شفى يسوع رجلاً أبرص

المعجزات في الكتاب المقدس

نصّ الإنجيل

ولمَّا نَزَلَ يسوع من الجبل، تَبِعَتْهُ جُموعٌ غَفيرة. وإذا أبرَصُ يَدنو منه فيَسْجُدُ لهُ ويقول ” سيِّدي، إنْ شِئتَ فأنتَ قادِرٌ على أن تُبرئَني “.

فمدَّ يسوعُ يدَهُ فلَمَسَهُ وقال: ” قد شِئْتُ فابْرأْ “. فبَرِئَ من بَرَصِهِ لوَقْتِهِ.

فقالَ لهُ يسوع: ” إيَّاك أنْ تُخْبِرَ أحداً، بل اذْهَبْ إلى الكاهن فأَرِهِ نفْسَكَ، ثمَّ قَرِّبْ ما أمَرَ به موسى من قُربان، شهادَةً لديهم”. (متى 8/1-4)


البرَص رمز الخطيئة

قال كثيرون من الآباء القدّيسين: إنَّ البرَصَ رمزُ الخطيئة المتأصّلة في نفس الخاطئ. فكما أنّ البرَص يشوّه جسم الأبرص، وينقل العدوى إلى الآخرين، وينزع عن المريض مقامه في عيون الناس، فكذلك الخطيئة.

فإنّها تشوّه نفس الخاطئ، وتنقل العدوى الروحيّة إلى الآخرين، وتنزع عن الخاطئ مقامه في عينَيْ الله تعالى. فالخاطئ قبيح كالأبرص. وتأتي قباحته من قذارة الخطايا التي يستسلم إليها.

فمن أراد التخلّص من برَصه الروحي يجب عليه أن يعمل ما عمله الأبرص، أيْ أن يأتي إلى يسوع ، ويتضرّع إليه ويطلب إليه الشفاء.

عَطْفُ يسوع على الخطأة

1- كان الرجل الأبرص يشعر بآلامٍ متواصلة يسبّبها مرض البرَص. أمّا الخاطئ فلا يشعر بآلام الخطيئة. ففي كثيرٍ من الأحيان يموت فيه وخزُ الضمير،

وتنطفئ فيه الرغبةُ الحقّةُ في التوبة والعودة إلى الله، ويقضي سنواتٍ كثيرة وهو يكدّس الخطايا بعضَها فوق بعض، ولا يهتمّ إطلاقاً لأمر شفائه منها.


2- ويطلعنا الإنجيل على أنّ يسوع لم يهملْ الخطأة ولم يَدَعْهم يقضون حياتهم في الخطيئة وهم ملوّثون بها. فقد كان يعرف أنّهم لا يشعرون، في معظم الأحيان، بخطورة مرضهم الروحي، ولا يأتون إليه ليسألوه الشفاء. فكان يجيء إليهم ليقدّم لهم الدواء الشافي.

هل تبحث عن  قرية جَليِّم


3- إنّ ما كان يطلبه منهم هو أن يقبلوا الدواء الذي يشفيهم، أيْ أن يقرّروا التوبةَ والإعراضَ عن الخطيئة، والعيشَ في صداقة الله.

ولم يكن قبول هذا الدواء بالأمر الهيّنِ على من تعوّد منهم العيش في جوّ الخطيئة.

ولذلك فقد كان يدخل بيوتهم، ويجلس إلى موائدهم، ويتحدّث إليهم، ويقودهم رويداً رويداً إلى التوبة والتخلّي عن عاداتهم القبيحة.

ونقرأ في الإنجيل أنّ سعيه لهدايتهم كان يثير في نفوس الكتبة والفرّيسيين المرائين الحقد عليه، ويدفعهم إلى أن يلصقوا به التهمة الباطلة: “ إنّه يأكلُ ويشربُ مع العشَّارين والخطأة “. (مرقس 2/16)

المعجزات في الكتاب المقدس

مساهمة المسيحيّين والكنيسة في عمل يسوع

إن يسوع الذي كان يسعى لهداية الخطأة لا يريد الآن أن يعمل وحدَهُ في نفوسهم، بل يريد أن يشرك معه جميع المسيحيّين في هذا العمل الصالح، ويفتح المجال الواسع لكنيسته لان تساهم هي أيضاً معه في حمل الخطأة على التوبة والسير في طريق القداسة.

1- مساهمة المسيحيّين: إن المسيحيّين يؤلّفون في تفكير يسوع أُسرةً روحيّةً واحدة تجعلهم كلَّهم إخوةً بعضهم لبعض (متى 23/8). فالإخوة يتعاضدون ويتساندون:

1) إنّ المساندة التي يمكن أن يؤدّيها بعضُهُم لبعض، بالاشتراك مع يسوع الأخ الأكبر للجميع، هي أوّلاً الصلاة الحارّة لأجل هداية الخطأة وعودتهم إلى الله بالتوبة الحقّة. فالصلاة تجلب عليهم نِعَمَ الله الغزيرة والفعّالة.

وهذه النِعَمُ تؤثّر في قلوبهم، وتردعهم عن مواصلة ارتكاب الخطايا، وتنشئ في نفوسهم الرغبة الصادقة في المصالحة مع الله والعيش معه في سلام القلب وهدوء الضمير.

المعجزات في الكتاب المقدس
2) ثمّ إن هناك مساهمة أخرى يقوم بها المسيحيّون الصالحون مع يسوع في سبيل هداية الخطأة. إنّها القدوة الصالحة. إنّ القدوة الصالحة نورٌ ساطع يضيء الواقع الملوّث الذي يعيش فيه الخطأة، ويبيّن لهم بوضوح قباحة الخطايا التي يرتكبونها وجمال الفضائل التي يُدعَوْن إلى ممارستها.

هل تبحث عن  البابا ثاؤنا

وقد أشار يسوع إلى أهميّة القدوة الصالحة وتأثيرها في نفوس الآخرين فقال للمسيحيّين: ” ليُضيءْ نورُكُم قدّامَ الناس ليَرَوا أعمالَكُمْ الصالحة ويُمجِّدوا أباكُم الذي في السماوات “. (متى 5/16)


2- مساهمة الكنيسة : إنّ للكنيسة أيضاً دوراً فعّالاً في هداية الخطأة. وهذا الدور يقوم على أمرين رئيسَيْن، وهما

المعجزات في الكتاب المقدس
الإرشاد الروحي ومنح الأسرار المقدّسة:

1) إنّ الكنيسة تحتضن أبناءها، وتُغدق عليهم بمواعظها وتعاليمها ونصائحها الوالديّة مجموعةً من الإرشادات الروحيّة التي تنير أذهان الخطأة، وتبيّن لهم حالتهم البائسة،

وتجعلهم يشعرون بأنهم مصابون بمرض البرَص الروحي، وبأنَّ عليهم أن يستعيدوا الصحّة المشرقة التي نالوها بالمعموديّة المقدّسة.


2) كما أنها تمنحهم الأسرار المقدّسة، ولا سيّما سِرَّيْ التوبة والقربان الأقدس، وبهما ينقّي يسوع نفوسهم من أدناس الخطايا، ويقدّسهم بسكناه فيهم بالمناولة، ويقوّيهم بوافر مواهبه الروحيّة على سلوك الحياة الفاضلة.

التطبيق العملي

1- قال يسوع للأبرص: ” اذهبْ إلى الكاهن “. فأنت أيضاً “اذهبْ إلى الكاهن”. لقد أراد يسوع أن يكون الكاهن وسيطاً بينك وبينه ليرشدك ويدلّك على طريق الصلاح، ويغفر لك خطاياك في سِرّ التوبة، ويشدّد إرادتك بالقربان الأقدس الذي يغذّي نفسك ويشجّعها على ممارسة فضائل الإيمان والرجاء والمحبّة.


2- تأمّلْ في ما قاله الأبرصُ ليسوع: ” إنْ شئتَ فأنتَ قادرٌ على أن تبرئَني”. إنّ حياة القداسة تتَّخذ مصدرَها من إرادة يسوع. لا شكَّ في أنّ إرادتك تقوم بدور هامّ في اقتباس الفضائل المسيحيّة وممارستها.

إلاّ أنّ نبع القداسة يتدفّق من يسوع الذي يعطيها لمن يطلبها منه بإيمان وثقة ومحبّة. وهذا ما يفرض عليك أن تتوجّه دوماً إلى يسوع الذي يمنحك النِعَم التي تحتاج إليها لتنبذ عنك مرض الخطيئة، وتعيش حياةً روحيّة سليمة تتّصف بالصحّة النفسيّة والجمال الخُلُقي.

هل تبحث عن  كشف الله لقب "ابن الله " عند العماد

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي