الله القدوس. هي طبيعة الله الخيرة البريئة، التي يمنحها روح الله القدوس للمؤمنين. لقد عاشت العذراء الممتلئة نعمة مقودة بروح الله. آمنت بالله وأطاعته في تسليم وخضوع تام، ولم تطلب ما لنفسها. لم تتذمر، ولم تعترض يومًا من الأيام على المَشَقّات الكثيرة التي لاقتها في حياتها، سواء كانت فقر أو مشقات في الخدمة، أو مشقات بسبب هروبها مع يوسف النجار لأرض مصر، أو آلام لحقت بها بسبب اضطهاد اليهود لابنها الحبيب. امتلأت العذراء من بساطة المسيح، الذي لم يعرف غش.

هل تبحث عن  لا تحزن ان لم يثدر احد اهتمامك

إن بساطة العذراء الحمامة الوديعة تتمثل في النقاوة والبراءة والبعد عن الشر. لم تتمكن الحية مطلقًا من إفساد بساطة العذراء القديسة، كما أفسدت بساطة حواء الأولى قبلًا.
القارئ العزيز… إنَّ سرَّ بساطة العذراء الحمامة الحسنة ونقاوتها هو ثباتها في نعمة الله، وكل من يريد أن يحيا بنعمة الله بسيطًا مثل العذراء، لا بد له أن يثبت في الله بنعمة الروح القدس، من خلال علاقة حية أساسها الجهاد في الصلاة، والمعرفة الروحية لكلمة الله الغنية. وعليه أيضًا أن يحيا مدققًا في سلوكه تائبًا، وأن يهرب من الشر، ويحذر لئلا يفسد الشيطان بساطته، كقول الكتاب: “وَلكِنَّنِي أَخَافُ أَنَّهُ كَمَا خَدَعَتِ الْحَيَّةُ حَوَّاءَ بِمَكْرِهَا، هكَذَا تُفْسَدُ أَذْهَانُكُمْ عَنِ الْبَسَاطَةِ الَّتِي فِي الْمَسِيحِ” (2كو11: 3).

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي