النعمة التي نحن مقيمون فيها

النعمة التي نحن مقيمون فيها

شبه الوحي الإلهي (في مثل الابن الضال) علاقة المؤمنين بالله بعلاقة الأبناء بأبيهم، لكنه أوضح أيضًا أن هذه العلاقة لا قيمة لها بدون إقامة الأبناء في بيت أبيهم، أي: تحت رعايته وسلطانه، وهذا امتياز خاص للأبناء فقط. إن الله هو رب البيت الذي ضمَّ أولاده المؤمنين تحت رعايته وسلطانه. لقد أطلق الوحي الإلهي لقب رب البيت على الله في مواضع كثيرة في الأناجيل الأربعة، كقوله: “يَكْفِي التِّلْمِيذَ أَنْ يَكُونَ كَمُعَلِّمِهِ، وَالْعَبْدَ كَسَيِّدِهِ. إِنْ كَانُوا قَدْ لَقَّبُوا رَبَّ الْبَيْتِ بَعْلَزَبُولَ، فَكَمْ بِالْحَرِيِّ أَهْلَ بَيْتِهِ!” (مت10: 25). إن كل من يبقى في بيت أبيه يتمتع بخيراته ونعمه الكثيرة، كقول الابن الضال: “فَرَجَعَ إِلَى نَفْسِهِ وَقَالَ: كَمْ مِنْ أَجِيرٍ لأَبِي يَفْضُلُ عَنْهُ الْخُبْزُ وَأَنَا أَهْلِكُ جُوعًا!” (لو15: 17).

كلمة رب البيت تعني سيده، أي له سلطان وسيادة، وقادر على رعاية من له، إن المؤمنين يفتخرون بأبيهم رب البيت القادر على حمايتهم ورعايتهم، كقول معلمنا بولس الرسول: “الَّذِي بِهِ أَيْضًا قَدْ صَارَ لَنَا الدُّخُولُ بِالإِيمَانِ، إِلَى هذِهِ النِّعْمَةِ الَّتِي نَحْنُ فِيهَا مُقِيمُونَ، وَنَفْتَخِرُ عَلَى رَجَاءِ مَجْدِ اللهِ” (رو5: 2).

الإقامة في النعمة بحسب قول الكتاب امتياز لكل ابن من أبناء الله، ولكن هل ندرك جميعنا هذا الامتياز العظيم؟ لقد أدرك القديسين هذا الامتياز، لأنهم تمتعوا بنعم الله الكثيرة. ومن أمثال هذه النعم ما يلي: نعمة السلام في وسط الضيق، ونعمة الإيمان والثقة في الله القدير، الذي يحول كل الأشياء لخير أولاده، ونعمة تعزيات الله التي تبدد الحزن من القلب وقت الألم، ونعمة الرجاء في وعود الله لمحبيه، والتي تعطي الإنسان صبرًا وقت الضيق والشدة. وهكذا… إن نعم الله لأبناءه المقيمين معه أي المتمسكين به، لا تعد لكثرتها، كقول الكتاب: “وَمِنْ مِلْئِهِ نَحْنُ جَمِيعًا أَخَذْنَا، وَنِعْمَةً فَوْقَ نِعْمَةٍ. لأَنَّ النَّامُوسَ بِمُوسَى أُعْطِيَ، أَمَّا النِّعْمَةُ وَالْحَقُّ فَبِيَسُوعَ الْمَسِيحِ صَارَا” (يو1: 16- 17).

هل تبحث عن  القديس يوحنا واعماله الكتابية في الدير

القارئ العزيز… إن الاستفادة من النعم الكثيرة الموهوبة لك بالروح القدس (كنز الصالحات ومعطي الحياة) تتوقف على أسلوب حياتك، وعلاقتك بالله الذي قدم دم ابنه الثمين ليفديك، والذي سكب عليك روحه القدوس ليغنيك بنعمته. فياليتك تتعلق به وتهتم بالحياة به وله، كقول الكتاب: “بِهذَا أُظْهِرَتْ مَحَبَّةُ اللهِ فِينَا: أَنَّ اللهَ قَدْ أَرْسَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ إِلَى الْعَالَمِ لِكَيْ نَحْيَا بِهِ” (1يو4: 9).

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي