القديس يوحنا الذهبي الفم

لماذا اُختيرت أورشليم لانعقاد مجمع الرسل؟

1. غالبا ما كان المسيحيون فى ذلك الحين يتطلعون إلى أورشليم كمصدر سلطة كنسية، حيث هناك تحققت أحداث الخلاص، ومنها انطلقت بذار الخدمة والكرازة إلى كل العالم. تُحسب الكنيسة في أورشليم الكنيسة الأم حتى بالنسبة للمسيحيين الذين من أصل أممى.

2. كانت أورشليم تضم أغلب الرسل والمسيحيين أصحاب الخبرة، وربما كثير من الرسل كانوا يقومون بالكرازة ويعودون إلى أورشليم كمركز لكل الكنيسة. لذا فهي أفضل موقع لأخذ قرار فيما لم يستقر الأمر فيه بعد، حتى تنتهى كل المنازعات الخاصة بموقف الأمم المتنصرين.

3. كان أغلب المؤمنين من أصل يهودي، لهذا فمن الأفضل صدور القرارات هناك حتى لا يأخذوا موقف المعارضة إن صدرت قرارات فى كنيسة وسط الأمم.

4. كان بعض المسيحيين الذين من أصل يهودي يحملون نوعًا من الضيق بسبب انفتاح الخدمة على الأمم، فكان لزامًا أن يتحققوا من فرح الرسل ككل بعمل الله وسط الأمم.

“فهؤلاء بعدما شيعتهم الكنيسة
اجتازوا في فينيقيّة والسامرة يخبرونهم برجوع الأمم،
وكانوا يسبّبون سرورًا عظيمًا لجميع الاخوة”. [3]

صعد القديسان بولس وبرنابا إلى أورشليم وآخرون معهما لعقد مجمع رسولي، وفي طريقهم عبروا بفينيقية (لبنان) والسامرة، فكانوا يتحدثون عن عمل الله وسط الأمم، “وكانوا يسببون سرورًا عظيمًا لجميع الاخوة”. كانت هذه المناطق عامرة بالمؤمنين اليهود غير المتعصبين، يفرحون بخلاص الأمم وقبولهم للإيمان.

كان القديس بولس ومن معه متهللين بالروح من أجل عمل الله الفائق وخلاص الكثيرين، لهذا ففي طريقهم إلى أورشليم أرادوا أن يشركوا الكنائس في الطريق فرحهم الروحي. فالمسيحي مصدر فرح لكل من هم حوله، يقدم دائمًا الأخبار السارة المفرحة، ليختبر المؤمنون عربون السماء.

هل تبحث عن  قتل أبشالوم أخاه أمنون

[COLOR=”Magenta[COLOR=”Black
“]”]”ولما حضروا إلى أورشليم

قبلتهم الكنيسة والرسل والمشايخ،
فأخبروهم بكل ما صنع اللَّه معهم”. [4]

قبلت الكنيسة في أورشليم هذا الوفد برضى واستمع الكل لعمل الله وسط الأمم. في وسط هذا الجو الرائع من الحب والصداقة تحدث القديسان بولس وبرنابا ومن معهما عن عمل الله معهم. لم يستعرضوا مجهوداتهم، ولا تحدثوا عن أنفسهم، وعن حكمتهم وإمكانياتهم، بل كان كل الحديث حول نعمة الله الفائقة.

ولكن قام أناس من الذين كانوا قد آمنوا من مذهب الفريسيين

وقالوا أنه ينبغي أن يختنوا،
ويوصوا بأن يحفظوا ناموس موسى”. [5]

كانت القيادات الكنسية بلا شك في حرجٍ شديدٍ بين سرورهم باتساع الخدمة في العالم وخشيتهم غضب المتعصبين من اليهود، خاصة وأن كنيسة الأمم بدأت تمتد وتتزايد جدًا.

يرى البعض أن بعض الفريسيين قبلوا الإيمان المسيحي لتأكيد مبدأهم وعقيدتهم في القيامة ضد الصدوقيين، لكن لم يكن ممكنًا لبعضهم أن يتخلوا عن التمسك بحرفية الناموس. فبعد قبولهم الإيمان المسيحي احتفظوا بالخميرة القديمة، ليس جميعهم بل بعضهم، هؤلاء رأوا في حفظ الناموس حرفيًا ضرورة ملزمة قبل دخولهم في الإيمان بالسيد المسيح.

3
. انعقاد أول مجمع كنسي

“فاجتمع الرسل والمشايخ لينظروا في هذا الأمر. [6]
اجتمع الرسل مع الكهنة presbyters لبحث الأمر؛ لم يقل ليأخذوا قرارات، لكن بروح الحب المتبادل والتواضع أراد الكل مناقشة الأمر فيما بينهم. لم يرد الرسل أن يأخذوا قرارهم دون الكهنة.

4
.
خطاب بولس الرسول

“فبعدما حصلت مباحثة كثيرة،
قام بطرس وقال لهم:

أيها الرجال الإخوة،
أنتم تعلمون أنه منذ أيام قديمة اختار اللَّه بيننا،
أنه بفمي يسمع الأمم كلمة الإنجيل ويؤمنون”. [7]

يُعتبر هذا المجمع مثلاً رائعًا للقرارات الكنسية، إذ لم يُحكر على أحد في الرأي، بل أُعطيت الفرصة للفريقين أن يناقشا الأمر بكل صراحة وانفتاح، في جوٍ من الحب. ولم نؤخذ القرارات بطريقة تعسفية ولا بتسرعٍ. تمت مباحثات ليست بقليلةٍ بين الفريقين،

هل تبحث عن  مع مثل هذة الأنواع لا تـتـعــاتــب

وكان بولس وبرنابا يمثلان قيادة الفكر الذي يراه البعض متحررًا، وبعض المؤمنين الذين من مذهب الفريسيين يمثلون الفريق المتعصب.

وقف القديس بطرس الذي من جانبٍ يمثل كنيسة الختان، وقد عرف بحفظه للناموس حتى حسبه البعض كمن يقف في مقابل القديس بولس رسول الأمم، ومن جانب آخر فهو الذي دعاه الروح القدس للكرازة في بيت قائد المائة الأممي كرنيليوس منذ قرابة عشر سنوات، لذلك يقول:

“منذ أيامٍ قديمة”. هذه هي آخر إشارة إلى القديس بطرس في سفر الأعمال، وكأن القديس لوقا بعد أن استعرض عمل الله في خدمته ختم ذلك بتهيئة الجو للخدمة بين الأمم، ليكمل السفر الدور الخطير الذي قام به رسول الأمم بالكرازة في العالم حتى بلغ العاصمة ذاتها.

يرى البعض أن الدور الذي قام به الرسول بولس حين انتهر القديس بطرس وقاومه علانية حين انسحب عن الاشتراك مع المسيحيين الذين من أصل أممي في تناول الطعام كان له فاعليته (غل 2: 11).

هنا يشير القديس إلى عمل الله معه هذا الذي دعاه لقبول كرنيليوس الأممي في الإيمان، ويعمده هو وأهل بيته. فقد أظهر القديس بطرس نوعًا من التعجب، كيف يناقش أمر قد استقر فعلاً، ومع كونه ليس رسولاً للأمم فإن الله دعاه للخدمة بينهم مبكرًا، “منذ أيام قديمة”.

ما يبحثونه الآن سبق أن ثار في ذهن القديس بطرس وجاءته الإجابة من السماء حين رأى الملاءة، وصدر له الأمر أن يأكل دون أن يقول عن هذا دنس أو نجس.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي