9- خيانة تلميذ (22: 1-6)
وفي مساء يوم الثلاثاء، قبل عيد الفصح بيومين، دخل الشيطان قلب يهوذا، إذ وجد بابه مفتوحاُ له، ومفروشًا بالطمع والكراهية، فدفعه ليسلم سيده، بثلاثين من الفضة (عاموس2: 6) وهو ثمن زهيد يُدفع عن العبد الذي نطحه ثور وقتله (خر21: 32).
10- الإعداد للفصح (22: 7-13).
كان اليهود يحتفلون بعيد الفصح أولًا وفيه يتذكرون عبور الملاك المهلك على بيوت آبائهم في مصر دون أن يمس أبكارهم، إذ يرى علامة الدم عليها. أما عيد الفطير فكان يبدأ في اليوم التالي لعيد الفصح ويستمر لمدة سبعة أيام، لا يأكل فيه اليهود خبزًا مختمرًا بل فطيرًا، ومع مرور الوقت امتزج العيدان معًا حتى أصبحا في عصر السيد المسيح عيدًا واحدًا يُسمى عيد الفطير أو عيد الفصح. واختار الرب حجرة صغيرة في أعلى بيت مرقس الرسول ليأكل فيها الفصح مع تلاميذه. فلنصعد مع الرب، تاركين كل الاهتمامات الزمنية، إلى عُلية القلب، حتى نتمتع بجمال عشرته.
11- أعمال وأحاديث الوداع (22: 14-62)
* أكل الفصح (22: 14-18) ولما جاءت الساعة المعينة لأكل الفصح، وذلك في مساء يوم الخميس، اجتمع الكل وأفصح الرب عن شهوته لهذا الفصح بالذات، لأنه آخر فصح يُقدم، حيث يبطل الرمز ويأتي المرموز إليه، فصحنا المسيح ليقدم ذاته. فامسك بكأس وهي إحدى الكاسات الخمس التي اعتاد اليهود أن يشربوها مع أكل الفصح، ثم صلى صلاة الشكر كما هو متبع عندهم، ثم أعطاها لهم ليقتسموها بينهم.
* تأسيس سر الشكر (22: 19-23) وبعد الانتهاء من أكل الفصح، قدم الرب جسده ودمه لنأكله في صورة الخبز والخمر، فهو لا يكتفي بان يتجسد من أجلنا ويسير بيننا لنراه ثم يصعد عنا، بل يشتهي أن يكون واحدًا فينا، فقدم ذاته لنأكله، ونحتضنه في قلوبنا، ليحيا في أعمالنا وسلوكنا.
* من هو الأعظم؟ (22: 24-30) من الأرجح أن مشاجرة التلاميذ فيما بينهم على من هو الأكبر فيهم حدثت قبل أكل الفصح والعشاء الرباني، وبعدها قام الرب يسوع بغسل أرجل التلاميذ (يو13: 1-16)، ليعلمهم أن العظيم فيهم هو من يخدم الأخوة، وتكون خدمته لهم باتضاع، وليس كملوك الأمم الذين كانوا يوزعون الكثير من أموالهم على الشعب بغرض أن يُلقبوا بالمحسنين.
* الثبات في الرب عطية مجانية (22: 31-34، 54-62) وقد ظن بطرس أنه بقوته الشخصية يستطيع أن يتبع المعلم حتى إلى السجن والموت، لذلك أحب الرب يسوع أن يعلمه أن الثبات في الله هو عطية إلهية، ونعمة مجانية، نستمدها منه، وهو بذاته يشفع فينا لدى الآب باستمرار لكي لا يفنى إيماننا. فلنطلب منه لكي يحفظنا في الإيمان به، وحتى إن أخطأنا وأنكرناه بسبب ثقل الآلام والتجارب اليومية، فليمنحنا دموع توبة نرجع بها إلى أحضانه.
* تحذير عام (22: 35-38) وبعد التحذير الخاص لبطرس، قدم الرب تحذيرًا عامًا لكل التلاميذ، وكأنه يريد أن يقول لهم اهتموا بالجهاد بدلًا من الانشغال بالكرامات الزمنية. فقد سبق حينما أرسلهم للتبشير في مسافات قريبة من وطنهم أن أوصاهم بأن لا يحملوا شيئًا معهم (لو9: 3) لأنه هو سيعولهم. أما الآن وهو ذاهب عنهم ليقدم ذاته، ويُحسب مع الآثمة حسب النبوة (اش53: 13)، فلابد أن يتسلحواولكن التلاميذ ظنوا أنه يكلمهم عن سيوف حقيقة، فقالوا ان معهم سيفان، ربما كانوا يستخدمونها في إعداد الفصح، أو كانوا يحملونها ليدافعوا عن أنفسهم كعادة الجليليين لأن البلاد ساعتها كانت كثيرة الوحوش واللصوص.
أما الرب فربما قصد بالسيفين الإيمان والجهاد الروحي الذي يجب أن يتسلح بهم الكل إلى أن يجئ، وبالذات لأنه لن يكون معكم بعد الآن. وربما قصد بهم كلمة الله في العهدين القديم والجديد اللازمان للتسلح ضد مكائد إبليس في هذا العالم (أف6: 11).
2- المعلم يُقدم ذاته (22: 39-23: إلخ)
1- الاستعداد للتجربة يكون بالصلاة (22: 39-46)
كان يسوع معتادًا ان يذهب مع تلاميذه إلى بستان جسثيماني، عند سفح جبل الزيتون، خارج أورشليم، من وقت لآخر. وهذا هو السبب الذي جعل يهوذا الإسخريوطي يعلم أنه سيجده ليُسلمه للجند ليلًا. وفي هذه الليلة (مساء الخميس) ترك تلاميذه خارج البستان ودخل هو وبطرس ويعقوب ويوحنا، ثم ابتعد عن هؤلاء الثلاثة ليصلي وحده (مت26: 36-38) وكإنسان كامل بدأ يُعلن في صلاته خضوعه لمشيئة الآب، وبدأ يتقبل معونة الملائكة.
أيها الابن الوحيد، اطلب منك ان لا تدخلني في تجربة، وإذا سمحت وأدخلتني، فأعطني أن أصلي بلجاجة أمامك، ولترسل ملائكتك لتعينني.
2- من القبض على يسوع إلى الأمر بصلبه (22: 47-23:25)
* لقد خرج كل من يُضمر الشر ليسوع البار ليلًا، يهوذا تلميذه ورؤساء الكهنة وقواد جند الهيكل، فالظلمة تنسجم مع أعمالهم الشريرة، خرجوا ليقبضوا عليه. ونحن نكرر هذا العمل مع يسوع في كل مرة ننساق فيها وراء أعمال الظلمة.
أما الرب فهو يؤنب برقة “أبقبلة تُسلم ابن الإنسان”، وأحيانا يقدم إحسانات مثل معجزة شفاء أذن عبد رئيس الكهنة، لعل القلب ينتبه ويرجع.
* أخذ الجمع يسوع إلى حناَّن ليلًا، وهو رئيس كهنة سابق ولكنه مازال يتمتع بالسلطة (لو 22: 53-56 يو18: 13023)، وكان الغرض من ذلك فحص يسوع في البداية لعلهم يجدوا فيه خطأ، وقد تبعه تلميذيه بطرس ويوحنا الحبيب، وهناك لطمه واحد من الخدم.
* ثم أرسله حناَّن إلى قيافا ليلًا (مت26: 57-66، يو28: 24-27)، وقيافا هو زوج ابنة حناَّن ورئيس الكهنة في زمن المسيح، وكانوا قد اعدوا شهود زور كثيرين ضد المسيح، ولكن لم تتفق شهادتهم. وأخيرًا تقدم شاهدين زور وشهدا أن يسوع قال إني انقض الهيكل وفي ثلاثة أيام ابنيه، حقًا يسوع قال هذا ولكنه كان يقصد هيكل جسده. ثم عاد قيافا وسأل هل أنت يسوع ابن الله الحي، فقال يسوع أنا هو، فمزق قيافا ثيابه، علامة الحزن الشديد عند اليهود، وعلامة على انتهاء الكهنوت اليهودي، وأصدر الحكم على يسوع بالموت لأنه ساوى نفسه بالله (لا24: 16). وساعاتها تعرض يسوع لإهانات كثيرة، فقد تفل على وجهه، وضُرب، وتبع ذلك إنكار بطرس له (لو22: 61-65).
* ثم اقتيد يسوع إلى مجلس السنهدريم صباح يوم الجمعة (لو22: 66-71) لإصدار قرار الموت عليه شرعًا، فيحث أن الحكم الذي صدر عليه من قيافا كان ليلًا وهذا غير قانوني. ومجلس السنهدريم هذا يعتبر المحكمة العليا للأمة اليهودية، وهو يمثل الشعب اليهودي أمام الرومان.