الموسوعة القبطية تاريخ بطاركة الإسكندرية الدكتور عصام شهدي طوني

الموسوعة القبطية – تاريخ بطاركة الإسكندرية.

(CE: 1239b – 1242b).

ترجمة مدخل قسم تاريخ بطاركة الإسكندرية الدكتور عصام شهدي طوني.

“تاريخ بطاركة الإسكندرية” هو العنوان الذي يشيع استخدامه للنص الرئيسي للتأريخ القبطي، والذي يحمل فعلياً عنوان “سير البيعة المقدسة”.

من المهم التأكيد على أن هذا النص، الذي يمكن اعتباره التاريخ الرسمي للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، لا ينبغي تعريفه على أنه كتاب واحد يمثل وحدة هيكلية واحدة، بل هو تقليد كتابة التاريخ (القبطي). ففي مختلف العصور، سجل المؤلفون الأقباط تاريخ كنيستهم وبلدهم، واستكمل كل منهم عمل سلفه. كتب المؤرخون الأوائل في هذه السلسلة باللغة القبطية، وكتب خلفاؤهم من القرن الحادي عشر فصاعداً باللغة العربية. ويتكون النص كما نعرفه اليوم جزئيًا من ترجمات عربية لأصول قبطية وجزئيًا من كتابات كتبت أصلاً بالعربية. ويغطي النص بشكل عام التاريخ من القرن الأول إلى القرن الثالث عشر. ويضاف الى ذلك إستكمالات مختصرة لتاريخ البطاركة تتناول القرن الرابع عشر إلى أوائل القرن العشرين. أما فيما يتعلق بالمحتويات، فإن معظم سير تاريخ البطاركة هي أكثر بكثير من مجرد سرد سيرة البطريرك. فقد سعى المؤلفون إلى تسجيل جميع أنواع الأحداث، بما في ذلك الأحداث التي تنتمي إلى التاريخ السياسي أو الاجتماعي. لكن لا يوجد توحيد في هذه النقطة، فقد ركز بعض المؤلفين على شخصية البطريرك، بينما استخدام الآخرون فترة حكم البطريرك كإطار عام يتم من خلاله التعامل مع الأحداث الأخرى. وعلى أي حال، فإن تاريخ البطاركة يشكل مصدرنا الأدبي الرئيسي للتاريخ القبطي، وإذا تم استخدامه بشيء من الحذر، فهو مصدر مكمل مهم للتاريخ المصري بشكل عام.

تقليديا، تم إرفاق اسم ساويرس ابن المقفع (SAWIRUS IBN AL – MUQAFFA‘) بنص تاريخ البطاركة، لكن الطبيعة الدقيقة لمساهمته فيه كانت محل شك لفترة طويلة. معظم العلماء كانوا يعتبرونه محرّرًا لسلسلة سير ذاتية سابقة مكتوبة باللغة القبطية، وأنه كان قد جمعها بغرض ترجمتها إلى اللغة العربية. وكانوا يعتبرون المؤلفون اللاحقون، بدءًا من ميخائيل أسقف تانيس (MIKHA’IL, bishop of Tinnis)، خلفاء لساويرس. ولكن أعرب البعض عن الشك فيما يتعلق بالدور المنسوب إلى ساويرس بن المقفع. وعلى وجه الخصوص، تم إيلاء مزيد من الاهتمام للنشاط التحريري للشماس السكندري موهوب ابن منصور ابن مفرج (MAWHUB IBN MANSUR IBN MUFARRIJ). فمثلاً يناقش د. و. جونسون (D. W. Johnson) أوجه التشابه المحيرة في وصف العمل التحريري الوارد في مقدمات النص المنسوبة إلى ساويرس والملاحظات التحريرية المنسوبة إلى موهوب (Johnson 1977 , pp. 108 – 116). ويقترح دن هايجر (J. den Heijer) إسناد جميع أعمال التحرير إلى موهوب، وبذلك ينكر أي مساهمة لـساويرس. راجع (J. den Heijer 1984, cols. 346 – 347) وأيضاً (J. den Heijer 1989, pp. 81 – 116). ويستند هذا الاستنتاجا لأخير بشكل أساسي إلى دراسة العلاقة بين تنقيحين لتاريخ البطاركة أولهما “النص البدائي” (the “primitive” recension)، الموجود في مخطوطة هامبورغ التي تم تحريرها بواسطة س. ف. سيبولد (Seybold 1912) مع إستكمال (غير منشور) لهذا النص “البدائي” في مخطوطة موزعة بين باريس والقاهرة. وثانيهما “النص الشائع / العام” (the “Vulgate” recension)، وهي نسخة النص في جميع المخطوطات الأخرى المعروفة والتي تم تحريرها بواسطة سيبولد (Seybold 1940 – 1910) وبواسطة ب. ت. إيفيتس (Evetts 1904 – 1915)، واستكملتها جمعية الآثار القبطية (Société d’archéologie copte 1943 – 1974).

المؤلفون:

ما يلي هو مجرد سرد قائمة المؤلفين الذين كتبوا سلاسل مختلفة من سير البطاركة، بما في ذلك المؤلفين الذين كتبوا باللغة القبطية، والذين لا تُعرف نصوصهم (مع بعض الاستثناءات التي تم العثور على أصول قبطية لها) إلا من خلال النص العربي المنسوب إلى ساويرس ابن المقفع وهوالنص الذي ترجمه موهوب. ولا يُحسَب هنا ثلاثة نصوص تظهر في بداية تاريخ البطاركة، ولكنها لا تنتمي بالكامل إليه، وهي أطروحة “حول كهنوت المسيح”، و “حياة القديس مرقس”، و “استشهاد القديس مرقس” [ وقد عٌثِرَ على شظايا من النص القطي الأصلي لها نشرها إيفلين وايت، (Evelyn – White, 1926, pp. 46 – 47)؛ راجع ملاحظات جونسون، (Johnson, 1973, pp. 68 – 70)].

ويعتمد تحديد هوية كاتبي سير البطاركة على عدد من الملاحظات التحريرية التي يصف فيها هؤلاء المؤلفون أعمالهم وأعمال أسلافهم، وكذلك على بيانات سيرتهم الذاتية (الشحيحة في الغالب) التي يقدمونها عن حياتهم. وقد قام جوتشيميد (Gutschmid 1890, pp. 401 – 403) بإجراء تحليل موجز لهذه الملاحظات، ولكن بشكل غير دقيق إلى حد ما. أما الدراسة الأكثر تفصيلاً حول هذا الموضوع فقد قام بها كامل صالح نخلة (Kamil,1943, pp. 9 – 45)، الذي لم يدرس الملاحظات المذكورة أعلاه فحسب، بل فحص أيضًا جميع المصادر القبطية المحتملة لتاريخ البطاركة. وفيما يتعلق ببعض هذه المصادر القبطية، يوضح جونسون أنه قد تم استخدامهما في أغلب الحالات كمصادر غير مباشرة (Johnson,1973, pp. 67 – 74). وتقتصر دراسة جونسون على المؤلفين ومساهماتهم الواردة في تحرير موهوب (Johnson, 1973, pp. 6 – 26; Johnson, 1977)، وهكذا الحال أيضاً فيما يخص الملاحظات الإضافية التي كتبها دن هايجر (den Heijer 1984, 1989). [قام المترجم بتصحيح زلة واضحة لكاتب هذا المقال إذ يدعو “كامل صالح نخلة” بإسمه الأول “كامل” بدلاً من الإسم الأخير “نخلة”، وقد إستخدم المترجم الإسم بأكمله “كامل صالح نخلة” لتفادي الالتباس].

أما بالنسبة للسلسلة الأولى من السير، وهي من أنيانوس لكيرلس الأول (البطاركة من ٢ – ٢٤ في العدد)، فقد أولاها علماء القبطيات الكثير من الاهتمام، حيث أن بعض أجزاء من الأصل القبطي (الصعيدي)، المعروف باسم “تاريخ الكنيسة”، قد تم العثور عليه. وتوجد دراسات بعينها، خاصة بواسطة أوسكار فون ليم (O. von Lemm 1888) ووالتر كرام (W. E. Crum 1902)، تظهر اعتماد هذا النص على كتاب “تاريخ الكنيسة” (Historia ecclesiastica) ل “يوسابيوس القيصري”. وقد تم نشر جميع الأجزاء الصعيدية المعروفة حتى الآن في طبعات نشرها تيتو أورلاندي (T. Orlandi 1968 – 1970) وجونسون (,Johnson ,1973 1976)؛ راجع أيضًا بركمان (Brakmann,1974)، وفرج (Farag,1973). وعلى الرغم من أن والتر كرام (W. E. Crum) قد نظر في إمكانية أن تيموثاوس الثاني (TIMOTHY II) (البطريرك السادس والعشرون في العدد، ٤٥٧ – ٤٧٧م) هو مؤلف هذه السلسلة، يميل معظم الكتاب (الدارسين) الآن إلى الاتفاق على إسناد هذه السير، على الرغم من بعض التردد، إلى كاتب غير معروف سوى إسمه ميناس (مينا)، وربما كان راهباً من دير الأنبا شنودة (Johnson, 1973, pp. 53 – 56)؛ راجع أيضًا كامل صالح نخلة (Kamil, 1943, p. 10)؛ وجونسون (Johnson, 1977, pp. 114 – 115)؛ ودن هايجر (den Heijer, 1984, 1989).

[ملحوظة للمترجم: يشير المختصون الآن أن النص الصعيدي يشمل السير١ – ٢٦. وبحسب معوض [معوض، ٢٠١٣]، كان الإنتهاء من كتابة النص بين عامي ٤٧٥ و٤٧٧، حيث يذكرعودة البطريرك تيموثاوس الثاني (السادس والعشرون في العدد، ٤٥٧ – ٤٧٧م) من منفاه الثاني عام ٤٧٥، لكنه لم يذكر وفاته عام ٤٧٧. والنص الصعيدي يحوي سير مفصلة ومطولة للبطاركة ديوسقوروس (الخامس والعشرون في العدد، ٤٤٤ – ٤٥٤م) وخلفه تيموثاوس الثاني، ولكن النص العربي لموهوب لا يحتوي أي منهما، ولذا يبدو أن النسخة القبطية التي ترجم منها موهوب كانت تنتهي بسيرة كيرلس الكبير (الرابع والعشرون في العدد، ٤١٢ – ٤٤٤م)، وربما هذا يعني أن هذه السلسة كان لها أكثر من مؤلف واحد وأضاف أحدهم سير هذان البطريركان على نص كان ينتهي بسيرة كيرلس الكبير، ولكن النسخة التي كانت بحوزة موهوب لم تكن تحوي هذه الإضافة.].

أما النص القبطي الثاني المستخدم كمصدر لتاريخ البطاركة فيجب أنه تضمن السير بدءًا من كيرلس الأول (رقم 24، 412 – 444) – أي يتداخل مع السلسلة الأولى – إلى سيرة سيمون (سمعان) الأول (رقم 42، 692 – 700). من هذا المصدر القبطي المفقود، فشل “تاريخ البطاركة” في إقتباس سيرة ديوسقورس الأول، التي تغيب بشكل لافت للنظر في النص العربي. مؤلف هذه السيرالقبطية هو جرجا (جرجس) رئيس الشمامسة، الابن الروحي للبطريرك الأربعين يوحنا الثالث (JOHN III) (680 – 689)، وكان جرجا كاتب (سكرتير) للبطريرك الثاني والأربعين سمعان الأول (SIMON I (692 – 700، وكان أيضًا الأب الروحي لقزمان، الذي أصبح فيما بعد البطريرك الرابع والأربعين قزما الأول (726 – 727). وفي واحدة من سير جرجا رئيس الشمامسة، يثبت “تاريخ البطاركة” أنه يستخدم مصدرًا إضافيًا، إذ يحتوي الجزء الأخير من سيرة بنيامين الأول (622 – 661) (Benjamin I) على نسخة مختصرة من كتاب تكريس هيكل بنيامين، كما أوضح بشكل موسع كوكين (Coquin 1975, esp. pp. 24 – 25).

المؤلف الثالث في هذه القائمة هو يوحنا، ودعاه جونسون (Johnson, 1973) “يوحنا الأول”. كان يوحنا الابن الروحي لموسى أسقف أوسيم (MOSES, bishop of Awsim)، والرفيق المقرب لخائيل الأول (KHA’IL I) (744 – 767). من بعض المقاطع في نهاية سيرة هذا البطريرك (خائيل البطريرك السادس والأربعين، ٧٤٣ – ٧٦٧م)، يمكن الاستدلال على أن يوحنا، وهو من مواليد الجيزة، كان راهبًا وشماسًا، وأنه هو نفسه صار أسقفًا لاحقًا، على الرغم من أننا لا نعرف أي شيء عن مقر أسقفيته. كتب “يوحنا الأول” السير 43 – 46، التي تغطي الفترة من 705 إلى 767. وإلى جانب يوحنا، تذكر ملاحظة افتتاحية شخصين يُدعى كلاهما مقاره (مقاريوس)، فيما يتعلق بهذه السلسلة نفسها من سير البطاركة. ولكن من غير الواضح حتى الآن ما هي مساهمتهم فيها.

المؤلف الرابع كان راهبًا يُدعى أيضًا يوحنا، وكتب السير 47 – 55 (من مينا الأول، 767 – 774، حتى شنودة الأول، 858 – 880)، ووصف في ملاحظتين مطولتين إلى حد ما كيف أمره أبيه الروحي آمون (أمونة) بكتابة تلك السير. كان يوحنا قريبًا جدًا من آخر ثلاثة آباء من الذين كتب سيرهم، ومن المحتمل جدًا أنه خدمهم جميعًا ككاتب. ولأنه كتب السير بين الأعوام 865 – 866، فإن ختام سيرة شنودة الأول (ت 880)، وهي خاتمة غير موجودة النص “البدائي” (the “primitive” recension) لتاريخ البطاركة، يجب أن تكون إضافة لاحقة.

وقد كتب ميخائيل أسقف تنِّيس السلسلة الخامسة، التي تضمنت السير 56 – 65 (من خائيل الثاني إلى شنودة الثاني، 880 – 1046)، في عام 1051 أو 1058. ويبدو أنه بسبب هذا التاريخ المتأخر والأسلوب العربي الجيد نسبيًا لهذه المجوعة من السير، فقد افترض معظم العلماء حتى الآن أن ميخائيل كتبها باللغة العربية. ولكن أشار دن هايجر (den Heijer 1984, 1989) إلى أنها كانت مؤلفة باللغة القبطية وترجمت لاحقًا بواسطة موهوب بن منصور بن مفرج، الذي أضاف أيضًا بعض المقاطع الخاصة به إلى نص ميخائيل. ويعتبر تحديد ميخائيل كمؤلف السير56 – 65 مهمًا أيضًا لأنه يقضي على فكرة أن ساويرس بن المقفع هو كاتب سير البطاركة (راجع جونسون، 1977، ص 115 – 116) (cf. Johnson, 1977, pp. 115 – 116)، ووفقًا لما ذكره دن هيجر فإنه يقضي على فكرة أن ساويرس بن المقفع هو جامع السير القبطية ومحرر ترجمتها العربية. وهكذا، يرى المؤلف الأخير حدًا واضحًا بين السلاسل الخمس الأولى من السير (1 – 65) التي تم جمعها وترجمتها من اللغة القبطية في مسعى واحد قاده موهوب بن منصور بن مفرج، والسير اللاحقة، التي كتبها موهوب وخلفاؤه بالعربية مباشرة.

[ملحوظة للمترجم: ميخائيل المذكور كان أسقف تنِّيس (Tinnis)، وهي مدينة مندثرة مكانها جزيرة في بحيرة المنزلة، وهي غير تانيس التي هي صان الحجر، وتانيس أكثر شهرة.].

وبعد أن أكمل تحرير كتابه العربي عن السير القبطية السابقة، بين عامي 1088 و1094، كتب موهوب بن منصور بن مفرج سير البطاركة 66 و67، خريستودولوس (1047 – 1077) وكيرلس الثاني (1078 – 1092). [هنا قام المترجم بتصحيح زلة واضحة لكاتب هذا المقال فيما يخص ترقيم هذان البطريركان.] وحقيقة أن سلفه ميخائيل أسقف تانيس كتب باللغة القبطية يجعل موهوب يظهر كأول كاتب سير في هذه السلسلة يكتب باللغة العربية، وربما حتى كأول مؤرخ قبطي عبر عن نفسه باللغة العربية. وفي الوقت نفسه، موهوب هو أول شخص من عامة الشعب بين مؤلفي تاريخ البطاركة، وهو مؤشر على التحول الذي شهدته الجماعة القبطية في عصره (راجع Martin, 1985, p. 26).

على الرغم من أن إسناد تأليف سيرتي هذان البطريركان لموهوب واضح، إلا أن جورج جراف في كتابه “تاريخ الأدب العربي المسيحي” (Geschichte der christlichen arabischen Literatur)، نسب السيرة السادسة والستين فقط إلى موهوب ونسب خطأً السيرة السابعة والستين إلى خليفته يوحنا بن صاعد (Graf, 1947, p. 301). وربما إستوحى جورج جراف نفس الخطأ من جوتشيميد (Gutschmid, 1890, p. 402). ويظهر يوحنا بن صاعد بالفعل في السيرة السابعة والستين، ولكن فقط بصفته ناسخ أضاف بعض الملاحظات الشخصية أثناء نسخ نص موهوب (den Heijer, 1983, pp. 114 – 119, and 1989, p. 113).

يوحنا بن صاعد بن يحيى بن مينا، المعروف باسم ابن القلزمي الكاتب (الناسخ)، وهو أيضًا علماني ومسؤول رفيع من القاهرة، قام بنسخ وإعادة تنسيق السير التي حررها موهوب، ثم تابع تدوينه لسير بطاركة زمانه (البطاركة 68 و69) وهم ميخائيل الرابع (1092 – 1102) ومكاريوس الثاني (1102 – 1128). ثم كتب البطريرك الثالث والسبعون مرقس الثالث بن زرعة (1167 – 1189) سيرأسلافه، البطاركة 70 و71 و72 (1131 – 1167). وكان قبل تكريسه رجلاً علمانياً يُدعى أبو الفرج بن أبي السعيد بن زرعة.

وبينما يعتبر جورج جراف كاتب السير 73 و74 مجهولاً، يشير إليه كامل صالح نخلة (1943، ص 40 – 42) على أنه “معاني أبو المكارم بن بركات بن أبي العلاء”، ويشير إلى أنه كان من مواليد المحلة. وتبعًا لتقليد بعض أسلافه، قام هذا المؤلف أولاً بنسخ السيرالمكتوبة بالفعل ثم أضاف سير الذاتية للبطاركة المذكورين (73 و74)، الذين تولوا من 1166 إلى 1189 ومن 1189 إلى 1216 على التوالي، بالإضافة إلى سرد منفصل للأحداث التي وقعت بعد عام 1216، عندما بدأت فترة شغور كرسي البطريركية إستمر تسعة عشر عامًا. ويبدو من بعض الملاحظات في نصه أنه كتب على عدة مراحل، على مدى فترة طويلة من الزمن. فكتب السيرة الأولى (سيرة البطريرك الثالث والسبعون مرقس الثالث بن زرعة، 1167 – 1189) عام 1207. وبدأ كتابة روايته عن فترة شغور كرسي البطريركية عام 1221، ويبدو أنه أكملها عام 1229. (Kamil, 1943, pp. 40 – 42)..

ويميل كامل صالح نخلة (Kamil, 1943, p42) إلى اعتبار أن مساهمات المؤلفين التسعة المذكورة أعلاه تشكل كتاب “تاريخ البطاركة” بالمعنى الحصري، وأن سير البطاركة التالية لذلك هي استمراريات مضافة للكتاب. هذا الفصل بينهما مدعوم بالتأكيد من خلال العديد من مخطوطات تاريخ البطاركة، والتي تقتصر على أول 74 سيرة، ومدعوم أيضاً بحقيقة أنه بالنسبة للبطاركة المتبقين، لدينا بشكل عام سير مجهولة المصدر ومختصرة للغاية – ولكن توجد سير مفصلة ولكن منفصلة للبطريرك الخامس والسبعين (انظر أدناه). وبخصوص تلك سيرالمختصرة (البطاركة 76 – 113، الفترة 1250 – 1942)، فربما كانت النسخ الأصلية الأطول موجودة في الماضي، لكن النص المتاح حاليًا غالبًا ما يقتصر على التواريخ الرئيسية (تاريخ التكريس والوفاة) للبطريرك. ولكن هناك بعض الاستثناءات. فسيرة البطريرك السابع والثمانين، متى الأول (1378 – 1409)، طويلة وتستأنف تقليد السير السابقة. وقد تمكّن كامل صالح نخلة (1943، ص 43 – 45) من التعرّف على مؤلفها باعتباره أسقف دير الخندق (DAYR AL – KHANDAQ)، والذي لا بد أنه كتبها بعد وقت قصير من وفاة البطريرك. ثم تعود السير 88 – 97 لتصير موجزة للغاية مرة أخرى، وفي هذا الشكل ربما يكون قد كتبها نساخ البطاركة. وتعد سير البطاركة 98 – 109 (1409 – 1852) أطول بعض الشيء ولكن مجهول مؤلفها، على الرغم من أنه فيما يتعلق بحياة البطريرك الثالث بعد المائة، يوحنا السادس عشر (1676 – 1718)، يرد ذكر إسم الناسخ البطريركي الكاهن عبد المسيح الذي من منية سرد. وأما كاتب السير الأخيرة 110 – 113 فهو أمين مكتبة الدار البطريركية، القمص عبد المسيح صليب المسعودي من دير البراموس (DAYR AL – BARAMUS). راجع (Kamil, 1943, p. 45).

هل تبحث عن  05b-النيل والمسطحات المائية في منف د. باسم سمير الشرقاوي

بصرف النظر عن سلسلة السير المختصرة، هناك سير طويلة للبطريرك الخامس والسبعين، كيرلس الثالث بن لقلق (1235 – 1243)، بما في ذلك فترة شغور الكرسي الطويلة التي سبقت تكريسه، كتبها معاصره يوساب أسقف فوة. تظهر هذه السيرة في كتاب “التاريخ البطريركي” ليوساب أسقف فوة، والذي يسميه جورج غراف (Graf 1947, p. 369) استكمالًا واستمرارًا لتاريخ البطاركة. وهي موجودة في مخطوطة من “دير السريان” (DAYR AL – SURYAN) يحتفظ المتحف القبطي بنسخة منها. ومن ناحية أخرى، تحتوي نشرة جمعية الآثار القبطية (Société d’archéologie copte) (لكتاب “تاريخ البطاركة”) على سيرة منفصلة ومفصلة لنفس البطريرك، حيث يتم الاستشهاد بشخصين: أحدهم “يوحنا بن وهب بن يوحنا بن يحيى بن بولس” وشيخ اسمه “علم الملك بن الحاج شمس الرياسة”. ويبدو أن المحررين يعتبرون الأول مؤلفًا مشاركًا والأخير هو الجامع. ولكن مقارنة هذا النص مع مخطوطة دير السريان، التي قام بها نبيه كامل داود، أثبتت أن كلا النصين متطابقان في الواقع، مما يعني أن حياة كيرلس بن لقلق كما تم تحريرها في تاريخ البطاركة كتبها يوساب أسقف فوة.

يتضح من هذه النظرة العامة للكُتَّاب المختلفين الذين ساهموا في “تاريخ البطاركة” أن البنية المعقدة إلى حد ما لهذا النص تتطلب المزيد من البحث. أما عن مصادره واستخدام هذه المصادر، فإن أحدهم لم يقل الكلمة الأخيرة بعد، على الرغم من الدراسات المهمة التي أجريت في هذا المجال. أما بالنسبة للتقليد الثانوي أو تأثيره على النصوص اللاحقة، فلم يتم الإدلاء إلا ببعض الملاحظات المتفرقة (Levi Della Vida, 1940 – 1941; Cerulli, 1946; Kubiak, 1976). وتوجد دراسات حول لغة وأسلوب “تاريخ البطاركة”، وخاصة معجم مفرداته، ولكنها تستند إلى جزء فقط من النص (Farag, 1969 – 1973, 1976, and 1979).

لا يزال تقييم الأساليب التأريخية والمواقف (الشخصية) أمرًا مطلوبًا، نظرًا لأنه لدينا فقط الملاحظات النقدية التي كتبها إميل اميلينو (E. Amélineau, 1914). وتكفي الاقتباسات العديدة للنص منذ الترجمة الجزئية لإي رينو (E. Renaudot, 1713) في العديد من الدراسات حول التاريخ القبطي لتوضيح أهمية كتاب “تاريخ البطاركة” كمصدر للعديد من جوانب التاريخ القبطي، وهي حقيقة تؤكد على ضرورة إجراء مزيد من البحث النصي.

قائمة المراجع:

طبعات “تاريخ البطاركة”:

  • Sawīrus ibn al – Muqaffa’ (al – Muqaffa’). History of the Patriarchs of the Egyptian Church. Vol. 1, part 1, ed. and trans. B. Evetts. Paris, 1904; Vol. 1, part 2, PO 1, part 2, Paris, 1907; Vol. 1, part 3, PO 5, Paris, 1910. Continued as History of the Patriarchs of the Egyptian Church (HPEC) by Y. Abd al – Masih, O. H. E. Burmester, A. S. Atiya, and Antoine Khater, Cairo, 1943 – 1974.
  • Seybold, C. F. , ed. Severus ibn al – Muqaffa’. Alexandrinische Patriarchengeschichte von S. Marcus bis Michael I (61–767) , nach der ältesten 1266 geschriebenen Hamburger Handschrift im arabischen Urtext herausgegeben. Hamburg 1912.
  • Seybold, C. F. , ed. Severus Bn al – Muqaffa’. Historia Patriarcharum Alexandrininorum. CSCO 59, 52, Scriptores Arabici 8, 9, ser. 3, pt. 1 – 2.

أعمال أخرى تم الإستشهاد بها:

  • Amélineau, Émile. “Les Derniers jours et la mort du khalife Merouân II, d’après l’histoire des patriarches d’Alexandrie.” Journal Asiatique 4, ser. 11 (1914): 421 – 449.
  • Brakmann, Heinzgerd. “Eine oder zwei koptische Kirchengeschichten.” Le Muséon 87 (1974): 129 – 142.
  • Cerulli, Enrico. “La ‘Conquista Persiana di Gerusalemme ed altre fonti cristiane orientali in un episódio dell’ ‘Orlando Furioso. ‘” Orientalia 15 (1946): pp. 439 – 481.
  • Coquin, Rene – Georges. Le livre de la consecration du Sanctuaire de Benjamin. Bibliotheque des d’Etudes Coptes, 13. Cairo, 1975.
  • Crum, Walter Ewig. “Eusebius and Coptic Church Histories.” Proceedings of the Society of Biblical Archaelogy, 24 (1904): 68 – 84.
  • Evelyn – White, Hugh G. The Monasteries of the Wadi ‘n Natrûn, Vol. 1: New Coptic Legal Texts from the Monastery of Saint Macarius. Vol. 2: The History of the Monasteries of Nitria and of Scetis. New York, 1926, 1932.
  • Farag, F. Rofail. “A Comparison of Severus Ibn al – Muqaffa’s Literary Technique in His Two Works, the ‘History of the Patriarchs’ and the ‘Book of the Councils’ 1 & 2. Annual of the Leeds University Oriental Society 7 (1969 – 1973): 50 – 53.
  • Farag, F. Rofail. “The Technique of Research of a Tenth – Century Christian Arab Writer: Severus Ibn Al Muqaffa`.” Le Muséon 87 (1973): 37 – 66.
  • Farag, F. Rofail. “The usage of the Coptic Language as a constituent element of the literary form of Severus Ibn al – Muqaffa.” Bibliotheca Orientalis 33 (1976): 275 – 283.
  • Farag, F. Rofail. “The Usage of the Early Islamic Terminology as a Constituent Element of the Literary Form of a Tenth – Century Christian Arab Writer: Severus Ibn al – Muqaffa.” Journal of the American Oriental Society 99 (1979): 49 – 57.
  • Graf, Georg. “Catalogue de manuscrits arabes chrétiens conservés au Caire.” Studi e testi (Biblioteca apostolica vaticana) , 63. Vatican City, 1934.
  • Gutschmid, Alfred von. “Verzeichnis der Patriarchen von Alexandrien.” In Kleine Schriften. Volt. 2. ed. F. Ruhl. Leipzig, 1890.
  • Heijer, Johannes den. “Quelques remarques sur la deuxième partie de l’Histoire des Patriarches d’Alexandrie.” Bulletin de la Société d’Archéologie Copte 25 (1983): 107 – 124.
  • Heijer, Johannes den. “Quelques remarques sur la deuxième partie de l’Histoire des Patriarches d’Alexandrie.” Bulletin de la Société d’Archéologie Copte 25 (1983): 107 – 124.
  • Heijer, Johannes den. “Mawhūb Ibn Manṣūr Ibn Mufarriǧ et l’Histoire des Patriarches d’Alexandrie: notes sur une étude en cours” , dans Kh. Samir (éd.) , Actes du deuxième congrès international d’études arabes chrétiennes (0osterhesselen, septembre 1984) ( = Orientalia Christiana Analecta 226) , Roma, 1986, p. 143 – 157.
  • Heijer, Johannes den. “Sāwīrus Ibn al – Muqaffaʻ, Mawhūb Ibn Manṣūr Ibn Mufarriǧ et la genèse de l’Histoire des Patriarches d’Alexandrie.” Bibliotheca Orientalis 41 (1984) , col. 336 – 347.
  • Heijer, Johannes den. “L’Histoire des Patriarches d’Alexandrie, recension primitive et Vulgate” , Bulletin de la Société d’Archéologie Copte 27 (1985) , p. 1 – 29.
  • Heijer, Johannes den. “Mawhūb Ibn Manṣūr Ibn Mufarriǧ et l’historiographie copto – arabe. Étude sur la composition de l’Histoire des Patriarches d’Alexandrie.” Corpus Scriptorum Christianorum Orientalium, vol. 513: Subsidia, tomus 81, Lovanii, 1989.
  • Johnson, David W. Coptic Sources of the History of the Patriarchs of Alexandria. PhD Dissertation, The Catholic University of AMerica, Washington, D. C. , 1973.
  • Johnson, David W. “Further fragments of a Coptic History of the Church: Cambridge OR. 1699 R.” Enchoria 6 (1976): 7 – 17, Taf. 1 – 3.
  • Johnson, David W. “Further remarks on the Arabic history of the patriarchs of Alexandria.” Oriens christianus Volume 61 (1977) ; 103 – 116.
  • Kamil Salih Nakhla. Kitab Tarikh wa – Jadawil Batarikat al – Iskandariyya al – Qibt, Tarikh al – ‘umma al – Umah al – Qibtiyyah 4. Cairo, 1943.
  • Kubiak, W. “The burning of Mișr al – Fustāț in 1168. A reconsideration of historical evidence.” Africana Bulletin 25 (1976): 51 – 64.
  • O. von Lemm. Koptische Fragmente zur Patriachengeschichte Alexandriens. Commissionaires de l’Académie impériale des sciences de St. – Pétersbourg 7. sér. , t. 34, no 11, St. Petersburg, 1888.
  • Levi Della Vida, Giorgio. “A Christian legend in Moslem garb.” Byzantion: International Journal of Byzantine Studies, volume 15, 1940 – 1941. pp. 144 – 157.
  • Martin, M. M. “Une Lecture de l’Histoire des Patriarches d’Alexandrie. ” Proche Orient Chrétien 35 (1985): 15 – 36.
  • Orlandi, Tito. Storia délia chiesa di Alessandria, testo copto, traduzione e commento, Vol. 1: Da Pietro ad Atanasio. Vol. 2 Da Teofilo a Timoteo. Vol. 2b. Testi e decumenti per lo Studio dell’Antichita 17, 31. Milan and Varese, 1968 – 970.
  • Samir, Khalil. “Un Trainte inedit de Sévère b. al – Muqaffa’ (10iem siecle) ‘Le Flambeau de l’Intelligence. ‘” Oriental Christiana Periodica 41 (1975): 150 – 210.

ــــــ يوهانس دين هايير.

JOHANNES DEN HEIJER.

تعقيب للمترجم:

المعلومات الواردة في مدخل “تاريخ البطاركة” (سير البيعة المقدسة) في الموسوعة القبطية تحتاج الى تحديث في ضوء المعلومات التي وفرتها الدراسات الحديثة. ولذا فالمترجم يوحد لفت الإنتباه الى أحدث الدراسات. وسيجد القارئ أدناه قائمة بأحدث المقالات الأجنبية والعربية المتعلقة بهذا الموضوع (التي يعرف بها المترجم) والتي صدرت بعد صدور الموسوعة القبطية.

ومن حيث النشرات التي هي في متناول قارئ العربية، فإنه في عامي ٢٠٠٥ و٢٠٠٦ نشر الراهب الفرنسيسكاني وديع عوض أبو الليف دراسة شاملة عن كتاب “سير البيعة المقدسة” ( “تاريخ البطاركة”) وتاريخ تجميعه [1]. والمقال غني بالتفاصيل حول مؤلفي المصادر القبطية الأقدم للكتاب وكذا سلسلة مؤلفي الأجزاء العربية التراكمية منذ صدور الكتاب في القرن الحادي عشر الميلادي.

وفي عام ٢٠١٠، نشر الدكتور صموئيل قزمان معوض، الباحث في قسم القبطيات في جامعة مونستر بألمانيا، مقالاً في “مجلة مدرسة الإسكندرية” يناقش تاريخ تجميع “تاريخ البطاركة” [معوض، كتاب تاريخ البطاركة باللغة العربية، ٢٠١٠م] [2]. كما نشر معوض مقالًا آخر في نفس العام وفي نفس المجلة عن مصدر قبطي صعيدي يُعرف باسم “تاريخ الكنيسة” استخدمه كتاب “تاريخ البطاركة” كأحد مصادره [معوض، كتاب تاريخ الكنيسة باللغة القبطية الصعيدية، ٢٠١٠م] [3]. وقد ظهرت المقالتان مجددًا في كتاب معوض، “إطلالات على تراث الأدب القبطي “، الجزء الأول، ٢٠١٣م [4]، حيث ناقش معوض” كتاب تاريخ البطاركة باللغة العربية “(الصفحات من ٤٧٣ إلى ٥٠٠)، وناقش المصدر الصعيدي الأقدم (الصفحات من ٤٣٧ إلى ٤٧٣). وقد توصل معوض إلى نفس النتائج التي توصل إليها الأب وديع عوض أبو الليف بخصوص مؤلفي كتاب” تاريخ البطاركة “ومصادره.

وقد نشر الباحث شريف رمزي سلسلة مقالات موجزة عن ذات الموضوع في مجلة “الكرازة” في عامي ٢٠٢٠م و٢٠٢١م. وبهذه المقالات بعض التحديثات والإضافات المهمة لاسيما فما يتعلق بشخصية الشماس موهوب بن منصور بن مُفَرِّج وماهي السير التي دونها بنفسه. والباحث يستعرض في إيجاز ما نعرفه عن المترجمين والكُتَّاب الذين دونوا الأجزاء التراكمية لكتاب “سير البيعة” وكذا بعض الرواة الذين كانوا مصادر للتقليد الشفاهي إعتمد عليه كُتَّاب النص، بالإضافة للنساخ الذين نقلوا النص في عصور تالية وأحياناً أضافوا ملاحظاتهم، وأحياناً تدخلوا في النص بالتعديل والحذف والإضافة، وتقديم بعض الفقرات وتأخير بعضها، وأحياناً قاموا بإختصار بعض السير المطولة. وختاماً فإننا نعرف بعض المعلومات عن “المهتمين” بنسخ الكتاب أي من أنفقوا على نسخه.

وقد عُثِرَ على نص قبطي صعيدي في مخطوطتين غير كاملتين في دير الأنبا شنودة المعروف بالدير الأبيض بسوهاج يرمز لهما عالم القبطيات الشهير تيتو أورلاندي (Tito Orlandi, University of Rome La Sapienza) بالرمز MONB. HY وMONB. FY (الأحرف MONTB هي أختصار للفرنسية Monastère blanc أي “الدير الأبيض”). وتوجد شذرة ثالثة تحمل رقم WK. 09620. والثلاث شذرات محفوظة الآن في باريس، ويمكن تصفح صور هذه المخطوطات هنا [5]. وقد توصل فريق المخطوطات الأدبية القبطية بقيادة تيتو اورلاندي الى الكشف عن طبيعة هذه النصوص وأسموا النص الصعيدي ”تاريخ الكنيسة“ (Historia Ecclesiastica Coptica) وأعطي رقم 0200 في سلسلتهم لكتابات الأدب القبطي ، وقد تم تقييم وإرجاع تاريخ كتابة الشذرات الصعيدية إلى عصرالبطريرك ثيودوسيوس الأول السكندري (رقم ٣٣ في العدد، ٥٣٥ – †٥٦٦م) [5].

وفي معرض مناقشته لهذا المصدر القبطي الصعيدي المعروف باسم “تاريخ الكنيسة” والذي استخدمه كتاب “سير البيعة المقدسة” كأحد مصادره [معوض، “إطلالات على تراث الأدب القبطي “، ٢٠١٠م ، ص ٤٣٧]، يذكر صموئيل معوض أن إهتمام الأقباط الأوائل بتدوين تاريخ الكنيسة بمعناه الضيق كان محدوداُ، ولذا لم يصلنا باللغة القبطية سوى هذا العمل المكون من إثني عشر كتاباً (باباً)، فهذا النوع من الأدب لم يكن شائعًا بين الأقباط قبل العصور الوسطى. وقد إعتمدت الأبواب السبعة الأولى من النص الصعيدي على كتاب” تاريخ الكنيسة “الشهير ليوسابيوس بامفيلي (يوسابيوس القيصري)، أسقف قيسارية ماريتيما (قيصارية البحر) بفلسطين (٢٦٠ / ٢٦٥ – †٣٣٩ / ٣٤٠م، الأسقفية ٣١٤ – ٣٣٩ / ٣٤٠م)، وهو كتاب أخرجه يوسابيوس في ٣٢٤م. ولذا فهذه الأبواب السبعة لا تقدم جديداً، إذ هي ترجمة الكتب الثمانية الأولى من” تاريخ الكنيسة “ليوسابيوس القيصري، مع بعض التعديلات، خاصة فيما يتعلق بحياة ماني، وهي ربما مشتقة من Acta Archelai. أما الأبواب الخمسة التالية فتقدم تاريخاً للفترة من بطريركية البابا بطرس الأول خاتم الشهداء السابع عشر في العدد (٣٠٠ – †٣١١م) الى نهاية بطريركية تيموثاوس الثاني ال٢٦ في العدد (٤٥٧ – †٤٧٧م). وربما إعتمد النص الصعيدي أيضاُ على سير ومدائح وميامر مدونة بالقبطية واليونانية للبطاركة القدماء. وقد نشر فريق تيتو اورلاندي في ١٩٩٩م مقارنات بين ثلاثة نصوص (”تاريخ البطاركة“ العربي، والنص اليوناني المعروف ل” تاريخ الكنيسة “ليوسابيوس، وشذرات الترجمة الصعيدية). وكذلك قدم معوض جدول مقارنة [معوض،” إطلالات على تراث الأدب القبطي “، ص ٤٨٠] يوضح اعتماد النص الصعيدي على كتاب “التاريخ الكنسي” ليوسابيوس القيصري. وفي جدول مقارنة آخر من ثلاثة أعمدة (ص ٤٨١ – ٤٨٤)، يقدم معوض دليلاً على أن “النص البدائي” لكتاب “تاريخ البطاركة” (استنادًا إلى مخطوطة هامبورغ – مخطوط عربي٣٠٤ – مكتبة هامبورج ، ويعود تاريخ نسخها لعام١٢٦٦م) يجسد ترجمة عربية شبه حرفية للمصدر الصعيدي، في حين أن المصدر الصعيدي يتبع فقط الخطوط العريضة العامة لكتاب يوسابيوس القيصري. مخطوطة هامبورغ هي أقدم نسخة ل “النص البدائي” لكتاب سيرالبطاركة. كذلك يقدم معوض جدولاً (ص ٤٨٩ – ٥٠٠) يوضح مؤلفي المكونات القبطية والعربية لكتاب “تاريخ البطاركة”. وتشير مقدمة النص العربي ل”تاريخ البطاركة“ إلى ما يدل على وجود ترجمة قبطية لتاريخ الكنيسة ليوسابيوس القيصرى وهو ما ثبت لاحقا.

هل تبحث عن  الإبركسيس فصل من أعمال آبائنا الرسل الأطهار ( 1 : 1 - 14 ) يوم السبت

الموسوعة القبطية - تاريخ بطاركة الإسكندرية - الدكتور عصام شهدي طوني 1

wk. 09620 recto.

الموسوعة القبطية - تاريخ بطاركة الإسكندرية - الدكتور عصام شهدي طوني 2

wk. 09620 verso.

ومن الثابت الآن أن ساويرس بن المقفع أسقف الأشمونين (ولد نحو ٩١٥م – توفي بعد ٩٨٧م) ليس له علاقة بـ “تاريخ البطاركة”، وأن من قام بجمع السير القبطية ليترجمها إلى العربية وأخرج كتاب “تاريخ البطاركة” نحو عام ١٠٩٢م هو الشماس موهوب بن منصور بن مُفَرِّج الإسكندرى بالتعاون مع شماس آخر إلتقاه في دير أبي مقار اسمه أبو حبيب ميخائيل الدمنهوري (تصادف وجوده في الدير أثناء زيارة البطريرك كيرلس الثاني البطريرك رقم ٦٧ في العدد، وعدد من الأساقفة، للدير)، وكان هذا بعد نحو قرن من وفاة ساويرس.

وسبب نسبة الكتاب الى ساويرس أن ساويرس هوأشهر وأهم شخصية وأعظم عالِم دين ولاهوتي قبطي في القرن العاشر الميلادي. وهو من أوائل من كتبوا بالعربية من الأقباط، ولم يسبقه في ذلك (بناء على ما وصلنا) سوى أبو إسحاق بن فضل الله الذي ترك لنا عملين يعودان لـ ٩٢٤ – ٩٢٥م كانا موجودين في مخطوطة في مجموعة خاصة، وهذان العملان أحدهما عن تفسير قول المسيح في الإنجيل أن السماء والأرض تزولان ولكن كلامه لايزول (مر ١٣: ٣١) والأخر عن آخر الأيام. وبإستثناء أبو إسحاق بن فضل الله، يعتقد أن أول من كتب باللغة العربية من مسيحيي مصر كان البطريرك الملكاني سعيد بن البطريق (ولد في الفسطاط في ٨٧٧م وتوفي في ٩٤٠م بالإسكندرية)، صاحب كتاب “نظم الجوهر” (Row of Jewels) المعروف أيضاً باسم “التاريخ المجموع على التحقيق والتصديق” وأيضا ”بتاريخ ابن البطريق“ وبالاسم اللاتيني Eutychii Annales (وقد أخذ عنه ابن خلدون)، وكتاب ابن البطريق يحوي ثلاث مقالات كتبها نحو عام ٩٣٠م. ولكن سوريا المسيحية ككل سبقت مصر في مجال التراث العربي المسيحي بنحو قرنين. وساويرس كان من أوائل من كتبوا بالعربية من الأقباط لأنه اشتكى في كتبه أن طبقة المثقفين والأثرياء الأقباط لم يعودوا يهتمون بدراسة قراءة اللغة القبطية وتدافعوا لتعلم العربية لأجل الفوز بمناصب في الدواوين الحكومية (مثلما عمل هو ككاتب في ديوان الإخشيديين). ولذا فكتابات ساويرس العربية تستهدف هذه الفئة وهي الفئة الوحيدة التي كانت تستطيع أن تقرأ بأي حال بأي لغة. وكان ساويرس قد أصدر كتابه “المجامع” (وكان الإنتهاء من كتابته في هاتور سنة ٦٦٦ قبطية / نوفمبر ٩٥٠م) وتكملته “تفسير الأمانة” (٩٥٥م)، دفاعاً عن الكنيسة القبطية رداً على كتاب “نظم الجوهر” لسعيد بن البطريق. وبسبب تأثير مؤلفاته سيطر على العقل القبطي لقرون حتى أن كتباَ وضعت بعد وفاته بزمان كانت تنسب له. كذلك فإنه من المعروف أن ساويرس بن المقفع كتب كتابا يعرف باسم “كتاب السير” (مفقود حاليا)، وربما المؤرخون في عصور لاحقة فسروا العنوان انه كتاب “سيرالبيعة المقدسة”. وساويرس بن المقفع أسقف الأشمونين هو “أبى البشر بن المقفع الكاتب”. ولد ساويرس نحو ٩١٥م وتوفي بعد ٩٨٧م، حيث من المعلوم أنه شارك في كتابة رسالة السنوديقا التي أرسلها في سنة ٩٨٧م البابا فيلوثاوس بطريرك الإسكندرية رقم ٦٣ في العدد (أقام بطريركاً ٩٧٨ – †١٠٠٣م) لبطريرك أنطاكية أثناسيوس الرابع (أقام بطريركاً ٩٨٦ – †١٠٠٢)، بمناسبة إعتلاء الأخير كرسي بطريرك السريان. وتاريخ ميلاد ونياحة ساويرس بن المقفع تحديدًا غير معلوم على وجه الدقة. وأغلب الدراسات تضع ميلاد ساويرس بين ٩١٠ – ٩١٥م، ونياحته بين ٩٨٧ – ١٠٠٠م.

ويقول موهوب بن منصور بن مفرِّج في مقدمة كتاب تاريخ البطاركة: ”اشتهيتُ أنا الخاطئ البائس أن أجمع سِيَرهم وأكتبها ليكون ذلك ربحاً لي ولمَن يقرأها بعدي. فاستعنتُ بالله – تعالى ذِكره – وتوجَّهتُ إلى ديرالقديس أنبا مقاربوادي هبيب المقدس فوجدتُ هناك الشماس أبو حبيب ميخائيل ابن بدير الدمنهوري“. واتفق الشماسان موهوب بن منصور وأبو حبيب ميخائيل الدمنهوري على جمع سيرالبطاركة فتنقَّلا في مختلف الأديرة، فوجدا سِيَر ٤٢ بطريركاً ابتداءً من مار مرقس الإنجيلي كاروز الديار المصرية إلى سيمون البطريرك ال٤٢ (اقام بطريركاً ٦٩٢ – †٧٠٠م)، وذلك على مجموعتين في دير السيدة العذراء بنهيا (شمال كرداسة وشرق أبو رواش – ودير نهيا خرب بعد القرن الثاني عشر وغير معروف موقعه الآن على وجه الدقة). ثم وجدوا المجموعة الثالثة وهي سير الأربعة بطاركة التاليين للبطريرك سيمون (اي ارقام ٤٣ـ٤٦) في دير الشهيد تادرس بأبلاج (طبقاً للباحث شريف رمزي هو دير الأمير تادرس بأبلاح، وهي أبلاح الزيتون، من القرى القديمة بالفيوم، وكان الدير يطل على المنهى، وهو الخليج المعروف ببحر يوسف. نقلت خطأ أبلاج). أما المجموعة الرابعة وهي تشمل سير تسعة بطاركة جاءوا بعد ذلك (من ٤٧ إلى ٥٥)، فقد وجدوها في دير السيدة العذراء بنهيا أيضاً. وأخيراً، أخذ موهوب بن منصور ومعاونه في هذا الجهد أبو حبيب ميخائيل ابن بدير الدمنهوري المجموعة الخامسة وتشمل سِيَر البطاركة العشرة (من خائيل الأول البطريرك ال٥٦ إلى شنودة الثانى البطريرك ال٦٥) من دير الأنبا مقار الكبير (أو دير الأنبا يؤانس كاما) وهي السير العشرة التي كان قد كتبها بالقبطيّة عام ١٠٥١م ميخائيل الدّمراويّ الذي صار ميخائيل أسقف تنيس. ويجب التَّفريق بين ميخائيل أسقف تنيس (الدّمراويّ، تنيح نحو١٠٦٠م)، الذي دوَّن بالقبطيّة مع آخرين سير عشرة بطاركة، والشماس ميخائيل بن بدير (الدمنهوري)، الّذي عاون موهوب في ترجمة السِّير. كذلك يجب التَّفريق بين تنِّيس (Tinnis)، وهي مدينة مندثرة مكانها جزيرة في بحيرة المنزلة، وتانيس التي هي صا الحجر، وتانيس أكثر شهرة. (وطبقاً للباحث شريف رمزي فإن الشماس أبو حبيب ميخائيل الدمنهوري تصادف وجوده في دير أبي مقار أثناء زيارة البطريرك كيرلس الثاني البطريرك رقم ٦٧ في العدد، وعدد من الأساقفة، للدير، وهناك إلتقاه الشماس موهوب بن منصور بن مُفَرِّج الإسكندرى الذي كان يزور الدير أيضاً في ركاب البطريرك، وهناك إتفقا على التعاون على جمع سير البطاركة، وقام الشماس أبو حبيب ميخائيل الدمنهوري بقسط وافر من ترجمة السير من القبطية إلى العربية نظراً لإجادته للقبطية.).

وجدير بالذكر أن البطريرك الـ٦٤ زخارياس (قام بطريركاً ١٠٠٤ – †١٠٣٢م) والبطريرك الـ٦٥ شنودة الثاني (١٠٣٢ – †١٠٤٦م) كانا قد نقلا مقر قيادة الكنيسة من الأسكندرية الى دمروا (المحلة الكبري) في وسط الدلتا غرب سمنود، حيث بنيا كاتدرائية هناك، قبل أن ينقل البطريرك الـ٦٦ خرستوذولس (اقام بطريركاً ١٠٤٧ـ †١٠٧٧م) مقره الى الكنيسة المعلقة في بابيليون، بسبب تردي الأوضاع في الأسكندرية في فوضى أيام حكم الخليفة الفاطمي المستنصر بالله‎‎ (حكم ١٠٣٦ – ١٠٩٤م) الذي في نهاية عصره جاءت على مصر “الشدة المستنصرية” وهي مجاعة هائلة بسبب غياب مياه النيل لسبع سنين متواصلة عرفت بالسنوات العجاف، وفي أجواء هذه المجاعة عكف موهوب على كتابة “تاريخ البطاركة”، وفي تقديري أن مثل هذه الشدائد هي ما يدفع الإنسان الى البحث في تاريخه. وحتى قبل عصر البطريرك زخارياس فقد إضطر بطاركة الى نقل مقرهم الى أماكن مثل دير أبي مقار بعيداً عن الأسكندرية بسبب صعوبة الأوضاع في المدينة.

وفي إجماع الدارسين، اعتماداً على يوهانّس دن هاير، إن موهوب بن منصور بن مفرِّج كتب سيرتي البطريركين الذين عاصرهم، وهم خرستوذولس البطريرك ال٦٦ (اقام بطريركاً ١٠٤٧ـ †١٠٧٧م) وكيرلس الثاني البطريرك ال٦٧ (اقام بطريركاً ١٠٧٨ـ †١٠٩٢م). ولأن البعض يعتقد أن موهوب أصدر كتاب “تاريخ البطاركة” في برمهات سنة ٨٠٤ ش (مارس ١٠٨٨م)، أو أنه توفي أو توقف نشاطه بعد فترة قصيرة من مارس ١٠٨٨م، فإنهم يفترضون أن موهوب كتب جزء من سيرة كيرلس الثاني حتى سنة ١٠٨٨م، وبالتالي فإن ما كتبه لا يشمل السنوات الأربع الأخيرة لبطريركية كيرلس الثاني، وأن من أكمل سيرة كيرلس الثاني وأضاف سير بطاركة زمانه (البطاركة ٦٨ و٦٩) وهم ميخائيل (خائيل) الرابع (اقام بطريركاً ١٠٩٢ – †١١٠٢م) ومكاريوس الثاني (اقام بطريركاً ١١٠٢ – †١١٢٨م) هو يوحنا بن صاعد بن يحيى بن مينا، المعروف باسم ابن القلزمي الكاتب (الناسخ)، الذي قام بنسخ وإعادة تنسيق السير التي حررها موهوب. ولكن الباحث شريف رمزي (طبقاً لمقالته المنشورة بمجلة الكرازة) يري أن موهوب عاش حتى ما بعد عام ١١٠٢م وأنه هو من كتب سيرة البطريرك الـ٦٨ في العدد ميخائيل الرابع (١٠٩٢ – †١١٠٢م).

وتتضمن مقدمة موهوب معلومات متعلقة بمؤلفي السير القبطية القديمة التي ترجمها هو الى العربية. فعلى سبيل المثال، كانت سِيَر الـ ٤٢ بطريركاً التي وجدها في دير السيدة العذراء بنهيا في مجموعتين: المجموعة الأولى تشمل السير١ – ٢٦، والمجموعة الثانية تشمل السير ٢٤ – ٤٣.

المجموعة الأولى (السير١ – ٢٦) هي المجموعة التي تم العثورعليها لاحقًا في النص الصعيدي المذكور أعلاه. والدارسين الآن يتفقون على إسناد هذه السير إلى كاتب غير معروف سوى إسمه ميناس (مينا)، ربما كان راهباً من دير الأنبا شنودة (الدير الأبيض) في سوهاج. وبحسب معوض [إطلالات على تراث الأدب القبطي، ٢٠١٣]، كان الإنتهاء من كتابة النص بين عامي ٤٧٥ و٤٧٧، حيث يذكر النص عودة البطريرك تيموثاوس الثاني (السادس والعشرون في العدد، ٤٥٧ – †٤٧٧م) من منفاه الثاني في ٤٧٥ إثر انتفاضة الأسكندرية، وإضطرار الإمبراطور باسيليسكوس (٤٧٥ – ٤٧٦) لقبوله بطريركاً، لكنه لم يذكر وفاة البطريرك عام ٤٧٧. والنص الصعيدي يحوي سير مفصلة ومطولة للبطريرك ديوسقوروس (الخامس والعشرون في العدد، ٤٤٤ – †٤٥٤م) وخلفه تيموثاوس الثاني، ولكن النص العربي لموهوب لا يحتوي سيره مفصلة لأي منهما، ولذا يبدو أن النسخة القبطية التي ترجم منها موهوب كانت تنتهي بسيرة كيرلس الكبير (الرابع والعشرون في العدد، ٤١٢ – †٤٤٤م). وربما هذا يعني أن النص الصعيدي له أكثر من مؤلف وأضاف أحدهم سيرتي هذان البطريركان على نص كان ينتهي بسيرة كيرلس الكبير، ولكن النسخة التي كانت بحوزة موهوب لم تكن تحوي هذه الإضافة. والكثير من تأريخنا العربي بخصوص ديوسقوروس يأتي من ساويرس بن المقفع في كتاب “المجامع” وتكملته في كتاب “تفسير الأمانة” (وكان الإنتهاء من كتابته في هاتور سنة ٦٦٦ قبطية / نوفمبر ٩٥٠)، الذان كتبهما دفاعًا عن الكنيسة القبطية ضد كتاب “نظم الجوهر” للبطريرك الملكانى سعيد بن بطريق. وقد أشار موهوب إلى وجود نسخة من سيرة مطولة لديوسقوروس منسوبة لثاؤبستس في دير أبو مقار. (وسيرة ديسقورس ليست السيرة الوحيدة المختصرة في “سير البيعة”، فسيرة اثناسيوس تعتبر مختصرة مقارنة بسيرة اخرى نقلها ارخن اسكندراني يدعي فرح، ونوه عنها موهوب). ويظهر من النص العربي لكتاب “سير البيعة” أن موهوب أو كاتب ما ممن كتبوا الأجزاء القديمة من النص بالقبطية قد إعتبروا مينا آخر من إهتم بكتابة السير، وبرر ذلك بتأثير إنشقاق خلقيدونية (٤٥١م) إذ يقول “وبعد ذلك كتب أفريقينوس وأوسابيوس ومينا كل الجهادات والتجارب التي نالت الرعاة والشعب الى أنبا كيرلس البطريرك الحكيم وماجرى بينهم وبين نسطور، وما لقيه الأب ديوسقوروس بعده في مجمع خلقدونية، ثم إفترقت الأمانة الأرتدكسية والكراسي، حتى أنه لم يبقى من يكتب سيرة، وانقطع ذلك والرب دائم إلى الأبد”.

المجموعة الثانية، ونصها القبطي مفقود، تشمل السير من ٢٤ – ٤٣ بدءًا من كيرلس الكبير (رقم ٢٤، ٤١٢ – †٤٤٤م) إلى نحو عام ٧١٥م، في منتصف سيرة الكسندروس الثاني (رقم ٤٣، ٧٠٤ – †٧٢٩م)، وهكذا فإنها تتداخل مع المجموعة الأولى في سير البطاركة ٢٤ – ٢٦. كُتِبَت هذه المجموعة الثانية من السير نحو عام ٧١٥م (ولكن قبل نوفمبر ٧١٥م)، بواسطة راهب يدعى جرجا (جرجس، توفي بعد وقت قصير من ٧١٥م) وهو راهب من دير أبا مقار يقول عنه النص العربي لـ “سير البيعة” أنه كان “رجل حكيم محب للناس عارف بالكتب الإلهية، فاضل”. كان جرجا الابن الروحي للبطريرك الأربعين يوحنا الثالث المعروف بيوحنا السمنودي (٦٨٠ – †٦٨٩م) إذ يقول النص أنه في كل الشدائد التي نالها هذا البطريرك “كان كاتب هذه السيرة معه لأنه ولده”، ويبدو أن يوحنا السمنودي هو من أقامه شماساً. وشغل جرجا وظيفة كاتب القلاية البطريركية من أيام يوحنا السمنودي إلى أيام البطريرك الثاني والأربعين سمعان الأول (٦٩٢ – †٧٠٠م) الذي رقاه الى رئيس للشمامسة. وكان جرجا أيضًا الأب الروحي لقزمان، الذي أصبح فيما بعد البطريرك الرابع والأربعين قزما الأول (٧٢٩ – †٧٣٠م). وإسهام جرجا في وضع هذه السير يتضح من النص العربي لتاريخ البطاركة إذ يقول النص: “وكل ما جرى كُتِبَ به الينا الى هاهنا في ثاني عشر سيرة من سير البيعة. وبدأ يكتب ما بعد ذلك – من الأب كيرلس، وهو في دير أبلاح يسأل عنها {طبقاً للباحث شريف رمزي هو دير الأمير تادرس بأبلاح، وهي أبلاح الزيتون، من القرى القديمة بالفيوم، وكان الدير يطل على المنهى، وهو الخليج المعروف ببحر يوسف}، الى الأب المعترف الكسندرُس – المُعلم والكاتب في زمانه، هو الشماس الأرشيدياقُن صاحب الأب البطريرك أنبا سيمون بطريرك الأسكندرية وكاتبه، الراهب أنبا مركة جرجا. وكتب ذلك في جبل القديس أبو مقار بوادي هبيب، وأعلمنا ما جرى في زمان مرقيان الكافر وما لحق آبائنا من التعب، وما جاء بعدهم إلى زمان سليمَن ملك المسلمين”، والمقصود هو الخليفة الأموي سليمان بن عبد الملك بن مروان (حكم من فبراير ٧١٥م الى وفاته في سبتمبر ٧١٧م). ويعود فيؤكد تاريخ كتابة السير بقوله “وبعد سنتين ملك نسطاسيوس الى الأن، وهو زمان وضع هذه السيرة”، والمقصود هو الإمبراطور أناسطاسيوس الثاني (Anastasios II) الذي حكم بين يونيو ٧١٣م حتى عزله في نوفمبر ٧١٥م. وقد إستعان كتاب “تاريخ البطاركة” بمصدر إضافي في سيرة بنيامين الأول يحتوي على نسخة مختصرة من قصة تكريس هيكل بنيامين في دير القديس مقاريوس، والقوانين المصاحبة لها، وربما كتب قصة تكريس الهيكل تلميذ بنيامين أغاثون الذي خلفه كبطريرك (أغاثون، رقم ٣٩، ٦٦٢ – †٦٨٠م). وجدير بالذكر أن جرجا كان معاصرا لمؤرخ قبطي آخرهو يوحنا أسقف نيقيوس (John of Nikiû) (وهي بالقبطية بشاتي / بشادي / إبشادي) الذى كتب ”حوليات تاريخ العالم“ (Chronicle of the World). ويصف جرجا أنه ويوحنا أسقف نيقيوس كانا حاضرين عند وفاة البطريرك الـ٤٠ يوحنا الثالث (يوحنا السمنودي) في ٦٨٩م. وهكذا يبدو أن جرجا ويوحنا النقيوسى ومينا أسقف بشادي الذي خلف يوحنا النقيوسي على كرسي بشاتي (أنظر أدناه) كانا جزء من دائرة كنسية تتجمع حول الكرسي البابوي أعدت نصوص تأريخية بالقبطية [23,29]. وبشاتي هي قرية إبشادي الحالية في مركز الشهداء بمحافظة المنوفية في جنوب غرب الدلتا وتبعد ثلاثة كليومترات شمالاً عن دنشواي، وثمانية كيلو مترات غرب ميت أبوالكوم، ونحو ثلاث كيلومترات الى الشرق من زاوية البقلي.

هل تبحث عن  من هي مريم

المؤلف الثالث هو يوحنا، وكان الابن الروحي لموسى أسقف أوسيم، والرفيق المقرب للبطريرك السادس والأربعين خائيل (٧٤٣ – ٧٦٧م). ومن بعض المقاطع في نهاية سيرة هذا البطريرك، يمكن الاستدلال على أن يوحنا، وهو من مواليد الجيزة، كان راهبًا وشماسًا، وأنه هو نفسه صار أسقفًا لاحقًا، على الرغم من أننا لا نعرف أي شيء عن مقر أسقفيته. كتب يوحنا السير 43 – 46، التي تغطي الفترة من 705 إلى 767. وإلى جانب يوحنا، تذكر ملاحظة افتتاحية شخصين يُدعى كلاهما مقاره (مقاريوس)، فيما يتعلق بهذه السلسلة نفسها من سير البطاركة. ولكن من غير الواضح حتى الآن ما هي مساهمتهم فيها.

المؤلف الرابع كان راهبًا يُدعى أيضًا يوحنا من دير أبا مقار، وكتب السير ٤٧ – ٥٥ (من مينا الأول، 767 – 774، حتى شنودة الأول، 858 – 880)، ووصف في ملاحظتين مطولتين إلى حد ما كيف أمره أبيه الروحي آمون (أمونة) بكتابة تلك السير. كان يوحنا قريبًا جدًا من آخر ثلاثة آباء من الذين كتب سيرهم، ومن المحتمل جدًا أنه خدمهم جميعًا ككاتب. ولأنه كتب السير حتى عام ٨٦٦م، فلابد أنه توفي أوتوقف نشاطه بعد وقت قليل من ٨٦٦م. أما خبر وفاة البطريرك شنودة الأول (ت 880) فأضيف في زمن لاحق، فختام سيرة البطريرك غير موجودة النص “البدائي” (the “primitive” recension) لتاريخ البطاركة، ولذا يجب أن تكون إضافة لاحقة.

ولدينا نص قبطي صعيدي مستقل لسيرة البابا اسحق الأول بطريرك الكنيسة الحادي والأربعين (أقام بطريركاً ٦٨٩ـ٦٩٢م)، ارخه الانبا مينا أسقف بشادي. وقد نشر الدكتور صموئيل قزمان معوض ترجمة عربية لهذا النص [“ [معوض، إطلالات على تراث الأدب القبطي، ٢٠١٣، ص٣٧٩ – ٤١٢]. وهو من أندر النصوص القبطية التي تؤرخ لسيرة بطريرك تفصيليا، ويدونها أحد شهود العيان وتتضمن لمحات مهمة عن علاقة البطريرك بالحكام المسلمين وبالكنيسة الخلقيدونية (الملكانية). ومينا اسقف بشادي الذي كتب هذه السيرة كان قد حل محل المورخ الشهير يوحنا النقيوسي أسقف بشادي بعد عزل الأخير في ٦٩٦م. وكان مينا اسقف بشادي كان مقاري مثل يوحنا النقيوسي، ويقال أنه كان خطيب مفوه، ولا يعرف عنه الكثير.

وتظهر في بداية نص”تاريخ البطاركة“ ثلاثة نصوص قديمة لا يعرف مؤلفوها الأصليون هي (1) أطروحة حول “كهنوت المسيح”، و (2) ”حياة مارمرقس“، و(3) ”استشهاد مارمرقس“. وبعض مخطوطات ”تاريخ البطاركة“ تجمع بين النصين ”حياة مارمرقس“ و”استشهاد مارمرقس“ في نص واحد يسمى “أعمال مارمرقس”. ولاشك أنه في سيرة مارمرقس في “تاريخ البطاركة” تمت إضافة تعبيرات متأخرة في نصه العربي، ففي مقدمة السيرة يسمي مرقس “رئيس أساقفة المدينة العظمى الأسكندرية وأول أساقفتها”. واحتساب مارمرقس في عداد البطاركة تقليد بدأ في القرن العاشر الميلادي، وقبل ذلك كان مرقس يعتبر رسولاً، وانيانوس أول اساقفة المدينة.

وقد صدر فى عام ٢٠١٢م عن الهيئة العامة لقصورالثقافة فى مصر كتاب ”تاريخ مصر من خلال مخطوطة تاريخ البطاركة لساويرس ابن المقفع“ في١٠ اجزاء من اعداد وتحقيق عبد العزيزجمال الدين وهوكتاب يشمل نص كتاب ”تاريخ البطاركة“ مع تحقيق موازى من مصادر اخري عربية واسلامية فى الجزء الاسفل من صفحات الكتاب.

قائمة بالمراجع الحديثة:

  1. الأخ وديع عوض الفرنسيسكاني، سلسلة من سبع مقالات عن “تاريخ البطاركة”، مجلة صديق الكاهن، كلية العلوم الإنسانية واللاهوتية بالمعادي، سنة ٢٠٠٥ و٢٠٠٦.
  2. صموئيل قزمان معوض، إطلالات على تراث الأدب القبطي، الجزء الأول. القاهرة: مدرسة الإسكندرية، ٢٠١٣ (ISBN 9789779008592).
  3. صموئيل قزمان معوض، “كتاب تاريخ البطاركة باللغة العربية”، في: مجلة مدرسة الإسكندرية ٦، (٢٠١٠)، ص٢١٧ – ٢٤١.
  4. صموئيل قزمان معوض، “كتاب تاريخ الكنيسة باللغة القبطية الصعيدية”، في: مجلة مدرسة الإسكندرية ٥، (٢٠١٠)، ص ٢٠٩ – ٢٤٠.
  5. http://www.cmcl.it/~cmcl/hisecc.html.
  6. Booth, Phil. “The Ghost of Maurice at the Court of Heraclius.” Byzantinische Zeitschrift. August 2019.
  7. Booth, Phil. “Debating the Faith in Early Islamic Egypt.” Journal of Ecclesiastical History. June 2019.
  8. Booth, Phil. “A Circle of Egyptian Bishops at the End of Roman Rule (c. 600): Texts and Contexts”. Le Museon. August 2018.
  9. Booth, Phil. “Towards the Coptic Church: The Making of the Severan Episcopate.” Millennium. April 2018.
  10. Booth, Phil. “Muslim conquests: The Chronicle of John of Nikiu (c. 690)” in: Reading the Middle Ages: Sources from Europe, Byzantium, and the Islamic World. April 2018.
  11. Booth, Phil. “The Last Years of Cyrus, Patriarch of Alexandria (d. 642).” Centre de Recherche d’Histoire et Civilisation de Byzance: Travaux et Memoires. July 2016.
  12. Farag, F. R. “The Technique of Presentation of a Tenth – Century Christian Arab Writer: Severus Ibn Al Muqaffa`.” Arabica (1977).
  13. Heijer, Johannes den. “Mawhūb Ibn Manṣūr Ibn Mufarriǧ et l’historiographie copto – arabe. Étude sur la composition de l’Histoire des Patriarches d’Alexandrie.” Corpus Scriptorum Christianorum Orientalium, vol. 513: Subsidia, tomus 81, Lovanii, 1989.
  14. Heijer, Johannes den. “Mawhub Ibn Mansur Ibn Mufarrig, XIe siècle: petit essai biographique.” To be published.
  15. Heijer, Johannes den. “Mawhūb Ibn Manṣūr Ibn Mufarriǧ, petit essai biographique.” Parole de l’Orient 14 (1987) , p. 203 – 217.
  16. Heijer, Johannes den. “Réflexions sur la composition de l’Histoire des Patriarches d’Alexandrie: les auteurs des sources coptes.” dans W. Godlewski (éd.) , Coptic Studies. Acts of the Third International Congress of Coptic Studies (Warsaw august 1984) , Warsaw 1990, p. 107 – 113.
  17. Heijer, Johannes den. “Mīḫāʼīl, évêque de Tinnīs, et sa contribution à l’Histoire des Patriarches d’Alexandrie.” dans Kh. Samir (éd.) , Actes du troisième congrès international d’études arabes chrétiennes (Louvain – la – Neuve , septembre 1988) = Parole de l’Orient 16 (1990 – 1991) , p. 179 – 188.
  18. Heijer, Johannes den. “Mawhūb Ibn Manṣūr Ibn Mufarrij al – Iskandarānī (c. 1025 – 1100)” in: A. S. Atiya, ed, Coptic Encyclopaedia, New York, 1991, (5) pp. 1573 – 1574.
  19. Heijer, Johannes den. “À propos de la traduction copte de l’Histoire Ecclésiastique d’Eusèbe de Césarée: nouvelles observations sur les parties perdues.” dans M. Rassart – Debergh & J. Ries (éd.) , Actes du IVe Congrès d’Etudes Coptes (Louvain – la – Neuve 1988) , vol. II, Leuven, 1992, p. 173 – 181.
  20. Heijer, Johannes den. “Une liste d’évêques coptes de l’année 1086.” in: Chr. Décobert (éd.) , Itinéraires d’Égypte. Mélanges offerts au père Maurice Martin s. j. , Le Caire, 1992, p. 147 – 165.
  21. Heijer, Johannes den. “The Composition of the History of the Churches and Monasteries of Egypt: Some Preliminary Remarks.” in: T. Orlandi & D. W. Johnson (eds) , Acts of the Fifth International Congress of Coptic Studies, Washington, 12 – 15 August 1992, Vol. 2, Papers from the Sections 1 – 2, Roma, 1993, pp. 209 – 219.
  22. Heijer, Johannes den. “The influence of the “History of the Patriarchs of Alexandria” on the “History of the Churches and Monasteries of Egypt. ” in: Samir Khalil Samir, S. J. (ed.) , Actes du 4e congrès international d’études arabes chrétiennes (Cambridge, septembre 1992) = Parole de l’Orient 19 (1994) , pp. 415 – 439.
  23. Heijer, Johannes den. “Coptic Historiography in the Fāṭimid, Ayyūbid and Early Mamlūk Periods.” Medieval Encounters. Jewish, Christian and Muslim Culture in Confluence and Dialogue 2 (1996) , pp. 67 – 98.
  24. Heijer, Johannes den. “Apologetic elements in Coptic – Arabic historiography: the Life of Afrahām ibn Zurʻah, 62nd Patriarch of Alexandria.” in: S. Kh. Samir & J. Nielsen (eds) , Christian Arabic Apologetics during the Abbasid Period (750 – 1258) , (Studies in the History of Religions / Numen Bookseries, 43) , Leiden – New York – Köln, 1994, pp. 192 – 202.
  25. Heijer, Johannes den. “Mawhūb Ibn Manṣūr Ibn Mufarridj.” in: Lexicon für Theologie und Kirche, Bd. 6, Freiburg, 1997, col. 1505 – 1506.
  26. Heijer, Johannes den. “Considérations sur les communautés chrétiennes en Égypte fatimide: l’État et l’Église sous le vizirat de Badr al – Jamālī (1074 – 1094).” in: M. Barrucand (ed.) , L’Égypte fatimide, son art et son histoire. Actes du colloque organisé à Paris les 28, 29 et 30 mai 1998, Paris, 1999, p. 569 – 578.
  27. Heijer, Johannes den. “Recent Developments in Coptic – Arabic Studies (1992 – 1996).” in: S. Emmel, M. Krause, S. Richter, S. Schaten (eds) , Ägypten und Nubien in spätantiker und christlicher Zeit. Akten des 6. Internationalen Koptologenkongresses, Münster, 20. – 26. Juli 1996 (Sprachen und Kulturen des Christlichen Orients, Bd. 6) , Wiesbaden, 1999, Band 2. Schriffttum, Sprache und Gedankenwelt, pp. 49 – 64.
  28. Heijer, Johannes den. “Le patriarcat copte d’Alexandrie à l’époque fatimide.” in: Chr. Décobert (ed.) , Alexandrie Médiévale 2 (Études alexandrines 8) , Le Caire, 2002, pp. 83 – 97.
  29. Heijer, Johannes den. “Wādī al – Naṭrūn and the History of the Patriarchs of Alexandria.” in: Proceedings of the Wadi al – Natrun symposium (Wadi an – Natrun, Egypt, February 1 – 4, 2002) , Part I = Coptica. Journal of the Saint Mark Foundation and Saint Shenouda the Archimandrite Coptic Society 2 (2003) , pp. 24 – 42.
  30. Heijer, Johannes den. “Les Patriarches coptes d’origine syrienne.” in: R. [Y.] Ebied & H. Teule (eds) , Studies on the Christian Arabic Heritage in Honour of Father Prof. Dr. Samir Khalil Samir S. I. at the Occasion of his Sixty – Fifth Birthday (Eastern Christian Studies 5) , 2004, p. 45 – 63.
  31. Heijer, Johannes den. “Relations between Copts and Syrians in the light of recent discoveries at Dayr as – Suryān.” in: M. Immerzeel, J. van der Vliet, M. Kersten & C. van Zoest (eds) , Coptic Studies on the Threshold of a New Millennium. Proceedings of the Seventh International Congress of Coptic Studies, Leiden August 27 –September 2, 2000, Leuven, 2004, pp. 923 – 938.
  32. Heijer, Johannes den. “Le vizir fatimide Badr al – Ǧamālī (466 / 1074 – 487 / 1094) et la nouvelle muraille du Caire: quelques remarques préliminaires.” dans U. Vermeulen & K. D’hulster (éd.) , Egypt and Syria in the Fatimid, Ayyubid and Mamluk Eras V. Proceedings of the 11th, 12th and 13th International Colloquium organized at the Katholieke Universiteit Leuven in May 2002, 2003 and 2004 (Orientalia Lovaniensia Analecta 169) , Leuven, 2007, p. 65 – 81.
  33. Heijer, Johannes den. “Remarques sur le langage de quelques textes copto – arabes médiévaux.” in: J. Grand’Henry & J. Lentin (eds) , Moyen arabe et variétés mixtes de l’arabe à travers l’histoire. Actes du premier colloque international sur le moyen arabe et les variétés mixtes de l’arabe, Louvain – la – Neuve, mai 2004 (Publications de l’Institut Orientaliste de Louvain, 58) , Louvain – la – Neuve, 2008, p. 109 – 119.
  34. Heijer, Johannes den. “La présence chrétienne au Caire fatimide: un problème d’histoire urbaine.” in: K. D’hulster & J. Van Steenbergen (eds) , Continuity and Change in the Realms of Islam. Studies in Honour of Urbain Vermeulen (Orientalia Lovaniensia Analecta 171) , Leuven, 2008, pp. 169 – 179.
  35. Heijer, Johannes den. “Religion, ethnicity and gender under Fatimid rule. Three recent publications and their wider research context.” Bibliotheca Orientalis 65 (2008) , col. 38 – 72.
  36. Heijer, Johannes den & Pilette, Perrine. “Murqus Simaika (1864 – 1944) et l’historiographie copto – arabe: à propos du manuscrit Musée Copte, Hist. 1.” in: P. Buzi & A. Camplani, eds, Christianity in Egypt: literary production and intellectual trends in late antiquity. Studies in honor of Tito Orlandi (Studia Ephemeridis Augustinianum 125) , Rome, 2011, p. 227 – 250. , 2011.
  37. Heijer, Johannes den, assisted by Pilette, Perrine. “Abū l – Makārim. Al – Shaykh al – Muʾtaman Abū l – Makārim Saʻd Allāh ibn Jirjis ibn Masʻūd.” in: David Thomas & Alex Mallett (eds.) , Christian – Muslim Relations: A Bibliographical History, Volume 4 (1200 – 1350) , Leiden, 2012, p. 983 – 988.
  38. Heijer, Johannes den. “The Martyrdom of Bifām Ibn Baqūra al – Ṣawwāf by Mawhūb ibn Manṣūr ibn Mufarrij and its Fatimid background” , in M. M. Shenoda, J. den Heijer, Y. Lev & M. N. Swanson, eds, Non – Muslim Communities in Fatimid Egypt (10th – 12th centuries CE) , Medieval Encounters 21 (2015) , pp. 452 – 484.
  39. Orlandi, Tito. The Coptic translation of Eusebius of Caesarea, HE , “Rend. Mor. Acc. Lincei” , ser. IX, vol. V, 1994, p. 399 – 456.
  40. O. von Lemm. Koptische Miscellen. I–XV”, Bulletin de l’Académie Impériale des Sciences de St. – Pétersbourg. VI série, 5: 1 (1907) , 141–151.
  41. Pilette, Perrine & Heijer, Johannes den. “Transmission et diffusion de l’historiographie copto – arabe: nouvelles remarques sur les recensions primitive et vulgate de l’Histoire des Patriarches d’Alexandrie.” in: Cultures in Contact. Transfer of Knowledge in the Mediterranean World. Selected Papers, MONFERRER SALA J. P. & TORALLAS TOVAR S. (eds) , Cordoba – Beyrouth, 2013, pp. 103 – 140. , 2013.
  42. Shenoda, M. M. ; Heijer, J. den; Lev, Y. ; & Swanson, M. N. , eds, Non – Muslim Communities in Fatimid Egypt (10th – 12th centuries CE) , Medieval Encounters 21 (2015) – Nos. 4 – 5, Leiden: Brill, 2015.
  43. Sidarus, Adel Y. From Coptic to Arabic in the Christian Literature of Egypt, 2013.
  44. Sidarus, Adel Y. “La pré – renaissance copte arabe du Moyen Âge,” Eastern Crossroads: Essays on Medieval Christian Legacy, ed. J. P. Monferrer – Sala, Gorgias ECS 1 (Piscataway NJ, 2007) , 191 – 216.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي