قلق إبراهيم وطموح لوط


قلق إبراهيم وطموح لوط


وحدث جوعٌ في الأرض. فانحدر أبرام إلى مصر ليتغرب هناك،

لأن الجوع في الأرض كان شديدًا
( تك 12: 10 )






الطبع إن سقط «ترس الإيمان» سيوجه لنا الشيطان ”سهامه المُلتهبة“ لتحقيق أقصى مُراده. ولو حللنا بتروٍِ تلك الأسباب الظاهرية للسقوط، لوَجدنا أن كل منها مصدره الكبرياء كالمبدأ الأوحد في الإنسان الذي يتجاوب مع خداع العدو الماكر، الذي سقط هو نفسه بخطية الكبرياء. وحسن أن تُكشف هذه الأمور لنا حتى نستطيع أن نميز تلك التحركات في قلوبنا، ونحكم عليها بلا هوادة.

ومَن منا لم يعرف شيئًا عن قلق إبراهيم، ليس فقط على نفسه، بل أيضًا على مَن له، عندما ضربت المجاعة أرض الموعد؟ وإذ انقاد بالعيان ذهب إلى حيث رأى طعامًا. لقد اهتز إيمانه. فالله الذي أتى به إلى الأرض، ألا يعوله سواء في المجاعة أو في غيرها؟ ونحن، هل نترك مكان الشهادة لله من أجل ضمان مستقبلنا، فنبحث عن حقول أخرى تبدو أكثر خضرة؟ فسواء في الاحتياج المادي أو الروحي دعونا نطمئن «لا تهتموا بشيء، بل في كل شيء بالصلاة والدعاء مع الشكر، لتُعلم طلباتكم لدى الله» ( في 4: 6 ). هذا ما يستحضر «سلام الله»، وليس البحث عن تعضيد في مكان آخر يبدو مُغريًا. فلو اجتزنا في امتحانات للإيمان مؤلمة، فما الغرض منها سوى تزكية إيماننا؟ «لكي تكون تزكية إيمانكم، وهي أثمن من الذهب الفاني» ( 1بط 1: 7 ). فلماذا نسعى إذًا لإبطال الامتحان؟ ولماذا نتألم منه؟

لقد شُفيَ ابراهيم تمامًا من هذا الانحدار، فما خدعته مباهج مصر إلا لفترة محدودة، لكن لم يكن الأمر هكذا مع لوط. ولو لم نُشفَ من روح القلق لربما انقدنا بسهولة إلى غرور العالم كلوط. وربما نصرِّ بإخلاص على ضرورة صنع مستقبل لنا هنا على الأرض، لكن كم من أُناس إذ تمموا هذا الأمر سرعان ما لفتهم شبكة البحث عن المركز الأرضي والمصالح! ربما أقنع لوط نفسه بأنه يحاول جديًا في إصلاح حال سدوم، كما يفعل بعض المؤمنين الذين يعملون جادين على إصلاح العالم؛ لكن هل هذه هي الحقيقة فعلاً؟ لقد جلس لوط كقاضِ في باب سدوم، لكن هل الحقيقة فعلاً أنه كان يرغب في إصلاح حال سدوم دون أي اهتمام بمصالحه الأرضية؟ كلا، لقد كان طموحًا لذاته، فخسر كل شيء. ويا له من تحذير لأولاد الله..



هل تبحث عن  مديح للقديس القمص ميخائيل البحيرى المحرقى

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي