admin
نشر منذ سنتين
2
حزقيال النبي والشعور بالوكالة

الشعور بالوكالة:

إن كان عمل الروح القدس في حياة المؤمنين بصفة عامة هو الدخول بهم إلى قيامة السيد المسيح لتصير لهم في المعمودية الحياة الجديدة على صورة خالقهم، فإن الروح ذاته يعمل في خدام الكنيسة، لينزلوا إلى حيث يرقد الناس في موت الخطيئة، وينطلقوا بهم إلى البشارة المفرحة بقيامتهم مع المسيح وتمتعهم بالحياة المقامة. هذا هو عمل الخادم… إنه عمل فوق كل طاقة بشرية، هو عمل الله نفسه وما الخادم إلا وكيل سرائر الله. هذا ما أكده الرب، قائلًا: “يا ابن آدم أنا مرسلك إلى بني إسرائيل إلى أمة متمردة قد تمردت عليَّ. هم وآباؤهم عصوا عليَّ إلى ذات هذا اليوم. والبنون قساة الوجوه والصّلاب القلوب أنا مرسلك إليهم” [3-4].
كأن الله يؤكد له صعوبة العمل، إن الأمر يحتاج إلى نزول إلى أناس متمردين قساة الوجوه وصلاب القلوب أبًا عن جد، فمن الذي ينطلق بهم إلى الطاعة عوض التمرد واللطف عوض القسوة وانفتاح القلب عوض صلابته وانغلاقه؟! إنه عمل الله نفسه، لهذا يؤكد أكثر من مرة “أنا مرسلك إليهم”. إنها رسالتي وليست رسالتك، أن أعمل في القلب في الداخل، أخلقه من جديد وأهبه حياة!
هذا ما أدركه كل العاملين بأمانة في كرم الرب، فيقول الرسول بولس: “هكذا فليحسبنا الإنسان كخدام المسيح ووكلاء سرائر الله” (1 كو 4: 1)أدرك أنه مجرد وكيل يتكلم ويعمل لا بأسمه الخاص بل باسم موكله.

ويعلق القديس يوحنا الذهبي الفم على هذا القول هكذا: [يقوم الوكيل بإدارة أمور موكله حسنًا دون أن ينسب لنفسه ما لموكله، بل على العكس ينسب ما لديه لسيده… أتريد مثالًا لوكلاء مؤمنين؟ اسمع ما يقوله بطرس: لماذا تشخصون إلينا كأننا بقوتنا أو تقوانا قد جعلنا هذا يمشي؟! (أع 3: 12). وعندكرنيليوسأيضا قال: “قمأنا أيضًا إنسان”… وبولسلا يقل عنه أمانة في قوله: “أنا تعبت أكثر من جميعهم، ولكن لا أنا بل نعمة الله التي معي” (1 كو 15: 10)… وعندماقاوم الرسول أولئك الأشخاص غير الأمناء قال: “وأي شيء لك لم تأخذه؟!” (1 كو 4: 7)].
الخادم كوكيل يعمل لحساب موكله لا لحساب نفسه لهذا كان القديس يوحنا الذهبي الفم دائم الحذر من محبة المجد الباطل والمديح، لئلا يكون مغتصبًا لحق الله نفسه. في هذا يقول: “بالتأكيدسيديننا سر الكهنوت إن لم نحسن استخدامه”،
كما يقول: [من يدخل عمل التبشير وبه رغبات كهذه (حب المديح) أي آلام وشدائد تلاحقه؟ إنه من الأسهل أن يكون البحر بلا أمواج عن أن يكون مثل هذا الشخص بلا متاعب أو أحزان].
لقد خاف القديس على نفسه كبطريرك للقسطنطينية فقال: [إنيأسكب الدموع عندما أرى نفسي على كرسي فوق كراسي الآخرين، وعندما يقدم لي احترام أكثر من غيري].
ليس من عمل سفراء المسيح أن يقدموا عبارات بشرية فصيحة، ولا أن يستعرضوا انجازاتهم ويمجدوا مجهوداتهم الشخصية، بل أن ينادوا بكلمة الرب نفسه، ويدعوا إلى التوبة بروح الوداعة والاتضاع. كلمة الرب قوية وقادرة لأنه “حيثتكون كلمة الملك هناك يكون السلطان” (جا 8: 4) واللههوملك الملوك، كلمته لن ترجع فارغة بلا ثمر (إش 55: 11)
الشعوربالوكالةيعطي الخادم قوة فلا يهاب العمل مهما كان صعبًا أو بدا مستحيلًا، يعمل متكئًا على صدر الموكل مهما تكن النتائج، إذ يسمع الصوت الإلهي: “أنامرسلكإليهم… وهمإن سمعوا وإن امتنعوا، لأنهم بيت متمرد فإنهم يعلمون أن نبيًا كان بينهم” [5]. هذا لا يعني أن الله لا يعلم إن كانوا يسمعون أو يعصون لكنه ينطق هكذا حتى يترك لهم حرية الطاعة أو العصيان فلا يكون لهم حجة أنه حكم عليهم بالعصيان مقدمًا.

وكما يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: [لمينطق بهذا عن جهل إنما لئلا يقول أحد المعاندين إن نبوته ألزمتهم بالعصيان].

هل تبحث عن  تعالا دلوقتي احميني شيل الدموع دي من عيني

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي