جُعِلَ خطيةً لأجلنا

جُعِلَ خطيةً لأجلنا


«لأَنَّهُ جَعَلَ الَّذِي لَمْ يَعْرِفْ خَطِيَّةً، خَطِيَّةً لأَجْلِنَا»

( 2كورنثوس 5: 21 )


يُكلّمنا الكتاب المقدس عن أن المسيح مات على الصليب، من أجل خطيتنا، ومن أجل خطايانا. لقد حَمَل على الصليب ثقل خطايانا، وما تستحقه طبيعتنا، بسبب بعدها وعداوتها لله، أو بالحري بسبب روح عدم الطاعة والتمرد فيها. لقد نُسِبَ إليه كل شرنا، وعُومِلَ – له المجد – نائبًا عنا، كما لو كان فيه كل شر الطبيعة البشرية. وبالطبع لو كانت فيه ذرة واحدة من الشر، لَما استطاع أن يُكفِّر عن الآخرين، لأن دينونة الله كانت تنصب على ما فيه من شر. لكن خلو شخصه الكريم، خلوًا كاملاً وتامًا، من الشر، أعطاه بحق أهلية كاملة لأن يكون ذبيحة كافية. والله تعامل مع الخطية، في كل طولها وعرضها وعمقها، في شخص المسيح على الصليب «لأَنَّهُ جَعَلَ الَّذِي لَمْ يَعْرِفْ خَطِيَّةً، خَطِيَّةً لأَجْلِنَا» ( 2كو 5: 21 ).

والله أقام نفس الشخص الذي قضى تحت وطأة الغضب الإلهي. وهذا الذي كان عليه أن يذوق مرارة الترك واحتجاب وجه الله عنه، لم يُفارق الحياة بدون أن يقول: «يَا أَبَتَاهُ، فِي يَدَيْكَ أَسْتَوْدِعُ رُوحِي» ( لو 23: 46 ). وهي عبارة تُبرهن على ثقة قلبه الكاملة، وعلى مسرته في الله. ومع أنه مكتوب: «عَلَيْكَ اتَّكَلَ آبَاؤُنَا. اتَّكَلُوا فَنَجَّيْتَهُمْ. إِلَيْكَ صَرَخُوا فَنَجُوا. عَلَيْكَ اتَّكَلُوا فَلَمْ يَخْزُوا» ( مز 22: 4 ، 5)، لكن المسيح لم يُسمَع له حتى أكمَل العمل، واستوفى العدل الإلهي كل مطاليبه. لقد اُستُجيبَ له «مِنْ فَمِ الأَسَدِ وَمِنْ قُرُونِ بَقَرِ الْوَحْشِ» ( مز 22: 21 ).

كان على المسيح أن يجتاز الكل؛ حزن لا يُنطَق به، واكتئاب شديد لا يُحتمَل عند الناس، ولكنه احتمله. كان ينبغي أن يحتمل كل الغضب الإلهي بأكمله، لكي يكون الخلاص كاملاً، وعلى قياس فكر الله. لكن عبارته التي نطق بها وهو يُفارق المشهد الحاضر، تُرينا أنه رغم كل ما تألم به، فقد كان قلبه ثابتًا في الله، كما تُرينا أن الله ليس هو فقط القدوس، بل أيضًا المملوء بالمحبة «يَا أَبَتَاهُ، فِي يَدَيْكَ أَسْتَوْدِعُ رُوحِي».

هل تبحث عن  الأنبا باخوميوس وتحرير النفس

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي