قانونية سفر باروخ
أدرج سفر باروخ ضمن الترجمة السبعينية التي تمت أيام بطليموس الثاني فيلادلفوس سنة 285-247 ق.م. أي أن السفر كان موجودًا ومعروفًا قبل هذا العصر – وكان ترتيبه بين سفريّ إرميا والمراثى ضمن هذه الترجمة. وأدرج ضمن ترجمة تاودسيون التي تمت سنة 130 م.، وأدرج أيضًا ضمن ترجمة الفولجاتا اللاتينية التي قام بها القديس جيروم سنة 331-420 م.، وكان ترتيبه في هذه الترجمة بعد المراثي. وكان اليهود يستعملونه([8]).
أما فلماذا لم يُدرج ضمن الكتب القانونية العبرية في مجمع يمنيا -اليهودي- بفلسطين سنة 90 م. فذلك لسببين:
أولهما: – أن اليهود لم يعتبروا باروخ ضمن الأنبياء([9])، ولكنه كان تلميذًا لإرميا النبي.
والثاني:- (وهم الأهم) فهو تمسك المسيحيين به، وخاصة بنبوءته عن تجسد الكلمة: ’’ هذا هو إلهنا ولا يُعتبر حذاءهُ أخر. هو وجد طريق التأدب بكماله، وجعله ليعقوب عبده ولإسرائيل حبيبه. وبعد ذلك تراءى على الأرض وتردد بين البشر. (با3: 36- 38) ‘‘…….
ولكن كل آباء الكنيسة اعتبروه سفرًا قانونيًا وجزءًا من سفر إرميا النبي([10])
*فالقديس أثناسيوس الرسولي (326-373 م.) يذكره ضمن قائمته للكتب القانونية (كما ورد في البذاليون في التعليق على قانون الرسل رقم 85 عند الروم) ([11])، وضمن رسائله أيضًا. وقد استشهد بآية التجسد (با 3: 35) في مقالتيه الأولى والثانية ضد الأريوسيين([12]).
*وأيضًا القديس يوحنا ذهبي الفم (344- 407 م.) يعتبره جزءًا من سفر إرميا، فيقول في إحدى مقالاته: “وباروخ في سفر إرميا يقول، هذا هو إلهنا وليس آخر يوازيه. وجد طريق التهذب، ووهبها ليعقوب فتاه ولإسرائيل المحبوب منه. بعد هذا ظهر على الأرض، ومع الناس تصرف” (با3: 36- 38) ([13]).
*ويُذكر أيضًا مع رسالة إرميا ضمن قوائم الكتب القانونية التي لأوريجانوس (185 – 254 م.)، وأبيفانيوس (نحو 153- 403 م.). وكيرلس الأورشليمي (توفى 386 م. تقريبًا) ([14]).
*وقد ذُكر أيضًا في مجمع اللاذقية أي لأودكيه المنعقد في سنة 343 م. تقريبًا. في القانون رقم 60 ضمن سفر إرميا هو ورسالة إرميا النبي إلى الذين في سبى بابل([15]).
وقد ذُكر أيضًا ضمن الكتب القانونية في مجمع قرطاجنة سنة 419 م. في القانون رقم 24([16])، وهذا المجمع مصدر التشريع الكنسي لكنائس أفريقيا لأنه اعتمد قوانين 16 مجمعًا سابقة له من الفترة 345-419 م. ومن ضمن هذه المجامع مجمع هيبو المنعقد في سنة 393م، ومجمع قرطاجنة المنعقد في سنة 397م، وهى من المجامع التي اعترفت بقانونية السفر. وقد استمرت جلساته لمدة ست سنوات متتالية، وقد حضره القديس أغسطينوس (354-430 م.). وهذا المجمع في حبرية البابا كيرلس الكبير الملقب بعمود الدين بابا الإسكندرية.
*وبسبب اعتراض مارتن لوثر على هذا السفر مع مجموعة أخرى من الأسفار من الكتاب المقدس بعهديه، فقد اجتمعت الكنيسة الكاثوليكية وأكدت قانونية السفر ورسالة إرميا – مع الأسفار التي اعترض عليها مارتن لوثر – في مجمع تردنت سنة 1546م([17]).
*وكنيسة الروم الأرثوذكسية اليونانية أكدته أيضًا في المجمعين المنعقد أحدهما في القسطنطينية وكمل في ياش سنة 1645م، والثاني في أورشليم سنة 1672م([18]). وأيضًا في مجمع سنة 1675م([19]).
*والكنيسة الروسية الأرثوذكسية تطبعه ضمن طبعة العهد القديم باللغة السلافية([20]).
*ولقد كان ضمن طبعات الكتاب المقدس، حتى بدأت جمعيات الكتاب المقدس طبعه مع أسفار (طوبيا، يهودت، حكمة سليمان، حكمة يشوع، بن سيراخ، المكابيين الأول والثاني، وتتمة سفرى دانيال وأستير) في ملحق خاص به في أول طبعة باللغة الألمانية للكتاب المقدس. وقد سارت على هذا المبدأ جمعية الكتاب المقدس البريطانية حتى سنة 1728م حينما حذفته نهائيًا. ولكن بعض جمعيات الكتاب المقدس تراجعت بعد الحرب العالمية الثانية، بسبب إحساسها بالعمل المسكونى، فبدأت في طبعه كملحق بين العهدين تحت شعار: (طبعة مسكونية للمرة الأولى منذ عهد الإصلاح وهذه الطبعة الكاملة للكتاب المقدس نالت موافقة الكنائس البروتستانتية والكاثوليكية والأرثوذكسية) ([21]).
*وأخيرًا أصدرت دار الكتاب المقدس في الشرق الأوسط ترجمة حديثة ضمت هذه الأسفار منفصلة بين العهدين، ولكن توجد بعض التحفظات من كنيستنا تجاه هذه الترجمة (الطبعة الأولى سنة 1993م).
أما كنيستنا القبطية فقد كانت بعيدة عن هذا الصراع، فلقد سارت على النهج الرسولي تجاه هذا السفر، وأعطته مكانته ضمن الأسفار القانونية، واقتبست منه في صلواتها الطقسية، ففي ليتورجية لقان عيد الغطاس وضعت نبوته عن تجسد المسيح (با3: 36- 4:4) ضمن النبوات التي تقرأ ضمن هذه الليتورجية، وأيضًا جزءًا من صلاته (با2: 11- 16) ضمن تسابيح سبت الفرح.
ولأنها لم تطبع حتى الآن الكتاب المقدس ككل، تقوم بطبع هذه الأسفار (طوبيا، يهودت، تتمة أستير، حكمة سليمان، حكمة يشوع بن سيراخ، باروخ، تتمة دانيال، المكابيين الأول والثاني) في كتيبات خاصة لمنفعة أولادها، ولتعوضهم عن حرمانهم نتيجة ما تنتهجه جمعية الكتاب المقدس ببيروت لحذفها هذه الأسفار.
* وقد تُرجم عن القبطية التي عن اليونانية ثم قامت بطبعه مطبعة عين شمس الأثرية سنة 1911م، بأمر قداس البابا كيرلس الخامس بابا الإسكندرية.
* وقامت بطبع نفس الترجمة كنيسة السيدة العذراء مريم بمحرم بك بالأسكندرية طبعة أولى سنة 1955م، وطبعة ثانية 1975م.
* وطبعته كنيسة مارجرجس بإسبورتنج عن ترجمة الفولجاتا العربية التي قام بها الآباء اليسوعيون.
* وكذلك طبعته مطرانية بنى سويف والبهنسا وهو مطابق لهذه الترجمة أيضًا.
* ولقد طبعته بالتصوير عن الترجمة العربية للفولجاتا كل من كنيسة السيدة العذراء مريم بالفجالة. ومكتبة المحبة بالقاهرة.
* وأصدرت كنيسة العذراء مريم بالعمرانية بعض أجزاء منه على هيئة نبذات، وهذه الترجمة هى الأكثر انتشارا حاليًا…
* ونشرت مجلة مرقس سفر باروخ عن الترجمة اليونانية مع بعض التعليقات عليها.
(((كما إن كتاب إرميا النبي لا شك فيه، كذلك كتاب باروخ لا ريب فيه، وليس لنا أن نرتاب في بقية الأسفار التي قبلتها الكنيسة بل علينا أن نجعل لها من المنزلة ما للكتب القانونية عينها. (يوحنا ذهبي الفم))))