المسيح وخدامه

المسيح وخدامه


وَقَالَ الرَّبُّ لِجِدْعُونَ: لَمْ يَزَلِ الشَّعْبُ كَثِيرًا.

انْزِلْ بِهِمْ إِلَى الْمَاءِ فَأُنَقِّيَهُمْ لَكَ هُنَاكَ

( قضاة 7: 4 )


إنه لأمر مملوء بالتعليم للقلب، أن يلاحظ نتيجة أول اختبار جاز فيه جنود جدعون. فإنه أبعَدَ الكثيرين من صفوفه: «مَن كان خائفًا ومُرتعدًا فليرجع .. فرجع من الشعب اثنان وعشرون ألفًا». كان هذا نقصًا خطيرًا، ولكنه أفضل جدًا أن يوجد لدينا عشرة آلاف يستطيعون أن يثقوا بالله، من عشرة آلاف ضعف للعشرة آلاف لا يستطيعون. وماذا تُجدي كثرة العدد إن لم يكونوا مدعَّمين بالإيمان الحي؟ لا شيء.

ولكن بقيَ هناك اختبار آخر لرفقاء جدعون: «وقال الرب لجدعون: لم يَزَل الشعب كثيرًا. انزل بهم إلى الماء فأُنقيهم لكَ هناك». هنا إذن لدينا صفة أدبية عُظمى، يجب أن تُميِّز على الدوام، أولئك الذين يعملون لأجل الله وشعبه في اليوم الشرير. فلا يلزم فقط أن يكون عندهم ثقة بالله، ولكن يلزمهم أيضًا أن يكونوا مستعدين لترك الذات. هذا قانون عام في خدمة المسيح. إذا كنا نريد أن نعوم في تيار الله علينا أن نُغرِّق الذات، وإننا نستطيع ذلك فقط، على قدر ما نثق بالمسيح.

ولا حاجة إلى القول إن المسألة ليست مسألة خلاص، ولكنها مسألة خدمة. ليست مسألة صيرورتك ابنًا لله ولكن خادمًا حقيقيًا للمسيح. فالواحد وثلاثون ألفًا وسبعمائة الذين طُردوا من جيش جدعون كانوا إسرائيليين تمامًا مثل الثلثمائة الذين بقوا، ولكنهم كانوا غير لائقين للكفاح. ولماذا؟ هل كان ذلك لأنهم لم يكونوا مختونين؟ كلا. فلماذا إذن؟ لأنهم لم يستطيعوا أن يثقوا بالله ويتخلوا عن الذات، كانوا مملوئين من الخوف، في الوقت الذي كان ينبغي فيه أن يكونوا مملوئين من الإيمان، وكان غرضهم الراحة وإنعاش النفس دون الكفاح.

هل تبحث عن  مريم النبية (أخت موسي وهارون)

هنا موضع السر الحقيقي الوحيد لعدم لياقتهم المعنوية. الله لا يمكن أن يثق بأولئك الذين لا يثقون به ولا يتركون الذات. هذا أمر جدٌ خطير وعملي. إننا نعيش في وقت كثر فيه الاعتراف الصوري والانهماك بالذات ومطاليبها. إن المعرفة في هذه الأيام يمكن الحصول عليها بكُلفة قليلة جدًا، وأجزاء من الحق قد تُجمَع عن الآخرين من كل ناحية. ولكن لنذكر أن حياة الإيمان هي حقيقة عملية، وكذلك الخدمة والشهادة للمسيح. ثم لنذكر أيضًا، أننا إذا كنا نوَّد أن نشهد للمسيح في اليوم الشرير، وأن نكون خدامًا حقيقيين وشهودًا أُمناء، فعلينا أن نتعلَّم المعنى الصحيح لهاتين الصفتين: الثقة في الله وترك الذات.
.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي