اَلْمَزْمُورُ
الْمِئَةُ وَالْعَاشِرُ

لِدَاوُدَ.
مَزْمُورٌ

قَالَ
الرَّبُّ لِرَبِّي:

اجْلِسْ
عَنْ يَمِينِي حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئًا لِقَدَمَيْكَ [1].

ليتنا لا
نكون من بين أعدائه، ليس فقط من بين أعدائه غير المؤمنين… بل والمملؤون من
الحياة الدنسة. "لأن اهتمام الجسد هو عداو لله، إذ هو ليس خاضعًا لناموس
الله" (رو 8: 7).

v      
"اجلس عن يميني حتى أضع اعداءك موطئ
قدميك" (مز 110: 1). لأن بجلوس المسيح، بناسوته المأخوذ منا، عن يمين الآب،
استحققنا الروح القدس الذي به نحطم أعداءنا الشياطين والخطايا والآلام والآثام،
ونغلب الموت والجحيم، ونصعد إلى السماوات، إلى حيث المسيح رأسنا الذي قد جعلنا له
جسدًا[1].

القديس مار
افرام السرياني

v      
لقد نزع فكرهم الخاطئ. لهذا السبب ادخل داود في
الحوار (مت 22: 41-46)، حتى تُعرف شخصيته ولاهوته بأكثر وضوح. لقد ظنوا أنه إنسان
مجرد، ومع ذلك قالوا أنه إنسان مجرد، ومع ذلك قالوا إن المسيح هو "ابن
داود". لهذا قدم لهم شهادة نبوية عن بنوته ومساواته لأبيه في الكرامة[2].

القديس
يوحنا الذهبي الفم

v  هذا
برهان أول، تقبل برهانًا آخر واضحًا. "قال الرب لربي أجلس عن يميني"
(مز 110:
1). قال الرب هذا للرب، لا لعبدٍ، بل لرب الكل،
ابنه الذي أخضع كل شيء له. "ولكن حينما يقول إن كل شيء قد أُخضع، فواضح أنه
غير الذي أَخضع له الكل". وماذا يلي هذا؟ "كي يكون الله الكل في
الكل".

 الابن
الوحيد هو رب الكل، لكن ابن الآب المطيع لم ينل لاهوته (كأمر
ٍ جديدٍ)، بل
هو ابن بالطبيعة حسب إرادة الآب. فليس الابن ناله، ولا الآب حسده لكي يغتصبه.
فالابن يقول
: "كل
شيء قد دُفع إلي
ّ من أبي" (مت 11: 27؛ لو 10: 22).
"دفع إلي
ّ" ليس
كما لو كان ليست لي من قبل. وأنا احفظه حسنًا ولا أسلبه من الذي أعطاه لي[3].

v  لكن
الآن يجب أن أذكركم بقليل من كثير مما يُقال بخصوص جلوس الابن عن يمين الأب،
فالمزمور المائة والتاسع يقول: "قال الرب لربي اجلس عن يميني حتى أضع أعداءك موطئ
قدميك" (مز 110:
1). ويؤكد المخلص هذا في الأناجيل،
ذاكرًا أن داود لم ينطق بهذا من نفسه بل بوحي الروح القدس قائلاً: "كيف يدعوه
داود بالروح ربًا قائلاً: قال الرب لربي أجلس عن يميني؟!
" (مت 22: 43)، وقد
استخدم بطرس والأحد عشر رسولاً هذا الدليل بنفس كلمات المزمور المائة والتاسع في
سفر الأعمال في يوم البنطقسطي (حلول الروح القدس) عندما وقف ووعظ الإسرائيليين[4].

v  اصنع هذه العلامة عندما تأكل وعندما تشرب، عندما تجلس وعندما تنام
وعندما تنهض، وعندما تتكلم وعندما تسير، وباختصار ارسمها في كل تصرف[5].
لأن الذي ص
ُلب هنا هو في السماوات في
الأعالي. لو أنه بقي في القبر بعد صلبه ودفنه لكنا نستحي منه، لكن في الواقع الذي
صُلب على الجلجثة صعد إلى السماوات من فوق جبل الزيتون من ناحية الشرق، فإنه بعدما
نزل إلى الجحيم وصعد إلينا ارتفع من بيننا إلى السماوات، فيحدثه أبوه قائلاً:
"اجلس عن يميني، حتى أضع أعداءك موطئا لقدميك
" (مز 110: 1)[6].

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ب باب 2

القديس كيرلس الأورشليمي

v    
هكذا سبق أيضًا فأنبأ، بينما نطق به السيد
المسيح على الصليب "إلهي إلهي لماذا تركتني" (مز 22: 1).

ووصف أيضًا الدفن
قائلاً: "حُسبت مثل المنحدرين إلى الجب… بين الأموات فراشي" (مز 88:
4-5).

وعن قيامته "لأنك
لن تترك نفسي في الهاوية. لن تدع تقيَّك يرى فسادًا" (مز 16: 11).

وعن صعوده قال
"صعد الله بهتاف الرب بصوت الصور" (مز 47: 5).

وعن الجلوس عن يمين
الله (لآب) "قال الرب لربي اجلس عن يميني حتى أضع أعداءك موطئا لقدميك"
(مز 110: 1).

القدِّيس
يوحنا الذهبي الفم

v  "اجلس
عن يميني حتى أضع أعداءَك موطِئًا لقدميك" (مز 1:110)، لأن جلوسه عن اليمين
لا يبطل وضع أعدائه تحت قدميه. أو ما قاله الرسول: "لأنه يجب أن يملك حتى يضع
جميع الأعداءِ تحت قدميه" (1 كو 25:15)، فإنه حتى عندما يُوضعون حتى قدميه لا
يتوقف عن أن يملك، إنما يُفهم ذلك أنه يملك أبديًا، فيبقون دومًا تحت قدميه[7].

القديس
أغسطينوس

v  أي
حكم (أو مُلك) يحطمه المسيح؟ هل ذلك الذي للملائكة؟ قطعا لا! هل الذي للمؤمنين؟
لا. إذن ما هو الحكم الذي يحطمه؟ إنه الخاص بالشياطين الذي يقول عنه أن مصارعتنا
ليست مع لحمٍ ودمٍ بل مع الرؤساء مع قوات الظلمة في هذا الزمان الحاضر[8].

القديس
يوحنا الذهبي الفم

v      
لم يكن الكاتب بعيدًا عن ملكوت الله (مر 12: 34)
عندما عرف الإله الواحد الذي يُحب فوق كل شيء. لكن نُصح حسب اعترافه أنه لم يُلم
بكل سرّ الناموس الذي تحقق في المسيح… عرفه الكاتب فقط حسب الجسد والميلاد من
مريم الذي جاء من نسل داود، وليس أنه رب داود (مز 110: 1؛ مت 22: 41-46) [9].

القديسى
هيلاري أسقف بواتييه

v      
إنهم أعداء ماداموا غير مؤمنين وغير مخلصين
ولذلك يُضربون على ظهورهم. ولكن بعد اهتدائهم يصيرون إخوة، ويسبحون ذاك الذي دعاهم
للبنوة الآب، ويجعلهم شركاء في الميراث وإخوة. بالصدق تُضرب ظهور الأعداء بواسطة
المسيح. كل الذين عبدوا الأصنام حوَّلوا ظهورهم إلى الله الرب، كما اتهمهم النبي
بالقول: "لأنهم حولوا نحوي القفا لا الوجه" (إر 2: 27) [10].

روفينوس

يُرْسِلُ
الرَّبُّ قَضِيبَ عِزِّكَ مِنْ صِهْيَوْنَ.

تَسَلَّطْ
فِي وَسَطِ أَعْدَائِكَ [2].

v      
يقول الآب لابنه: "وتحكم في وسط
أعدائك" (راجع مز 110: 2). إنه شرهم هو الذي جعلهم أعداء، وليس إرادة المسيح
في هذا توجد عطية عظيمة من الرب قبلاً كان الشر الروحي (أف 6: 12) بصفة عامة
يُستخدم ليجعل أعناقنا تنحني لنير الأسر. هكذا حتى داود كتب أنه بطريقة ما عن أيدي
الذين انتصروا عليه. "على ظهري حرث الأشرار" (راجع مز 129: 3). أما الآن
فقد خضع الشر الروحي لنصرة المسيح وليديه، حتى صار الشر الذي يسبب مرارة الأسر،
خاضعًا إلى الأبد في التصرفات والأعمال[11].

القديس
أمبروسيوس

شَعْبُكَ
مُنْتَدَبٌ فِي يَوْمِ قُوَّتِكَ فِي زِينَةٍ مُقَدَّسَةٍ مِنْ رَحِمِ الْفَجْرِ.

لَكَ طَلُّ
حَدَاثَتِكَ [3].

أَقْسَمَ
الرَّبُّ وَلَنْ يَنْدَمَ:

أَنْتَ
كَاهِنٌ إِلَى الأَبَدِ عَلَى رُتْبَةِ مَلْكِي صَادِقَ [4].

v      
من هو كاهن لله العلي أكثر من ربنا يسوع المسيح،
الذي قدم لله الآب ذبيحة، هي ذات التي قدمها ملكي صادق، أي الخبز والخمر، وبالحق
هما جسده ودمه؟[12].

الشهيد كبريانوس

v      
أولاً ظهرت الذبيحة التي تُقدم الآن لله بواسطة
المسيحيين في كل العالم المتسع. بعد مدة طويلة من هذا الحدث (تقديم ذبيحة ملكي
صادق) قيل بالنبي أن هذه الذبيحة تحقق في المسيح، الذي يأتي في الجسد. "أنت
هو الكاهن إلى الأبد على رتبة ملكي صادق" (مز 110: 4). بمعنى آخر، ليس على
رتبة هرون، لأن هذا النظام كان لابد أن يزول عندما تشرق هذه الأمور التي أُشير
إليها مقدمًا خلال هذه الظلال.

القديس
أغسطينوس

v      
حقق بهذا أن هذا الكهنوت يدوم إلى الأبد، وأنه
لا يزول مثل كهنوت هارون الذي جعل الله مذبحه في موضع واحدٍ من العالم. فلما عُدم
كهنوتهم ذلك "الموضع الذي فيه المذبح بطل كهنوتهم وعُدِموه بعدم المذبح،
وعُدم شعبهم القربان والغفران. وأما كهنوت المسيح الذي بخبز وخمر على طقس
ملكيصادق، ومذبحه موجود في جميع الأرض، فإنه دائم إلى الأبد. والكاهن المسيح هو
ملك البرّ وملك السلام بالحقيقة[13].

القديس مار
افرام السرياني

v  لدى
عودة إبراهيم من كسر أعدائه، استقبله ملكي صادق، كاهن الله العلي، بخبزٍ وخمرٍ.
وكانت تلك المائدة قد سبقت وصورّت المائدة السرية هذه، كما أن ذاك الكاهن كان
رمزًا وصورة للمسيح الكاهن الأعظم الحقيقي. لأن النبي يقول: "أنت كاهن إلى
الأبد على رتبة ملكي صادق
" (مز 110: 4). وخبزات التقدمة تلك كانت صورة
لهذا الخبز. هذه هي إذًا الذبيحة الطاهرة أي غير الدموية التي تكلم عنها الرب
بلسان النبي: "إنها تقَّرب له من مشارق الشمس إلى مغاربها" (مل 1: 11)
[14].

الأب يوحنا
الدمشقي

v  مرة
أخرى، نجد في الكاهن العظيم ملكي صادق (تك 14: 18) رمزًا آخرًا بخصوص سر ذبيحة
الرب، كما يشهد الكتاب الإلهي حيث يقول: "وملكي صادق ملك ساليم أخرج خبزًا
وخمرًا" (تك 14: 18). لقد كان "كاهنًا لله العلي" وقد بارك
إبراهيم.

أما عن كون
ملكي صادق رمزًا للمسيح، فهذا ما يعلنه الروح القدس في المزامير، متكلمًا من الآب
نحو الابن "… أنت كاهن إلى الأبد على رتبة ملكي صادق" (مز 110: 4).

كان هذا
الطقس بالتأكيد مستمدًا من هذه الذبيحة… فإذا كان ملكي صادق كاهن الله العلي، قدَّم
خبزًا وخمرًا، وفي هذا بارك إبراهيم.

لأنه من هو
كاهن الله العلي (بحق) مثل ربنا يسوع المسيح، الذي قدم ذبيحة الله الآب، قدم ما
قدمه ملكي صادق، أي خبزًا وخمرًا، أي جسده ودمه؟!

والبركة
التي أُعطيت لإبراهيم قد استمرت في المسيحيين. لأنه إن كان إبراهيم قد آمن بالله
"فحسب له برا" (تك 15: 6). فكل من يؤمن بالله، ويحيا بالإيمان، يحسب له
برًا… ويحسب مبرَّرًا ومطوَّبًا في إيمان إبراهيم، كما يعرفنا الرسول بولس
قائلاً: "آمن إبراهيم بالله فحسب برا" (غلا 3: 6). والآن فأنتم إذ تؤمنون
تُحسبون أولادًا لإبراهيم. وقد سبق فرأى الكتاب المقدس أن الأمم يتبررون بالإيمان
فتنبأ لإبراهيم أن فيه تتبارك جميع الأمم (غلا 3: 6-8).

لذلك فإن
مباركة إبراهيم بواسطة الكاهن ملكي صادق الواردة في سفر التكوين، فإنها سبق أن أُعلنت
كمثال لتقدمة المسيح، التي هي من خبز وخمر. وإذ كمل الرب المثال وأتمه، قدم خبزًا
ومزج الكأس من خمر…

الشهيد كبريانوس

v    
رفضوا[15]
بوق إشعياء الذي أعلن الحبل الطاهر (إش 14:7)؛

وأخرسوا
قيثارة المزامير التي غَنَّت عن كهنوته (مز 4:110)،

وأسكتوا
قيثارة الروح التي غنّت عن ملكيته (مز 4:110).

وتحت صمت
هائل أغلقوا على الميلاد العظيم الذي جعل الكائنات السماوية والأرضية تصرخ.

مبارك هو
ذاك الذي أشرق خارجًا من الصمت المطبق![16]

القديس مار افرام
السرياني

رآه القديس
يوحنا الحبيب ملتحفًا بثوب الكهنوت حتى القدمين، ومنطقة من ذهب عند ثدييه (رؤ 1:
13). ما هو هذا الثوب الكهنوتي سوى جسده القائم من الأموات، وما هما ثدياه إلا
المعرفة النابضة بالحياة والفهم الروحي النقي. وكما يقول الأب فيكتوريانوس:
[الكلمات "في ثوب كهنوتي" تشير بوضوح إلى الجسد الذي لم يفسد بالموت والذي يحمل خلال موته كهنوتيًا أبديًا.
"متمنطقًا عند ثدييه بمنطقة من ذهب" (رؤ 1: 13)
توحي بالمعرفة
النابضة بالحياة والفهم الروحي الطاهر يوهبان للكنائس[17].]

الرَّبُّ
عَنْ يَمِينِكَ يُحَطِّمُ فِي يَوْمِ رِجْزِهِ مُلُوكًا [5].

يَدِينُ
بَيْنَ الأُمَمِ. مَلأَ جُثَثًا أَرْضًا وَاسِعَةً.

سَحَقَ
رُؤُوسَهَا [6].

مِنَ
النَّهْرِ يَشْرَبُ فِي الطَّرِيقِ لِذَلِكَ يَرْفَعُ الرَّأْسَ [7].

يرى يوسابيوس
القيصري
[18]
أن الغدير (النهر) الذي يشرب منه السيد المسيح هو تجربة الآلام التي اجتازها،
وكما قال للآب: "إن أمكن فلتعبر عني هذه الكأس" (مت 26: 39)، وأيضًا:
"إن لم يمكن أن تعبر عني هذه الكأس إلا أن أشربها فلتكن مشيئتك" (مت 26:
42). وإذ شرب السيد المسيح الكأس في طاعة حتى الموت رفع رأسه، وكما يقول الرسول
بولس: "لذلك رفعه الله أيضًا وأعطاه أسمًا فوق كل اسمٍ" (في 2: 9).



[1] تفسير خر 24: 12-18.    

[2] Homilies on Matt 71: 2.

[3] مقال 10: 9.

[4] مقال 14: 28.

[5] تحدث القديس
غر
يغوريوس النيسي
والقديس يوحنا الذهبي الفم
عن عدم الخجل من رسمه. يقول العلامة ترتليان
(
De Colona 3): [إننا نطبع على جبيننا العلامة في كل خطوة وكل
حركة، عند كل دخولنا وخروجنا، عندما نرتدي ملابسنا وأحذيتنا، عندما نستحم وعندما نجلس
على المائدة، عندما نشعل مصابيحنا، على السرير وعلى المقعد
وفي كل شئون
حياتنا اليومية.]

[6] مقال 3: 14.

[7] Sermon on the Mount 1:11:30.

[8] On 1 Cor., hom 39:6.

[9] On the Trinity, 9:
26
.

[10] Rufinus: The Blessing of
the Patriarchs 1: 6.

[11] The Patriarchs, 4: 17.

[12] Letters 63: 4.

[13] تفسير تك 14: 1-24.  

[14] الأرشمندريت أدريانوس شكور: المائة مقالة في
الإيمان الأرثوذكسي للقديس يوحنا الدمشقي، مقال 86.

[15] أي، الشعب
اليهودي.

[16] Ephrem the Syrian: HYMNS, The Classics of Western
Spirituality, translated by Kathleen E. McVey, 24:14.

تعريب عايدة بشاي.

[17] Victorianus of Petovium
(d. c. 4304) Comm. On Revelation, 1: 4.

[18] Proof of the Gospel, 5: 3.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي