سبحوا بكل كيانكم


*سبحوا بكل كيانكم؛ بمعنى لا يكن لسانكم وصوتكم وحدهما يسبحان الله، وإنما ضميركم أيضًا وحياتكم وأعمالكم.
الآن إذ نحن مجتمعون معًا في الكنيسة نسبح. عندما نخرج كل واحدٍ إلى عمله، يبدو أننا نكف عن تسبيح الله.
ليت الإنسان لا يكف عن أن يعيش حسنًا، بهذا يسبح الله على الدوام…
يستحيل أن تكون أعمال إنسانٍ شريرة إن كانت أفكاره صالحة. لأن الأعمال تصدر عن الفكر. ولا يستطيع إنسان أن يفعل شيئًا أو يحرك أطرافه لعمل ما لم يسبقه أمر من فِكِرِه.
كما أن كل ما ترونه يتم في الأقاليم إنما يتم حسب ما يأمر به الإمبراطور من داخل قصره إلى كل الإمبراطورية الرومانية. كم من تحركات يسببها أمر واحد يصدر بواسطة الإمبراطور وهو جالس في قصره! مجرد يحرك شفتيه ويتكلم يتحرك كل الإقليم لتنفيذ ما ينطق به. هكذا في حالة الإنسان أيضًا، فإن الإمبراطور في الداخل، كرسيه في القلب [كان يُنظر للقلب كمركز للأفكار، والكلُى كمركز للعواطف]. إن كان القلب صالحًا ويصدر أمورًا صالحة، تُمارس أعمال صالحة.
حينما يجلس المسيح هناك، ماذا يمكن أن يصدر إلا ما هو صالح؟
وإذا كان الشيطان هو المُقيم فيه، ماذا يأمر إلا بالشر؟
ولكن الله يريد أن يكون الأمر حسب اختياركم من الذي يحتل الموضع: الله أم الشيطان.
عندما تعدون المكان سيحكم من هو مقيم فيه.
لهذا أيها الأحباء لا تنصتوا إلى الصوت فقط حين تسبحون الله، سبحوا بكل كيانكم. سبحوا بلسانكم وحياتكم وأعمالكم، كل هذه فلتسبح.
“سبحوا الرب من السماوات” إذ وجد (المرتل) في السماوات من ينعمون بالسلام بتسبيحهم الرب، لذا يحثهم أن يقوموا ويسبحوا…
أولًا يقول: “من السماوات”، وبعد ذلك “من الأرض”، لأن الله الذي نسبحه هو خالق السماوات والأرض. كل الذين في السماوات هم في هدوءٍ وسلامٍ. هناك فرحٍ دائمٍ، ليس موت ولا مرض ولا مصدر إغاظة، هناك الطوباويون يسبحون الله على الدوام. أما نحن فلا نزال أسفل، عندما نفكر كيف أن الله يُسبح هناك، يكون قلبنا هناك، وليس باطلًا نسمع القول: “ارفعوا قلوبكم”.
لنرفع قلوبنا إلى فوق، فلا تفسد على الأرض. فإننا نُسر بما يفعله الملائكة هناك. نفعل هذا الآن هنا في رجاء، ونمارسه حقيقة عندما نذهب هناك. عندئذ: “سبحوه في الأعالي”.

هل تبحث عن  مثل اللؤلؤة الحسنة

القديس أغسطينوس

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي