admin
نشر منذ سنتين
2
“ضفروا إكليلاً من الشوك” (27: 29)

“ضفروا إكليلاً من الشوك” (27: 29)

فى القديم قال الرب لآدم بعدما أخطأ “ملعونة الأرض بسببك، بالتعب تأكل منها كل أيام حياتك، وشوكاً وحسكاً تنبت لك” (تك3: 17، 18).

كان آدم حينما خلقه الرب هو سيد الخليقة التى على الأرض، كما هو مكتوب عنه “بالمجد والكرامة توَّجْتَه، وعلى أعمال يديك أقمته. كل شئ أخضعت تحت قدميه” (مز8: 5، 6).

ولكنه بعد السقوط لم يعد يجنى من الأرض الراحة بل التعب. ولهذا فقد حمل السيد المسيح على رأسه المقدس إكليلاً من شوك الأرض وحمل نتيجة اللعنة.

كان الشوك المغروس فى الرأس، إشارة إلى ما ملأ رأس الإنسان من أفكار لا ترضى الله، وهى السبب فى تنغيص حياة الإنسان.

الآن ننظر السيد المسيح وقد تعرى من ثيابه، وحمل على رأسه إكليلاً من شوك، ألا يذكِّرنا هذا المشهد العجيب بآدم عند سقوطه فى الخطية، وآثار الخطية بادية عليه، إذ شعر بأنه عريان، وصارت الأرض بسببه تنبت له شوكاً وحسكاً..

أليس المسيح هو آدم الثانى كما هو مكتوب “صار آدم الإنسان الأول نفساً حية، وآدم الأخير روحاً محيياً.. الإنسان الأول من الأرض ترابى. الإنسان الثانى الرب من السماء” (1كو15: 45، 47).

إن الرب لم يفعل بآدم عند خروجه من الفردوس، ما فعلته البشرية بالمسيح عند خروجه إلى الصليب!!.

فقد ستر الرب برفق عرى آدم بقميص من جلد، وأبقى الرب فى الأرض شيئاً من خيراته لطعام الإنسان.

أما البشر فقد نزعوا فى قسوة ملابس السيد المسيح وجلدوه، ثم نزعوا ثيابه ثانية وكللوه بالشوك، ثم نزعوا ثيابه مرة ثالثة وصلبوه بلا شفقة، وفى عطشه سقوه خلاً، واستمروا فى تعذيبه إلى أن حكموا عليه بالموت، وهو غير مستوجب الموت.

هل تبحث عن  كلمات ترنيمة بنساك ما بتنساني ولا بتنسى الأمانة *

وبالرغم من كل هذا الظلم، فقد استمر الرب فى محبته للإنسان، ساعياً لخلاصه بصبر واتضاع عجيبين إذ حمل لعنة خطايانا وكل أوجاعها، لكى ينقلنا من الموت إلى الحياة.

هذا هو الملك الذى تُوِّج بإكليل من شوك، لأن مُلكه هو فى آلامه.. وبالفعل ملك بمحبته الباذلة وأعاد إلى آدم كرامته الأولى.

وحول هذا المعنى تنبأ سفر نشيد الأناشيد عن الملك المسيح “اخرجن يا بنات صهيون وانظرن الملك سليمان بالتاج الذى توجته به أمه فى يوم عرسه وفى يوم فرح قلبه” (نش3: 11).

عجيب هو هذا العرس الذى وضع فيه إكليلاً من الأشواك على رأس العريس.. ولكن كان هذا هو المهر أو الثمن الذى دفعه العريس ليشترى عروسه الكنيسة مخلِّصاً إياها.. وصار بهذا مثلاً لكل عريس حقيقى. كقول معلمنا بولس الرسول: “أيها الرجال أحبوا نساءكم، كما أحب المسيح أيضاً الكنيسة وأسلم نفسه لأجلها لكى يقدسها” (أف5: 25، 26).

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي