المزمور المئة والثامن عشر (المئة والسابع عشر في الأجبية)
ينسب بعض الدارسين هذا المزمور لداود وأنه في فرحة إمتلاكه كل المملكة دعا الشعب ليفرح معه ولكن ليس للإحتفال بداود نفسه كملك ولكن بالمسيح المنتظر.
وبعض الدارسين ينسبون المزمور لداود في فرحته بصعود التابوت لأورشليم.
وبعض الدارسين ينسبون المزمور لوقت لاحق، للإحتفال به في تدشين الهيكل. وقيل أنه يستخدم في الاحتفال بعيد المظال.
وكانوا يستخدمون هذا المزمور بطريقة التسبحة في الكنيسة الآن. ففريق منهم ينشد آية ويرد عليهم الفريق الآخر بآية كقرار. وصار اليهود يصلون به وهم آتون للهيكل ليذكروا أن من يدخل الهيكل يجب أن يكون باراً “إفتحوا لي أبواب البر” ويذكروا في تسبيحهم الضيقات التي صادفتهم وعمل الله الإعجازي في كل ضيقاتهم وكيف خلصهم، وينظرون للمستقبل بثقة، فإذا كان الله قد خلصهم فهو سوف يخلصهم من كل ضيقة في المستقبل. وأن أي ضيقة يسمح بها هي للتأديب.
والمزمور يرى أن الصديق الذي يسلك بكمال مضطهداً ومرذولاً من الجميع، قد صار رأساً للزاوية، أي رفعه الله وعظمه بالرغم من إحتقار الناس له. وهي تنطبق على الشعب الذي إحتقره وإضطهده المصريين ولكن الله اختاره شعباً له يقيم في وسطهم. والتلمود يقول أن الشعب كان يرتل المزمور في عيد المظال وهم يهزون الأغصان في أيديهم أثناء العيد.
ونرى في هذا المزمور نبوات متعددة عن عمل المسيح الخلاصي، بل أن المسيح طبقه على نفسه صراحة (مت42: 21). واعتبر نفسه أنه الحجر الذي رذله البنائين فصار رأساً للزاوية. والحجر يرمز للمسيح، وقصة هذا الحجر أنه أثناء بناء هيكل سليمان كانوا يأتون بالحجارة منحوتة جاهزة من الجبل إلى مكان البناء في الهيكل. ووجد البناؤون حجراً كبيراً لا ينطبق على المقاسات المطلوبة فرذلوه. وإذ أتوا لمكان ربط الحائطين الأساسيين وجدوا أن هذا الحجر المرذول ينطبق تماماً على المكان المطلوب، فوضعوه ليربط الحائطين. وصار هذا مثلاً، ولكنه صار نبوة عن المسيح الذي جعل الاثنين واحداً (أف13: 2 – 16) فهو وحد السمائيين مع الأرضيين واليهود مع الأمم. وقيل أن المسيح سبح هذا المزمور مع تلاميذه ليلة العشاء السري، فكان المسيح يقول مقطع والتلاميذ يردون عليه بالمقطع الآخر.
والكنيسة تصلي الآيات (24 – 26) في مزمور قداس عيد القيامة، بل تصلي هذه الآيات بلحنها المعروف كل يوم أحد لنذكر الخلاص الذي صنعه المسيح بقيامته وإنتصاره على الموت. بل فيه تبررنا وصار لنا الدخول من أبواب البر.
وتصلي الكنيسة هذا المزمور في صلاة الحادية عشرة، أثناء إنزال جسد المسيح من على الصليب، لتذكر أحداث ذلك اليوم الرهيب الذي إجتمع الكل فيه ضد المسيح وصلبوه (الآيات 10 – 14). ولكن الرب عضد المسيح (13، 14) إذ استمع إلى صراخه آية (5). وأقامه منتصراً على الموت (16 – 18). بعد أن كانوا قد صلبوه إذ أوثقوا الذبيحة بربط إلى قرون المذبح. والمذبح هو الصليب والذبيحة هي المسيح. ونرى في هذا صورة للكبش الذي وجده إبراهيم موثقاً بقرنيه إلى الغابة. والقرون رمز للقوة، فالمسيح إستسلم تماماً دون إبداء أية مقاومة كمن هو بلا قوة وإذ ترى الكنيسة عمل المسيح الخلاصي تطلب من الجميع أن يسبحوا الله على عمله. إذا رأوا وأدركوا قوة الخلاص وقوة دم المسيح. وكون الذبيحة موثقة بقوة بقرون المذبح فهذا يعني:
الأعداد 1-4
الآيات (1 – 4): –
“1اِحْمَدُوا الرَّبَّ لأَنَّهُ صَالِحٌ، لأَنَّ إِلَى الأَبَدِ رَحْمَتَهُ. 2لِيَقُلْ إِسْرَائِيلُ: «إِنَّ إِلَى الأَبَدِ رَحْمَتَهُ». 3لِيَقُلْ بَيْتُ هَارُونَ: «إِنَّ إِلَى الأَبَدِ رَحْمَتَهُ». 4لِيَقُلْ مُتَّقُو الرَّبِّ: «إِنَّ إِلَى الأَبَدِ رَحْمَتَهُ».”.
تتكرر عبارة إِنَّ إِلَى الأَبَدِ رَحْمَتَهُ أربع مرات، ورقم 4 يشير للعالم وذلك لأن رحمة الرب شملت العالم كله، فهو صَالِحٌ = صانع الخيرات. ورحمته شملت الجميع يهوداً (فهو خلصهم من كل ضيقاتهم)، وكهنة = بَيْتُ هَارُونَ = إذ أعطاهم أن يكونوا كهنة له فنالوا كرامة أكثر من باقي الشعب، خصوصاً إذ أزهرت عصا هرون وحينما اقتربوا للمذبح يشفعون في الشعب. ورحمة الله تشمل كل مُتَّقُو الرَّبِّ = الذين يستجيبون له ولعمله، وأما المعاندون فهم يرفضون رحمته.
العدد 5
آية (5): –
“5مِنَ الضِّيقِ دَعَوْتُ الرَّبَّ فَأَجَابَنِي مِنَ الرُّحْبِ.”.
هذه يقولها الشعب في ضيقته، وداود في اضطهاد شاول له وغيره، ويقولها ربنا على الصليب، ويقولها الآن كل متألم واثقاً في استجابة الرب له.
الأعداد 6-7
الآيات (6 – 7): –
“6الرَّبُّ لِي فَلاَ أَخَافُ. مَاذَا يَصْنَعُ بِي الإِنْسَانُ؟ 7الرَّبُّ لِي بَيْنَ مُعِينِيَّ، وَأَنَا سَأَرَى بِأَعْدَائِي.”.
يقول الرب “خافوا ليس من الذي يقتل الجسد ولكن ليس له سلطان على النفس”. قد نضطهد الآن ولكن لنا نصيباً سماوياً. ووقتها سيكون نصيب إبليس وتابعيه بحيرة النار وكل ما يصيبنا فهو بسماح من الله ضابط الكل فلماذا نخاف (يو11: 19).
بَيْنَ مُعِينِيَّ = هناك كثيرين حولي يعينونني ولكن ما أفخر به وأعتمد عليه ليس قوة هؤلاء الأبطال بل الله الذي له قوة غير محدودة وأنه يحبني، بينما هؤلاء الأبطال قد يحبونني اليوم وغداً لا. وقوتهم محدودة، بل الله هو الذي أرسلهم لي ليعينوني.
الأعداد 8-9
الآيات (8 – 9): –
“8الاحْتِمَاءُ بِالرَّبِّ خَيْرٌ مِنَ التَّوَكُّلِ عَلَى إِنْسَانٍ. 9الاحْتِمَاءُ بِالرَّبِّ خَيْرٌ مِنَ التَّوَكُّلِ عَلَى الرُّؤَسَاءِ.”.
والله لا يحب من يحتمي بغيره لأن فيه كل القدرة (إر5: 17 + إش1: 31).
الأعداد 10-13
الآيات (10 – 13): –
“10كُلُّ الأُمَمِ أَحَاطُوا بِي. بِاسْمِ الرَّبِّ أُبِيدُهُمْ. 11أَحَاطُوا بِي وَاكْتَنَفُونِي. بِاسْمِ الرَّبِّ أُبِيدُهُمْ. 12أَحَاطُوا بِي مِثْلَ النَّحْلِ. انْطَفَأُوا كَنَارِ الشَّوْكِ. بِاسْمِ الرَّبِّ أُبِيدُهُمْ. 13دَحَرْتَنِي دُحُورًا لأَسْقُطَ، أَمَّا الرَّبُّ فَعَضَدَنِي.”.
لقد أحاط الأعداء بالمسيح ثم بكنيسته، بل وعلى كل صِدِّيق ليسقطوه في خطية. وبإسم الرب دائماً يندحر إبليس وجنوده وأتباعه، وكما إنتصر داود على جليات بإسم الرب، إنتصر المسيح على الشيطان بالصليب، وإنتصر وينتصر كل مؤمن بِإسْمِ الرَّبِّ. ولاحظ تكرار أنه بِإسْمِ الرَّبِّ يبِيد أعدائه 3 مرات، وهذا إشارة للثالوث لذلك نعمد باسم الآب والإبن والروح القدس (مت19: 28). نَارِ الشَّوْكِ = تنطفئ سريعاً مصدرة أصواتاً عالية ولكن بلا استمرارية، وهكذا حرب إبليس. دَحَرْتَنِي دُحُورًا لأَسْقُطَ = “دفعت لأسقط” (سبعينية). ويشير المدفوع ليسقط إلى آدم ويشير لكل من يجربه إبليس ليسقطه ولكن الرب يعينه.
الأعداد 14-17
الآيات (14 – 17): –
“14قُوَّتِي وَتَرَنُّمِي الرَّبُّ، وَقَدْ صَارَ لِي خَلاَصًا. 15صَوْتُ تَرَنُّمٍ وَخَلاَصٍ فِي خِيَامِ الصِّدِّيقِينَ: «يَمِينُ الرَّبِّ صَانِعَةٌ بِبَأْسٍ. 16يَمِينُ الرَّبِّ مُرْتَفِعَةٌ. يَمِينُ الرَّبِّ صَانِعَةٌ بِبَأْسٍ». 17لاَ أَمُوتُ بَلْ أَحْيَا وَأُحَدِّثُ بِأَعْمَالِ الرَّبِّ.”.
يَمِينُ الرَّبِّ هو ابن الله الذي تجسد لخلاصنا وتكرار القول 3 مرات إشارة إلى أن عمل الخلاص هو عمل الثالوث. وهذا موضوع تسبيح المفديين.
العدد 18
آية (18): –
“18تَأْدِيبًا أَدَّبَنِي الرَّبُّ، وَإِلَى الْمَوْتِ لَمْ يُسْلِمْنِي.”.
الله يؤدب أولاده لكي يكملهم (عب5: 12 – 11).
الأعداد 19-21
الآيات (19 – 21): –
“19اِفْتَحُوا لِي أَبْوَابَ الْبِرِّ. أَدْخُلْ فِيهَا وَأَحْمَدِ الرَّبَّ. 20هذَا الْبَابُ لِلرَّبِّ. الصِّدِّيقُونَ يَدْخُلُونَ فِيهِ. 21أَحْمَدُكَ لأَنَّكَ اسْتَجَبْتَ لِي وَصِرْتَ لِي خَلاَصًا.”.
الآيات (22 – 28) نرى فيها عمل المسيح الخلاصي فنرى فيها تجسده وصلبه وكمدخل لهذه الآيات نسمع هنا طلبة المرتل اِفْتَحُوا لِي أَبْوَابَ الْبِرِّ لتعبر عن اشتياقه لهذا العمل الفدائي الذي سيبرره وسيبرر كل مؤمن. وبالمعمودية ندخل الكنيسة جسد المسيح الذي إن ثبتنا فيه نثبت في البر، ويأتي الرد على المرتل كاستجابة له هذَا الْبَابُ لِلرَّبِّ = والباب هو المسيح فليس بسواه نتبرر. فيسبح أَحْمَدُكَ لأَنَّكَ اسْتَجَبْتَ لِي.
الأعداد 22-23
الآيات (22 – 23): –
“22الْحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ الْبَنَّاؤُونَ قَدْ صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ. 23مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ كَانَ هذَا، وَهُوَ عَجِيبٌ فِي أَعْيُنِنَا.”.
الْحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ الْبَنَّاؤُونَ = هو المسيح الذي رفضه اليهود وأهانوه. هو الحجر الذي قطع بغير يدين فصار جبلاً كبيراً (دا 24: 2 + أع11: 4).
العدد 24
آية (24): –
“24هذَا هُوَ الْيَوْمُ الَّذِي صَنَعُهُ الرَّبُّ، نَبْتَهِجُ وَنَفْرَحُ فِيهِ.”.
يوم خلاصنا، هو اليوم الذي صنعه الرب، وهو بدأ بميلاد المسيح ثم صلبه ثم قيامته ثم صعوده. لذلك نرتل هذه الآية في أيام الأحاد وليلة عيد القيامة.
العدد 25
آية (25): –
“25آهِ يَا رَبُّ خَلِّصْ! آهِ يَا رَبُّ أَنْقِذْ!”.
بعد أن قدَّم الله عمله الخلاصي، علينا أن نستمر في الصراخ يا رب خلص، يا رب إنقذ، حتى تنتهي أيام غربتنا، وحتى لا نصير مرفوضين بعد أن دخلنا من باب البر.
العدد 26
آية (26): –
“26مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ. بَارَكْنَاكُمْ مِنْ بَيْتِ الرَّبِّ.”.
مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ = لقد قابل الشعب، السيد المسيح وهو داخلاً أورشليم قائلين أوصنا يا ابن داود. مبارك الآتي باسم الرب. وكلمة أوصنا = هوشعنا بمعنى خَلِّصْ. وبذلك يكونون قد كرروا هذه الآيات (25، 26). وتكون هذه الآيات (25، 26). هي نبوة عن دخول السيد المسيح لأورشليم ليبدأ عمل الخلاص.
مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ = هي عن المسيح الذي سيأتي ليخلص (هذه قيلت في العهد القديم) وسيأتي في اليوم الأخير. هو أتي بإسم الرب ليعمل عمل الخلاص وليمجد إسم الله. وعلينا أن نطلب منه دائماً أن يأتي ليسكن في قلوبنا ويملك عليها. بَارَكْنَاكُمْ مِنْ بَيْتِ الرَّبِّ من الكنيسة بيت الرب تعلن بركة الرب لشعبه، لذلك تبارك الكنيسة شعبها بإسم الرب. والكنيسة تعطي لشعبها بركة الأسرار. فالكنيسة هي الأم الشرعية لكل مؤمن.
العدد 27
آية (27): –
“27الرَّبُّ هُوَ اللهُ وَقَدْ أَنَارَ لَنَا. أَوْثِقُوا الذَّبِيحَةَ بِرُبُطٍ إِلَى قُرُونِ الْمَذْبَحِ.”.
الرَّبُّ هُوَ اللهُ وَقَدْ أَنَارَ لَنَا = حين تجسد وقال أنا نور العالم.
أَوْثِقُوا الذَّبِيحَةَ بِرُبُطٍ إِلَى قُرُونِ الْمَذْبَحِ = المسامير ربطت المسيح بقوة إلى الصليب، ولكن ما ربط المسيح بقوة عظيمة هو محبة المسيح العجيبة لنا وشهوته لخلاصنا التى دفعته لذلك، كما تنبأ إشعياء النبى (إش27: 2 – 5 + إش42: 14).
قرون المذبح = مذبح المحرقة رمز للصليب، ومذبح البخور رمز لشفاعة دم المسيح القوية، فالقرون فى البيئة الرعوية ترمز للقوة. والمذبحين كان لكل منهما أربعة قرون عند أربعة زوايا (أركان) المذبح.
وفى الترجمة السبعينية جاءت الآية “رتبوا عيداً بموكب حتى قرون المذبح” أو “رتبوا عيدامع الواصلين إلى قرون المذبح” أي لنفرح ونسبح ربنا. ولنفرحمع كل نفس آمنت وتجاهد لتثبت فى المسيح بقوة. أمسكت بالمسيح ولم ترخه كما عملت عروس النشيد (نش3: 4) فأمسك بها المسيح عريسها بقوة = القرون. فالعيد هو الفرح، ومن يفرح يسبح المسيح الذى أتى كذبيحة ليخلصنا. وفى الآيتين الآتيتين يسبح المرنم الرب على خلاصه العجيب ويطلب منا جميعا أن نسير فى موكب فرح نسبح الرب المخلص فرحين بخلاصه وفرحين بكل نفس تجد طريق الخلاص وتسير معنا فى الموكب.
الأعداد 28-29
الآيات (28 – 29): –
“28إِلهِي أَنْتَ فَأَحْمَدُكَ، إِلهِي فَأَرْفَعُكَ. 29احْمَدُوا الرَّبَّ لأَنَّهُ صَالِحٌ، لأَنَّ إِلَى الأَبَدِ رَحْمَتَهُ.”.