قيامة المسيح والقبر فارغ


قيامة المسيح والقبر فارغ

النص الإنجيلي (يوحنا 20: 1-10)

1 وفي يَومِ الأَحَد جاءَت مَريمُ المِجدَلِيَّةُ إِلى القَبْرِ عِندَ الفَجْر، والظَّلامُ لم يَزَلْ مُخَيِّماً، فرأَتِ الحَجَرَ قد أُزيلَ عنِ القَبْر. 2 فأَسرَعَت وجاءَت إِلى سِمْعانَ بُطرُس والتِّلميذِ الآخَرِ الَّذي أَحَبَّهُ يسوع، وقالَت لَهما: ((أَخَذوا الرَّبَّ مِنَ القَبْرِ، ولا نَعلَمُ أَينَ وَضَعوه)). 3 فخرَجَ بُطرُسُ والتَّلميذُ الآخَرُ وذَهَبا إِلى القَبْرِ 4 يُسرِعانِ السَّيْرَ مَعاً. ولكِنَّ التَّلميذَ الآخَرَ سَبَقَ بُطرُس، فوَصَلَ قَبلَه إِلى القبْرِ 5 وانحَنى فأَبصَرَ اللَّفائِفَ مَمْدودة، ولكنَّه لَم يَدخُلْ. 6 ثُمَّ وَصَلَ سِمْعانُ بُطرُس وكانَ يَتبَعُه، فدَخَلَ القَبْرَ فأَبصَرَ اللَّفائِفَ مَمْدودة، 7 والمِنديلَ الَّذي كانَ حَولَ رَأسِهِ غَيرَ مَمْدودٍ معَ اللَّفائِف، بل على شكْلِ طَوْقٍ خِلافاً لَها، وكان كُلُّ ذلك في مَكانِه. 8 حينَئذٍ دخَلَ أيضاً التِّلميذُ الآخَرُ وقَد وَصَلَ قَبلَه إِلى القَبْر، فَرأَى وآمَنَ. 9 ذلك بِأَنَّهُما لم يكونا قد فهِما ما وَرَدَ في الكِتاب مِن أَنَّه يَجِبُ أَن يَقومَ مِن بَينِ الأَموات. 10 ثُمَّ رَجَعَ التِّلميذانِ إِلى بَيتِهِما.

المقدمة

يشير يوحنا الانجيلي الى القبر الفارغ كأحد علامات قيامة المسيح (يوحنا 20: 1-9). عندما عاد المسيح إلى الحياة ثانية بصفته “البِكْرُ مِن بَينِ الأَموات”(قولسي 1:18)، صارت قيامته المجيدة جوهر الديانة المسيحية، لأنها من أعظم البراهين على ان يسوع هو المسيح الموعود به في نبوءات العهد القديم، وهي الآية التي أعطاها اليهود إثباتا لصحة دعواه ” أَجابَهم يسوع: اُنقُضوا هذا الهَيكَل أُقِمْهُ في ثَلاثَةِ أَيَّام!)) أَمَّا هو فكانَ يَعْني هَيكَلَ جَسَدِه. فلمَّا قامَ مِن بَينِ الأَموات، تذكَّرَ تَلاميذُه أَنَّه قالَ ذلك، فآمنوا بِالكِتابِ وبِالكَلِمَةِ الَّتي قالَها يسوع” (يوحنا 2: 19-21)؛ والقيامة هي كمال عمل الفداء كما جاء في تعليم بولس الرسول ” الَّذي أُسلِمَ إِلى المَوتِ مِن أَجْلِ زَلاَّتِنا وأُقيمَ مِن أَجْلِ بِرِّنا” (رومة 4: 25) وهي عربون قيامة المؤمنين، ومركز الإيمان والرجاء للمسيحيين والحدث الأعظم والفريد في تاريخ البشرية. ومنها تّستمد أحداث خلاصنا معناها وفاعليتها. ونحن اليوم بفضل شهادة الرسل الأطهار نعلن أن يسوع الرب قد قام حقاً كما يقول بولس الرسول: ” إِذا كانَ رَجاؤُنا في المسيحِ مَقصورًا على هذهِ الحَياة، فنَحنُ أَحقُّ جَميعِ النَّاسِ بِأَن يُرْثى لَه. كَلاَّ! إِنَّ المسيحَ قد قامَ مِن بَينِ الأَموات وهو بِكرُ الَّذينَ ماتوا” (1 قورنتس 15: 19-20). ومن هنا تكمن أهمية البحث في وقائع النص الانجيلي وتطبيقاته.

أولاً: وقائع النص الإنجيلي (يوحنا 20: 1-10)

1 وفي يَومِ الأَحَد جاءَت مَريمُ المِجدَلِيَّةُ إِلى القَبْرِ عِندَ الفَجْر، والظَّلامُ لم يَزَلْ مُخَيِّماً، فرأَتِ الحَجَرَ قد أُزيلَ عنِ القَبْر.

تشير عبارة ” يَومِ الأَحَد” في الأصل اليوناني Τῇ δὲ μιᾷ τῶν σαββάτων (معناها في أول الأسبوع)، الى يوم الاحد. اننا لم نعد في إطار عيد اليهود بل أصبحنا في بداية زمن جديد: الزمن المسيحي. وهو اليوم الذي قام فيه يسوع من الموت، فاتخذه المسيحيون يوم راحة تذكارًا لقيامة السيد المسيح، وسُمِّي “يَومَ الرَّبّ ” (رؤيا 1: 10) ومنها جاءت التسمية في اللغة اللاتينية Dies Domini، ويُسمَّى أيضا اليوم الثامن بعد نهاية الأسبوع. وهو اليوم الذي تلتقي فيه جماعة المؤمنين كلها أمام الرب القائم من بين الأموات الذي يدعوهم الى الاحتفال بالإفخارستيا، لأنه يوم القيامة. ومن هذا المنطلق، استبدلت الكنيسة السبت بالأحد للتذكير بقيامة الرب يسوع المسيح. وأصبحت جميع الأسرار لا تتمّ إلاّ انطلاقا من قيامة الربّ يسوع من بين الأموات. وعلى سبيل المثال، المعمودية ترمز الى قيامة الرب، إذ يرمز نزولنا في الماء إلى موتنا ودفْننا مع المسيح، ويرمز خروجنا من الماء إلى قيامتنا معه كما جاء في تعليم بولس الرسول “أَو َتَجهَلونَ أَنَّنا، وقَدِ اَعتَمَدْنا جَميعًا في يسوعَ المسيح، إِنَّما اعتَمَدْنا في مَوتِه فدُفِنَّا مَعَه في مَوتِه بِالمَعمُودِيَّةِ لِنَحْيا نَحنُ أَيضًا حَياةً جَديدة كما أُقيمَ المَسيحُ مِن بَينِ الأَمواتِ بِمَجْدِ الآب؟” (رومة 6: 4-5). وتبدأ قيامتنا في عيش الحب والغفران مع كل إنسان، وهذا ما يترجم عيش سر المصالحة والإفخارستيا والصلاة في حياتنا اليومية. وأمَّا عبارة “جاءَت مَريمُ المِجدَلِيَّةُ” فتشير الى مجيئها الى القبر ليس لأجل التحنيط إنما للتطيُّب جسد يسوع تعبيرا عن المحبة والوفاء والاحترام (متى 28: 1)، فكان الذهاب بالطيب الى القبر شبيها بأخذ الزهور اليوم. وقد اعتاد اليهود ان يقوموا بها على قبور الابرار. فأصبحت الآن عادة مسيحية نقوم بها اليوم بزيارة قبر الرب في كنيسة القيامة المجيدة. ومريم المجدلية لم تأِتِ وحدها بل أتت أيضا مع مَريمُ الأُخرى ” كما ورد في إنجيل متى (28: 1). وخصَ يوحنا الإنجيلي مَريمُ المِجدَلِيَّةُ بالذكر، لأنها معروفة أكثر من باقي المريمات، ولان المسيح ظهر لها أولا. أمَّا عبارة ” مَريمُ المِجدَلِيَّةُ” فتشير الى مريم التي كانت مجدل مسقط راسها، وهي قرية تقع على الشاطئ الغربي من بحيرة طبرية. وكلمة “مجدلية” הַמַּגְדָּלִית تعني “برجًا”. وبالفعل كان في المنطقة برج أعطى لها هذا الاسم، وربما كان برجًا للحراسة. وقد طرد يسوع من مريم المجدلية سبعة شياطين (مرقس 16: 9) وكانت محبتها قوية كالموت، فقامت وتبعت يسوع وساهمت في سدِّ احتياجاته واحتياجات جماعته الرسل (لوقا 8: 2-3)، وثبتتْ الى النهاية فكانت إحدى النساء الأربع عند الصليب (يوحنا 19: 25) والدفن (مرقس 15: 47). وكانت من جملة النساء اللواتي أتين الى القبر ليحنِّطنه (مرقس 16:1). وقد شرَّفها يسوع بأول ظهوراته بعد قيامته، كما كلَّفها بأول رسالة تبشير “اذَهبي إِلى إِخوَتي، فقولي لَهم إِنِّي صاعِدٌ إِلى أَبي وأَبيكُم، وإِلهي وإِلهِكُم” (يوحنا 20: 17). ويشير لوقا الانجيلي الى مريم المجدلية بأنها تلك الخاطئة التي مسحت قدمي يسوع في بيت سمعان في بيت عنيا (لوقا 8: 2). وهنا في هذه الآية يذكر انجيل يوحنا ان مريم المجدلية وحدها دون ذكر سائر النسوة (يوحنا 9: 1)، لأنه كما كان توما الرسول يرمز الى الرجال الذين يحتاجون الى ان يروا لكي يؤمنوا كذلك مريم المجدلية ترمز الى النساء اللواتي يحتجْن الى رؤية يسوع القائم لكي يُؤمنَّ. أمَّا عبارة “ عِندَ الفَجْر “ فتشير الى طلوع نجمة المساء الذي يدلّ على بدء يوم جديد، أي الانتقال من السبت، يوم الراحة لدى اليهود، الى يوم الاحد كما حدِّد متى الإنجيلي “لمَّا انقَضى السَّبتُ وطَلَعَ فَجرُ يَومِ الأَحد” (متى 28: 1). لقد انقضى الليل وبزغ فجر القيامة. هذا يعني في نظر الإنجيلي، أن ليل الموت ترك المكان لشمس قيامة يسوع المسيح. أمَّا عبارة “الظَّلامُ لم يَزَلْ مُخَيِّماً” فتشير الى الظلام الذي يكتنف الأرض حيث رقد يسوع في القبر طوال السبت، والليل مخيمٌ على تلاميذه منذ موته. وهناك مقارنة بين ظلام الموت وفجر النور الذي ينبلج مع القيامة. اما عبارة “فرأَتِ الحَجَرَ” فتشير الى مريم المجدلية التي لم تبلغ القبر بل نظرت بابه ووجدته مفتوحا، واستنتجت ان جسد يسوع أُخذ منه فعدلت عن الدنو منه. أمَّا عبارة “الحَجَرَ قد أُزيلَ عنِ القَبْر” فتشير الى وجود حجر كبير مستدير يُغلق به باب القبر في زمان المسيح كما جاء في انجيل متى “أَخذَ يوسُفُ الجُثْمانَ ولَفَّه في كَتَّانٍ خالِص، ووضَعَه في قَبرٍ لَه جديد كانَ قد حفَرَه في الصَّخْر، ثُمَّ دَحَرجَ حَجَراً كبيراً على بابِ القبرِ وانصَرَف” ( متى 27: 59) ِ إن غرض دحرجة الحجر ما كان بقصد فتح الطريق امام الرب ليخرج من القبر، لان يسوع كان بإمكانه الخروج من القبر دون الحاجة الى دحرجة الحجر، إلاَّ انَّ الحجر أُزيل عن القبر حتى يتمكن الآخرون من الدخول الى القبر ليروا أنَّ يسوع قد قام من الأموات. لم تشاهد عين الانسان القيامة ذاتها، لكن اول علامة لها كانت دحرجة الحجر. فالقبر الفارغ قد يدلّ على ان عمل الله في يسوع لم ينتهِ في الموت. فيسوع الناصري قام. وهو يعود الى حيث بدا رسالته، الى الجليل المنفتح على الأمم. هناك يلتقي به التلاميذ فيتابعوا العمل الذي بدا به (مرقس 16: 18).

2 فأَسرَعَت وجاءَت إِلى سِمْعانَ بُطرُس والتِّلميذِ الآخَرِ الَّذي أَحَبَّهُ يسوع، وقالَت لَهما: أَخَذوا الرَّبَّ مِنَ القَبْرِ، ولا نَعلَمُ أَينَ وَضَعوه

تشير عبارة فأَسرَعَت وجاءَت سِمْعانَ بُطرُس والتِّلميذِ الآخَرِ الَّذي أَحَبَّهُ يسوع” الى ذهاب مريم المجدلية الى سمعان ويوحنا دون غيرهما وذلك بسبب تقدُّمهما بين الرسل في الغيرة والايمان والمحبة وكونهما أكثر اهتماما بأمر يسوع من غيرهما.امَّا عبارة ” بُطرُس” في الأصل اليونانيΠέτρος, (معناه صخرة أو حجر) فتشير الى الرسول الذي كان يُسمَّى أولاً سمعان واسم أبيه يونا (متى 16: 17) واسم أخيه اندراوس، واسم مدينته بيت صيدا. ولمَّا تبع يسوع دعاه “كيفا” كما جاء في إنجيل يوحنا: “أَنتَ سِمْعانُ بنُ يونا، وسَتُدعَى كِيفا، أَي صَخراً” (يوحنا 1: 42)، و” كِيفا ” كلمة آرامية כֵיפָא معناها صخرة، ويُقابلها في العربية صفا أي صخرة. وكانت مهنة بطرس صيد السمك (يوحنا 1: 42)، وقد دعا يسوع بطرس ثلاث مرات فأولاً: دعاه ليكون تلميذاً، ودعاه ثانية: لكي يكون رفيقاً له ملازماً إياه باستمرار (متى 4: 19)، ثم دعاه ثالثة لكي يكون رسولاً له (متى 10: 2). حافظ الإنجيل على مركز الصدارة له رغم نكرانه لمعلمه يسوع. وبعد القيامة، حقَّق بطرس ما أنبأ المسيح عنه ” أَنتَ صَخرٌ وعلى الصَّخرِ هذا سَأَبني كَنيسَتي” (متى 16: 18)، فسواء أكان المقصود بالصخرة الإيمان الذي صرّح به بطرس ليسوع، ((إنه المسيح بن الله الحي)) أم إن لفظة صخرة قصد بها الاستعمال المزدوج أي أن هذا الإيمان كان الأساس، أو أن بطرس واسمه معناه ((صخرة)) كما قدّمنا يعبّر عن الحقيقة أن كل من يؤمن أن المسيح هو ابن الله الحي ومخلص العالم يكوّن الكنيسة، على كلا الحالين نشط بطرس لقيادة أعضاء الكنيسة الأولى؛ أمَّا عبارة “التِّلميذِ الآخَرِ الَّذي أَحَبَّهُ يسوع” فتشير الى صِفتين معا “الآخر” و”الحبيب”. ولكن لم يُذكر اسمه. هناك من يقول هو يوحنا، صاحب الانجيل الرابع. والكاتب لا يفصح عن اسمه جاعلا كلَّ واحدٍ مستعداً مثل ذاك التلميذ الذي يَحب يسوع ويُحبّه يسوع (يوحنا 19: 26-27). واعتقد التقليد ان المقصود هو يوحنا الرسول الذي كان له مكانة مرموقة بين مجموعة الرسل (مرقس 1: 19). وقد أثارت هذه الميزة التي اتصف بها يوحنا الحبيب حسد باقي التلاميذ (يوحنا 21: 22-27). أمَّا عبارة “ أَخَذوا الرَّبَّ مِنَ القَبْرِ ” فتشير الى أناس مجهولين اخذوا جثمان الرب كما اعتقدت مَريمُ المِجدَلِيَّةُ، ولم يخطر على بالها ان المسيح قام. امَّا عبارة “الرَّبَّ ” في الأصل اليوناني κύριος (معناها السيد) فتشير للاحترام، هذه الآية تشير تواضع يوحنا الإنجيلي الذي لم يخجل أن يسجل في إنجيله أن الذي بشره بالقيامة كانت مَريمُ المِجدَلِيَّةُ. أمَّا عبارة ” لا نَعلَمُ “ فتشير الى صيغة الجمع حيث ان مريم لم تأتِ وحدها، وهي تمثّل النسوة، كما تمثل الكنيسة التي تبحث عن ربّها. لم تُدرك مَريمُ المِجدَلِيَّةُ في الحال أنه قام، بل ظنّت أن الجسد قد أُخِذ من القبر؛ أمَّا عبارة “أين وضعوه” فتشير الى صيغة الجمع مع انه مريم المجدلية هي التي تتكلم، وقد تكون دلالة على ان يوحنا لا يجهل الراوية في الاناجيل (متى 28: 1، مرقس 16: 1، لوقا 24: 1،) الذين يذكرون مجيء فريق من النساء. وهذه العبارة تلمِّح الى سرقة الجثمان كما كان الاعتقاد في بعض الاوساط اليهودية، لأنها لم تكن تؤمن بعد بالقيامة. ويُعلق القديس يوحنا الذهبي الفم “لقد أرادت مَريمُ المِجدَلِيَّةُ بسرعة فائقة أن تعلم ماذا حدث للجسد. ولم يخطر على ذهنها أنه قام كما قال”.

هل تبحث عن  الأب الكاهن قدسأبونا القمص بيشوي ناروز مقار

3 خرَجَ بُطرُسُ والتَّلميذُ الآخَرُ وذَهَبا إِلى القَبْرِ.

تشير عبارة ” بُطرُسُ والتَّلميذُ الآخَرُ ” إلى الصداقة التي تربط بطرس بيوحنا الحبيب كما ورد ذكرها في إنجيل يوحنا (13: 23؛ 18: 15). اما عبارة “ وذَهَبا إِلى القَبْرِ ” فتشير الى تأثُّر التلميذين من الخبر الذي سمعاه من مَريم المِجدَلِيَّةُ فاسرعا لكي يفحصا عن الامر لإزالة كل ريب.

4 يُسرِعانِ السَّيْرَ مَعاً. ولكِنَّ التَّلميذَ الآخَرَ سَبَقَ بُطرُس، فوَصَلَ قَبلَه إِلى القبْرِ

تشير عبارة “يُسرِعانِ السَّيْرَ مَعاً ” الى سرعة العمل المشترك بين التلميذين لاكتشاف حقيقة الأمر الذي نقلته مريم المجدلية لهما. وهذا العمل المشترك دليل الصداقة الروحية الجادة، التي تحمل روح العمل الجماعي دون إعاقة الواحد للآخر. وكما يقول الحكيم: “اثنان خَيرٌ مِن واحِد لأَنَّ لَهما خَيرَ جَزاءً عن تَعَبِهما” (الجامعة 4: 9). أمَّا عبارة “ التَّلميذَ الآخَرَ سَبَقَ بُطرُس ” فتشير الى سرعة يوحنا لأنه كان أصغر سنّاً من بطرس، ولذلك سبقه، إذ كان بطرس الأول من خرج من البيت (يوحنا 2-: 3) والأول من دخل الى القبر (يوحنا 20: 60). ويرى بعض الباحثين ان ايمان يوحنا الحبيب جعله يرى ويؤمن قبل بطرس. الرواية هنا توحي الذكريات التاريخية لشهود عيان. والجدير بالذكر ان لوقا الانجيل ذكر بطرس وحده الذي جاء الى القبر دون ذكر يوحنا حيث كتب “غيرَ أَنَّ بُطرُسَ قام فأَسرَعَ إِلى القَبْرِ” (لوقا 24: 12).

5 وانحَنى فأَبصَرَ اللَّفائِفَ مَمْدودة، ولكنَّه لَم يَدخُلْ

تشير عبارة “انحَنى” الى قصر باب القبر الخارجي لتسهيل سدِّده بالحجر. وكان القبر مكوّن من غرفتين: خارجية وداخلية. وكانت النسوة تجتمع للتحنيط والبكاء في الغرفة الخارجية. أمّا عبارة “ أَبصَرَ ” في الأصل اليوناني βλέπει (نظر بالعين) فتشير الى نظرة يوحنا العابرة على الأكفان فاستنتج ذلك ان الجسد ليس في القبر، ونظرته تختلف عن نظرة بطرس، وكأن يوحنا ترك الفحص لبطرس الذي وصل بعده. أمَّا عبارة “اللَّفائِفَ” باليونانية ὀθόνια فتشير إمَّا الى اللفائف، وإمَّا الى قطعة كتان ثمينة تصلح لدفن الأموات “كما جَرَت عادةُ اليُهودِ في دَفنِ مَوتاهُم” (يوحنا 19: 40). أمَّا عبارة “لم يدخل بل انتظر بطرس” فتشير الى خوف يوحنا او علامة احترامه تجاه بطرس، وهو دليل على كرامة بطرس ودوره في الكنيسة الاولى. إذ اعطى يوحنا حق الاولوية الى بطرس الذي وكلَّ اليه يسوع رئاسة الكنيسة بقوله “وأَنا أَقولُ لكَ: أَنتَ صَخرٌ وعلى الصَّخرِ هذا سَأَبني كَنيسَتي”(متى 16: 18). فسمعان بطرس ظلَّ في مركز الصدارة رغم نكرانه للمعلم. نحن لا نختار أدوارنا في الكنيسة، بل نستلمها من لدن الله تعالى.

6 ثُمَّ وَصَلَ سِمْعانُ بُطرُس وكانَ يَتبَعُه، فدَخَلَ القَبْرَ فأَبصَرَ اللَّفائِفَ مَمْدودة

تشير عبارة “ فدَخَلَ القَبْرَ ” الى سرعة وجسارة بطرس. أمَّا عبارة “أَبصَرَ” في الأصلاليوناني θεωρεῖ (معناها نظر بانتباه) فتشير الى نظرة بطرس التي تقوم على تطلع مع تأمل فاحص عن قرْبٍ وتدقيق. والواقع لاحظ بطرس منديل الرأس الذي لم يراه يوحنا. والمنديل كان ملفوفا موضوعاً على حدة دلالة على ان الذي جرى في القبر كان بكل تانٍ ونظام. وهي علامات القيامة، فإنه لا ينزع أحد الأكفان من كان في نيته سرقة الجسد أو نقله. لأن السارق لن ينشغل بترتيب الأكفان، والذي يسرق الجسد لا يعرّيه. أمَّا كلمة “اللفائف” فتشير الى الاكفان؛ وكانت الاكفان التي لفّ بها جسد يسوع ملفوفة ومرتّبة في موضع من القبر. ومن هنا جاءت معجزة الكفن المقدس – وهو كفن اشتراه يوسف الرامي وكفَّن به السيد المسيح. وعند القيامة ظلت الأكفان بالقبر فاحتفظ بها التلاميذ، ثم حمل تداوس الرسول الكفن الى ابيجار الخامس حاكم اوديسا في أوكرانيا. وفي عام 544 اكتشف الكفن في اوديسا، وانتقل الكفن عبر القرون من اوديسا الى القسطنطينية سنة 944. واخذ الصليبيون الكفن من القسطنطينية سنة 1204 وعُرض سنة 1357 في فرنسا وأخيراً استقر في تورينو في ايطاليا حتى أيامنا الحاضرة. وهذا الكفن مصنوع من قطعة واحدة يبلغ طولها 4.4 م وعرضها 1.1 م.

7 والمِنديلَ الَّذي كانَ حَولَ رَأسِهِ غَيرَ مَمْدودٍ معَ اللَّفائِف، بل على شكْلِ طَوْقٍ خِلافاً لَها، وكان كُلُّ ذلك في مَكانِه

تشير عبارة “المِنديلَ” في الأصل اليونانيσουδάριον الى قطعة قماش لمسح العرق من الوجه ولتنظيف الأنف، كما تستخدم في غطاء رأس جثة. ويُعلق القديس يوحنا الذهبي الفم ” إن قلت: ما الغرض في أن المنديل الذي كان على رأسه وليس موضوعًا مع الأكفان بل ملفوفًا في موضع وحده”؟ أجبتك: لتعلم أن هذا الفعل ما كان فعل من كان مسرعًا ولا مضطربًا، فمن هذا الفعل صدِّقوا قيامته”. أمَّا عبارة“كان كُلُّ ذلك في مَكانِه” فتشير الى الشخص الذي كان ميّتا قد خلع ملابسه ومضى، ولا تشير الى سرقة الجثمان. بالطبع ما كانت هذه الاكفان والمنديل مرتَّبة لو ان القبر قد نُهب او سرق. إذ انه ما من سارق كان يترك الاكفان في مثل هذه الحالة. ويُعلق القديس أمونيوس الاسكندري ” لو أن الأعداء سرقوا الجسد، فمن أجل المكسب المادي ما كانوا قد تركوا الأكفان. لو أن الأحباء فعلوا هذا لما سمحوا بتعرية الجسد وإهانته. كل ذلك يُبيِّن بالأحرى أن الجسد قد عبر إلى الخلود ولا يحتاج إلى ملابس في المستقبل”. ترك السيد المسيح الأكفان والمنديل الذي كان على رأسه ملفوفًا داخل القبر، فإنه قام ولا يعود يموت ليُكفّن مرة ثانية. لقد حدثت معجزة القيامة. فقيامة المسيح تنزع عنا الخوف من الموت والقبر، وتُذكرنا أنَّ جسمنا الميت سيقوم في مجدٍ بهيٍ لا يحتاج إلى ثيابٍ فاخرة، انه يرتدي ثوب عدم الفساد كما صرّح بولس الرسول ” فلا بُدَّ لِهذا الكائِنِ الفاسِدِ أَن يَلبَسَ ما لَيسَ بِفاسِد، ولِهذا الكائِنِ الفاني أَن يَلبَسَ الخُلود” (1 قورنتس 15: 53).

8 وقَد وَصَلَ قَبلَه إِلى القَبْر، فَرأَى وآمَنَ

تشير عبارة “ حينَئذٍ دخَلَ أيضاً التِّلميذُ الآخَرُ ” الى دخول يوحنا القبر اقتداء ببطرس الذي علم ان جسد الرب لم يكن مسروقا. أمَّا عبارة “َرأَى” في الأصلاليوناني εἶδεν(معناها نظر بوعي وإيمان)فتشير الى نظرة تصديق وإيمان. رأى التلميذ يوحنا الحبيب في وجود القبر الفارغ واللفائف الممدودة والمرتَّبة علامة حملته على الاعتراف في الايمان بقيامة يسوع. وفي الوقت نفسه فان التلميذ يوحنا -بعكس مَريمُ المِجدَلِيَّةُ -رأى في القبر الفارغ والمنديل في مكانه علامة قادته لكي يفهم ان الجسد لم يُسرق ولم يُنقل من موضع الى آخر. وهكذا وصل الى الايمان بقيامة المسيح. ان يسوع قد قام وأنه حي لا محالة وانه هو المسيح ابن الله. إن الإيمان الفصحي يبدأ في فجر القيامة. قيامة الرب هو واقعُ “رؤية”، أمورٌ تُرَى وأناسٌ يَرَوْن … مريم المجدلية “رأَتِ الحَجَرَ قد أُزيلَ عنِ القَبْر” (يوحنا 20: 1)، و”بطرس أَبصَرَ اللَّفائِفَ مَمْدودة ” (يوحنا 20: 5)، ويوحنا رأى القبرَ الفارغ (يوحنا 20: 4). لم يجدوا الجسد، لكنهم رأَوْا. والرؤيةُ تزدادُ شيئًا فشيئًا إلى يصرخوا مع سائِرُ التَّلاميذ: ” رأَينا الرَّبّ” (يوحنا 20: 25). أمَّا عبارة “آمَنَ” فتشير الى يوحنا الذي كان اول الناس من آمن بقيامة المسيح. بطرس رأى وتعجب (لوقا 24: 12)، ويوحنا رأى وأمن. الإيمان هو نوعٌ من الرؤيةِ في الأعماق. رأَى يوحنا قبرا فارغا، وآمنَ أنّ هذا الفراغَ هو دليل على حضور الله القائم. القيامة هي رؤيةٌ في الفراغ، والنظرُ إلى علاماتِ الآلام، لنرى فيها مقدَّمةَ حياةٍ جديدةٍ، لأننا نؤمنُ بالله، سيِّدِ المستحيل. كم يجدر بنا ان نقرا هذه العلامات التي أوردها لنا شهود عيان كي نؤمن ونعمّق إيماننا.

9 ذلك بِأَنَّهُما لم يكونا قد فهِما ما وَرَدَ في الكِتاب مِن أَنَّه يَجِبُ أَن يَقومَ مِن بَينِ الأَموات

تشير عبارة ” أَنَّهُما لم يكونا قد فهِما ” الى ملامة كل من بطرس ويوحنا اللذين لم يفهما نبوءات الكتاب المقدس المتعلقة بقيامة المسيح، ومنها ما تنبأ عنه صاحب المزامير ” لأَنَّكَ لن تَترُكَ في مَثْوى الأَمْواتِ نَفْسي ولَن تَدَعَ صَفِيَّكَ يَرى الهوة ” (مزمور 16: 10)؛ ونبوءة أشعيا (53: 10). وما قاله السيد المسيح عن تحقيق آية يونان بقيامته (متى 12: 40)، وكانا في حاجة أن يفتح اللَّه ذهنيهما ليفهما الكتب، كما حدث مع تلميذي عمَّواس، (لوقا 24: 27) إنه المسيح المُمجَّد مفتاح لكل اسفار الكتاب المقدس؛ امَّا عبارة “ الكِتاب ” فتشير الى الكتاب المقدس التي تروي الاحداث والاقوال التي مهَّد بها الله السبيل لمجيء ابنه الآتي بملء الحياة ” كما شهد فيلبس الى نتنائيل: “الَّذي كَتَبَ في شأنِه موسى في الشَّرِيعَةِ وذَكَرَه الأنبِياء وَجَدْناه وهو يسوعُ ابنُ يوسُفَ مِنَ النَّاصِرَة”(يوحنا 1: 45). وساعدت هذه الكتب المقدسة بطرس ويوحنا على تحديد حدث قيامة يسوع وتفسيره كما جاء في تصرّيح بولس الرسول الى اهل قورنتس “أَنَّه قُبِرَ وقامَ في اليَومِ الثَّالِثِ كما وَرَدَ في الكُتُب” (1 قورنتس 15: 4). فلا بدَّ من الرجوع الى الكتب المقدسة لتحديد حدث قيامة يسوع وتفسيره (1 قورنتس 15: 4) وأعمال الرسل 2: 24-31، لوقا 24: 27)؛ أمَّا عبارة “ يَجِبُ أَن يَقومَ مِن بَينِ الأَموات” فتشير الى إرادة الله التي قراؤها في الكتب المقدسة. وقد دلّت هذه القيامة على قدرة الله الحاضرة في الموت.

هل تبحث عن  للإيمان علامات تظهره وتدل عليه

10 ثُمَّ رَجَعَ التِّلميذانِ إِلى بَيتِهِما

تشير عبارة ” رَجَعَ التِّلميذانِ إِلى بَيتِهِما ” الى عودة بطرس ويوحنا إلى مسكنهما في المدينة بعدما ما تحققا بالمشاهدة ما انبأتهما به مريم المجدلية من ان القبر مفتوح والجسد مأخوذ. فتحدّثا مع الرسل عمَّا حدث، وقرَّر الكل أن يجتمعوا معًا في العُليّة في مساء ذات اليوم، حيث ظهر لهم السيد المسيح، ولم يكن توما حاضرًا معهم.

ثانيًا: تطبيقات النص الإنجيلي (يوحنا 20: 1-10)

بعد دراسة موجزة عن وقائع النص الإنجيلي (يوحنا 20: 1-10)، يمكن ان نستنتج انها تتمحور حول نقطتين: معاني قيامة الرب وموقفنا تجاه هذه القيامة.

(1) معاني القيامة ونتائجها على الانسان:

يهدف انجيل يوحنا في كتابة فصل عشرين حمل قرائه على الايمان بقيامة المسيح، حتى وان كانوا بين اولئك الذين لم يروه، حيث وصف مجموعة من العلامات: القبر الفارغ (يوحنا 20 :1-10)، والظهور لمَريمُ المِجدَلِيَّةُ (يوحنا 20:11-18) والظهور للتلاميذ (يوحنا 20: 19-23) والظهور لتوما (يوحنا 20: 24-31). فالقيامة كانت ختام عمل الفداء وتمجيد يسوع وتحقيق النبوات والوعود ومركز كرازة الجماعة المسيحية الاولى وموضوع ايماننا المسيحي الأساسي.

أ) معاني قيامة المسيح:

قيامة المسيح ختام عمل الفداء

بدأ يسوع عمل الفداء بالتجسد والالام والصلب والموت، حيث تعتبر قيامة يسوع من بين الاموات هي تمجيد للابن من قبل الآب (اعمال 2: 22-24)، فالمسيح أصبح بقيامته رباً ومسيحاً (اعمال الرسل 2: 36) وقائداً ومُخلصاً (أعمال الرسل 5:31) وديانا للأحياء والاموات (اعمال الرسل 10: 42)، وواهباً الروح القدس الذي وعد به (يوحنا 20: 22). انه آدم الجديد الذي وضع الله تحت قدميه كل شيء (1 قورنتس 15:27)، إنه رَأسُ الزَّاوِيَة كما وصفه القديس بطرس “هذا هو الحَجَرُ الَّذي رَذَلتُموه أَنتُمُ البَنَّائين فصارَ رَأسَ الزَّاوِيَة (اعمال الرسل 4:11). ومن هذا المنطلق، القيامة هي انتصار الله الأخير على الموت، انتصار المسيح، انتصار الحياة على الموت، انتصار النور على الظلمة، انتصار الرجاء على الياس. وكشف لنا يسوع بعد قيامته، أن الحياةَ تمرُّ حتماً بالموت، والمجد بالآلام، والخلاص بالصليب، والفرح بالحزن، والخدمة بالتواضع، والأول بالآخر، والربح بالخسارة. فلا مجد دون ألم، ولا حياة دون موت، ولا قيامة دون درب الآلام.

قيامة الربّ يسوع هو مصدر قيامة امواتنا

لمَّا كان يسوع على الارض لم يُظهر مجده الا ببعض العلامات (يوحنا 1: 11)، وفي لحظات قصيرة: كلحظة التجلي (يوحنا 1:14)؛ أمَّا بعد القيامة دخل يسوع عالم جديد تنبأ عنه أشعيا النبي (أشعيا 65: 17) وأصبح ربَّ المجد (1 قورنتس 2: 8)، ” أَرادَ أَن يَقودَ إِلى المَجْد ِكَثيرًا مِنَ الأَبناء” (العبرانيين 2: 10). لذلك لم يتردّد بولس الرسول ان يُعلن ” عَن يَدِ إِنسان أَتى المَوتُ فعَن يَدِ إِنسانٍ أَيضا ً تَكونُ قِيامةُ الأَموات، وكما يَموتُ جَميعُ النَّاسِ في آدم فكذلك سَيُحيَونَ جَميعًا في المسيح” (1 قورنتس 15: 22). وهكذا أضحى الموت بقيامة يسوع نهاية مطاف وعبوراً إلى حياة أخرى. ويُعلق الأسقف ميلتون “هو الذي أخرجَنا من العبوديّةِ إلى الحرّيَةِ، ومن الظلمةِ إلى النورِ، ومن الموتِ إلى الحياةِ، ومن الجورِ والمذلَّةِ إلى الملكوتِ الأبديِّ، وجعلَنا كهنوتًا جديدًا وأمَّةً مختارةً وأبديّةً. هذا هو فصحُ خلاصِنا”.

قيامة يسوع تُحقيق النبوات

حقَّقت قيامة يسوع النبوءات كما أعلن يسوع نفسه ” بَدأَ يُعَلِّمُهم أَنَّ ابنَ الإِنسانِ يَجِبُ علَيه أَن يُعانيَ آلاماً شديدة، وأَن يرْذُلَه الشُّيوخُ وعُظماءُ الكَهَنَةِ والكَتَبَة، وأَن يُقتَل، وأَن يقومَ بَعدَ ثَلاثةِ أَيَّام “(مرقس 8: 31). لقد تمَّمت قيامة المسيح ما ورد في نبوءة يونان التي كانت ترمز الى قيامة المسيح “فكما بَقِيَ يُونانُ في بَطنِ الحُوتِ ثَلاثةَ أَيَّامٍ وثلاثَ لَيال، فكذلكَ يَبقى ابنُ الإِنسانِ في جَوفِ الأَرضِ ثَلاثةَ أَيَّامٍ وثلاثَ لَيال” (متى 12: 40). وهي أيضاً علامة الهيكل كما اشار يسوع الى ذلك: “اُنقُضوا هذا الهَيكَل أُقِمْهُ في ثَلاثَةِ أَيَّام” (يوحنا 2: 19-21).

قيامة المسيح تحقيق الوعود

حقَّقت القيامة وعد رفْع يسوع مُمجَّدا الى يمين الله كما جاء في اعمال الرسل “داودُ لم يَصعَدْ إِلى السَّموات، وهُو نَفْسُه مع ذلك يَقول: قالَ الرَّبُّ لِرَبيِّ: اِجلِسْ عن يَميني” (اعمال الرسل 2: 34)، وكما حقَّقت القيامة وعد تمجيد يسوع بإجراء الشفاء باسمه “لِيَجرِيَ الشِّفاءُ والآياتُ والأَعاجيبُ بِاسمِ عَبدِكَ القُدُّوسِ يَسوع” (اعمال الرسل 4:30)، وحقَّقت القيامة ايضا الوعد بجلوس يسوع عن يمين الله كما جاء في خطاب إسطفانس اول شهداء المسيحين “ها إِنِّي أَرى السَّمواتِ مُتَفَتِّحَة، وابنَ الإِنسانِ قائِمًا عن يَمين الله” (اعمال الرسل 7: 56).

قيامة المسيح مركز الكرازة الرسولية

تتناول كرازة جماعة الرسل خبر صلب يسوع وموته، الاَّ ان الله أقامه من بين الأموات (اعمال الرسل 2: 22-35)، وبه قدَّم الله للناس الخلاص كما صرَّح بطرس الرسول “قَتَلتُم سيِّدَ الحَياة، فأَقامَه اللهُ مِن بَينِ الأَموات، ونَحنُ شُهودٌ على ذلك” (اعمال الرسل 3: 14-15). ويؤكِّد لنا بولس الرسول إيمان الجماعة الأولى بقيامة يسوع والتبشير بها في انحاء العالم حيث يقول “سَلَّمتُ إِلَيكم قبلَ كُلِّ شيَءٍ ما تَسَلَّمتُه أَنا أَيضًا، وهو أَنَّ المسيحَ ماتَ مِن أَجْلِ خَطايانا كما وَرَدَ في الكُتُب، وأَنَّه قُبِرَ وقامَ في اليَومِ الثَّالِثِ كما وَرَدَ في الكُتُب” (1 قورنتس 15: 3-4). “وإِن كانَ المسيحُ لم يَقُمْ، فتَبشيرُنا باطِلٌ وإِيمانُكُم أَيضًا باطِل” (1 قورنتس 14:15). والقوة التي اقامت يسوع للحياة قادرة ان تعيد نفوسنا المائتة روحيا الى الحياة فنستطيع ان نقوم “إِنَّ المسيحَ قد قامَ مِن بَينِ الأَموات وهو بِكرُ الَّذينَ ماتوا” (1قورنتس 15: 20).

قيامة المسيح أساس مفتاح إيماننا المسيحي

بما ان يسوع “قَد قامَ كما قال”(متى 28: 6)، نعلم ان ما قاله هو حق. ولأنه قام فإنه يمكننا ان نثق في أنه يُتمِّم كل وعوده. انه المسيح الحي وليس نبياً فقط، وإننا واثقون من قيامتنا أيضا، وان الموت ليس النهاية بل هناك حياة في المستقبل. ولأنه قام فهو حيٌّ ويشفع فينا، ولأنه قام وغلب الموت، نعلم اننا سنقوم أيضا. ويُعلق القدّيس غريغوريوس النزيانزيّ ” أمس، صُلبتُ مع الربّ يسوع المسيح؛ اليوم أُمجَّد معه! أمس، مُتُّ مع المسيح؛ اليوم، أحيا معه من جديد! أمس، دُفِنتُ مع المسيح؛ اليوم، أخرجُ معه من القبر ” (عظات متفرّقة). فالقيامة هي أساس شهادة الكنيسة للعالم.

ب) نتائج قيامة المسيح:

نتائج قيامة المسيح على الانسان عديدة واهمها:

قام المسيح لنقوم معه: “فدُفِنَّا مَعَه في مَوتِه بِالمَعمُودِيَّةِ لِنَحْيا نَحنُ أَيضًا حَياةً جَديدة كما أُقيمَ المَسيحُ مِن بَينِ الأَمواتِ بِمَجْدِ الآب؟ “(رومة 6: 4). القيامة هي موضوع إيماننا واساس رجائنا في القيامة في اليوم الاخير. قام يسوع باعتباره “باكورة الراقدين (1 قورنتس 15:20) وهو “أَوَّلُ القائمينَ مِن بَينِ الأَموات” (أعمال الرسل 26: 23). فنحن نقوم، لان يسوع قد قام “فالَّذي أَقامَ يسوعَ المسيحَ مِن بَينِ الأَموات يُحْيي أَيضًا أَجسادَكُمُ الفانِيةَ بِرُوحِه الحالِّ فيكُم” (رومة 8: 11).

قام المسيح ليعطي معنى لاحتفالنا بعشاء الرب. نحن، كتلميذي عمواس، نكسر خبزاً مع ربنا الذي جاء في قوة ليُخلصنا، وهو يُشركنا منذ الآن في الحياة الجديدة عن طريق علامات اسرار الكنيسة. فالحياة الجديدة التي دخلنا فيها ليست شيئا آخر سوى حياته ذاتها كشخص قام من بين الاموات “مع أَنَّنا كُنَّا أَمواتًا بِزَلاَّتِنا، أَحْيانا مع المَسيح (بِالنِّعمةِ نِلتُمُ الخَلاص) وأَقامَنا معه وأَجلَسَنا معه في السَّمَواتِ في المسيحِ يسوع” (أفسس 2: 5-6). وقيامته تعيننا على ان نجد معنى في وسط المآسي الكبرى، لانَّ القيامة تمثل أساس العمل الخلاصي فإن كان قد ذُبح لأجلنا، فقيامته تؤكد قبول الذبيحة. وإن كان قد صُلب من أجل ديوننا، فقيامته تعلن وفاء الدين ورجاء المستقبل. ” وإِذا كانَ رَجاؤُنا في المسيحِ مَقصورًا على هذهِ الحَياة، فنَحنُ أَحقُّ جَميعِ النَّاسِ بِأَن يُرْثى لَهم. كَلاَّ! إِنَّ المسيحَ قد قامَ مِن بَينِ الأَموات وهو بِكرُ الَّذينَ ماتوا ” (1قورنتس 15: 19-20).

قام المسيح ليملك على قلوب المؤمنين. كما صرّح بولس الرسول: “فما مِن أَحَدٍ مِنَّا يَحْيا لِنَفْسِه وما مِن أَحدٍ يَموتُ لِنَفْسِه، فإِذا حَيِينا فلِلرَّبِّ نَحْيا، وإِذا مُتْنا فلِلرَّبِّ نَموت: سَواءٌ حَيِينا أَم مُتْنا فإِنَّنا لِلرَّبّ. فقَد ماتَ المَسيحُ وعادَ إِلى الحَياة لِيَكونَ رَبَّ الأَمواتِ والأَحْياء”(رومة 17: 7-9).

وأخيراً، قام المسيح لنحيا: فقالَ يسوع لمَرْتا ” أَنا القِيامةُ والحَياة مَن آمَنَ بي، وَإن ماتَ، فسَيَحْيا”(يوحنا 11: 5)؛ وقام المسيح لنكون معه في المجد:” فأمَّا وقد قُمتُم مع المسيح، فاسعَوا إلى الأُمورِ الَّتي في العُلى حَيثُ المسيحُ قد جَلَسَ عن يَمينِ الله. اِرغَبوا في الأُمورِ الَّتي في العُلى، لا في الأُمورِ الَّتي في الأَرض، لأَنَّكم قد مُتُّم وحَياتُكم مُحتَجِبةٌ معَ المسيحِ في الله. فإِذا ظَهَرَ المسيحُ الَّذي هو حَياتُكم، تَظَهَرونَ أَنتُم أَيضًا عِندَئِذٍ معَه في المَجْد” (قولسي 3: 1-4).

هل تبحث عن  سنكسار الخميس 2 ابريل 2020 م الموافق 24 برمهات 1736 ش

ونستنتج مما سبق يسوع بعد قيامته كشف لنا أن الحياة تمر حتماً بالموت، والمجد بالآلام، والخلاص بالصليب، والفرح بالحزن، والخدمة بالتواضع، والأول بالآخر، والربح بالخسارة. لكن إنسان اليوم يريد أن يصل إلى الحياة بالحياة وإلى الفرح بالفرح، إنما الوسيلة الوحيدة التي تقود إلى الغاية المنشودة، هي الصليب والموت والقيامة. لذا نحن مدعوون أن نؤمن ان قوّة القيامة قادرة أن تحقق فينا ما لا تقوى عليه الطبيعة البشرية.

(2) كيف نصل مع الرسل الى الإيمان بقيامة الرب

أهم رسالة نادى بها الرسل هي إعلان قيامة يسوع المسيحين الأموات كما جاء في عظات الكرازة التبشيرية الأولى في سفر الاعمال. وبالرغم من ذلك لم يشرح لنا أحد من الإنجيليين كيف قام المسيح أنما من خلال خبرة الرسل يمكن ان يتخذ المرء اربعة مراحل ليصل الى الايمان اليقين بقيامة يسوع من الاموات:

المرحلة الاولى اكتشاف القبر فارغ: قد يظن المرء ان القيامة مجرد تلفيق من المحال تصديقها او فكرة إمكانية خطف الجثة كما كان الحال مع مَريمُ المِجدَلِيَّةُ التي صرخت امام القبر الفارغ “أَخَذوا الرَّبَّ مِنَ القَبْرِ” (يوحنا 20: 2). بدأت المرحلة بالصدمة المباشرة التي تلقتها مَريمُ المِجدَلِيَّةُ لدى اكتشافها القبر فارغًا. فكان حبها ليسوع ينقصه الإيمان كما حدث مع تلميذي عِمواس. لكن القبر الفارغ دلَّ على ان عمل الله في يسوع ما انتهى في الموت. فكيف نرى الحياة الجديدة فيما وراء الموت؟ بطرس والتلميذ الحبيب اكتشفا علامات أخرى لقيامة الرب.

المرحلة الثانية تحقق من القبر الفارغ: قد يتحقق المرء من الوقائع كما هو الحال مع بطرس ويوحنا “دَخَلَ القَبْرَ فأَبصَرَ اللَّفائِفَ مَمْدودة” (20: 6)، ورأى الاكفان مرتّبة في مكانها على الأرض، ولكن بطرس ظلَّ مذهولا مُندهشاً من حدث القيامة؛ أمَّا يوحنا الحبيب “َفرأَى وآمَنَ” (يوحنا 20 :8). ان اختبار القبر الذي وجده الرسل فارغا لم يكْفِ لإقناعهم، إذ يمكن ان تفسيره باختطاف الجثة (لوقا 24: 11-12)، لكن يوحنا وحده قد آمن فوراً. فكيف يمكن أن يكون لدينا إيمان يوحنّا الحبيب، الذي أبصر ما وراء اللفائف التي كانت تُحيط بالجثمان؟ انتقل يوحنا من العيان إلى الإيمان، والايمان “بُرْهانُ الحَقائِقِ الَّتي لا تُرى” (العبرانيين 1:11). وقد كتب يوحنا إنجيلهلكي نؤمن أن يسوع الذي من الناصرة الذي ولدته العذراء صُلب وقام، وهو المسيح ابن الله، ورجاء الشعوب. بهذا الإيمان ننال الحياة الأبدية التي ظهرت في قيامة المسيح ” إِنَّما كُتِبَت هذه لِتُؤمِنوا بِأَنَّ يسوعَ هو المسيحُ ابنُ الله، ولِتَكونَ لَكم إِذا آمَنتُمُ الحياةُ بِاسمِه” (يوحنا 20: 31).

المرحلة الثالثة ظهورات يسوع القائم: لن يقدر المرء ان يقبل حقيقة القيامة إلا بظهور يسوع القائم من بين الاموات ومقابلته شخصيا ليبدَّد كل الشكوك؛ وهذا الامر حدث مع مريم المجدلية لمّا ظهر لها “قالَ لها يسوع: مَريَم! فالتَفَتَت وقالَت له بِالعِبرِيَّة: رابُّوني!” (يوحنا 20: 16). وحدث ايضا مع التلاميذ لدى ظهور المسيح لهم (يوحنا 20: 19-23). واكّد بولس الرسول هذه الظهورات: “أَنَّه تَراءَى لِصَخْرٍ فالاْثَني عَشَر، ثُمَّ تَراءَى لأَكثَرَ مِن خَمْسِمِائَةِ أَخٍ معًا لا يَزالُ مُعظَمُهُم حَيّاً وبَعضُهُم ماتوا، ثُمَّ تَراءَى لِيَعْقوب، ثُمَّ لِجَميعِ الرُّسُل (1 قورنتس 15: 5-7). واحتفظ يسوع بظهوراته للشهود الذين اختارهم هو بنفسه (أعمال 2: 32)، وكان آخرهم ظهوره لبولس الرسول على طريق دمشق (1 قورنتس 15: 8) إنه يختار من شهوده رسلاً له. فيُظهر نفسه لهم، “ولا يظهر نفسه للعالم” (يوحنا 14: 22)، لأن العالم مغلق عن الإيمان.

المرحلة الرابعة إدراك حقيقة القيامة: بعد ان يُقدِّم المرء تعهده أمام يسوع ويكرِّس حياته لخدمته يبدأ في الإدراك لواقع حقيقة القيامة كما حدث مع توما الرسول الذي أعلن ايمانه للمسيح القائم بقوله: “رَبِّي وإِلهي” (يوحنا 20: 24-31). إن هذا الذي يظهر هو حقيقةً يسوع الناصري، والرسل يرونه ويلمسونه (يوحنا 20: 19-29)، ويأكلون معه (يوحنا 21: 9-13). إنه ليس خيال، بل بجسده الخاص (يوحنا 20: 20). إلاَّ أن هذا الجسد لا يخضع للأوضاع العادية في الحياة الأرضيّة (يوحنا 20: 19). أجل، يُعيد يسوع الأعمال التي كان يقوم بها خلال حياته العامة، وهذا ما ساعد على التعرف عليه كالفطور معهم على شاطئ بحيرة طبرية والصيد (يوحنا21: 6 و12) وكسر الخبز كما هو الحال مع تلميذي عمواس “أَخذَ الخُبْزَ وبارَكَ ثُمَّ كسَرَهُ وناوَلَهما” (لوقا 24: 31) إلا أنه الآن في حالة المَجد. يسوع الذي عرفه التلاميذ على طرقات الجليل والسامرة واليهودية، هو الرب الذي قام من بين الأموات.

المرحلة الخامسة حلول الروح القدس لفهم الكتاب: المرحلة الأخيرة هي مرحلة الروح القدس: عندما قال يوحنا إنّه بدخوله القبر “رأى وآمن”، اعترف ” بِأَنَّهُما (هو وبطرس) لم يكونا قد فهِما ما وَرَدَ في الكِتاب مِن أَنَّه يَجِبُ أَن يَقومَ مِن بَينِ الأَموات ” (يوحنا 20: 9). ولكن كالرسل الآخرين، تلقّى يوحنّا المقدار الكامل ليفهم ما ورد في الكتاب عندما حلّ الروح القدس في العنصرة، وعندما “كُلُّ واحِدٍ مِنَّا أُعطيَ نَصيبَه مِنَ النِّعمَةِ على مِقْدارِ هِبَةِ المسيح”(أفسس 4: 7).

ومن هذا المنطلق، إننا نؤمن بالقيامة بناء على شهادة الرسل وما ورد في الكتب المقدسة وتقليد الكنيسة المقدسة. وهي جزء حيوي رئيسي في خطة الله لخلاصنا وتبريرنا من ناحية، ومن ناحية أخرى لم يكن ممكنًا للسيد المسيح القائل: “أنا هو القيامة” أن يبق رهين الموت والقبر! وبالرغم من قيامة المسيح وشهادة المسيحيين له ألا ان وجود الملايين في العالم اليوم الذين لم يسمعوا حتى الآن اسم المسيح القائم والمُخلص يُعد عار وفضيحة لنا جميعا. فالعالم لا يزال بأمس الحاجة الى شهادة المسيحيين لقيامة الرب من خلال إيمانهم وسيرتهم الصالحة وتبشيرهم. وتبدأ القيامة في حياتنا عندما نعيش الحب والغفران مع كل إنسان وعندما نحبّ ونغفر ونضحّي، عندئذ نصبح شهوداً للقيامة وننتقل من الموت إلى الحياة كما يردّد القديس يوحنا: ” نَحنُ نَعلَمُ أَنَّنا انتَقَلْنا مِنَ المَوت إِلى الحَياة لأَنَّنا نُحِبُّ إِخوَتَنا. مَن لا يُحِبُّ بَقِيَ رَهْنَ المَوت ” (1 يوحنا 3: 14).

الخلاصة

قيامة يسوع هي مفتاح الايمان المسيحي: يسوع المسيح هو شخصيا كما قال “أنا القِيامةُ والحَياة مَن آمَنَ بي، وَإن ماتَ، فسَيَحْيا” (يوحنا 11: 25). ان هذا الإعلان الإيماني ما زالت تعيشه الكنيسة وتبقى تعيشه حتى نهاية العالم. فهي لا تستطيع أن تصمت عمّا اختبرت في كل مسيرتها الإيمانية، إذ تردّد كل ما قاله الشهود الأولون عن حقيقة القيامة. هذا ما أعطاهم جرأةً في عملهم وفرحاً في آلامهم وثباتاً في إيمانهم.

وفي يوم عيد الفصح هذا، وفي وسط عالمٍ يحتضر، نحن المسيحيّون مُرسَلون مع مريم المجدليّة، بطرس ويوحنّا لكي نُعلن قوّة انتصار يسوع على الموت. نعم، الخير أقوى من الشرّ، والحُبّ أقوى من الكراهية، والحياة أقوى من الموت. ونحن شهودٌ على ذلك. شهود على القيامة فيما وراء الموت، والآلام والقبور.

إن ايماننا بقيامة يسوع يوجّه كل كياننا المسيحي “أَمَّا وقد قُمتُم مع المسيح، فاسعَوا إلى الأُمورِ الَّتي في العُلى حَيثُ المسيحُ قد جَلَسَ عن يَمينِ الله”. (قولسي 3: 1). “قيامة المسيح هي الحياة للميت، الصفح عن المذنبين والمجد للقديسين” فلننشد مع الكنيسة “المسيح قام من بين الأموات ووطِئ الموت بالموت. ووهب الحياة للّذين في القبور”.

لذا نحن مدعوون أن نؤمن ان قوّة القيامة قادرة أن تحقِّق فينا ما لا تقوى عليه الطبيعة البشرية. ويُعلق الراهب الطوباويّ غيريك ديغني “إذا كان يسوع حيًّا، فهذا يكفيني! إذا كان حيًّا، أحيا لأنّ حياتي تعتمد عليه. هو حياتي، وهو كلّ شيء لي. فما الذي يمكن أن ينقصني إذا كان يسوع حيًّا؟ لا بل أكثر من ذلك: لا يهمّني إن فقدت كلّ شيء، إنّما المهمّ هو أن يكون يسوع حيًّا”.

دعاء

أيها ألاب السماوي، نطلب اليك باسم ابنك يسوع الذي مات من أجلنا على الصليب، ان تفتح عيوننا لنرى العلامات التي تعطينا إياها في خلال علامات ظهور المسيح بعد قيامته لأكثر من 500 شاهد كي نكشف قيامة المسيح المجيد في حياتنا وفي موتنا، فتتجدد فينا قوّة قيامته فنعلن موته ونحتفل بقيامته، ونشهد لها في كل لحظة من تاريخنا، وبهذا نعلن حياة لا يقوى عليها الموت وننتظر مجيئه في المجد، لك الشكر والمجد والعزة والإكرام ابد الدهور. المسيح قام! حقّاً قام! هلِّلويا!

شهادة المؤرخ يوسيفوس فلافيوس (28-100م) عن قيامة يسوع المسيح

لم ينكر قادة اليهود قيامة يسوع وعودته الى الحياة (اعمال الرسل 4: 2-21) لكن أيضا شهد على ذلك المؤرخ يوسيفوس فلافيوس. كان “فلافيوس” مؤرّخًا يهوديًا ثم صار رومانيًا، وربط نفسه بسلالة “فلافيوس”. عاش في القدس عندما توفي السيد المسيح، واشتهر بكتبه عن تاريخ الأوضاع والأحداث في فلسطين خلال القرن الأول للميلاد لدى ظهور الديانة المسيحية. “والفضل ما شهدت به الأعداء كما يقول الشاعر العباسي، اذ لا يصدر من العدو عادة إلاّ كلّ ما هو سلبي ينسبه إلى عدوّه. لذلك تكون شهادة العدو نزيهة تُقرّ بالواقع التاريخي بصدق وأمانة دون تحيّز ومحاباة، وهذه هي شهادته عن يسوع المسيح:

“كان في اليهوديّة رجلاً اسمه يسوع، وكان إنسانًا حكيمًا، وإذا كان شرعا أن يدعى إنسان، لأنه كان يقوم بأعمال رائعة؛ هو معلم من هؤلاء الرجال الذي قبلوا الحقيقة بفرح. وقد جذَب إليه الكثير من اليهود والوثنيين. كان هو المسيح. وتلبية لطلب من الرجال الوجهاء اليهود بيننا أعدمه بيلاطس على الصليب. أمَّا أولئك الذين أحبوه في البداية لم يتركوه؛ لأنه ظهر لهم حيّا مرة اخرى في ثالث يوم من موته؛ كما تنبأ الأنبياء عن ذلك وعن عشرات الأحداث الرائعة الأخرى بشأنه. والجماعة المسيحية التي سُمِّيت باسمه لم تنقرض في هذا اليوم” (Antiquities of the Jews, 18:63-64).

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي