في الحَالِ أَلْزَمَ يَسُوعُ التَّلامِيْذَ أَنْ يَرْكَبُوا السَّفِيْنَةَ ويَسْبِقُوهُ إِلى الضَّفَّةِ الأُخْرَى، رَيْثَمَا يَصْرِفُ الجُمُوع.وبَعْدَمَا صَرَفَ الجُمُوعَ صَعِدَ إِلى الجَبَلِ مُنْفَرِدًا لِيُصَلِّي. ولَمَّا كَانَ المَسَاء، بَقِيَ يَسُوعُ وَحْدَهُ هُنَاك.وكَانَتِ السَّفِيْنَةُ قَدْ أَصْبَحَتْ عَلى مَسَافَةِ غَلَوَاتٍ كَثِيْرَةٍ مِنَ اليَابِسَة، وكَانَتِ الأَمْوَاجُ تَلْطِمُهَا لأَنَّ الرِّيْحَ كَانَتْ مُخَالِفَةً لَهَا.وفي آخِرِ اللَّيْل، جَاءَ يَسُوعُ إِلى تَلامِيْذِهِ مَاشِيًا عَلى البُحَيْرَة.ورآهُ التَّلامِيْذُ مَاشِيًا عَلى البُحَيْرَةِ فَٱضْطَرَبُوا وقَالُوا: «إِنَّهُ شَبَح!». ومِنْ خَوْفِهِم صَرَخُوا.وفي الحَالِ كَلَّمَهُم يَسُوعُ قَائِلاً: «ثِقُوا! أَنَا هُوَ، لا تَخَافُوا!».فَأَجَابَهُ بُطْرُسُ وقَال: «يَا رَبّ، إِنْ كُنْتَ أَنْتَ هُوَ، فَمُرْنِي أَنْ آتِيَ إِلَيْكَ عَلى المِيَاه!».
فَقَال: «تَعَالَ!». ونَزَلَ بُطْرُسُ مِنَ السَّفِيْنَةِ فَمَشَى عَلى المِيَاه، وذَهَبَ نَحْوَ يسُوع.ولَمَّا رَأَى الرِّيْحَ شَدِيْدَةً خَاف، وبَدَأَ يَغْرَق، فَصَرَخ قائِلاً: «يَا رَبّ، نَجِّنِي!».وفي الحَالِ مَدَّ يَسُوعُ يَدَهُ فَأَمْسَكَهُ وقَالَ لَهُ: «يَا قَلِيْلَ الإِيْمَان، لِمَاذَا شَكَكْت؟».
ولَمَّا صَعِدَ يَسُوعُ وبُطْرُسُ إِلى السَّفِيْنَةِ سَكَنَتِ الرِّيْح. فَسَجَدَ الَّذينَ هُمْ في السَّفِيْنَةِ لِيَسُوعَ وقَالُوا: «حَقًّا أَنْتَ ٱبْنُ الله!».
التأمل : «ثِقُوا! أَنَا هُوَ، لا تَخَافُوا!»
كم أنت حنون يا رب، لم تشأ أن تتركنا نغرق في بحر العالم، بل من شدة محبتك لنا أجبرتنا أن نصعد الى قلب الكنيسة، السفينة الكبيرة العابرة لبحور الشر من الشرق الى الغرب..
لكن الرياح اشتدت علينا،مخالفة مسيرة كنيستنا لتعيق حركة تقدمها نحوك، وقد ارتفعت أمواج الشك والفساد من داخلها وخارجها، وكثرت اللطمات على مفاصلها الحيَّة، خصوصاً على القلب.. فتحجرت اذ تكاد تصبح هيكلاً من حجر خالٍ من الرحمة، فارغ من الحب..
تعال أيها الرب يسوع… ها نحن في آخر الليل، في آخر النفق، ننتظر انبثاق الفجر.. لقد تعبنا في هذا الشرق الحزين، تعبنا من التخلف.. تعبنا من التعصب… تعبنا من التكفير والتحقير… تعبنا من المجازر والمحارق… تعبنا من التجديف في عكس التيار… تعبنا من السلف وعبء الأسلاف… تعبنا من الماضي ولغته الخشبية وتحليلاته الغيبية – الغبية… تعبنا من العودة الى الوراء ونبش القبور… تعبنا من العمل في تحنيط الحكام وتثبيت صورهم في عقول الأزلام… تعبنا من ترداد الشعارات الفارغة… تعبنا من تلقين أبنائنا أن يكونوا على صورة أجدادنا… تعبنا من ازدراء الغرب وتكفير الحداثة… تعبنا من مشاهدة صور مراكب الموت من تركيا واليونان الى سوريا ولبنان…
تعال أيها الرب يسوع… أزح عنّا ستار ليلنا الطويل.. أمسك يدنا لأننا نخاف الغرق من شدة ما استهوانا الغرق..
تعال أيها الرب يسوع… لأننا لا نثق بأنفسنا فكيف نثق بالآخرين… لا بل كيف نثق بك؟
لقد اشتدت الرياح علينا، نكاد نغرق من اليأس.. ها نحن نصرخ إليك كي تأتي سريعاً الى نصرة ضعفنا من الشك، من تكرار الفشل، من ترداد نغمات الموت..
مُدَّ يدك وأمسكنا مثل بطرس، لأن الشك مرضنا وقلة الإيمان خبزنا اليومي.. اصعد الى سفينة حياتنا كي تهدأ نفوسنا ولا تضطرب بعد اليوم فأنت “حقاً ابن الله”…