ظهور السيد المسيح لموسى وهارون وناداب وأبيهو وسبعين شيخًا
وقد ورد ذِكر هذا الظهور في سفر الخروج كما يلي:
“وقال لموسى: اصعد إلى الرب أنت وهارون وناداب وأبيهو، وسبعون من شيوخ إسرائيل، واسجدوا من بعيد. ويقترب موسى وحده إلى الرب، وهم لا يقتربون، وأما الشعب فلا يصعد معه.. ثم صعد موسى وهارون وناداب وأبيهو وسبعون من شيوخ إسرائيل، ورأوا إله إسرائيل وتحت رجليه شبه صنعة من العقيق الأزرق الشفاف، وكَذَات السماء في النقاوة. ولكنه لم يمد يده إلى أشراف بنى إسرائيل، فرأوا الله وأكلوا وشربوا” (خر24: 1، 2، 9-11).
هذه تقريبًا هي المرة الوحيدة التي ظهر فيها الرب ظهورًا واضحًا أمام عدد كبير من شعب إسرائيل؛ مثلما ظهر لنبوخذ نصر ملك بابل ومن معه عند إلقاء الثلاثة فتية في أتون النار، إذ ظهر معهم في وسط الأتون شخص رابع قال عنه الملك (على حد تعبيره) إنه “شبيه بابن الآلهة” (دا 3: 25).
جاء ظهور الرب لموسى ولمن معه بوضع خاص جدًا وذي معانٍ جليلة. ومن الواضح أنه ظهر في هيئة إنسان لأن هناك ذِكر لرجليه ويده.
ومن المعلوم أن الآب لم يره أحد قط، لذلك فالرب إله إسرائيل الذي ظهر لهم هو الابن الوحيد الجنس المولود من الآب قبل كل الدهور.
أما عبارة أنه “لم يمد يده إلى أشراف بنى إسرائيل” (خر24: 11) فهي دليل على أن أكل وشرب شيوخ إسرائيل المذكورين في هذه الواقعة لم يكن هو العشاء الرباني. وأن المصالحة بالفداء لم يكن قد آن أوانها.
في العشاء الخاص بليلة آلام الرب يسوع المسيح؛ أخذ خبزًا وشكر وباركه وقسمه وأعطاه لتلاميذه القديسين ورسله الأطهار المكرمين قائلًا: “خذوا كلوا هذا هو جسدي” (مت26: 26)، وهكذا الكأس أيضًا بعد العشاء ” قائلًا: اشربوا منها كلكم” (مت26: 27)، إذن لقد مد الرب يده إلى تلاميذه ومنها أكلوا وشربوا.
أما في حالة موسى النبي ومن معه فإن الرب لم يمد يده إليهم، بل يقول الكتاب “رأوا الله، وأكلوا وشربوا” (خر24: 11)، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى.. مجرد رؤية أعقبها أكل وشرب هو رمز للإفخارستيا، مجرد رمز وليس له أي حقيقة إفخارستية لأن الرب لم يمد يده إليهم.
يوجد رمز آخر في المشهد الذي رآه موسى وشيوخ بنى إسرائيل، وهو منظر العقيق الأزرق الشفاف كذات السماء في النقاوة تحت رجلي السيد المسيح الذي ظهر لهم.. وهذا رمز للمعمودية المقدسة التي بها يمكننا أن نصل إلى ملكوت الله. وهى ميلاد فوقاني سماوي. وقد قَبِل السيد المسيح العماد لأجلنا ليرسم لنا طريق الخلاص بالمعمودية. لهذا كان منظر العقيق الأزرق الشفاف تحت رجليه.
بعد رؤيتهم لمنظر شبه المعمودية تحت رجلي الرب الذي ظهر لهم، أكلوا وشربوا رمزًا للإفخارستيا. لذلك فالإنسان لا يمكن أن يأكل من مائدة الرب في العهد الجديد إلاّ بعد أن ينال سر العماد المقدس في مياه المعمودية التي هي مثل العقيق الأزرق الشفاف كذات السماء في النقاوة.
وكما كان في فلك نوح والطوفان والحمامة التي بشرت بعودة الحياة مرة أخرى رموز جميلة للمعمودية المقدسة، هكذا أيضًا في هذا الظهور العجيب.