ورد ذكر الثلج كثيرًا في الكتاب المقدس بالنسبة لتساقطه بصورة متكررة على سفوح جبال فلسطين ومرتفعاتها، وقد كان ذلك مصدر المياه والحياة للسكان والحيوان، ومنظر الثلج في نزوله يشبه بالصوف الأبيض (مز 147 : 16) وقد قيل “كبرد الثلج في يوم الحصاد” (ام 25 : 13) إشارة إلى ما يؤتى به من الثلج أيام الحصاد لتبريد الماء للحاصدين، ولما كان ماء الثلج ألين من المياه العادية وانسب منها للغسل جاء في اي 9 : 30 “ولو اغتسلت في الثلج ونظفت يدّي بالاشنان”.
ويدعو الرب الشعب الخاطئ أن يغتسلوا ويتنقوا ويعزلوا شر أفعالهم، ثم يقول لهم:”هلم نتحاجج يقول الرب، إن كانت خطاياكم كالقرمز تبيض كالثلج، وإن كانت حمراء كالدودي، تصير كالصوف” (إش 16:1-19) أي أنه سيغفرها ويمحوها لأن الله” يكثر الغفران” لمن يتوب (إش 7:55).
برد، جليد، ثلج من جوهانزبرج، جنوب إفريقيا – تصوير مايكل غالي لـ: موقع الأنبا تكلا
ولم يشر الكتاب إلى الثلج بمعناه الحرفي الا قليلًا، كما في اي 6 : 16 و ار 18 : 14 وان كان يذكره في الغالب بطريقة مجازية، كما عندما يصف بياض الابرص (خر 4 : 6 و عد 12 : 10 و 2 مل 5 : 27)، أو عندما يصف لباس الله أو لباس المسيح أو لباس الملائكة (دا 7 : 9 و مت 28 : 3 و مر 9 : 3)، أو يصف شدة البرد (2 صم 23 : 20 و 1 اخبار 11 : 22 و ام 31 : 22 و ام 31 : 21)، لكن المعنى المجازي المألوف هو النقاوة التي تحدثها مغفرة الله وقوته المطهرة من نجاسة الخطيئة (مز 51 : 7 و اش 1 : 18).
( 1) ليس الثلج شيئا نادرا في أورشليم في فصل الشتاء، ولكنه لا يصل إلى عمق كبير، بل قد لا يظهر مطلقا في بعض السنوات. وفي العادة يختفي أغلبه عندما تشرق الشمس، وإن كان يختبئ أحيانا في الأغوار التي حفرتها السيول (أيوب 6: 16). وفي المستويات الأدنى من أورشليم، لا يمكن أن يسقط ثلج يكفى لتغطية الأرض تماما، وإن كان الهواء يحمل أحيانا بعض رقائق الثلج. وفي المناطق التي على مستوى سطح البحر، قد يسقط برد يكفى لتغطية الأرض، وإن كان قد حدث بصفة استثنائية أن تكاثر الثلج جدًا في ” أدورا ” بالقرب من حبرون حتى منع جيوش تريفون المسير (1 مك 13: 22).
( 2) أما قمم جبال لبنان فتغطيها جبال لبنان فتغطيها الثلوج معظم أيام السنة. وقد يوجد الثلج في المنحدرات الشمالية وفي الوديان في فصل الصيف. فجبل حرمون الذي يبلغ ارتفاعه نحو 200 ر 9 قدم، تتساقط منه سيول من الثلج طيلة أيام الصيف.
( 3) إن الثلج الذي يغطى الجبال هو مصدر مياه الينابيع في فصل الجفاف. وإذا انقطع وجود الثلوج، تشتد الحاجة إلى المياه: ” هل يخلو صخر حقلي من ثلج لبنان، أو هل تنشف المياه المتفجرة الباردة الجارية ؟ ” (ارميا 18: 14).
( 4) تختزن كميات كبيرة من الثلج في كهوف الجبال في الشتاء، ويستمد منها المواطنون المياه الباردة في الصيف لأغراض الشرب والتبريد.
( 5) كثيرا ما تذكر في العهد القديم قدرة الله وسلطانه على الأرض ” (أيوب 37: 6). ولكن الإنسان لا يمكنه أن يسبر غور أعمال الله: “أدخلت إلى خزائن الثلج أم أبصرت مخازن البرد ؟” (أيوب 38: 22).
ونقرأ أن بناياهو بن يهوياداع ” نزل وضرب أسدا في وسط جب يوم الثلج” (2 صم 23: 20، 1 أخ 11: 22).
وكأن “يوم الثلج” كان يوما مشهودا أرخ به الكاتب هذه الحادثة. ” ولا تخشى على بيتها من الثلج” (أم 31: 21) إشارة إلى قيامها خير قيام بواجبها من نحو بيتها.
أما ” كالثلج في الصيف وكالمطر في الحصاد هكذا الكرامة غير لائقة بالجاهل” (أم 26: 1) لأنها وضع الشيء في غير موضعه.
( 6) يشبه بياض الأبرص بأنه كالثلج (خر 4: 6، عد 2: 10، 2 مل 5: 27)
( 7) “أثلجت ” أي أمطرت ثلجا: ” عندما شتت القدير ملوكا فيها أثلجت في صلمون” (مز 68: 14).
( 8) يستخدم الثلج مجازيا للنقاء والطهارة، فيقول داود ” أغسلنى فأبيض أكثر من الثلج ” (مز 51: 7)، ” وإن كانت خطاياكم كالقرمز تبيض كالثلج” (أش 1: 18). ويبدو أن مياه الثلج أفعل في التطهير، لذلك يقول أيوب: “ولو اغتسلت في الثلج” ( أيوب 9: 3). وأكثر استخداماته مجازيا في الكتاب هو للدلالة على اللون الأبيض الناصع والطهارة أيضًا: “لباسه أبيض كالثلج” (دانيال 7 : 9، مت 28: 3، مرقس 9: 3، رؤ 1: 14).