الهروب المجيد

الهروب المجيد2

«فَترَكَ ثوبَهُ فِي يَدِهَا وهَرَبَ وخرَجَ إِلَى خارِجٍ»

( تكوين 39: 12 )





هناك مواقف عار على المؤمن أن يهرب منها، ومثالنا نحميا الرجل العظيم الذي كلَّفهُ الرب بعمل عظيم، وهو بناء سور أُورشليم، وإذ حاول الأعداء أن يثنوه عن العمل، رفع شعاره العظيم في مواجهة مكيدتهم الخبيثة قائلاً: «أ رَجُلٌ مِثلي يَهرُبُ؟» (نح٦: ١١).

لكن هناك مواقف عار على المؤمن إن لم يُبادر بالهروب منها، ومثالنا يوسف الشاب العظبم. فحينما طلبت امرأة سَيِّده المصري منه ان يضطجع معها، رفع شعاره العظيم في مواجهة الخطية قائلاً: «كيفَ أَصنعُ هذا الشَّـرَّ العظيمَ وأُخطئُ إِلى اللهِ؟» ( تك 39: 9 ). ثم برهن عمليًا أنه مُتمسك بما قاله، فحينما حاولت أن تحقق غرضها الشـرير بالقوة، «فأَمسَكَتهُ بثوبهِ … تركَ ثَوبَهُ في يَدِهَا وهرَبَ» ( تك 39: 12 ).

وهناك ثلاثة أمور كانت في حسبان يوسف، نتج عنها انتصاره على الخطية:

أولاً: لقد وضع هذه الخطية في مكانها الصحيح قياسًا على قداسة الله، فرآها ليست مجرَّد شر، بل شر عظيم. وقبل أن يَصفها الحكيم بانها نار تؤخذ في الحضن ( أم 6: 27 )، استشعر يوسف هذا عن يقين، فبادَر بالهروب من هذا الفخ الشيطاني.

ثانيًا: أمانته لسَيِّده المصـري، الذي أعطاه أن يتصـرَّف في بيته كما يتراءى له، ولم يُمسِك عنه شيئًا إلا امرأته، التي كان يراها يوسف خطًا أحمر لا يمكن تجاوزه.

ثالثًا: قبل أن يكون يوسف أمينًا لسَيِّده، كان أمينًا لله. فكان يعلم أن هذه الخطية – قبل أن تكون خيانة لسَيِّده المصـري – هي قبل كل شيء خيانة فى حق سَيِّده السَّماوي. أَ ليس هذا هو الأمر الذي استشعره داود بعد ذلك بمئات السنين فقال: «إِلَيكَ وحدَكَ أَخطَأتُ، والشَّـرَّ قُدَّامَ عينَيكَ صَنعتُ» ( مز 51: 4 ). لكن داود قال هذا بعد أن اقترف الخطية، الأمر الذي بسببه دفع الثمن غاليًا. فالخطية طالما أُقتُرِفت، لها تداعياتها المريرة. أما يوسف، إذ كان يعلم علم اليقين أن الخطية تُقتَرف في عيني الله القدوس، لم يتردَّد لحظة في اتخاذ قرار الهروب، ليُسجل لنا على صفحات الوحي، أعظم شعارات النصـرة على الشـر. وكأن يوسف كان يعلَم ما سوف يقوله بولس بعد ذلك بآلاف السنين: «لأَنَّ اللهَ لَم يَدعُنا للنَّجاسَةِ بل فِي القداسةِ» (١تس٤: ٧).

هل تبحث عن  عدي على سراير المرضى يا يسوع وأخلق رئة جديده 🙏♥️

يا له من شاب عظيم حقًا! لقد أكرم الله بهذا الهروب المجيد، فأكرمه الله. لقد أبى أن يركع للخطية، فركعت له كل أرض مصـر. فيا للمُجازاة العظيمة! .

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي