النعمة في قلب داود

النعمة في قلب داود


فقال رجال داود له هوذا اليوم الذي قال لك عنه الرب…

فقال لرجاله حاشا لي من قِبَل الرب
أن أعمل هذا الأمر بسيدي بمسيح الرب

( 1صم 24: 4 ،6)


كانت لدى داود بعض الأسباب التي تشجعه على الانتقام من شاول منها:

1 ـ أن شاول لم يكتفِ بأن يضمر له العداء في قلبه، بل كان باذلاً كل الجهد في قتله. فكان في إمكان داود أن يتخذ من تصرفات عدوه هذه مُبرراً للانتقام منه على مبدأ الدفاع عن النفس الذي يحبذه الكثيرون.

2 ـ كون داود هو الملك الشرعي الممسوح من الله عوضاً عن شاول المعزول. فمساعي شاول العدائية، واغتصابه للعرش، وتمرده على الله والملك، وسوء إدارته للمملكة، كانت بواعث قوية تجعل داود بريئاً أمام ضميره لو قتل شاول لأنه كان بذلك يُريح نفسه ومملكته وربه من ملك طائش أرعن.

ولكن كانت الأسباب التي تحمله على الصفح عنه بل وحمايته أيضاً أقوى من تلك التي كانت تحمله على قتله. من هذه الأسباب أن داود لم يقف عند حد أفكار البشر، بل سما في مستواه حتى أمكنه أن يكون له شركة في أفكار الله، فاستطاع وهو تحت الناموس أن يطبق على نفسه القول الوارد في الإنجيل “أحبوا أعداءكم، باركوا لاعنيكم، أحسنوا إلى مُبغضيكم، وصلّوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم”. فمعاملة الرحمة والنعمة هذه الموجودة أزلياً في قلب الله من نحو الإنسان انسكبت في قلب داود وظهرت في حياته، فكانت تصرفاته تليق بأولاد الله. وفي هذا نرى أن نعمة الله كانت باعثاً قوياً على إضعاف بل وإماتة تأثير البواعث الأخرى التي كان ينتظر أنها تدفع داود لينتقم لنفسه. وعلى قدر ما كانت هذه البواعث قوية ووجيهة، فبذات القدر أظهرت النعمة أمجادها في الانتصار عليها.

هل تبحث عن  التمييز بين انواع الجراد في الكتاب المقدس

وقد كان داود متشبعاً من روح سيده فلم يطلب النقمة بل رفض نهائياً كل فرصة قُدمت له من هذا القبيل. أما نحن فكثيراً ما نُخدع بالفرص التي يقدمها لنا العدو ليصطادنا بها بدعوى أن العناية هي التي رتبتها، ومن الجهل أن نضيّعها. أما داود فلم يؤخذ بشَرَك الفرصة.

فيجب أن يكون لنا القلب المروَّض حتى نمتحن كل فرصة، فلا نقبل إلا كل ما تأكدنا أنه من يد القدير، كما كان سيدنا حين علم أن الناس مُزمعون أن يأتوا ويختطفوه ويجعلوه ملكاً قبل الوقت المعيَّن له من الله، فتركهم وانصرف.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي