بسمو قداستكِ، وبغنى رحمتكِ، وبشدة محبتكِ نحو الذين يحبونكِ، فلو كنت مثرياً من الأموال، لكنت أصرف غناي جميعه فيما يأول لتكريمكِ. ولو أكون حاصلاً على رعايا مخضعين لسلطاني، لكنت أجتهد في أن أجعلهم كافةً منشغفين في حبكِ، وأخيراً أريد أن أصرف من أجل مجدكِ وأكراماً لشخصكِ ثمن دمي، وحياتي أيضاً أن لزم الأمر. فأنا اذاً أحبكِ يا أمي، ولكنني في الوقت عينه أخشى من أن لا تكون محبتي لكِ كائنة حقاً، لأني أسمع ما يقال من الفيلسوف: أن الحب يجعل المحبين شبيهين بالأشخاص المحبوبة منهم: فاذاً عندما أرى ذاتي بهذا المقدار بعيداً عن أن أكون شبيهاً بكِ، فأستدل من هذه العلامة على أن حبي لكِ ليس بكائنٍ، لأنكِ أنتِ كلية الطهارة والنقاوة.
وأنا مملؤ من الدرن والأدناس. أنتِ هكذا متواضعةً وأنا بالضد متكبرٌ، أنتِ بهذا المقدار ساميةٌ في القداسة. وأنا بجملتي موعبٌ من الآثام. ولكن من حيث أنكِ تحبينني أيتها الأم الحنونة.
فيخصكِ أن تصنعي هذا الأمر. وهو أن تصيريني شبيهاً بكِ. فأنتِ حصلتِ على الأستطاعة بأن تغيري القلوب. فاذاً خذي قلبي هذا وغيريه. وبذلك تظهرين للعالم كم هو عظم أعمالك.
ومقدار أنعامك نحو الذين تحبينهم. فقدسيني وأجعليني أهلاً لأن أكون أبناً مرصياً لكِ. فهكذا أرجو وكذلك فليكن لي آمين †