admin
نشر منذ سنتين
2
العمل الذي أعطيتني لأعمل قد أكملته

العمل الذي أعطيتني لأعمل قد أكملته” (يو 17: 4)

كانت إرسالية الابن الوحيد إلى العالم هي بحسب تدبير الثالوث القدوس من أجل خلاص البشر وتمجيد اسم الله.
وقد قال السيد المسيح عن هذه الإرسالية بفم إشعياء النبي: “منذ وجوده أنا هناك، والآن السيد الرب أرسلني وروحُهُ” (إش48: 16).
كان التدبير الإلهي بمنتهى الحكمة والروعة والذكاء في عمل الفداء.. في إظهار قداسة الله الآب كرافض للشر.. وفي إظهار محبته كمعتنٍ بالخليقة.. وفي إظهار رحمته في خلاص الخطاة.
كل ذلك قد كان كما قال معلمنا بولس الرسول: “لمدح مجد نعمته التي أنعم بها علينا في المحبوب. الذي فيه لنا الفداء بدمه غفران الخطايا، حسب غنى نعمته التي أجزلها لنا بكل حكمة وفطنة. إذ عرّفنا بسر مشيئته، حسب مسرته التي قصدها في نفسه لتدبير ملء الأزمنة، ليجمع كل شيء في المسيح ما في السماوات وما على الأرض” (أف1: 6-10).
العمل الذي أعطيتني لأعمل قد أكملته
هذا العمل الكبير، وهذا التدبير الإلهي المتقن لأجل خلاص البشرية.. وهو أمر يفوق العقول، وتنبهر له أفهام الملائكة السمائيين.. هو ما قصده السيد المسيح بقوله للآب “العمل الذي أعطيتني لأعمل قد أكملته” (يو17: 4).
كان كل ما يشغل السيد المسيح في خدمته، هو أن يصنع مشيئة الآب السماوي. وكان يقول لتلاميذه: “طعامي أن أعمل مشيئة الذي أرسلني وأتمم عمله” (يو4: 34). وقال أيضًا لليهود: “متى رفعتم ابن الإنسان فحينئذ تفهمون أنى أنا هو. ولست أفعل شيئًا من نفسي، بل أتكلم بهذا كما علمني أبى. والذي أرسلني هو معي، ولم يتركني الآب وحدي. لأني في كل حين أفعل ما يرضيه” (يو8: 28، 29).
وحينما استنكر اليهود قول السيد المسيح: “أنا والآب واحد” (يو10: 30)، قال لهم: “إن كنت لست أعمل أعمال أبى، فلا تؤمنوا بي. ولكن إن كنت أعمل، فإن لم تؤمنوا بي فآمنوا بالأعمال. لكي تعرفوا وتؤمنوا أن الآب فيَّ وأنا فيه” (يو10: 37، 38).
وعلى الرغم من تمايز دور كل أقنوم في العمل، إلا أن العمل الإلهي هو واحد ومشترك، فالخلاص هو عمل الثالوث الأقدس وتدبيره، ولكن كل أقنوم كان له دوره المتمايز في هذا العمل الواحد الكبير. فالآب بذل ابنه الوحيد إذ أرسله لخلاص العالم. والابن بذل نفسه على الصليب.. فهو الذي تجسد وصلب ومات وقام من الأموات. والروح القدس لم يكن غريبًا عن الابن الكلمة المتجسد “الذي بروح أزلي قدّم نفسه لله بلا عيب” (عب9: 14).
“الله كان في المسيح مصالحًا العالم لنفسه” (2كو5: 19). وبهذا تم الفداء على أكمل وجه.
حقًا لقد صنع السيد المسيح مشيئة الآب الذي أرسله “لذلك عند دخوله إلى العالم يقول ذبيحةً وقربانًا لم تُرِد، ولكن هيأت لي جسدًا. بمحرقات وذبائح للخطية لم تسر. ثم قلت هانذا أجيء في درج الكتاب مكتوب عنى لأفعل مشيئتك يا الله” (عب10: 5-7).
لقد كان السيد المسيح في صورة الله، ولم يحسب مساواته لله اختلاسًا (انظر فى2: 6)، لأن جوهره هو هو نفس جوهر الآب،ولذلك لأنه لم يختلس المساواة مع الله الآب “أخلى نفسه آخذًا صورة عبد، صائرًا في شبه الناس. وإذ وُجد في الهيئة كإنسان، وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب” (فى2: 7، 8). “مع كونه ابنًا تعلّم الطاعة مما تألم به” (عب 5: 8).
كان مجرد ظهور كلمة الله في الجسد هو إخلاء للنفس لأنه إذ كان في صورة الله، أخذ صورة عبد.
ولم يكتفِ بذلك.. بل إذ وُجد في الهيئة كإنسان.. سلك بمنتهى الاتضاع خاضعًا.. مطيعًا.. وديعًا.. متواضعًا.. سُر به قلب الآب السماوي. وضع نفسه عن الخراف.. احتمل الذل والمهانة والعار عوضًا عن الخطاة.. حمل خطايا كثيرين.. وشفع في المذنبين. مع أنه لم يعمل خطية ولم يوجد في فمه غش، بل قدّم صورة مثالية للإنسان.. وكان قدوسًا للقديسين.
لهذا قال عنه الآب في سفر إشعياء: “هوذا عبدى الذي أعضده، مختارى الذي سرت به نفسي. وضعت روحي عليه فيُخرِج الحق للأمم.. إلى الأمان يخرج الحق.. وتنتظر الجزائر شريعته” (إش42: 1-4، انظر مت12: 18، 20، 21).
لقد انبهرت عقول وأفهام الجميع، ممن في السماء ومن على الأرض من كل ما صنعه الابن الوحيد، الذي صنع كل مشيئة الآب وأكمل عمله.
هل تبحث عن  لا يَعبُر فيها نجسٌ

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي