شفاعة موسى


شفاعة موسى لأجل شعبه



«فَتَضَرَّعَ مُوسَى أَمَامَ الرَّبِّ إِلهِهِ، وَقَالَ: لِمَاذَا يَا رَبُّ يَحْمَى غَضَبُكَ َ؟»
( خروج 32: 11 )

موسى له قصة مزدوجة مع الماء. فهو أُنقذ وهو طفل صغير من الغرق عندما صنعت له أمه سفطاً. وبعد ذلك عند شاطئ البحر الأحمر شق البحر وسار مع الشعب على اليابسة. لكن المسيح هنا لم يكن محتاجاً إلى سفط لحمايته من الغَرَق، ولا عصا ليشق بها الماء، بل إننا نقرأ عنه هنا إنه أتى إلى تلاميذه ما شياً على البحر.
ليس موسى الذي أعطاهم المن في البرية (ع32)، بل إن موسى لم يكن يعرف من أين يمكن لله أن يأتي لهم بالطعام. نعم لم يعلم ما كان سوف يعمله الرب. أما المسيح فيقول الوحي عنه هنا “أنه علم ما هو مزمع أن يفعل” (ع6).

في شفاعة موسى لأجل شعبه نلاحظ أنه يتوسل على أساس ثلاثي:
(1) نعمة الله.
(2) مجد الله.
(3) أمانة الله.

أما أولاً فبخصوص نعمة الله يقول مُوسَى «لِمَاذَا يَا رَبُّ يَحْمَى غَضَبُكَ عَلَى شَعْبِكَ الَّذِي أَخْرَجْتَهُ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ؟» (ع11). إنها النعمة الخالصة التي خلَّصتهم من أرض مصر، فلم يكن فيهم شيء يستحق أن يُخلِّصهم بسببه، بل على العكس كل الذي كان فيهم يستحق الغضب. لكنها النعمة الخالصة. ولا ننسَ أن النعمة عندما تملك إنما تملك بالبر ( رو 5: 21 ). وهكذا في مصر، قد ذُبِحَ خروف الفصح، الذي هو أساس الفداء (رمزيًا)، والذي على أساسه يستطيع الله أن يُبرّر. ولم يُنكر موسى أن الشعب أخطأ، ولكنهم شعب الرب. وإن كانوا لا يستحقون، لكنهم شعب الله بالفداء.

والأساس الثاني الذي يتشفع لأجله موسى هو مجد الله «لِمَاذَا يَتَكَلَّمُ الْمِصْرِيُّونَ قَائِلِينَ: أَخْرَجَهُمْ بِخُبْثٍ لِيَقْتُلَهُمْ فِي الْجِبَالِ، وَيُفْنِيَهُمْ عَنْ وَجْهِ الأَرْضِ؟» (ع12). وكأن موسى يقول للرب: “إنك لو أفنيت هذا الشعب، ألا يُعيَّر اسمك، ويُقال إنك أخرجتهم من مصر، ولم تستطع أن تُدخلهم الأرض؟” وهكذا فمجد الله يقتضي ألا يفنيهم. لأن فناءهم يجعل الأمم المُحيطة بهم تنسب لله الضعف والعجز.

هل تبحث عن  الأب تادرس الكبادوكي

والأساس الثالث هو أمانة الله «اُذْكُرْ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَإِسْرَائِيلَ عَبِيدَكَ الَّذِينَ حَلَفْتَ لَهُمْ بِنَفْسِكَ وَقُلْتَ لَهُمْ: أُكَثِّرُ نَسْلَكُمْ كَنُجُومِ السَّمَاءِ، وَأُعْطِي نَسْلَكُمْ كُلَّ هذِهِ الأَرْضِ الَّتِي تَكَلَّمْتُ عَنْهَا فَيَمْلِكُونَهَا إِلَى الأَبَدِ» (ع13). وهنا يُذكّر موسى الرب بقسَمهِ للآباء، وإلى الوعود غير المشروطة التي أعطاها لهم، لأنه «بِأَمْرَيْنِ عَدِيمَيِ التَّغَيُّرِ، لاَ يُمْكِنُ أَنَّ اللهَ يَكْذِبُ فِيهِمَا» ( عب 6: 18 ). إن موسى لا يتوسل على أساس ما هم عليه في ذواتهم، لأن كل ما فيهم يستوجب غضب الله عليهم، لكنه يتوسل على أساس ما هو الله في ذاته، ومقاصده المُعلنة والمؤكدة للآباء، بواسطة الوعد والقسم..

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي