بهاؤهما الأول

يحسن بنا أن نبدأ تأملاتنا في شخصيات الكتاببأبوينا الأولين، آدم وحواء، ونرى كيف خلقا وكيف كانا، وميزات طبيعتهما الأولى في عمق بهائها ومجدها، وكيف قادهما الضعف البشرى، وتطور بهما من سقطة إلى أخرى، حتى كثرت خطاياهما جدًا، وفسدت طبيعتهما البشرية.

1-كانا مخلوقين، غير مولودين، لم يرثا فسادًا من طبيعة سابقة:
آدم وحواء، لم يولدا من دم، ولا من مشيئة جسد، ولا من مشيئة رجل.. لم يأتيا من زرع بشر، ولم يرثا طبعًا فاسدًا من طبيعة سابقة عليهما، إنما خلقهما الله، شيئًا جديدًا لم يتلوث من قبل، وبالطريقة التي أرادها الرب لهما.

بهاؤهما الأول

2-خلقهما الله على صورته ومثاله. ولا يمكن أن يوجد أعظم من هذا، أن يكون آدم وحواء على شبه الله..
وفي ذلك يسجل سفر التكوين “وقال الله نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا.. فخلق الله الإنسان على صورته، على صورة الله خلقه. ذكرًا وأنثى خلقهم” (تك 1: 26، 27).
وما أكثر تأملات الآباء القديسين وتفسيراتهم، الخاصة بخلق أبوينا الأولين على صورة الله..
* قيل إن الله خلقهما على صورته في البر والقداسة، في وضع فائق للطبيعة.. وهكذا كان كلاهما بارًا بلا خطية حينما خلقهما الله متسربلين بالقداسة..
* وقيل على صورته في الجمال والبهاء والمجد، أي أعطاهما قبسًا من بهاءه، فكانا في منتهى الجمال، جسدًا ونفسًا وروحًا.. وقيل إن الله خلق الإنسان على صورته في الخلود، إذ وهب لهما حياة خالدة، نفخها في أنف آدم، نسمة حياة، فصار آدم نفسًا حية (تك 2: 7).
* وقيل إن الله خلقهما على صورته في حرية الإرادة.
* وقيل أيضًا إن الإنسان خلق على صورة الله في التثليث والتوحيد: ذاتًا، لها عقل ناطق، ولها روح. والذات والعقل والروح كائن واحد: كالذات الإلهية، لها عقل، ولها روح، والثلاثة كائن واحد.. إنما الله غير محدود في كل شيء، والإنسان محدود..
* وقيل إن الله خلقهما على صورته في الملك والسلطة. فكانا ملكين على الأرض، وممثلًا للخليقة الأرضية كلها..
* وقيل إن الله كان يعرف مسبقًا بسقوط الإنسان، وبأنه سيخلى ذاته ويتجسد لكي يخلصه. فخلق هذا الإنسان على الصورة التي كان الله مزمعًا أن يتجسد بها، على شبهه ومثاله..
3-وكان آدم وحواء يتصفان بالبساطة والبراءة:
ما كانا يعرفان الشر إطلاقًا. كانا يعرفان الخير فقط، ولا شيء سوى الخير. لذلك لم يفكرا وقت التجربة أن الحية يمكن أن تخدع وأن تكذب. فعبارات الكذب والخداع لم تكن موجودة في قاموسهما في ذلك الحين.
وفي بساطتهما وبراءتهما، ما كانا يعرفان بعضهما من الناحية الجنسية، بل كطفلين ساذجين – ما كانا يفهمان الفروق العضوية في تركيب جسديهما. وكما ذكر سفر التكوين “وكانا كلاهما عريانين، آدم وامرأته، وهما لا يخجلان” (تك 2: 25).
4-وقد باركهما الله معًا، بنفس البركة، وأعطاهما سلطانًا على الأرض كلها بجميع كائناتها، نفس السلطة لكليهما..
وفي ذلك يذكر سفر التكوين “وقال الله نعمل الإنسان كصورتنا، فيتسلطون على سمك البحر، وعلى طير السماء، وعلى البهائم، وعلى كل الأرض، وعلى الدبابات التي تدب على الأرض” (تك 1: 28). وهكذا عاش الاثنان، ولهما هيبة وسلطة، على الأرض ومخلوقاتها. ما كانا يخافان الوحوش أو دبيب الأرض، بل عاشا وسط الأسود والنمور والفهود والحيات والثعابين وما أشبه، في حياة من الألفة والسلام، لهما سلطان على كل هؤلاء. ترى الوحوش فيهما صورة الله فتعاملهما بالمهابة اللائقة بهما.
وآدم هو الذي سمى كل الحيوانات وكل ذوات الأنفس بأسمائها “وكل ما دعا به آدم ذات نفس حية، فهو اسمها. فدعا آدم بأسماء جميع البهائم وطيور السماء، وجميع حيوانات البرية” (تك 2: 19، 20).

هل تبحث عن  مَثَل الكرَّامين

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي