admin
نشر منذ سنتين
2

تفاصيل رقاد سيدتنا والدة الإله الفائقة القداسة مريم *الملاك جبرائيل يخبرها بموعد رقادها*

كلمة اﻵب لقد حل فيك يا عذراء.. وهو الذي قد أصعدك للسماء..فاشفعي بممجيدي دفنك

تفاصيل رقاد سيدتنا والدة الإله الفائقة القداسة مريم
*الملاك جبرائيل يخبرها بموعد رقادها*

بعد موت ابنها، كانت والدة الإله تذهب بتواتر إلى جبل الزيتون. هناك، على منحدر تلّة صغيرة، كان يقع البستان الذي صلّى فيه ربّنا ونضَحَ دمًا. في هذا البستان نفسه، كانت أمّه الكلّيّة النقاوة تُبلّل التّراب بدموعها وتتوسّل إلى ابنها وإلهها أن يرتضيَ بأخذها إليه. كانت تريد التحرّر من الجسد، والحياة مع المسيح.
فيما كانت تصلّي هناك ذات يوم، ظهر لها الملاك “جبرائيل” وأنبأها بحلول الأجَل، الذي كان سيحدث بعد ثلاثة أيّام. وكعربون للمواعيد المختصّة بها، قدّم لها الملاك صولجانًا ملكيًّا من الفردوس: غُصنَ نخيلِ ساطعًا بالنّعمة السّماوية، لكي يُحمَل أمام سريرها عند نقل جسدها الجزيل القداسة إلى الدّفن.
++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
*طِلبات الفائقة القداسة من الله بعد أن علِمَت بِدنو ساعة الرقاد*

كانت السّيّدة الكلّيّة النّقاوة راغبة بشدّة أن ترى ثانيةً الرسل الذين كانوا منتشرين في المسكونة كلّها، فصلّت إلى الربّ أن يحدث ذلك.
صلّت أيضَا أن لا ترى في ساعة الرحيل أمير الظلمات ورَهطَهُ المرعِب، بل بالأحرى ابنها وإلهها مواكَبًا من الملائكة القدّيسين، لكي يأخذ نفسَها في يدَيه المقدّستَين، كما كان قد وعَدَها.
فيما كانت توجّه تضرّعاتها وتشكّراتها، انحنت أشجار الزيتون إلى الأرض كَبَشَر، لإبداء خضوعها وإجلالها لوالدة الإله. هكذا عند كلّ سجود لوالدة الإله، كانت الأشجار تواكبها.
+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
*ارتجاج منزل والدة الإله فور عودتها إليه*

عندما عادت إلى بيتها، حدث أن بدأ كلّ شيء يرتجف بتأثير من القدرات الإلهيّة التي كانت تحيط بها بحالٍ لا تُرى، ومن المجد الجزيل القداسة الذي كان يفيض من شخصها. كان وجهها الجزيل القداسة ساطعًا دومًا بفعل النّعمة، بيدَ أنّه تألّق وقتئذٍ بمجدٍ يتعذّر وصفُه.
+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
*التحضيرات لساعة الرحيل*

وشرعت الكلّيّة القداسة في الاستعداد لرحيلها. فبدأت بإعلان الخبر ليوحنا التّلميذ الحبيب، أرَته الصّولجان المُضيء وأوصَته بأن يحمله أمام سريرها الجنازيّ. ثمّ أعلمَت برحيلها الوشيك جميع من كانوا يخدمون في بيتها.
هيّأت الغرفة السّرير، جَعَلَت طيبًا في المباخر، أشعلت العديد من المصابيح، اهتمّت بكلّ ما هو ضروريّ للدّفن.
وبلا تأخّر، بعث يوحنا برسالة إلى القدّيس يعقوب أخ الربّ وأوّل أسقف على أورشليم، وكذلك إلى الأهل وذوي القربى، وبدوره أعلم القدّيس يعقوب مؤمني أورشليم والقرى المجاورة.
+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
*وعدها لنا بأنها لن تتركنا يتامى*

جميع الذين كانوا ملتئمين حول والدة الإله أخذوا يبكون بحيث امتلأ البيت صراخًا وبكاءًا ونحيبًا. توسّلوا جميعهم أمّهم الجزيلة الإشفاق ألّا تتركهم يتامى، لكنّها طلبت منهم ألّا يبكوا وأن يفرحوا لموتها. ووعدتهم أنها لن تتركهم يتامى، وتكفّلت بأن تزورهم بعد موتها، ومعهم العالم بأسره، وأن تساعد جميع الواقعين في الشّقاء، فجففّت كلماتها الدّموع وسكّنت النّحيب.
أوصَت بقميصَيها لأرملتَين فقيرتَين كانتا تخدمانها بمحبّة وتتلقّيان منها معيشتها، وأرادت أن يُدفَن جسدًها المقدّس في جتسماني على سفح جبل الزيتون، هناك كان مدفِنا والدَيها القديسَين يواكيم وحنة، وكذلك مدفَن يوسف الصّدّيق الخطيب الإلهيّ.
+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
*اختطاف الرسل من جميع بقاع الأرض على السَّحاب وإحضارهم إلى منزل الفائقة القداسة*

فيما كانت تُعطي توجيهاتها، حدث دويٌّ عظيم، كَطَلقةِ رعدٍ قويّة، وتكوّمت سُحبٌ حول البيت. فبأمر من الله، كان الملائكة قد خطفوا لتوّهم الرسل القدّيسين، واقتادوهم من أقاصي المسكونة إلى أبواب بيت والدة الإله على هذه السُّحُب. وإذ تبيّنوا بعضهم بعضًا فرِحوا، متسائلين عن السبب الذي كان الربّ قد جمعهم لأجله.
آنذاك خرج القدّيس يوحنا اللّاهوتيّ للقائهم ذارفًا دموعَ فرحٍ وأعلن لهم أنّ أوان رحيل الكلّيّة القداسة قد دنا. فأدرك الرسل بأنّ الربّ قد جمعهم من أقاصي المسكونة، ليشاهدوا وفاة أمه الكليّة النقاوة، ويدفنوا – كما ينبغي – جسدها الجزيل القداسة.
+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
*وداع التلاميذ لوالدة الإله*

هل تبحث عن  الصقر في الكتاب المقدس

دخلوا البيت، فوجدوا والدة الإله جالسة على سريرها، طافحةً ببهجة روحيّة، وبعد أن سلّموا عليها فاضوا بالبكاء. وإذ سردوا لها كيف اختطفهم روح الله واقتادهم على السُّحُب، مجّدت الكليّة النقاوة الله كونه استجاب لصلاتها. أخذت تشدّدهم وتطلب منهم أن يفرحوا معها: “لقد اقتادكم الربّ إلى ههنا لتعزية نفسي التي ينبغي أن تترك هذا الجسد وفقًا لناموس الطبيعة الساقطة… افرحوا معي! فإنّي منطلقة نحو ابني وإلهي. ستحملون جسدي كما رتَّبتُهُ على هذا السّرير، فتنقلونه إلى جتسماني، وتدفنونه وفقًا لناموس الطبيعة.”

وصل بدوره بولس الرسول، فارتمى عند قدميها، وإذ فتح فمهُ، دفق أمامها سيول مدائحه: “إفرحي يا أمّ الحياة وموضوع كرازتي.”
بالقرب من القديس بولس، كان تلاميذه واقفين، القديس ذيونيسيوس الأريوباغي، إيروثيوس الجدير بالإعجاب، تيموثيوس، ورُسُل آخرون من السّبعين. وإذ نادتهم الكليّة القداسة كلّ واحد باسمه، باركتهم ممتدحة إيمانهم والجهد الذي كانوا قد بذلوه للتبشير بالمسيح، وتمنّت الغبطة الأبدية لكلّ منهم، وتوسّلت إلى الله أن يحمي العالم ويمنحه السلام.
+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
*حضور السيّد المسيح لاستلام نَفس والدته*

كان ذلك في الـ15 من شهر آب. عند السّاعة الثّالثة، فيما كانت والدة الإله مستلقية على سريرها مزيّنةً للمناسبة، مستعدّة للإنطلاق المغبوط. أضاء المنزل نورُ المجدِ الإلهيّ غير الموصوف فارتاع التّلاميذ من هذا الإشراق النّازل من السّماء، وهوذا المسيح ملك المجد يتقدّم، محاطًا بحشدٍ لا يُحصى من الملائكة، ورؤساء الملائكة، والقوّات السّماويّة، ونفوس الأبرار، والأجداد القدّيسين، والأنبياء.
اقترب الربّ من أمّه، فنهضت وانحنت أمامه قائلةً: ” تُعظّم نفسي الربّ، وتبتهج روحي بالله مخلّصي لأنّه نظر إلى تواضع أمَتِه.”
فنظر إليها بعينيه الودودَتَين وقال: “تعالي يا أقرب المقرّبين إليّ! تعالي يا حمامتي! (نش2: 14) تعالي يا لؤلؤتي العظيمة الثّمن! ادخلي مسكن الحياة الأبديّ.”

فانحنت من جديد وأجابت: “تبارك اسمكَ المجيد أيّها الربّ إلهي! لقد شئتَ أن تختارني، أنا أمتك الخاشعة، بغية إتمام السّرّ. فاذكرني في ملكوتك الأبديّ يا ملك المجد. أنت تعرف كم أحببتُك من كلّ قلبي. حفظتُ الكنز الذي كنت قد سلّمتهُ إليّ. فالآن تسلّم أنت نفسي في السّلام، واحمِها من عالَم الظُّلمات! لا يكُن عليها أن تخشى هجمات الشّيطان!”

فشدّدها الربّ بأقواله العذبة طالبًا منها أن لا تخشى بأس الشّيطان الذي كان هو قد داسه، ودعاها إلى الإرتقاء بجرأة من الأرض إلى السّماء، فأجابت بفرح: “مستعدٌّ قلبي يا الله، مستعدٌّ قلبي (مز 107: 1) فليكُن لي بحسب قولك (لو 1: 38).”

بعد ذلك تمدّدت على سريرها، فرحةً برؤية وجه ابنها السّاطع، وفيما كانت ملتهبة حبًّا وفرحًا روحيُّا، استودعت نفسها في يديه، بلا ألم، وكأنّها تغرق في نومٍ جزيل العذوبة. أمّا ذاك الذي كانت قد حملتهُ هي بلا فساد، وولدتهُ بلا أوجاع، فقد أخذ نفسَها الجزيلة القداسة برقّة، ولم يسمح لجسدها بأن يرى الفساد. في الحال دوّى بفرحٍ نشيد الملائكة الذي كان يعيد أقوال الملاك جبرائيل عند بشارة العذراء: “إفرحي يا ممتلئة نعمة، الربّ معكِ، مباركةٌ أنتِ في النساء”… ومواكَبَةً من جميع النراتب السّماويّة، اقتيدت النّفس الجزيلة القداسة إلأى السّماء في يديّ الربّ.
+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
*جسد والدة الإله يشفي المرضى ويطرد الشياطين*

بعد الوهلة الأولى، انحنى التّلاميذ أمام الربّ الذي كان يرفع نفسّ أمّه إلى السّماء. وفيما كانوا يذرفون الدّموع، رأوا وجه مريم الكلّيّة القداسة مُشعَّا كالشّمس. وكان جسدها الجزيل النّقاوة يفوح شذىً غير موصوف يفوق عطور هذا العالم كافّةً.
قبّل الجميع الجسدَ المقدّس بخشيةٍ واحترام. وبمجرّد ملامسة الكليّة النّقاوة، كان المرضى يتعافَون، وأعين العميان تستنير، وآذان الصُّمّ تنفتح، وأرجُل العُرج تتقوّى، والأرواح النّجسة تختفي، وكلّ ألم يزول.
+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
*انطلاق موكب نقل جسد والدة الإله، وطوق من السُّحُب ترافقه نشائد الملائكة يظلّله*

هل تبحث عن  بَغُل

بعد هذه الأحداث العجيبة كلّها، رفع القدّيس بطرس والقدّيس بولس والقدّيس يعقوب – يليهم الهامات الآخرون – السّرير على أكتافهم وسار الموكِب.
في الطّليعة، كان القدّيس يوحنا اللّاهوتيّ يحمل الصّولجان اللّامع والمَلَكيّ، والجمعُ الباقي يسير حول الرسل القدّيسين مع مصابيحَ ومباخِر. وكان القدّيس بطرس يبدأ الإنشاد، ويتبعه الجميع بتوافقٍ تام.

كان ثمّة طوقٌ من السُّحب قد تشكّل فوق السّرير، إكليلٌ عظيمٌ ومضيءٌ له هالة نور. ومن فوق هذه الغمامة كان يُسمَع نشيدٌ جزيل العذوبة، وقد واكبت هذه الغمامة الكليّة القداسة حتّى القبر.
+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
*محاولات اليهود التطاول على جسد والدة الإله فيما كان الموكب يسير*

أثناء المسير، وقع حدثٌ محزنٌ. فَشَعبُ أورشليم المؤلَّف معظمه من يهود غير مؤمنين، قد استنفر بسبب هذه الأناشيد، ومن المجد والإكرام اللّذان كان يؤدّيا لأمّ يسوع. وإذ علم بذلك رؤساء الكهنة، أوفدوا خدّامهم وجندهم وحشدًا من حملة الأسلحة والعصي، بغية تشتيت الجمع، وقتل تلاميذ يسوع، وحرق غنائمهم.
لكن فور اقترابهم من الموكب، انخفضت الغمامة الدّائريّة حتّى الأرض، حمايةً للرسل القدّيسين، ولمَن كانوا يواكبونهم.
أمّا مَن كانوا يتوخّون الأذى، فقد ضربهم بالعمى الملائكة القدّيسون الذين كانوا ماثلين بحالٍ غير منظورة فوق الجسد الجزيل القداسة والمؤمنين، فأخذوا يصطدمون بجدران المدينة، ملتمسين أيديًا تغيثهم.

ومع ذلك، بتدبيرٍ سرّيّ، شاء الله اجتراح معجزة أعظم. فقد رأى أحد رؤساء الكهنة أنّ الغمامة ارتفعت، فانقضّ بغضبٍ على السّرير ليُسقِطَ جسدَ سيّدتنا الجزيل النّقاوة. لكن عندما بلغت يداهُ الوقحتان الهدف، قُطِعتا من قِبَل ملاك كان يستلّ سيف انتقام الله غير المنظور، فتدلّتا من السّرير بحالٍ يرثى لها. فانهار رئيس الكهنة، وإذ شعر بخطيئته صرخ بحزن ملتفتً نحو الرسل:
– “الويل لي! ارأفوا بي يا خدّام المسيح.”

فأمر القدّيس بطرس بإيقاف الموكب وقال:
– “لقد صار لك ما كنتَ تريده لسواك! إفهم إذًا أنّ الربّ هو إله النّقمات! (مز 93: 1) ربّنا الذي قتلتموه لا يودّ منحك الشّفاء ما لم تؤمن من كلّ قلبك، ما لم يعترف فمك أنّ يسوع هو المسيح ابن الله!”

وفي الحال صرخ رئيس الكهنة: “أؤمن أنّه المسيح، مخلّص العالم، والذي تنبّأ عنه الأنبياء! إنّما كنّا قد بدأنا نؤمن به، ولكن حسدًا سقطنا في ظلمات الخبث و لم نٌرِد الاعتراف بعظمة الله. لقد حُكنا بظلمٍ دسيسة موتِه، لكنّه بقدرة اللاهوت، قام في اليوم الثالث، مُخزيًا إيّانا جميعًا، نحن الذين كانوا قد مقتوه. واجتهدنا في إخفاء قيامته باسئجار الحرّاس، بيد أنّا لم نستطع التوصّل إلى ذلك، لأنذ الخبر كان قد انتشر إلى كلّ مكان.”

بعد اعتراف التوبة المضطّرمٍ هذا، فرِحَ به الرّسل القدّيسون والملائكة، لأن ثمّة فرحًا بخاطئٍ واحدٍ يتوب (لو 15: 7-10). فأمرَ بطرس رئيس الكهنة أن يُلصِقَ ذراعَيه بطرفَي اليدَين المقطوعتَين اللّتين كانتا متدلّيتَين على السّرير، وأن يستلهم اسم والدة الإله الكلّيّة القداسة. فلمّا جرى ذلك، شُفيَ رئيس الكهنة على الفور وأصبح طرفاه سالمَين من جديد. وحدَهُ شكلٌ من خطِّ أحمر كان يدلّ على اجتياز السّيف.
فسجد أمام السّرير مقدّمًا المدائح الكريمة المستمدّة من النّبؤات المتعلّقة بها أو بالمسيح ابنها. وسار مع الموكب حتّى جتسماني.
عددٌ ممّن كانوا قد أصيبوا بالعمى، وعوا خطيئتهم وأظهروا توبتهم أيضًا. وإذ أُرشِدوا إلى والدة الإله ليلمسوا بإيمان سريرها المقدّس، استعادوا بصرهم وصحّة عينيّ النّفس.
+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
*دفن جسد والدة الإله*
عند وصول الموكب إلى القبر في قرية جتسماني، تعالت صرخات الشّعب ونحيبه من جديد. كانوا جميعهم يبكون تيتّمهم. فأخذ كلّ واحد منهم يسجد أمام جسد والدة الإله، يعانقها، يسقيها بدموعه، ويعطيها قبلة أخيرة. بصعوبة كبرى، تمّ التّوصّل إلى وضعها في القبر وقد وافى المساء. وجيء بحجرٍ ضخمٍ لختم المقبرة.
مكث الرّسل القدّيسون طوال ثلاثة أيّام في قرية جتسماني مرتّلين المزامير ليلًا ونهارًا فوق قبر البتول الكليّة النّقاوة. في غضون هذه الأيّام، كان بالإمكان سماع أصوات الجيوش السّماويّة الجزيلة العذوبة من السّماء، يقرّظون الله ويسبّحونه ويعظّمون أمّه.
+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
*اكتشاف فراغ القبر بتدبيرٍ من الله عبر توما الرسول*

هل تبحث عن  الانبا بيمين الناسك

بقرارٍ من العناية الإلهيّة، حدث أنّ توما الرّسول كان غائبًا عند دفن البتول الكلّيّة النّقاوة، ولم يَصِل إلى جتسماني إلّا في اليوم الثّالث. حزِنَ بشدّة أنّه لم يكن أهلًا – مثل الرسل القدّيسين الآخرين – للبركة الأخيرة من والدة الإله. حزن أيضًا أنّه لم يستطِع رؤية المجد الإلهيّ والأسرار العجيبة التي حدثت عند رُقادها.
رأفةً بوجعِهِ، تشاور الرّسل القدّيسون وقرّروا فتح المقبرة، بغية أن يتيحوا له رؤية جسد والدة الإله والسّجود له وتقبيله، لتسكين ألمه ومداواة كآبته.
عندما رفعوا الحجر، ارتاعوا، لأنّ القبر كان فارغًا. جسد والدة الإله لم يعُد هناك، لم يجدوا سوى الكفن الذي كان يفوح شذًى ساميًا. أخذتهم الحيرة، فقبّلوا الكفن وذرفوا دموعًا، وتوسّلوا إلى الربّ أن يكشف لهم ما حدث.
+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
*والدة الإله تظهر للتلاميذ لتعلن أنّ المسيح قد أقامها*

في وقت الطّعام، كان الرّسل قد اعتمدوا تقليدًا ورِعًا: كانوا يتركون بينهم مكانًا فارغًا يضعون فيه وسادةً، وعلى هذه الوسادة كانوا يضعون قطعةً من الخبز، تُسمّى “جُزء الرّبّ”. بعد الوجبة، كانوا ينهضون، ويشكرون ويرفعون “جزء الرّبّ” ممجّدين اسم الثّالوث القدّوس، ويختمون صلاتهم قائلين: “أيّها الربّ يسوع المسيح أعنّا”. ثمّ يأكلون “جزء الرّبّ” بمثابة بَرَكة.
هكذا، تلك العشيّة في جتسماني، وفيما كان بالهم مشغولًا بمعرفة أين قد يكون جسد والدة الإله، رفعوا “جزء الرّبّ” كالعادة ومجّدوا الثّالوث الكلّيّ القداسة. وإذا بنشيد الملائكة قد دوى في الجوّ. وإذ رفع الرّسل القدّيسون أعينهم، شاهدوا البتول الكلّيّة النّقاوة منتصبةً حيّةً وسط جمهور من الملائكة، متألّقة بمجدٍ يتعذّر وصفه.

فقالت الكلّيّة القداسة لهم: “إفرحوا لأنّي معكم إلى منتهى الأيّام.” فامتلأوا فرحًا، ومنذ ذلك الحين، بات الرّسل القدّيسون – ومعهم الكنيسة كلّها – على يقين من أنّ والدة الإله كان قد أقامها ابنها وإلهها في اليوم الثّالث، وأنّها اقتيدت إلى السّماء مع جسدها. ثم عادوا إلى المقبرة وأخذوا الثّوب الذي كان مزمعًا أن يصير تعزية للحزانى وشهادة مطابقة للواقع، أنّ والدة الإله كان قد أقامها الربّ فعلاً من القبر.
++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
*كما أنّ الرب قام بعد ثلاثة أيام، هكذا شاء أن يقيم والدته، وجاء دور توما تدبيريًّا مؤكّدًا هاتين القيامتين*

في الواقع، لم يكن لائقًا أن يحتجز الموت مظلّة الحياة، وأن تُترَك في فساد الخلائق الأخرى، هي التي كانت قد وَلَدَت خالق الخلائق كلّها. وبما أنّه ابنٌ محبّ، فقد كرّم أمّهُ البريئة من العيب أسوةً بِذاته، مقيمًا إيّاها في اليوم الثّالث ليقتادها إلى العالم السّماويّ، وفقًا لنبوءة داود: “قُم يا ربّ إلى راحتِكَ، أنتَ وتابوت قُدسِكَ” (مز 131: 8)
لقد تصرّفت العناية الإلهيّة بحيث لم يكن القدّيس توما حاضرًا عند رقاد والدة الإله، فباتت الكنيسة من خلال ذلك على يقين بقيامة الكلّيّة القداسة. وهكذا أيضًا كانت قيامة المسيح قد أُكِّدَت بعدم إيمان توما.

بعد هذه الأسرار الباهرة والإلهيّة، عاد الرّسل القدّيسون أدراجهم محمولين على السُّحُب، إلى بلاد كرازتهم.

تفاصيل رقاد سيدتنا والدة الإله الفائقة القداسة مريم *الملاك جبرائيل يخبرها بموعد رقادها*

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي