الفصل الثاني
هل هذه العضامة تخص يسوع المسيح؟
1 – هل مكتوب على
العضامة فعلاً ” يسوع بن يوسف “!!
زعم صُناع فيلم ”
قبر يسوع الضائع ” وكتاب ” قبر عائلة يسوع ” أن الاسم المكتوب على
العضامة الثانية في المقبرة هو ” يشوع بار يوسف ” أي ” يسوع بن
يوسف “. والسؤال الآن: هل مكتوب فعلا على العضامة ” يسوع بن يوسف
“؟؟!!
والإجابة كما تقول
الدراسة العلمية الدقيقة؛ أن هذا الكلام غير صحيح!! فالجزء الأول من الاسم والذي
يفترضون أو يزعمون أنه ” يشوع = يسوع ” لا يمكن أن يقرأ ” يشوع = يسوع
“!! فهو مكتوب بطريقة بدائية وحروفه غير واضحة ومن الصعب جداً قراءته، فهذا
الاسم يسبقه علامة ولها شكل الصليب.
وكما نرى هنا فالنقش الذي على العضامة محفور بطريقة غير متقنة ومخدوشة
بشكل رديء. ويبدو أن هناك علامة مستقيمة افترضوا أنها حرف י (يود = ي)
يليها علامة أخرى افترضوا أيضاً أنها حرف שׁ (ش) ثم
علامة أخرى افترضوا أنها تمثل حرف ו (vav – الواو – و) مدمجة مع اليمنى للعين (ע)، وهذه
الحروف مشار إليها بسهمين في النقش كما نقلناه أمامك. ونظرا لصعوبة قراءته فقد
رجعوا لقراءة الاسم يشوع (ישׁוע) في النقش
الموجود على عضامة ” يهودا بار يشوع ” وزعموا أنه ” يسوع – ישׁוע “!!
ونقلوها ” ישׁוע בr יהוסף “!! برغم أن ذلك
غير واضح تماماً.
بل
ويرى بعض العلماء أن النقش هنا يمكن أن يعني ” حانون – hanun
“! فيقول د. ستيفن فان Dr. Stephen Pfann رئيس جامعة
أورشليم وخبير اللغات السامية في الأرضي المقدسة بعد أن رأى صور للنقش الذي على
العضامة مصورة بدرجة نقاء عالية: ” لا اعتقد أنه (النقش الذي على العضامة)
يقول يشوع [يسوع] أنه يقول حانون Hanun أو شيء مثل ذلك “. وقال مع عاموس كلونير
عالم الأثار الإسرائيلي؛ ليس من الغريب أن نجد مثل هذه المجموعة من الاسماء التي
كانت منتشرة جدا في ذلك الوقت في قبر واحد. وأضاف: ” أن العلماء وجدوا أيضاً
نقوش تقرأ ” يسوع بن يوسف ” في قبور أخرى “(1).
والسؤال
الآن هو: لماذا اعتبروا الثلاثة حروف المبهمة هنا يود وشين وعين، برغم عدم وضوح
الاسم؟! والإجابة هي: نظرا لصعوبة قراءة حروف الاسم فقد رجعوا لقراءة الاسم يشوع ישׁוע في النقش
الموجود في عضامة ” يهودا بار يشوع – ישׁוע בן יהוסף “، ووافترضوا
أن الحروف الثلاثة المبهمة وغير الواضحة هي י (يود = ي)
و שׁ (ش) و ו (vav – الواو – و) ومن ثم قالوا أن الاسم هو ” يسوع – ישׁוע “!! برغم أن
ذلك غير واضح تماماً.
ومع ذلك فلنفترض جدلاً
أن الاسم هو ” يسوع (يشوع– ישׁוע) “، فهل
يعني ذلك أن كل يسوع هو يسوع الناصري أو يسوع المسيح؟؟!! والإجابة مستحيل لسبب
بسيط جدا وهو أن اسم يسوع كان شائعا جداً في ذلك العصر، كما أنه بحسب الإحصائيات
التي اعتمدت عليها المجموعة التي أنتجت وأخرجت الفيلم كان يوجد بين كل 100 يهودي
في فلسطين في عصر المسيح 3،8% باسم يسوع.
ويقولCharlesworth of Princeton Theological Seminary أنه لديه خطاب من القرن الأول كتبه شخص يدعى
يسوع وقد أرسله إلى آخر اسمه يسوع ويتضمن شاهد اسمه يسوع أيضاً!! أي أن الراسل
والمرسل إليه والشاهد كل منهم اسمه يسوع أيضاً!!
ويقول عالم الأثار
الإسرائيلي د. دان بهات Dr. Dan Bahat الذي يعمل مع جامعة تورينتو، في الجيروساليم بوست: ” كان اسم
يشوع شائعاً في عصر الهيكل الثاني. فحقيقة وجود مثل هذه الاسماء المثيلة هو نتيجة
لحقيقة أن هذه الاسماء كانت هي السائدة في ذلك الوقت “(3).
ويقول عالم الأثار
الإسرائيلي عاموس كلونير Amos Kloner
والذي عمل في هذه القبور والعضامات منذ أكتشافها سنة 1980م: ” وُجد الاسم
” يسوع ابن يوسف ” في ثلاث أو اربع عضامات، فهذه كانت اسماء مشهورة،
وهناك خطوط رئيسية في الأربعينات من القرن العشرين تحيط بعضامة أخرى أُستشهد بها
كدليل أول على المسيحية، وكان هناك قبر آخر باسم يسوع فقد منذ شهور مضت “.
وأضاف قائلاً: ” أعطني دليلاً علمياً وانا اتفق معك “. وأشار إلى ما
قدمه صُناع الفيلم من أدلة مفبركة وقال: ” ولكن هذا دليل مصطنع “(4)!!
كما تقول نفس
الإحصائية التي اعتمدوا عليها أنه كان بين كل 79 شخص هناك واحد منهم باسم يسوع بن
يوسف!! ولو افترضنا أن يهود أورشليم في ذلك الوقت كان عددهم 2مليون نسمة فهذا
معناه أنه كان هناك وقت المسيح 76 ألف شخص باسم يسوع!! وأنه كان هناك أيضاً، وقت
المسيح، حوالي 12 ألف و482 شخص باسم يسوع ابن يوسف!! فلماذا لا يكون واحد من هؤلاء
هو صاحب هذه العضامة، خاصة وأنه يوجد الآن ثلاث عضامات باسم ” يسوع بن يوسف ”
واحدة تم اكتشافها سنة 1926م وأُعلن عنها في برلين سنة 1931م وأخرى أعلن عنها عالم
الآثار عاموس كلونير منذ شهور والثالثة هي موضوع دراستنا الآن؟؟!!
ولو أخذنا بنظرية
الاحتمالات التي أخذوا بها فلا يمكن أن تكون هذه العضامة ليسوع المسيح؛ أولاً: لأن
المسيح قام من الأموات وظل قبره منذ ذلك الوقت فارغاً، وبالتالي فلا مجال من
الأساس لوضعه في هذه المعادلة. ثانياً: ليس هناك أي وثيقة سواء تاريخية أو أثرية
أو إنجيلية أو حتى من الكتب الأبوكريفية أو كتب الآباء أو حتى كتب أعداء المسيحية
تقول بوجود جسد المسيح في القبر. ثالثاً: بل وشهد الجميع للقيامة وحتى غير
المسيحيين قالوا أن المسيحيين كانوا يؤمنون أن المسيح قام من الأموات، واليهود الذين
أنكروا ذلك لم يقدموا الدليل بل على العكس وعندما واجههم التلاميذ بحقيقة القيامة
وكانوا مؤيدين بالمعجزات آمن منهم عشرات الآلاف بل وكما يقول الكتاب ” وجمهور
من الكهنة كانوا يطيعون الإيمان “. ورابعاً: وجود الحراسة المشددة على قبر
المسيح واستحالة أن يقوم التلاميذ بسرقة الجسد، فالذين تركوه حيا في أيدي الجنود
الرومان وجنود الهيكل وهربوا لن يصنعوا معركة مع الجنود الرومان ليأخذوه ميتاً. ولو
كانوا قد أخذوه لما تركهم الجنود الرومان أو رؤساء اليهود بل كان من المنطقي
والطبيعي أن يقبضوا عليهم ويعذبوهم ولا يتركوهم إلا بعد أن يعترفوا بمكان الجسد،
وفي هذه الحالة كان الرومان واليهود سيحضرونه ويعلقونه في أكبر ميدان في أورشليم
ليراه الجميع ويبطلون حجة التلاميذ في المناداة بقيامته من الأموات، بل ولكانوا قد
سجنوا التلاميذ وحكموا عليهم بالموت صلباً أمام أعين الجميع. ونظراً لأن شيئاً من
ذلك لم يحدث فتكون حجة ملفقي الفيلم الخيالي والكتاب الوهمي باطلة وما بني على
باطل فهو باطل!!
كما أنه لو كان هذا
القبر هو قبر يسوع الناصري لكان قد أولي عناية واهتمام أكبر، ولكان قد وضع بهدوء
تام بل وسرية تامة تجنبا للفضيحة وحتى لا يعرف رؤساء اليهود مكانة فيخرجونه
ويوجهون به المسيحيين.
2 – هل كان لعائلة يسوع
قبر في أورشليم؟
يزعم صُناع الفيلم
وكاتب كتاب ” قبر عائلة المسيح ” أنه كان لعائلة المسيح قبر في
أورشليم!! فهل هذا يتفق مع الحقيقة والمنطق والتاريخ؟! الحقيقة تقول أن هذا غير
صحيح لأنه لا المسيح ولا عائلته، عائلة يوسف النجار، كان يمكن أن يكون لهم قبر في
أورشليم لأن يوسف النجار وكل أقارب العذراء القديسة مريم كانوا يعيشون في مدينة
الناصرة، حيث يقول الكتاب ” وفي الشهر السادس أرسل جبرائيل الملاك من الله إلى
مدينة من الجليل اسمها ناصرة إلى عذراء مخطوبة لرجل من بيت داود اسمه يوسف.
واسم العذراء مريم ” (لو1: 26و27). ويقول عنه الكتاب: ” وأتى
وسكن في مدينة يقال لها ناصرة. لكي يتم ما قيل بالأنبياء انه سيدعى ناصريا
” (مت 2: 23)، ” وجاء إلى الناصرة حيث كان قد تربى ” (لو4: 16).
وفيما بعد يقول الكتاب: ” وترك الناصرة وأتى فسكن في كفرناحوم
التي عند البحر في تخوم زبولون ونفتاليم لكي يتم ما قيل باشعياء النبي القائل. ارض
زبولون وارض نفتاليم طريق البحر عبر الأردن جليل الأمم. الشعب الجالس في ظلمة أبصر
نورا عظيما. والجالسون في كورة الموت وظلاله أشرق عليهم نور ” (مت 4: 13-15).
وهنا سكن في كفر ناحوم وليس أورشليم. ومن ثم كانت الجموع تقول عنه: ” هذا يسوع
النبي الذي من ناصرة الجليل ” (مت21: 11).
كما لم يقل الإنجيل
مطلقا أن الرب يسوع كان يقيم في أورشليم ولم يكن له لا هو ولا من دعوا بأخوته ولا
مريم العذراء أمه أنهم كانوا يقيمون في أورشليم أو أنه كان لهم مسكنا فيها!! وكان عادة
يبيت في بيت عنيا القريبة من أورشليم حيث يستريح في بيت لعازر الذي أقامه من
الموت وأختيه مريم ومرثا ” ثم تركهم وخرج خارج المدينة (أورشليم)
إلى بيت عنيا وبات هناك ” (مت21: 17)، فقد كانت بيت عنيا تقع في مدخل أورشليم
وتبعد عنها حوالي ثلاثة كيلو مترات ” وكانت بيت عنيا قريبة من أورشليم نحو
خمس عشرة غلوة ” (يو11: 1)، والغلوة حوالي 185 متر والمسافة
حوالي 3 كيلو متر. بل وفي عشاء صنع الفصح يقول الكتاب أن الرب: ” أرسل اثنين
من تلاميذه وقال لهما اذهبا إلى المدينة فيلاقيكما إنسان حامل جرة ماء. اتبعاه. وحيثما
يدخل فقولا لرب البيت أن المعلّم يقول أين المنزل حيث آكل الفصح مع تلاميذي. فهو
يريكما علّية كبيرة مفروشة معدة. هناك أعدا لنا. فخرج تلميذاه وأتيا إلى المدينة
ووجدا كما قال لهما. فأعدا الفصح ” (مر14: 13-16). ولم يكن له بيت فيها
ليأكل فيه الفصح مع تلاميذه. بل وكانت أول كنيسة في العالم في أورشليم في بيت
القديسة مريم أم القديس مرقس (أع12: 12).
والسؤال هنا هو إذا لم
يكن له بيت في أورشليم فكيف يكون له قبر فيها؟؟!! والإجابة ؛ كلا، فقد كان
من الطبيعي أن يكون قبر عائلة المسيح في الناصرة وليس في أورشليم الذي لم يكن له
سكن فيها، ولو افترضنا أنه دفن في قبر العائلة لكان قد دفن في الناصرة وليس في
أورشليم!! وإذا قال البعض أن التلاميذ ويعقوب أخو الرب أقاموا في أورشليم بعد
الصلب والقيامة، نقول لهم أن منتجي الفيلم زعموا أن تلاميذ المسيح سرقوا جثته بعد
صلبه ودفنه فهل كان لهم قبر في أورشليم في ذلك الوقت حتى يضعوه فيه؟؟!! ولو
افترضنا المستحيل وتخيلنا أن عائلته كان لها قبر في أورشليم فهل كان من الممكن أن
يضعوه فيه بعد هذه السرقة المزعومة؟؟!! ألم يكن في إمكان رؤساء اليهود أن يعرفوا
مكان قبر العائلة ويخرجوه منه ويعلقوه في أكبر ميادين أورشليم وأكثرها ازدحاما
ليبطلوا حجة تلاميذه وكرازتهم بقيامته من الأموات؟؟!!
3 – هل كان لقب المسيح
” يسوع بن يوسف ” أم ” يسوع الناصري “؟
لم يلقب الرب يسوع
المسيح بلقب ” ابن يوسف ” الذي كان يظن الناس أنه أبوه كقول القديس لوقا
بالروح: ” وهو على ما كان يظن ابن يوسف بن هالي ” (لو3: 23)، إلا
في مدينة الناصرة في الجليل وكفر ناحوم فقط لأنهم كانوا يعرفون يوسف النجار وأمه
مريم العذراء ” أليس هذا هو يسوع ابن يوسف الذي نحن عارفون بابيه وأمه ”
(يو6: 42). حيث كانوا يعرفون أمه ويوسف النجار وأخوته الذين هم أبناء خالته وكانوا
يقولون عنه: ” أليس هذا هو النجار ابن مريم واخو يعقوب ويوسي ويهوذا وسمعان. أوليست
أخواته ههنا عندنا ” (مر6: 3)، ” أليس هذا ابن النجار. أليست أمه تدعى
مريم وأخوته يعقوب ويوسي وسمعان ويهوذا ” (مت13: 55). ثم نفهم أن أخوته هؤلاء
هم أبناء مريم أخت أمه ” واخت امه مريم زوجة كلوبا ”
(يو19: 25)، والتي كانت تسمى: ” مريم أم يعقوب ويوسي ” (مت27: 56).
وكان يلقب بيسوع
الناصري
حتى من الأرواح الشريرة التي كانت تصرخ عندما يقترب منها وتقول: ” آه ما لنا
ولك يا يسوع الناصري ” (مر1: 24). ووصف تلاميذه
باتباع الناصري: ” فلما رأت (الجارية) بطرس يستدفئ نظرت إليه وقالت وأنت كنت
مع يسوع الناصري ” (مر15: 67). حتى الملائكة وصفوه بيسوع الناصري: ”
فقال (الملاك) لهنّ لا تندهشن. انتنّ تطلبن يسوع الناصري المصلوب. قد قام
” (مر 16: 6)، وكان تلاميذه أيضاً يصفونه بهذا اللقب حيث قال عنه تلميذا
عمواس: ” يسوع الناصري الذي كان إنسانا نبيا مقتدرا في الفعل والقول أمام
الله وجميع الشعب ” (لو24: 19). وفي أول خطبة للقديس بطرس بعد حلول الروح
القدس قال للجموع: “ أيها الرجال الإسرائيليون
اسمعوا هذه الأقوال. يسوع الناصري رجل قد تبرهن لكم من قبل الله بقوات
وعجائب وآيات صنعها الله بيده في وسطكم كما انتم أيضاً تعلمون ” (أع 2: 22).
وكان يشفي المرضى باسم يسوع الناصري: ” فقال بطرس ليس لي فضة ولا ذهب ولكن
الذي لي فإياه أعطيك.باسم يسوع المسيح الناصري قم وامش ” (أع 3: 6).
ورد على الذين رأوا المعجزة من رؤساء اليهود قائلاً: ” فليكن معلوما عند
جميعكم وجميع شعب إسرائيل انه باسم يسوع المسيح الناصري الذي صلبتموه انتم
الذي أقامه الله من الأموات. بذاك وقف هذا أمامكم صحيحا ” (أع4: 10). ولما
ظهر الرب يسوع المسيح للقديس بولس تكلم عن نفسه بنفس هذا اللقب: ” أنا
يسوع الناصري الذي أنت تضطهده ” (أع28: 2).
ولذا فلم يكن من
الممكن أن يسمى بعد موته ب ” يسوع ابن يوسف ” مطلقا!! ولو افترضنا
المستحيل وقلنا أن عظامه وضعت في عضامة لكانوا قد كتبوا عليها يسوع الناصري، الاسم
الذي عُرف به ولقّبه به الجميع، بل وما كانوا قد وضعوا اسمه من الأساس على العضامة
حتى لا يكتشف اليهود رفاته المزعومة لأنه من المفترض أن لا يتوقف اليهود، الذين
زعموا أن تلاميذه سرقوا جثته ليلاً، عن البحث عنها لمهاجمة التلاميذ الذين نادوا
بقيامته من الأموات وصعوده إلى السموات.
كما قال البعض من
الذين يصطادون في الماء العكر زاعمين لماذا لا تكون هذه الجثة هي لشبيه المسيح
الذي صلب بدلاً منه؟!! وهنا نقول لهم أن كل ما قلناه أعلاه ينطبق على هذه الجثة
المزعومة! فقد كانوا سيعاملونها باعتبارها جثة المسيح، وجسد المسيح لم يوجد في
القبر بل وُجد القبر فارغاً.
4 – كرازة التلاميذ بقيامة
المسيح من الأموات:
بعد 53 يوم من موت
المسيح ودفنه، وبعد 50 يوم من قيامته من الأموات وبعد 10 أيام من صعوده إلى
السموات، وقف تلاميذه أملام عشرات الآلاف من اليهود في يوم الخمسين، وبعد أن حل
عليهم الروح القدس، موجهين الخطاب لهؤلاء المجتمعين من اليهود، ينادون بأن يسوع
الناصري الذي صلبتموه أنتم قد قام من الأموات: ” فوقف بطرس مع الأحد عشر
ورفع صوته وقال لهم أيها الرجال اليهود والساكنون في أورشليم أجمعون ليكن هذا
معلوما عندكم وأصغوا إلى كلامي 000 أيها الرجال الإسرائيليون اسمعوا هذه الأقوال. يسوع
الناصري رجل قد تبرهن لكم من قبل الله بقوات وعجائب وآيات صنعها
الله بيده في وسطكم كما انتم أيضاً تعلمون. هذا أخذتموه
مسلّما بمشورة الله المحتومة وعلمه السابق وبأيدي آثمة صلبتموه وقتلتموه.
الذي أقامه الله ناقضا أوجاع الموت إذ لم يكن ممكنا أن يمسك منه 000
أيها الرجال الأخوة يسوغ أن يقال لكم جهارا عن رئيس الآباء داود انه مات ودفن
وقبره عندنا حتى هذا اليوم. فإذ كان نبيا وعلم أن الله حلف له بقسم انه من ثمرة
صلبه يقيم المسيح حسب الجسد ليجلس على كرسيه سبق فرأى وتكلم عن قيامة المسيح
انه لم تترك نفسه في الهاوية ولا رأى جسده فسادا. فيسوع هذا أقامه الله
ونحن جميعا شهود لذلك. وإذ ارتفع بيمين الله واخذ موعد الروح القدس من الآب
سكب هذا الذي انتم الآن تبصرونه وتسمعونه 000 فليعلم يقينا جميع بيت إسرائيل أن
الله جعل يسوع هذا الذي صلبتموه انتم ربا ومسيحا فلما سمعوا نخسوا في قلوبهم
وقالوا لبطرس ولسائر الرسل ماذا نصنع أيها الرجال الأخوة. فقال لهم بطرس توبوا
وليعتمد كل واحد منكم على اسم يسوع المسيح لغفران الخطايا فتقبلوا عطية الروح القدس.
لأن الموعد هو لكم ولأولادكم ولكل الذين على بعد كل من يدعوه الرب إلهنا. وبأقوال
أخر كثيرة كان يشهد لهم ويعظهم قائلا اخلصوا من هذا الجيل الملتوي. فقبلوا كلامه
بفرح واعتمدوا وانضمّ في ذلك اليوم نحو ثلاثة آلاف نفس ” (أع2:
14-40).
وهنا نلاحظ أن القديس
بطرس يوجه كلامه للجماهير ويؤكد لهم أن الرب يسوع المسيح عاش في وسطهم وصنع آيات وقوات
وعجائب بينهم وأمام أعينهم وأنهم هم الذي قتلوه صلبوه ولكن الله أقامه من الأموات وأجلسه
عن يمينه في السموات. ولم يجرؤ واحد لا من هذه الجماهير الغفيرة ولا من رؤساء
الكهنة والكتبة والفريسيين أن يناقضوهم أو يواجهوهم بعكس ما يقولون!! ولو كانوا
واثقين فعلاً أن تلاميذه قد سرقوا الجسد أو حتى أنه لم يقم من الأموات لكانوا قد
قبضوا عليهم وأجبروهم على الاعتراف بالمكان الذي وضعوا فيه جسد الرب يسوع المسيح
ولكانوا قد أحضروه، أي الجسد، وعلقوه في أكبر ميادين أورشليم وأكثرها ازدحاماً
ليراه جميع الناس ويبطلوا حجتهم وحتى لا يؤمن أحد بكلامهم!! ولكن ما حدث هو العكس
تماماً فلم يجرؤ أحد أن يواجههم بأي إدعاء من هذه الإدعاءات، بل وقد آمن منهم في
ذلك اليوم وحده ثلاثة آلاف نفس!!
كانوا يقولون الحقيقة
التي لمسوها بأنفسهم فقد تأكدوا من قيامة الرب من الأموات وظهر لهم مدة أربعين يوماً
مرات كثيرة، ولذا كانت شهادتهم وعمل الروح القدس فيهم
لا حد له، وكان الرب كما سبق أن وعدهم ” وهذه الآيات تتبع المؤمنين.يخرجون
الشياطين باسمي ويتكلمون بألسنة جديدة. يحملون حيّات وان شربوا شيئا مميتا لا
يضرهم ويضعون أيديهم على المرضى فيبرأون ثم أن الرب بعدما كلمهم ارتفع إلى السماء
وجلس عن يمين الله. وأما هم فخرجوا وكرزوا في كل مكان والرب يعمل معهم ويثبت
الكلام بالآيات التابعة ” (مر16: 17-19). لذا يقول الكتاب: ”
وصار خوف في كل نفس. وكانت عجائب وآيات كثيرة تجرى على أيدي الرسل ”
(أع2: 43)، ” وسيمون أيضاً نفسه آمن. ولما اعتمد كان يلازم فيلبس. وإذ رأى آيات
وقوات عظيمة تجرى اندهش ” (أع8: 13)،
” فأقاما (بولس وبرنابا) زمانا طويلا يجاهران بالرب الذي كان يشهد لكلمة
نعمته ويعطي أن تجرى آيات وعجائب على أيديهما ” (أع14: 3). ولم يكن عامة الشعب فقط هم الذين آمنوا بل
وعدد كبير من الكهنة كانوا يؤمنون كما يقول الكتاب: ” وكانت
كلمة الله تنمو وعدد التلاميذ يتكاثر جدا في أورشليم وجمهور كثير من الكهنة يطيعون
الإيمان ” (أع6: 7). وهذا يدل ويؤكد على
حقيقة واحدة هي أن اليهود كانوا يعرفون أن إدعاءهم بسرقة التلاميذ للجسد هو إدعاء
كاذب وباطل لذا لم يستطيعوا قط أن يواجهوا التلاميذ أو أن يمنعوهم من الكرازة بقيامة
الرب يسوع المسيح من الأموات!! بل وتدل الحادثة التالية، التي شفي فيها القديسان
بطرس ويوحنا المقعد الذي كان يجلس كل يوم على باب الهيكل، على ذلك، يقول الكتاب:
” وحدث
في الغد أن رؤساءهم وشيوخهم وكتبتهم اجتمعوا إلى أورشليم مع حنان رئيس الكهنة
وقيافا ويوحنا والاسكندر وجميع الذين كانوا من عشيرة رؤساء الكهنة. ولما أقاموهما
في الوسط جعلوا يسألونهما بأية قوة وبأي اسم صنعتما أنتما هذا.
حينئذ امتلأ بطرس من الروح القدس وقال لهم يا رؤساء الشعب وشيوخ إسرائيل أن كنا
نفحص اليوم عن إحسان إلى إنسان سقيم بماذا شفي هذا فليكن معلوما عند جميعكم وجميع
شعب إسرائيل انه باسم يسوع المسيح الناصري الذي صلبتموه انتم الذي أقامه
الله من الأموات. بذاك وقف هذا أمامكم صحيحا. هذا هو الحجر الذي
احتقرتموه أيها البناؤون الذي صار رأس الزاوية. وليس بأحد غيره الخلاص.لأن ليس اسم
آخر تحت السماء قد أعطي بين الناس به ينبغي أن نخلص فلما رأوا مجاهرة بطرس ويوحنا
ووجدوا أنهما إنسانان عديما العلم وعاميّان تعجبوا. فعرفوهما أنهما كانا مع يسوع. ولكن
إذ نظروا الإنسان الذي شفي واقفا معهما لم يكن لهم شيء يناقضون به. فأمروهما
أن يخرجا إلى خارج المجمع وتآمروا فيما بينهم قائلين. ماذا نفعل بهذين الرجلين. لأنه
ظاهر لجميع سكان أورشليم أن آية معلومة قد جرت بأيديهما ولا نقدر أن ننكر.
ولكن لئلا تشيع أكثر في الشعب لنهددهما تهديدا أن لا يكلما أحدا من الناس فيما بعد
بهذا الاسم. فدعوهما وأوصوهما أن لا ينطقا البتة ولا يعلّما باسم يسوع فأجابهم
بطرس ويوحنا وقالا أن كان حقا أمام الله أن نسمع لكم أكثر من الله فاحكموا. لأننا
نحن لا يمكننا أن لا نتكلم بما رأينا وسمعنا. وبعدما هددوهما أيضاً أطلقوهما
إذ لم يجدوا البتة كيف يعاقبونهما بسبب الشعب. لأن الجميع كانوا يمجدون الله
على ما جرى ” (أع4: 5-21).
وهنا أمام
الحقيقة التي لم يستطع رؤساء اليهود إنكارها وأمام المعجزة التي جرت أم عدد كبير
من الشعب لم يستطع رؤساء اليهود أن يفعلوا شيئا مع التلاميذ!! لماذا لأنهم كانوا
يعلمون أن ما يقوله التلاميذ عن قيامة المسيح من الأموات هو حق ولكونهم كانوا
مؤيدين بالآيات والعجائب والمعجزات لم يقدر رؤساء اليهود أن يفعلوا لهم شيئاً
بالمرة سوى التهديد!! ويتضح عجزهم التام عن مواجهة حجة التلاميذ فصحة وحقيقة كل ما
يقولونه عن قيامة المسيح من الأموات في الحادثة التالية:
” وجرت
على أيدي الرسل آيات وعجائب كثيرة في الشعب. وكان الجميع بنفس واحدة في
رواق سليمان. وأما الآخرون فلم يكن احد منهم يجسر أن يلتصق بهم. لكن كان
الشعب يعظمهم. وكان مؤمنون ينضمون للرب أكثر. جماهير من رجال ونساء. حتى
أنهم كانوا يحملون المرضى خارجا في الشوارع ويضعونهم على فرش وأسرّة حتى إذا جاء
بطرس يخيّم ولو ظله على احد منهم. واجتمع جمهور المدن المحيطة إلى أورشليم
حاملين مرضى ومعذبين من أرواح نجسة وكانوا يبرأون جميعهم فقام رئيس الكهنة وجميع
الذين معه الذين هم شيعة الصدوقيين وامتلأوا غيرة فالقوا أيديهم على الرسل
ووضعوهم في حبس العامة. ولكن ملاك الرب في الليل فتح أبواب السجن وأخرجهم وقال اذهبوا
قفوا وكلموا الشعب في الهيكل بجميع كلام هذه الحياة. فلما سمعوا دخلوا
الهيكل نحو الصبح وجعلوا يعلّمون. ثم جاء رئيس الكهنة والذين معه ودعوا المجمع وكل
مشيخة بني إسرائيل فأرسلوا إلى الحبس ليؤتى بهم. ولكن الخدام لما جاءوا لم
يجدوهم في السجن فرجعوا واخبروا قائلين أننا وجدنا الحبس مغلقا بكل حرص والحراس
واقفين خارجا أمام الأبواب ولكن لما فتحنا لم نجد في الداخل أحدا فلما سمع
الكاهن وقائد جند الهيكل ورؤساء الكهنة هذه الأقوال ارتابوا من جهتهم ما عسى أن
يصير هذا. ثم جاء واحد واخبرهم قائلا هوذا الرجال الذين وضعتموهم في السجن هم في
الهيكل واقفين يعلّمون الشعب. حينئذ مضى قائد الجند مع الخدام فأحضرهم لا بعنف لأنهم
كانوا يخافون الشعب لئلا يرجموا. فلما أحضروهم أوقفوهم في المجمع.فسألهم رئيس
الكهنة قائلا أما أوصيناكم وصية أن لا تعلّموا بهذا الاسم.وها انتم قد ملأتم أورشليم
بتعليمكم وتريدون أن تجلبوا علينا دم هذا الإنسان. فأجاب بطرس والرسل وقالوا ينبغي
أن يطاع الله أكثر من الناس. اله آبائنا أقام يسوع الذي انتم قتلتموه
معلقين إياه على خشبة. هذا رفّعه الله بيمينه رئيسا ومخلّصا ليعطي إسرائيل
التوبة وغفران الخطايا. ونحن شهود له بهذه الأمور والروح القدس أيضاً الذي أعطاه
الله للذين يطيعونه فلما سمعوا حنقوا وجعلوا يتشاورون أن يقتلوهم. فقام في المجمع
رجل فريسي اسمه غمالائيل معلّم للناموس مكرم عند جميع الشعب وأمر أن يخرج الرسل
قليلا. ثم قال لهم. أيها الرجال الإسرائيليون احترزوا لأنفسكم من جهة هؤلاء الناس
في ما انتم مزمعون أن تفعلوا. لأنه قبل هذه الأيام قام ثوداس قائلا عن نفسه انه
شيء. الذي التصق به عدد من الرجال نحو أربع مئة.الذي قتل وجميع الذين انقادوا إليه
تبددوا وصاروا لا شيء. بعد هذا قام يهوذا الجليلي في أيام الاكتتاب وأزاغ وراءه
شعبا غفيرا. فذاك أيضاً هلك وجميع الذين انقادوا إليه تشتتوا. والآن أقول لكم
تنحوا عن هؤلاء الناس واتركوهم. لأنه أن كان هذا الرأي أو هذا العمل من الناس فسوف
ينتقض. وأن كان من الله فلا تقدرون أن تنقضوه.لئلا توجدوا محاربين لله أيضاً.
فانقادوا إليه. ودعوا الرسل وجلدوهم وأوصوهم أن لا يتكلموا باسم يسوع ثم أطلقوهم
وأما هم فذهبوا فرحين من أمام المجمع لأنهم حسبوا مستاهلين أن يهانوا من اجل اسمه.
وكانوا لا يزالون كل يوم في الهيكل وفي البيوت معلّمين ومبشرين بيسوع المسيح ”
(أع5: 5-43).
القبر
الفارغ أو قبر الرب يسوع المسيح في أورشليم القدس
(3)https://www.jpost.com/servlet/Satellite?cid=1171894534980&pagename=JPost%2FJPArticle%2FPrinter
(4)https://www.jpost.com/servlet/Satellite?cid=1171894527185&pagename=JPost%2FJPArticle%2FShowFull
– 24 –
تم نسخ الرابط