وتكريس الوقت فيما أظن أصعب وأقسى من تكريس المال، فلقد رأيت كثيرين يقدمون أموالهم بعواطف بعضها سام وبعضها خفيض ولكنها على أي حال لن ترقى إلى ذلك الانصراف الكلي لخدمة السيد، كانت مريم ومن معها متابعات السيد أينما رحل، شأنهن شأن النساء اليهوديات المتعبدات اللواتي كن، كما يحدثنا جيروم، يتتلمذان للربيين، ويسرن وراءهم في روح عميقة من التبعد والولاء والخدمة.
رسم أحد المصورين صورة قدم مرفوعة لترقي درجات سلم كتب عليها: «التعود على الذهاب إلى بيت الله». وكتب في أسفل الصورة: «أكبر خطوة في حياة أي إنسان» وكم عجز كثيرون وثقلت أقدامهم عن بلوغ هذه الخطوة،… كان لوثر يحس أن اليوم الذي لا يقضي فيه ساعتين صباحًا على ركبتيه يوم ضائع، وكان يوحنا ويسلي يرى ضرورة قضاء أربع ساعات يوميًا في شركة تعبدية مع المولي حتى يشبع منه ويحدثه بمشكلاته، ونحن يا تري كم نعطي لله من أوقاتنا وكم نجلس في حضرته العلية، وكم نهمس في أذنيه بأشواقنا وآمالنا وآلامنا؟ أخشى أن أقول إن ما نواجه من جدب وإفلاس وضعف وفقر وعجز يرجع إلى قصر الشركة معه وضيق وقتها.