admin
نشر منذ سنتين
4
المحبة في كورنثوس الأولى 13: 4- 7


المحبة في كورنثوس الأولى 13: 4- 7
تعد كورنثوس الأولى 13: 4- 7 الوصف الأكثر تفصيلاً لصفات المحبة، ما فيها وما ليس فيها. فنقرأ هناك:
كورنثوس الأولى 13: 4- 7
” الْمَحَبَّةُ تَتَأَنَّى وَتَرْفُقُ. الْمَحَبَّةُ لاَ تَحْسِدُ. الْمَحَبَّةُ لاَ تَتَفَاخَرُ، وَلاَ تَنْتَفِخُ، وَلاَ تُقَبِّحُ، وَلاَ تَطْلُبُ مَا لِنَفْسِهَا، وَلاَ تَحْتَدُّ، وَلاَ تَظُنُّ السُّؤَ، وَلاَ تَفْرَحُ بِالإِثْمِ بَلْ تَفْرَحُ بِالْحَقِّ، وَتَحْتَمِلُ كُلَّ شَيْءٍ، وَتُصَدِّقُ كُلَّ شَيْءٍ، وَتَرْجُو كُلَّ شَيْءٍ، وَتَصْبِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ.”
سنحاول فيما يلي أن نشرح بشكل أعمق، كل من الأشياء التي تتصف بها المحبة وما لا تتصف بها.
1) ” الْمَحَبَّةُ تَتَأَنَّى ” (كورنثوس الأولى 13: 4)
جملة “تتأنى” هي الفعل اليوناني ” makrothumeo” الذي يتكون من الكلمات ” makros” والتي تعني “طويلاً” وكلمة ” thumos” والتي تعني “غضب” أو “غضب شديد”. وبمعنى آخر، تعني كلمة “makrothumeo”: “أن تأخذ وقتاً طويلاً قبل أن تغضب1” وهي مضاد لكلمة “الغضوب”. فتعني كلمة “Makrothumeo” أن نتأنى مع الناس أكثر من التأني مع المواقف. لأنه هناك معنى آخر للتأني في المواقف باللغة اليونانية والذي سيستخدم لاحقاً في نفس الفقرة من كورنثوس الأولى. المحبة إذاً لا تغضب من الناس سريعاً ، فهي ليست غضوبة بل تتحمل بصبر.
2) “الْمَحَبَّةُ تَرْفُقُ” (كورنثوس الاولى 13: 4)
شيء آخر يميز المحبة وهو أنها ترفق. المعنى اليوناني لكلمة “ترفق” هو الفعل “chresteuomai” والمستخدم هنا فقط في العهد الجديد. ومع ذلك، فلقد استخدم لمرات قليلة بشكلين آخرين. الأول هو الصفة ” chrestos” بينما كان الثاني هو الإسم ” chrestotes”. تعني كلمة “Chrestos”: “جيد، لطيف، خَيِّر، حميد؛ خَيِّر بشكل نشط على الرغم من الجحود”. وبالتالي، تعني كلمة “chresteuomai” إظهار الـ “chrestos ” اي أن تكون لطيفاً، جيداً، مترفقاً على الرغم من أنك قد تواجه الجحود.
3) ” الْمَحَبَّةُ لاَ تَحْسِدُ” (كورنثوس الأولى 13: 4)
كلمة “حَسَد” المستخدمة في تلك الفقرة هي الفعل اليوناني “zeloo”. والإسم المشتق منه هو “zelos”. ويستخدم كل من “zeloo” و”zelos” في كلا السياقين؛ الصالح والسيء. فتستخدم مع السياق الصالح، بمعنى تَحَمُس أو غيرة. ومن ثم، فعلى سبيل المثال، دُعِينا في كورنثوس الأولى 14: 1 أن نتبع المحبة ونَجِدّ [zoloo] للمواهب الروحية. ومع ذلك، فغالباً ما تستخدم كل من zelos وzeloo في السياق السيء. وفي مثل هذا السياق، تعني كلمة zelos الحسد أو الغيرة. وتوضح يعقوب 3: 14- 16 نتائج ومصدر الغيرة:
يعقوب 3: 14- 16
” وَلكِنْ إِنْ كَانَ لَكُمْ غَيْرَةٌ [zelos] مُرَّةٌ وَتَحَزُّبٌ فِي قُلُوبِكُمْ، فَلاَ تَفْتَخِرُوا وَتَكْذِبُوا عَلَى الْحَقِّ. لَيْسَتْ هذِهِ الْحِكْمَةُ نَازِلَةً مِنْ فَوْقُ، بَلْ هِيَ أَرْضِيَّةٌ نَفْسَانِيَّةٌ شَيْطَانِيَّةٌ. لأَنَّهُ حَيْثُ الْغَيْرَةُ [zelos] وَالتَّحَزُّبُ، هُنَاكَ التَّشْوِيشُ وَكُلُّ أَمْرٍ رَدِيءٍ.”
إن الجسد أو الطبيعة القديمة هو مصدر الغيرة والحسد، (أنظر أيضاً غلاطية 5: 20). عندما توجد الغيرة، فأنت تفرح لألمي وتتألم لفرحي، وهذا يناقض تماماً ما توصينا به كلمة الله (كورنثوس الأولى 12: 26). وعلى العكس، فبما أن المحبة لا تحسد، إذاً فعندما تحب، فأنت تفرح عندما أفرح وتتألم عندما أتالم.
4) ” الْمَحَبَّةُ لاَ تَتَفَاخَرُ” (كورنثوس الأولى 13: 4)
الكلمة المُتَرجَمة إلى “تفاخر” هنا هو الفعل اليوناني “perpereuomai” والذي يعني “إظهار التباهي أو التفاخر”. إنه نوع من السلوك الذي يقول صاحبه باستمرار “أنا فعلت، أنا عندي، أنا صنعت….. إلخ”. وكثيراً جداً ما يُستَخدَم الضمير “أنا” بواسطة مثل هذا الشخص. ونحن أيضاً كمسيحيين، أحياناً ما نفعل نفس الشيء. فنقول: “أنا صنعت هذا لأجل الرب…” أو “أني صليت هذا المقدار” أو “قضيت الكثير من الوقت في دراسة الكتاب المقدس اليوم” أو “أعرف هذا وذاك من الكتاب المقدس” مما يعني أني أحق منك لأنك على الأغلب لم تقم بالأمر “بهذا القدر”. ومع ذلك، فنحن عندما نحب لا نتفاخر، لأننا ندرك أنه لا يوجد أي شيء يميزنا عن أي أخ أو أخت لنا في الجسد. وكما تقول كورنثوس الأولى 4: 7:
كورنثوس الأولى 4: 7
” اَلأَشْيَاءُ الْعَادِمَةُ النُّفُوسِ الَّتِي تُعْطِي صَوْتًا: مِزْمَارٌ أَوْ قِيثَارَةٌ، مَعَ ذلِكَ إِنْ لَمْ تُعْطِ فَرْقًا لِلنَّغَمَاتِ، فَكَيْفَ يُعْرَفُ مَا زُمِّرَ أَوْ مَا عُزِفَ بِهِ؟”
كل شيء نمتلكه لم نحققه من أنفسنا بل أُعطِيَ لنا من قِبَل الرب. ولهذا، ليس لنا الحق في التفاخر بأي شيء أو بأي أحد غير الرب. كما تقول لنا كورنثوس الأولى 1: 31:
كورنثوس الاولى 1: 31
” مَنِ افْتَخَرَ فَلْيَفْتَخِرْ بِالرَّبِّ”
إذاً، هل سنفخر بقدراتنا، بقيمتنا أو حتى بتقوانا؟ نحن لن نفعل هذا إن كانت المحبة فينا. لأنه، إن كنا نحب سنفخر فقط بالرب.
5) ” الْمَحَبَّةُ لاَ تَنْتَفِخُ” (كورنثوس الأولى 13: 4)
شيء آخر ليس من صفات المحبة وهو الانتفاخ. المعنى اليوناني لكلمة ” تَنْتَفِخُ” هو الفعل “fusioo” والتي تعني حرفياً “أن ينفخ، ينفث، يتضخم”. واستخدمت في العهد الجديد سبع مرات، ست منها مستخدم في كورينثوس الاولى2. وفي كل الأحوال، فهي تستخدم بشكل رمزي بمعنى التفاخر. هناك استخدام خاص لهذه الكلمة في كورنثوس الاولى 8: 1 حيث نقرأ:
كورنثوس الاولى 8: 1- 3
” وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ مَا ذُبحَ لِلأَوْثَانِ: فَنَعْلَمُ أَنَّ لِجَمِيعِنَا عِلْمًا. الْعِلْمُ يَنْفُخُ [fusioo]، وَلكِنَّ الْمَحَبَّةَ تَبْنِي. فَإِنْ كَانَ أَحَدٌ يَظُنُّ أَنَّهُ يَعْرِفُ شَيْئًا، فَإِنَّهُ لَمْ يَعْرِفْ شَيْئًا بَعْدُ كَمَا يَجِبُ أَنْ يَعْرِفَ! وَلكِنْ إِنْ كَانَ أَحَدٌ يُحِبُّ اللهَ، فَهذَا مَعْرُوفٌ عِنْدَهُ.”
العلم ينفخ. ولكننا لا ندرس الكتاب المقدس فقط للعلم، بل لمعرفة الله، الذي يُظهِر ذاته فيه. وكما تقول يوحنا الأولى 4: 8: “مَنْ لاَ يُحِبُّ لَمْ يَعْرِفِ اللهَ، لأَنَّ اللهَ مَحَبَّةٌ”. بدون المحبة لن نعرف الله حتى وإن كان لدينا المعرفة الكاملة بالكتاب المقدس. بالإضافة إلى ذلك، إن بقي هذا العلم مجرد علم بدون أن تصحبه المحبة إذاً فستكون النتيجة هي الانتفاخ، أن نصير متفاخرين وهذا الشيء يناقض خواص المحبة.
6 ) “الْمَحَبَّة لاَ تُقَبِّحُ” (كورنثوس الأولى 13: 5)
شيء آخر ليس من صفات المحبة هو أنها لا ” تُقَبِّحُ”. كلمة ” تُقَبِّحُ” هنا هو الفعل اليوناني “aschemoneo” والذي يعني “أن نسلك بشكل غير لائق… أن نتصرف بانحراف أخلاقي”. ومن ثم، فعلى سبيل المثال في رومية 1: 27 فخطيئة اللواط تُدعَى ” aschemosune” (نتاج ال “aschemosune”). المحبة إذاً لا تسلك بشكل غير أخلاقي أو غير صحيح، وعندما يتواجد مثل هذا السلوك، فيكون مصدره الوحيد هو الإنسان العتيق.
7) “الْمَحَبَّة لاَ تَطْلُبُ مَا لِنَفْسِهَا” (كورنثوس الأولى 13: 5)
صفة أخرى من صفات المحبة هي أنها لا تطلب ما لنفسها. وجملة ” مَا لِنَفْسِهَا” هي الصفة اليونانية ” eautou”. هناك عدد متوسط من المواضع في الكتاب المقدس والتي توصينا بالا نطلب ما لأنفسنا. تخبرنا رومية 15: 1- 3
رومية 15: 1- 3
” فَيَجِبُ عَلَيْنَا نَحْنُ الأَقْوِيَاءَ أَنْ نَحْتَمِلَ أَضْعَافَ الضُّعَفَاءِ، وَلاَ نُرْضِيَ أَنْفُسَنَا [eautou]. فَلْيُرْضِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا قَرِيبَهُ لِلْخَيْرِ، لأَجْلِ الْبُنْيَانِ. لأَنَّ الْمَسِيحَ أَيْضًا لَمْ يُرْضِ نَفْسَهُ [eautou]، بَلْ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ:«تَعْيِيرَاتُ مُعَيِّرِيكَ وَقَعَتْ عَلَيَّ».”
وأيضاً
كورنثوس الأولى 10: 23- 24
” «كُلُّ الأَشْيَاءِ تَحِلُّ لِي»، لكِنْ لَيْسَ كُلُّ الأَشْيَاءِ تُوَافِقُ. «كُلُّ الأَشْيَاءِ تَحِلُّ لِي»، وَلكِنْ لَيْسَ كُلُّ الأَشْيَاءِ تَبْنِي. لاَ يَطْلُبْ أَحَدٌ مَا هُوَ لِنَفْسِهِ، بَلْ كُلُّ وَاحِدٍ مَا هُوَ لِلآخَرِ.”
عندما نسلك بالمحبة لا نبحث عن إرضاء أنفسنا، صانعين من أنفسنا مركزاً لأفعالنا (مذهب الفردية). على العكس، فبخدمة الله بالمحبة، نبحث عن إرضاء، ومباركة الآخرين. هذا ما فعله يسوع المسيح. لقد خدم الله بالمحبة ولم يبحث عن إرضاء ذاته. وهذا هو سبب قبوله للصليب. كما تخبرنا فيليبي 2: 7- 11
فيليبي 2: 7- 11
” لكِنَّهُ [المسيح] أَخْلَى [باليونانية: “أخلى نفسه] نَفْسَهُ [eautou]، آخِذًا صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِرًا فِي شِبْهِ النَّاسِ. وَإِذْ وُجِدَ فِي الْهَيْئَةِ كَإِنْسَانٍ، وَضَعَ نَفْسَهُ وَأَطَاعَ حَتَّى الْمَوْتَ مَوْتَ الصَّلِيبِ. لِذلِكَ [كنتيجة] رَفَّعَهُ اللهُ أَيْضًا، وَأَعْطَاهُ اسْمًا فَوْقَ كُلِّ اسْمٍ لِكَيْ تَجْثُوَ بِاسْمِ يَسُوعَ كُلُّ رُكْبَةٍ مِمَّنْ فِي السَّمَاءِ وَمَنْ عَلَى الأَرْضِ وَمَنْ تَحْتَ الأَرْضِ، وَيَعْتَرِفَ كُلُّ لِسَانٍ أَنَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ هُوَ رَبٌّ لِمَجْدِ اللهِ الآبِ.”
بسبب محبة المسيح لنا، أخلى نفسه وذهب إلى الصليب لأجلنا. ولكن، هل ذهب هذا الشيء هباء أو أدى إلى خسارة شخصية؟ كلا، بل على العكس، فلأنه فعل هذا، مجده الله. وبالمثل، فعندما نحب، نضع اهتماماتنا الخاصة أو اهتماماتنا الذاتية جانباً ، ونعطي اهتمامنا وانتباهنا لله وأخوتنا وأخواتنا في الجسد. يلزم أن أوضح هنا أنه عندما أتحدث عن “الاهتمامات الخاصة” فأنا لا أعني التزاماتنا الخاصة، أو الأشياء التي علينا الاهتمام بها كجزء من الحياة. بل إني أتحدث أكثر عن الوقت الذي نهدره في الأنشطة والهوايات الخاصة التي لا تجلب أي مجد لله وتقوم فقط بإرضاء الجسد أو الإنسان العتيق.
بإعطاء الأولوية، ليس للذات بل لله ولشعبه، لن تكون النتيجة هي خسارة شخصية بل مكافآت هنا وفي السماء. كما قال المسيح في يوحنا 12: 25-26
يوحنا 12: 25-26
” مَنْ يُحِبُّ نَفْسَهُ يُهْلِكُهَا، وَمَنْ يُبْغِضُ نَفْسَه3 فِي هذَا الْعَالَمِ يَحْفَظُهَا إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ. إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَخْدِمُنِي فَلْيَتْبَعْنِي، وَحَيْثُ أَكُونُ أَنَا هُنَاكَ أَيْضًا يَكُونُ خَادِمِي. وَإِنْ كَانَ أَحَدٌ يَخْدِمُنِي يُكْرِمُهُ الآبُ.”
كذلك
مرقس 10: 29- 30
” فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ:لَيْسَ أَحَدٌ تَرَكَ بَيْتًا أَوْ إِخْوَةً أَوْ أَخَوَاتٍ أَوْ أَبًا أَوْ أُمًّا أَوِ امْرَأَةً أَوْ أَوْلاَدًا أَوْ حُقُولاً، لأَجْلِي وَلأَجْلِ الإِنْجِيلِ، إِلاَّ وَيَأْخُذُ مِئَةَ ضِعْفٍ الآنَ فِي هذَا الزَّمَانِ، بُيُوتًا وَإِخْوَةً وَأَخَوَاتٍ وَأُمَّهَاتٍ وَأَوْلاَدًا وَحُقُولاً، مَعَ اضْطِهَادَاتٍ، وَفِي الدَّهْرِ الآتِي الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ.” كم من الاستثمارات التي تعرفها والتي أعادت ” مِئَةَ ضِعْفٍ الآنَ فِي هذَا الزَّمَانِ”؟ أنا لا أعرف شيئاً يقدر أن يفعل هذا غير التحول من البحث عن ذواتنا أولاً إلى البحث عن ذات الله وذات أخوتنا وأخواتنا في الجسد. ونستخلص من ذلك: إما أننا قد صرنا فرديين، نطعم الجسد واهتماماته ونخسر كل شيء، أو نحب وعوضاً عن الاهتمام أولاً بأنفسنا نهتم أولاً بالله وبالأخوة والأخوات الآخرين في الجسد. في تلك الحالة سيرجع لنا ” مِئَةَ ضِعْفٍ” بالإضافة إلى مجد الله ذاته.
8) ” الْمَحَبَّة لاَ تَحْتَدُّ” (كورنثوس الأولى 13: 5)
الكلمة المترجمة هنا إلى “تحتد” هي الفعل اليوناني “paroxuno” والذي يعني حرفياً “جعله حاداً عن طريق حكه في أي شيء، شحذ؛ جعله حاداً، حرّض، أحنق”. والإسم المقابل هو كلمة “paroxusmos” والتي تشتق منها كلمة “paroxysm” في اللغة الإنجليزية. ومن الواضح أن الاحتداد والغضب لا يمكن أن يتواجدوا مع المحبة الصادقة بأي حال من الأحوال، لأنهما ضد المحبة.
9) ” الْمَحَبَّة لاَ تَظُنُّ السُّؤَ” (كورنثوس الأولى 13: 5)
كلمة “تظن” هنا هي الفعل اليوناني ” logizomai” والذي يعني “أعتقد”. والذي يعني حرفياً “أن يختلق في عقله، أن يحسب لشغل النفس بالتقديرات والحسابات4″. وهناك ترجمة أدق بالإنجليزية في نسخة ال NIV للكتاب المقدس والتي تُقرأ بنفس المعنى: ” الْمَحَبَّة لاَ تَظُنُّ السُّؤَ” أي أن المحبة تنسى سريعاً ودائماً كل ما يحدث في حقها من شرور. في بعض الأحيان، يعمل الناس الذين في العالم لسنين مختطين كيف ينتقمون من شخص أذاهم. ومع ذلك، عندما نسلك بالطبيعة الجديدة أو عندما نسلك بالمحبة، فلن نحتفظ بسجل الأخطاء التي قابلتنا بل سننساها.
10) ” الْمَحَبَّة لاَ تَفْرَحُ بِالإِثْمِ بَلْ تَفْرَحُ بِالْحَقِّ” (كورنثوس الأولى 14: 6)
كلمة “الإثم” هي الكلمة اليونانية “adikia”. وهي تعني: “كل ما هو غير مطابق للصواب، ما لا ينبغي أن يكون؛ ما لا ينبغي أن يكون بسبب الحقيقة المباحة؛ ومن ثم، خطأ، غير صالح.”، كل ما هو ضد الحق، يُعَد غير صالح. وبما أننا نعرف من يوحنا 17: 17 أن الحق هو كلمة الله، فكل ما هو ضد كلمة الله هذه، يعد ”adikia”، أو غير صالح. ومن ثم، فوفقاً لهذه الفقرة، تفرح المحبة بالحق، أو بكلمة الله وليس بما هو ضدها والذي يُعَد غير صالح.
11) ” الْمَحَبَّة تَحْتَمِلُ كُلَّ شَيْء” (كورنثوس الأولى 14: 7)
كلمة “تحتمل” هي الفعل اليوناني “stego”. هناك استخدام مميز لهذه الكلمة في كورنثوس الأولى 9: 12 حيث نقرأ أن بولس ورفقائه، على الرغم من مسؤولياتهم العظيمة، إلا أنهما فضَّلا عدم استخدام حقهم في “العيش من الإنجيل” (كورنثوس الأولى 9: 14) ” بَلْ نَتَحَمَّلُ [stego] كُلَّ شَيْءٍ لِئَلاَّ نَجْعَلَ [بولس وفريقه] عَائِقًا لإِنْجِيلِ الْمَسِيحِ”. فتَحَمَّلا كل شيء لأجل إنجيل المسيح، وفَعَلا ذلك بسبب المحبة، لأن المحبة تحتمل كل شيء.
12) ” الْمَحَبَّة تُصَدِّقُ كُلَّ شَيْءٍ” (كورنثوس الأولى 14: 7)
كلمة “تصدق” هي الفعل اليوناني “pisteuo” والذي ذُكِرَ 246 مرة في العهد الجديد. وبطريقة الإنجيل، فالتصديق يعني أن نصدق ما أظهره الله في كلمته أو من خلال إعلانات روحه5 (والذي مع ذلك يجب أن يكون متوافقاً مع كلمته المكتوبة). المحبة إذاً تصدق كل شيء يقوله الله في كل من كلمته ومن خلال إعلانات الروح.
13) “َالْمَحَبَّة تَرْجُو كُلَّ شَيْءٍ” (كورنثوس الأولى 14: 7)
واحدة أخرى من صفات المحبة التي تخبرنا بها كلمة الله هو أنها ترجو كل شيء. ومرة أخرى، لابد من أن تؤخذ جملة “كل شيء” بالسياق الأشمل لكلمة الله. وكما هو الحال مع التصديق، كذلك ايضاً مع الرجاء، فالمرجع هو كل الأشياء التي تتكلم عنها كلمة الله. فالمحبة إذاً ترجو كل الاشياء التي حددها الله في كلمته بأنها حقائق مستقبلية، أو كأشياء علينا أن نرجوها. وأكثر ما هو واضح منها هو بالطبع مجيء ربنا يسوع المسيح.
14) “الْمَحَبَّة تَصْبِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ” (كورنثوس الأولى 14: 7)
وأخيراً نتعلم أن المحبة تصبر على “كل شيء”. وكلمة “تصبر” هنا هي الفعل “hupomeno”. ومعناها مشابه لمعنى “makrothumeo” (أن نتحمل) التي اختبارناها سابقاً. والفرق بينهما هو أنه “بينما تشير hupomeno إلى ردة فعل الشخص نحو الظروف، مظهراً المثابرة في مواجهة الصعوبات، فتشير makrothumeo إلى ردة فعل الإنسان تجاه الأشخاص، مظهراً احتمال صبور للآثام وحتى الأشياء
المثيرة للغضب الصادرة عن الآخرين بدون الرغبة في الانتقام6. فالمحبة إذاً، بعيداً عن كونها صبورة جداً تجاه الناس (makruthumeo) فهي أيضاً صبورة جداً تجاه الظروف (hupomeno). وهي تصبر بدون الضعف في الضيقات.
لكي ننهي هذا المقال، فلنقرأ الأن كورنثوس الأولى 13: 4- 7 مرة أخرى
كورنثوس الأولى 13: 4- 7
” الْمَحَبَّةُ تَتَأَنَّى وَتَرْفُقُ. الْمَحَبَّةُ لاَ تَحْسِدُ. الْمَحَبَّةُ لاَ تَتَفَاخَرُ، وَلاَ تَنْتَفِخُ، وَلاَ تُقَبِّحُ، وَلاَ تَطْلُبُ مَا لِنَفْسِهَا، وَلاَ تَحْتَدُّ، وَلاَ تَظُنُّ السُّؤَ، وَلاَ تَفْرَحُ بِالإِثْمِ بَلْ تَفْرَحُ بِالْحَقِّ، وَتَحْتَمِلُ كُلَّ شَيْءٍ، وَتُصَدِّقُ كُلَّ شَيْءٍ، وَتَرْجُو كُلَّ شَيْءٍ، وَتَصْبِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ.”
وكما تقول لنا
كولوسي 3: 12- 14
” فَالْبَسُوا كَمُخْتَارِي اللهِ الْقِدِّيسِينَ الْمَحْبُوبِينَ أَحْشَاءَ رَأْفَاتٍ، وَلُطْفًا، وَتَوَاضُعًا، وَوَدَاعَةً، وَطُولَ أَنَاةٍ، مُحْتَمِلِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، وَمُسَامِحِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا إِنْ كَانَ لأَحَدٍ عَلَى أَحَدٍ شَكْوَى. كَمَا غَفَرَ لَكُمُ الْمَسِيحُ هكَذَا أَنْتُمْ أَيْضًا. وَعَلَى جَمِيعِ هذِهِ الْبَسُوا الْمَحَبَّةَ الَّتِي هِيَ رِبَاطُ الْكَمَالِ.”

هل تبحث عن  إنَّه مِثلُ حَبَّةِ خَردَل: فهِيَ، حينَ تُزرَعُ في الأَرض

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي