دانيال ومن هو
دانيال ومن هو
الاسم « دانيال » يعنى « اللّه قاضى » ولقد عاش هذا الرجل طوال حياته على الأرض ، وهو يتطلع إلى اللّه القاضى العادل ، وهو يتصرف فى الحياة دون أن يبالى بالناس ، لأنه يعلم أن قضيته ليست فى يد بشر ، بل فى يد اللّه الذى يحكم بعدل ، … كان من أعلى الطبقات فى بلاده ومن النسل الملكى كما هو واضح فى سفره ، ونحن لا نعلم شيئاً عن أبيه وأمه ، لكننا يمكن أن نتصور أنه تربى فى سنواته الأولى تحت يدى معلمين عظيمين ، البيت ، والألم ، .. ولا يمكن أن أصدق أن شاباً يتصرف هكذا ، فى أرض غريبة ، بعيداً عن كل رقابة أو ملاحظة من أحد ، دون أن تكون نشأته ، وبيته ، وتربيته مرتبطة ارتباطاً عميقاً باللّه ، .. إنه أشبه الكل بموسى ، عندما حصنه البيت ، قبل أن يدخل داخل أسوار قصر فرعون ، وقبل أن يحاط كصبى بأقوى عوامل الإغراء التى يمكن أن يتعرض لها صبى فى الحياة ، … وربما كانت أم دانيال أشبه بيوكابد التى جعلت ابنها يعيش ، فى كل شئ داخل أسوار القصر ، ولكن قلبه كان على الدوام فى مكان آخر ، وبصورة أخرى !! .. كان البيت هو المعلم الأول لموسى ، ولدانيال ، وكان الألم هو أيضاً المعلم الثانى – والألم فى العادة يهبط بالإنسان إلى القاع أو يرفعه إلى مصاف الأبطال ، وقد صنع من دانيال بطلا عظيماً ، فأنت ترى نفسك فى العادة وأنت تقرأ قصته ، أنك أمام إنسان ممتاز غير عادى ، عاش منكوباً فى وطنه وشعبه ، وعاش منكوباً فى وسط التجارب المتعددة التى لاحقت حياته ، ولكنه كان أشبه بالمعدن النفيس يزداد بالاحتكاك جمالا ولمعاناً ، … كان جميل الوجه حسن المنظر ، وربما كان كموسى أو يوسف فى فتنة المظهر ، إذ أنه والثلاثة فتية اختيروا ليدخلوا الأكاديمية العلمية التى أنشأها نبوخذ ناصر ، وليدرسوا فيها ثلاث سنوات ، وكان من الشروط الأساسية أن يجتازوا ما يطلق عليه فى وقتنا الحاضر « كشف الهيئة » « من الشرفاء فتيانا لا عيب فيهم حسان المنظر حاذقين فى كل حكمة وعارفين معرفة وذوى فهم بالعلم ، والذين فيهم قوة على الوقوف فى قصر الملك فيعلموهم كتابة الكلدانيين ولسانهم» ” دا 1 : 3 و 4 ” وكان القصد من هذه الأكاديمية جذب خلاصة الطبقات القائدة من الشعوب المغلوبة ، وكلدنتهم إذا صح التعبير ، وتغيير منهج حياتهم ، إلى الدرجة التى ينسون معها أسماءهم القديمة ، ويعطونهم أسماء كلدانية ، حتى أن دانيال أعطوه اسم « بلطشاصر » أو « أثيربيل » أو المفضل من بيل .. وكان الهدف ، كما هو واضح ، زحزحتهم عن قومياتهم الأولى ، وإدماجهم فى القومية الكلدانية مع إغراقهم بالإمتيازات والإغراءات ، حتى يصلوا إلى نسيان أصولهم الأولى !! ..
غير أن دانيال مع ذلك ، لم يكن جميل الوجه فحسب ، بل كان يملك الجمال المثلث على نحو فائق ممتاز ، إذ كان جميل الوجه ، والعقل ، والإرادة . له ، إلى جمال المظهر الخارجى ، الذكاء الحاد الأريب ، مع إرادة قدت من فولاذ ، تعرف أن تقف إلى جوار اللّه والحق والحياة السليمة دون أدنى تردد أو شبهة أو خوف !! ..
كانت شجاعة دانيال خارقة للعادة ، تلك الشجاعة التى لازمته طوال حياته ، والنابعة من مبادئه وتقاليده ، وأن أعظم شجاعة فى الحياة ، أن يكون الإنسان نفسه كما يعتقد ويريد ، لا أن يكون ممسوخاً فى وسط الآخرين ، يحاكيهم ويشاكلهم ، ويسير على دربهم فى الصواب والخطأ على حد سواء ، فإذا خلا إلى نفسه أنكر ما فعل أو برر قصته بأن ضغط الظروف أكرهه على ذلك ، … كان دانيال شجاعاً فى السابعة عشرة من عمره وكان شجاعاً فى التسعين من العمر ، كان شجاعاً أمام الإغراء ، وكان شجاعاً أمام التهديد والوعيد ، … كان شجاعاً وهو يرفض مائدة الملك ، وكان شجاعاً وهو يواجه عطايا الملك ، أو جب الأسود ، … لم يتذبذب قط فى شجاعته أو يتراجع عنها ، أو يغطيها بما يقال إنه الحكمة أو ما أشبه من تعليلات الناس !! … كان شجاعاً عندما وضعت أمامه أطايب الملك ، وهو صغير فى وسط مئات الشباب ، ممن يحلمون بمجد العالم ، وممن يسرعون إلى محاكاة بعضهم البعض ، أو ممن يستطيعون أن يعتذروا أمام أنفسهم ، بأنهم مكرهون ، ولا حرية لهم فى القول أو الاختيار كما يفعل آلاف الشباب على وجه الأوض ! وكان شجاعاً فى مواجهة بيلشاصر الملك ، وهو ممتلئ من الغضب والسخط المقدس ، عندما ادخل إليه فى حفله الذى صنعه لقواده وعظمائه ، وكان الحفل ماجناً معربداً ، وقد صنعه – على الأرجح – لسببين ، يقصد من ورائهما تقوية روح قواده وجنوده المعنوية . إذ أن عاصمته كانت فى ذلك الليلة محاصرة بقوات مادى وفارس ، وكان لابد لذلك أن يفعل شيئاً فى مواجهة الحصار فجمع العظماء والقادة إلى حفل كان فى واقع الأمر حفلاً دينياً يطلب فيه معونة الآلهة لشد أزره إزاء الجيوش المهاجمة ، وقد أراد أن يسترض آلهته هذه بأن يجعلها فوق جميع الآلهة والأديان . وفى الوقت نفسه أراد أن يثبت شجاعته ، ففعل الشئ الذى لم يجرؤ نبوخذ ناصر على فعله ، إذ تحدى إله إسرائيل بأن أمر بإحضار الآنية المقدسة التى أحضرها نبوخذ ناصر من الهيكل واستعملها فى الشرب واللهو والمجون . … وعندما ظهرت له اليد التى تكتب على مكلس الحائط إزاء النبراس ، وفسر دانيال له الكتابة ، … وأراد الملك مكافأته ، كان جواب دانيال : « لتكن عطاياك لنفسك وهب هباتك لغيرى » ” دا 5 : 17 ” وهو جواب خشن خال من الزلفى والتملق ، وأكثر من ذلك وبخ الملك توبيخاً صارخاً إذ ذكره بما حدث مع نبوخذ ناصر ، وكيف أنه لما تكبر ولم يتعظ ، وارتفع قلبه وتعالى أمام اللّه ، أسقطه القدير على الصورة المفزعة ، إذ جعله حيواناً مثل أدنى الحيوانات !! .. ولم تتذبذب شجاعة دانيال قط ، وهو فى التسعين من عمره أو ما يقرب من ذلك وهو يواجه جب الأسود ، ويأبى أن يقفل كواه لمدة شهر ، ليصلى فى سره ، وقد كانت صلاته علنية أمام الجميه ، … كان الرجل من أشجع الناس الذين ظهروا على وجه الأرض ، فى عصره وعلى مر التاريخ أيضاً !! .
لم تكن هذه الشجاعة نوعاً من الإندفاع ، أو الحماقة ، أو التهور ، أو التعصب ، أو ما أشبه – بل كانت تستند إلى المبدأ الصحيح المرتبط باللّه ، … كان دانيال يؤمن بأن المؤمن إنسان يعيش فى العالم ، ولكنه ليس من العالم …. وهو إنسان يحيا مع الناس ، ولكنه لا يعيش كما يعيش الناس ، .. بل أنه لابد أن يحيا نوعاً من العزلة النبيلة التى لا تجرى مع تيار الأيام ، واندفاع العالم ، … فإذا كانت أطايب الملك امتيازاً فى نظر غيره من الشباب ، فهى نجاسة عنده ، لقد كانت هذه الأطايب فى العادة نوعاً من اللحوم المحرمة على اليهودى ، أو التى كانت تقدم للآلهة الوثنية ، ويؤخذ منها الطعام فى القصر الملكى ، فليأكل غيره من الشباب منها ما طاب لهم ، ولو أكل جميع الشباب ، فإن هذا لا يغير من نجاستها وإثمها ، والتى تجعله ينفصل عن الجميع بالعزلة النبيلة ، وقد كان هذا الشاب عظيماً ، لأنه لم يحاول أن يسكت ضميره ، أليس له حرية الاختيار، وإذا كان رئيس الخصيان يخشى على رأسه فيما لو غير نظام أكلهم ، فكم بالحرى يكون الأمر بالنسبة للشاب نفسه أو زملائه الفتية الثلاثة ؟!! … لقد أدرك دانيال أن النجاسة لا يمكن أن تعطيها اسماً آخر ، فهى نجاسة مهما يصورها الآخرون أو يعطونها من أسماء أو صور ، …. وهو أهون عليه أن يموت نبيلاً مقدساً ، من أن يعيش حيواناً منجساً ، … وهو واثق تماماً من أن طعامه العادى أفضل وأجمل ، وأنه يعطيه من القوة أو الصحة ، مالا يمكن أن يجرها عند الآخرين !! .. وقد نجح دانيال منذ القديم فى هذا الامتحان !! .. والشجاعة عند دانيال لا يمكن أن يسكتها الجاه أيضاً ، فالجاه الحقيقى من اللّه ، وليس من ملك أو إنسان ، فإذا كافأه الملك بيلشاصر بأن « « يلبسوا دانيال الأرجوان وقلادة من ذهب فى عنقه وينادوا عليه أن يكون متسلطاً ثالثاً فى المملكة » … فإن جاه هذا الملك لن يأتى الليل قبل أن ينتهى ويذهب ، بمصرعه هو فى الأرض ، وهكذا الذين يبحثون عن جاه الملوك أو نفوذهم ، وهم لا يعلمون أن هذا الجاه – طال أو قصر – لابد سيذهب مع الريح ، إذ هو فى الحقيقة قبض الريح ، فى قول سليمان المشهور : « باطل الأباطيل الكل باطل وقبض الريح » . والشجاعة الصحيحة ألا يرضى الإنسان بالجاه المزيف حتى ولو تدثر بالأرجوان أو جمل وساماً أو قلادة ذهبية مهما يكن منظرها ومظهرها أمام الناس !! ..
فإذا عجز الإغراء ، سواء فى الأطايب أو فى المركز ، عن إسقاط الرجل ، فإن الامتحان القاسى يكون فى الجب مع الأسود ، ويكون فى الشيخوخة أمام ضعف الجسد ووهنه ، … وهنا تصل الشجاعة إلى ذروتها الحقيقية ، وتحكم العزلة النبيلة الرجل ، . كان ديموستينيس أخطب خطباء اليونان ، وقد عجز الأعداء عن أن يسكتوا فصاحته بأية صورة من الصور ، فما كان منهم إلا أن رشوه ، وإذا به يتلعثم ، وعندما سأل البعض عن سر لعثمته هذه ، … قال آخرون : لقد بح صوته من الذهب ، … أما صوت دانيال فقد ارتفع فوق صوت الذهب ، وزئير الأسود ، … لقد وقف دانيال ضد الفساد والرشوة : « ثم أن الوزراء والمرازبة كانوا يطلبون علة يجدونها على دانيال من جهة المملكة ، فلم يقدروا أن يجدوا علة ولا ذنباً لأنه كان أميناً ولم يوجد فيه خطأ ولا ذنب ، فقال هؤلاء الرجال لا نجد على دانيال هذا علة ألا أن نجدها من جهة شريعة إلهه » ” دا 6 : 4 و 5 ” كان هؤلاء الرجال يرفعون ملوكهم إلى درجة العبادة ، كما فعلت روما فيما بعد ، إذ كان الاعتقاد أن الآلهة تسكن الملوك ، ومن ثم فهم جديرون بالعبادة ، ومن لا يعبدهم فإنما يحتقرهم ويحتقر الآلهة التى يمثلونها ، وكان هذا هو الشرك الذى نصب بذكاء ودهاء لداريوس الملك ، وسقط فيه ، وهو لا يعلم ، … ولكن دانيال وإن كانت علاقته بالملك قوية وكريمة ، إلا أنها تقف عند حد لا يمكن أن تتجاوزه ، فهو يعطى لداريوس ما هو لداريوس ، ويعطى للّه ما هو للّه ، .. وهو يعلم طوال حياة السبى ما بين السابعة عشرة ، والتسعين من العمر ، أن اللّه جعله بين المسبين قوة ومثالاً ، … وهو لا يمكن أن ينحرف قيد أنمله عن هذه الحقيقة .
كانت عادته الدائمة التى لا يمكن أن يقلع عنها هى الصلاة ثلاث مرات يومياً والكوى مفتوحة تجاه أورشليم حيث هناك قلبه وعقيدته ودينه وإيمانه ، وهو لا يستطيع أن يغلق النافذة ، وقد جعله اللّه شاهداً ، ولا مانع عنده من أن يكون شهيداً ، وخير له أن يموت دون أن يجدوا فيه علة إلا من جهة شريعة إلهه ، من أن يعيش وقد سقطت شجاعته ومثاليته أمام الكلدانيين والمسبيين على حد سواء !! … لقد عاش الرجل فى جاهه منعزلا عن أسلوب الأخرين من القادة ، … وكان أميناً ونبيلاً فى هذه العزلة أيضاً !! … إن قصته على الدوام تذكرنا بقول الرسول : « لا تشاكلوا هذا الدهر بل تغيروا عن شكلكم بتجديد أذهانكم » ” رو 12 : 2 ” « لأنه أية خلطة للبر والإثم . وأية شركة للنور مع الظلمة وأى اتفاق للمسيح مع بليعال . وأى نصيب للمؤمن مع غير المؤمن . وأية موافقة لهيكل اللّه مع الأوثان . فإنكم أنتم هيكل اللّّه الحى كما قال اللّه إنى سأسكن فيهم وأسير بينهم وأكون لهم إلهاً وهم يكونون لى شعباً . لذلك اخرجوا من وسطهم واعتزلوا يقول الرب ولا تمسوا نجساً فأقبلكم ، وأكون لكم أبا وأنتم تكونون لى بنين وبنات يقول الرب القادر على كل شئ» ” 2 كو 6 : 14 – 18 ” .
على أن العزلة عند دانيال لم تكن نوعاً من التصوف ، بمفهوم الزهد أو الامتناع عن الطعام ، كما يفعل المتصوفون ، لأن الزهد عند دانيال كان دائماً مصحوباً بغرض معين ، فهو زاهد أو متصوف بالنسبة لكل ما ينجس النفس ، حتى ولو سال له لعاب الآخرين ، … ويعتقد « كلفن » أن دانيال عندما كان ينصرف من القصر الملكى أو يبعد عن الحفلات ، كان يأكل ما يحلو له من طعام أو شراب ، لأن الأكل فى ذاته لا يقدم ولا يؤخر ، إلا بالقدر الذى يعطى للّه مجداً ، أو يعثر الآخرين ، أو يقودها إلى عبادة الجسد ، والانصراف عن الروح التى هى أعلى واسمى من الجسد ، بما لا يقدر أو يقاس ، … وهو يمكن أن يتذلل فى وقت الأزمات والنكبات والضيق والحيرة والنوح ، كما جاء فى الأصحاح العاشر من سفره : « فى تلك الأيام أنا دانيال كنت نائماً ثلاثة أسابيع أيام لم آكل طعاماً شهياً ولم يدخل فى فمى لحم ولا خمر ولم أدهن حتى تمت ثلاثة أسابيع أيام » ” دا 10 : 2 و 3 ” ومن المستفاد بمفهوم المقابلة ، إنه كان يأكل ويشرب ويدهن فى الأوقات العادية ، إلا أنه هنا كان نائماً وهو يبحث عن مصير شعبه والمستقبل ، وكان ولا شك مشغولا بالصلاة إلى أن جاءته رؤيا السماء !! …
ومن اللازم أن نشير أيضاً إلى أن الرجل كان مشهوراً بالحكمة الفائقة ، التى جعلت حزقيال فى مطلع الأصحاح الثامن و العشرين من سفره ، وهو يتنبأ عن رئيس صور الذى ظن أنه أوتى من الحكمة مرتبة الآلهة ، وإذا باللّه يوبخه : « ها أنت أحكم من دانيال ، سر مالا يخفـــــى عليــــك » “حز 28 : 3 ” ودانيال دائماً كان يواجه المعضلات والأسرار بذهن حكيم بارع فى الرأى والمشورة والحكمة ، وقد رآه نبوخذ ناصر بالمقارنة بالحكماء والمجوس وعلماء الإمبراطورية عشرة أضعاف فى الحكمة والفهم ولا شبهة فى أن هذه الحكمة كانت فى أسمى صورها هى ما يطلق عليه الشفافية، أو الإلهام ، أو الحكمة النازلة من فوق ، … ومن المعتقد أنه فى الأكاديمية العلمية فى مطلع الشباب ، كان وأخوته الفتيان الثلاثة من المنكبين على الدرس ، المجتهدين فى التحصيل ، الباذلين أقصى جهد فى المعرفة والعلم ، … لكن دانيال كان يعلم علم اليقين أن اللّه يلهم الإنسان ، ويرشده وينصحه بكل ما يتجاوز حدود المعرفة والإدراك البشرين و ذلك لأن « سر الرب لخائفيه وعهده لتعليمهم » ، ” مز 25 : 14 “، ومن واجبنا ونحن نذكر قصة الرجل ، أن نذكر شبابنا المقبلين عن المعرفة والآخذين بأسباب العلم ، أن اللّه لا يسر كثيراً بمجرد الدراسة أو التعلم ، بل أكثر من ذلك بالتفوق فيها !! ..
هل تبحث عن  امنحينا أن يجدنا الله الآتي مستعدين

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي