«وأيضًا متى أَدخلَ البكر إلى العالم يقول:
ولتسجُد له كل ملائكة الله»
( عبرانيين 1: 6 )
سيكون ظهور المسيح للعالم هو بلا شك أعظم أيَّام التاريخ كله، يومٌ فيه الله يُدخـل ”البكرَ“ إلى العالم مرَّة ثانية، فنقرأ: «وأيضًا متى أَدخلَ البكر إلى العالم يقول: ولتسجُد له كلُّ ملائكة الله» ( عب 1: 6 ). وما البكر إلاَّ ربنا يسوع المسيح!
لقد وُلد المسيح موَلده المعجزي، فلم يشعر بمولده سوى القليلين، ثم قام من القبر قيامته الظافـرة، فأنكَر الكثيرون قيامته. لكنَّه سيظهر عن قريب بالمجد والقوة، وستراه كل عين ( رؤ 1: 7 )!
إنَّ ذاك الوديع اليي رآه الناس وكأنَّه مجرَّد إنسان، وتطاولوا عليه، وأوثقوه وساقوه، وحاكموه ثمَّ صلبوه بين لصين. ثم مات ودُفن، وتوارى عن الأنظار. وتوالَت الأجيال، وكل جيل يقول فيه كلمته، وهو صابر، وما زال كل إنسان يقول فيه ما يشاء، وهو صامت؛ سيظهر أخيرًا في قوَّة ومجد كثير. لهذا فإن كان الأتقياء يُحبُّون الاختطاف لكي ما يلتقوا بحبيب قلوبهم، عريسهم السماوي، الذي ارتبطوا به دون أنْ يروه؛ إلاَّ أنَّهم أيضًا يُحبُّون ظهوره ( 2تي 4: 8 )، حيث ستُردّ له اعتبارات مجده أمام العالم. وإن كان بولس وسيلا رفضا ردّ اعتبارهما في السرّ قائلين: «ضربونا جَهرًا غيرَ مَقضي علينا، ونحن رَجُلان رُومانيَّان، وألقونَا في السجن. أ فالآنَ يطردُوننا سرًّا؟ كلاَّ! بل ليأتوا هم أنفسهم ويُخرجُونَا» ( أع 16: 37 )؛ فكم بالأحرى ابن الله المجيد، الذي شهَّر به الأشرار، وهو البَّار، لا بد أن يُكرَم جهرًا من الجميع! نعم، لا بد من أن يُكرَم أمام الجميع، في مشهد سامٍ بديع. وما هذا المشهد سوى الظهور الذي نتحدَّث عنه الآن!
نعم سيظهر المسيح. سيظهر «في نار لهيب، مُعطيًا نقمة للذين لا يعرفون الله، والذين لا يطيعون إنجيل ربِّنا يسوع المسيح» ( 2تس 1: 8). وعندما يظهر بالقوَّة والمجد سيقضي على كل أعدائه، الذين سيكونون مجتمعين ليصنعوا حربًا ضده (رؤ19). سيكون قضاءه عليهم فجائيًّا بدون مقدِّمات، كما حدث مثلاً مع جيش فرعون يوم خروج الشعب من مصر ( خر 14: 26 -28)، وكما حدث أيضًا مع جيوش سنحاريب مَلك أشور في أيَّام حزقيا المَلك التَّقي ( 2مل 19: 35 ). ولن يكون هؤلاء الأعداء الذين أرعَبوا الأرض، ولن تكون ترسانة أسلحتهم الرهيبة، أكثر من بيوت الرمال التي يبنيها الصغار على شاطئ البحر أمام أمواج البحر الهائلة!