3 أيلول غربي (16 أيلول شرقي)
الوارد ذكرها في الرسالة إلى أهل رومية، الإصحاح (1:16-2)
خادمة الكنيسة في كنخريا. بيدها كتبت الرسالة إلى أهل رومية من كورنثوس
لم يكن رسل المسيح وحدهم هم الذين اضطلعوا بتأسيس ملكوت الله على الأرض، بل لقد اسهم معهم كثيرون فى هذا العمل.. البعض منهم لا نعرف مجرد اسماءهم، والبعض الآخر نعرف أسماءهم لكن لا نعرف عن أتعابهم الكثيرة.. ولم يكن العمل فى حقل الكنيسة والخدمة وقفاً على الرجال، بل هناك نساء وعذارى كثيرات.. ومن أمثلة ذلك، الخادمات الثلاثة اللائى سنعرض لهن الآن.. وهن فيبى وبريسكلا وتكلا الشهيدة.. تكاد تكون فيبى أشهر انثى ورد اسمها فى رسائل الرسل.. لا نعرف عنها شيئاً سوى ما دوّنه القديس بولس فى أول الإصحاح الأخير من رسالته إلى كنيسة رومة. والعجيب أن التاريخ الكنسى لا يسجّل عنها أى شئ يكاد الإصحاح الأخير من الرسالة إلى رومية يقتصر على أسماء بعض الأشخاص الذين يبعث بولس تحياته إليهم ويذكر الخدمات التى أدّوها إما للكنيسة أو لشخصه
ويذكر على رأس هذه القائمة الطويلة كلها – وقبل الرجال – “فيبى خادمة الكنيسة التى فى كنخريا”.. يقول القديس بولس::
وتعبير “أختنا” يوضح الرابطة بين المؤمنين فى ذلك الوقت المبكر، والتى نتجت عن وحدتهم فى المسيح.. واستعمال بولس لضمير المتكلم الجمع “نا” إنما يوضح – ليس احساس بولس القوى بهذه القرابة الروحية، بل صلتها الروحية بجماعة المؤمنين.وبهذه المناسبة نقول إن هناك ثلاث تسميات شاعت فى العصر الرسولى دُعى بها المسيحيون. كانت هذه التسميات هى: مؤمنون وقديسون وأخوة وأخوات.. وهى تعبر عن حياة أولئك المسيحيين الأوائل. فتسمية “مؤمنين” كانت تعبّر عن إيمانهم الجديد وحياة الإيمان التى يحيونها. وتسمية “قديسين” كانت تعبرّ حياتهم وعلاقتهم بالله فقد تقدسوا فى الله وله بالروح القدس وأنهم مفرزون له..
أما التسمية الثالثة “أخوة وأخوات” فكانت تعبّر عن علاقتهم بعضهم ببعض كأعضاء فى جسد المسيح الواحد. إنها تسمية تلائم سلوكهم المسيحى..يربط بولس بين فيبى وكنيسة كنخريا – وهى الميناء الشرقى لمدينة كورنثوس اليونانية الشهيرة وتبعد عنها بنحو تسعة أميال.. وليس لدينا معلومات من سفر أعمل الرسل عن تأسيس الكنيسة فى كنخريا، لكن مما لا شك فيه أنها كانت امتداداً للكنيسة فى كورنثوس.. إن وجود كنيسة فى كنخريا يوضح انتشار المسيحية فى كل الأقاليم المحيطة بمدينة كورنثوس أثناء إقامة بولس بها لمدة ثمانية عشر شهراً أثناء رحلته التبشيرية الثانية أع 11:18.
يجدر بالذكر أن كورنثوس كانت بؤرة للفساد والرذيلة. كان بها معبد الإلهة فينوس إلهة الجمال وكان يضم بين جدرانه أكثر من ألف امرأة زانية مخصصة لإرتكاب ألوان الفحشاء إرضاءً لهذه الآلهة!! والرذائل التى أشار إليها بولس فى(رو 18:1-32 إنما جاءت وصفاً لأنواع الفجور فى تلك المدينة، والتى بعث منها بولس رسالته إلى كنيسة رومية، وكانت تلك الفجور ماثلة أمامه.. نخرج من كل ذلك بتقدير للمجهود الرائع الذى عملته نعمة الله على يد بولس فى تلك المناطق الصعبة المليئة بالشر والفساد!! ويبدو أن فيبى كانت متبتلة أو كانت تقوم بخدمة فعالة فى الكنيسة فى منطقة كورنثوس، فهى بحسب تعبير بولس “صارت مساعدة للكثيرين ولى أنا أيضاً”..
ويبدو أنها كانت تخدم كشمّاسة فى كنيسة كنخريا. فالرسول بولس يذكرها على أنها Diakonos – هذه التسمية التى تطلق على من يقوم بخدمة الشماسية سواء كان ذكراً أم انثى. ولذا فإن فيبى لابد وأنها كانت تمارس عمل الشماسية النسوية. والكلام عنها هو أول إشارة تقابلنا فى العهد الجديد عن دياكونية المرأة..
ويجدر هنا الإشارة إلى أن الخدمة التى كانت منوطة بالشماسة، هى خدمة بنات جنسها بصفة عامة كما نصّت على ذلك قوانين الرسل. كانت تقوم على المداخل المؤدية إلى القسم المخصص للنساء فى مكان العبادة. وكان من أعمالها الهامة مساعدة الكاهن فى عماد النساء فى الأمور واللحظات التى يجب أن يتنحى، حتى لا يبصر جسد امرأة عارية. وكانت فى العصور المبكرة من تاريخ الكنيسة تفتقد النساء خاصة فى بيوت غير المؤمنين حيث يُستحسن ألا يذهب الشماس الرجل للإفتقاد منعاً للعثرات.. هذا وشماسية النساء فى الكنيسة ليست درجة كهنوتية، فلا كهنوت للنساء. ولا توضع عليها الأيدى كما فى حالة الرسامات الكهنوتية. لكنها تقام من الأسقف ويتلو عليها صلاة ورد نصها فى قوانين الرسل