الماشية في الكتاب المقدس




الماشية:

دخل بنو إسرائيل أرض الموعد كجماعة من الرعاة، مع ما احتفظوا به م تقاليد ترجع إلي أيام إبراهيم الذي كان راعيًا متنقلًا (تك 13). وبعد أن امتلكوا أرض كنعان قضوا فترة في الأنتقال من حياة الرعي إلي حياة الزراعة، وقد ظلت الماشية علي أي حال عنصرًا من عناصر النشاط الاقتصادي، وأسهمت في المزاج الحضاري للشعب لعدة أسباب، فقد كان قسم كبير من الأرض بلا زراعة، ولكنه كان مناسبًا جدًا للرعي (1 صم 16: 11، عا 1: 1). ولم تكن الماشية تمد السكان بحاجتهم من المنتجات، وتشكل بالنسبة لهم مصدرًا للدخل فحسب، بل من الواضح أيضًا أن طقوس العبادة كانت تستلزم تقديم ذبائح حيوانية سواء في خيمة الاجتماع أو في الهيكل (1 مل 8: 5، عب 9: 18- 22).
وكانت الحيوانات المستأنسة المألوفة في إسرائيل تشمل الأغنام والماعز والأبقار والحمير والكلاب، وكذلك الجمال ولكن لم يكن الفلاح عادة يربيها أو يحتفظ بها لأنها لم تكن مناسبة له من الناحية الاقتصادية بالنسبة للحياة المستقرة، ولذلك لم يكن يمتلك الجمال سوي التجَّار وبدو الصحراء الرحّل. ويبدو إن الخيل كانت حيوانات ذات اعتبار خاص، فكانت تعتبر من قبيل الفخفخة والأبهة لا يقدر معظم الفلاحين علي اقتنائها. وكانت الخيل تستخدم أساسًا في ركوب الفرسان وجر المركبات في جيش الملك. أما الحمير فكانت حيوانات الحمل، فكانت تحمل الإنسان وحاصلاته كما يحدث في كثير من القرى في الريف الآن. ومن الأمور التي لا تنسي أن الرب حين دخل إلي أورشليم منتصرًا كان راكبًا علي أتان (مت 21: 5)، كما كانت الأبقار والثيران من حيوانات الحمل والعمل الشاق حيث كانت تجر المحراث والزحافة والعزاقة ومختلف أدوات الزراعة، كما كانت تستخدم أيضًا في تقديم الذبائح، ويبدو أنها لم تكن تُربَّي أساسًا لإنتاج اللبن أو اللحم كما هو الحال الآن.
أما الأغنام فكانت أهم المواشي عند بني إسرائيل في القديم، وقد ورد الحديث عنها في الصفحات الأولي من سفر التكوين فقد “كان هابيل راعيًا للغنم” (تك 4: 2). وكانت الغنم ذات الذيل السمين هي المفضلة لدي الرعاة، كما هي الآن، لأن ما تختزنه من دهون في ذيلها، يمكِّنها من تحمل ظروف الرعي غير المستقرة خلال فصول الجفاف. وكان الضأن أفضل مصادر اللحم، كما كان صوفها يُغزل وتنسج منه الملابس. ولسنا في حاجة إلي تأكيد أهميتها في الذبائح (إش 53). وكان القطيع عادة يضم الغنم مع الماعز، فالماعز تمد الراعي بعدة منتجات، فتمده باللحم والشعر لصناعة الملابس الخشنة، وكانت الخيام السوداء المصنوعة من شعر الماعز خيامًا تقليدية في عصور الكتاب المقدس، وما زالت مستخدمة عند البدو والرعاة الرحل. كما كانت تمده بالجلود المستخدمة في صنع الزقاق التي يحفظ فيها الراعي اللبن، أو يخزن فيها الخمر، أو ينقل فيها الماء وغيره من السوائل. وهذه الزقاق كانت مفضلة جدًا عند الشعب. وكانت الغنم والماعز كثيرة جدًا في إسرائيل بسبب قوة تحملها الكبيرة لظروف الرعي هناك، فهي أكثر تحملًا لتلك الظروف من الأبقار والخيل.
وتستخدم تربية الغنم وحياة الرعي في تصوير العلاقات الروحية بين الشعب- كغنم- وبين الرب، كراع، وهو تشبيه رائع لرعاية الرب وعنايته بشعبه أفرادًا وجماعة: “الرب راعَّي فلا يعوزني شيء. في مراعٍ خضر يربضني، إلي مياه الراحة يوردني…” (مز 23)، “أنا هو الراعي الصالح، والراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف..” (يوحنا 10: 1- 17).

هل تبحث عن  القديس أثناسيوس الرسولى-حامى الايمان

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي