admin
نشر منذ سنتين
2
كونوا قدّيسين، لأني أنا قدوس


كونوا قدّيسين، لأني أنا قدوس

نحتفل اليوم مع الكنيسة جمعاء بعيد جميع القديسين. وبذلك، نحن لا نتذكّر من أُعلنوا قديسين على مرّ العصور فحسب بل إخوتنا وأخواتنا أيضاً الذين عاشوا بصمت حياتهم المسيحية بملء الإيمان والمحبة. وبدون شك يوجد بينهم العديد من أهالينا وأقاربنا وأصدقائنا، ولاسيما الذين استشهدوا محبةً بالمسيح والكنيسة والوطن.

احتفالنا بعيد جميع القديسين يذكرنا بكلمات يسوع:

“أَنتُم مِلحُ الأرض… أَنتُم نور العالم… فَليُضئْ نورُكُم للناس، ليروا أعمالَكُمُ الصالِحة، فيُمَجِّدوا أَباكُمُ الذي في السماوات” (متى ٥: ١٣-١٦)، “كونوا أَنتُم كاملين، كما أنّ أباكُمُ السماويّ كاملّ” (متى ٥: ٤٨). فالقداسة لا تظهر دائماً في الأعمال الخارقة والكبيرة بل في الوفاء اليومي لمواعيد معموديتنا. والقداسة تكمن في محبة الله ومحبة إخوتنا وأخواتنا وهو حب يبقى أمينًا للتخلّي عن الذات والتكرّس الكامل للآخرين. وعلينا أنّ نفكِّر بالأمهات والآباء الذين يضحّون في سبيل عائلاتهم وتربية اولادهم على محبة الله والقريب ويتناسوا أمواراً كثيرة لزرع القداسة في بيوتهم ومجتمعهم.

هناك صلة مشتركة بين القديسين وهي السعادة التي كانت تغمرهم. لقد وجدوا سرّ السعادة الحقيقية التي تكمن في أعماق النفس ومصدرها محبة الله. لهذا نحن ندعو القديسين طوباويين. إنّ التطويبات كانت مسيرتهم وهدفهم وأرضهم الأمّ والتطويبات هي طريق الحياة التي يعلّمنا إياها الرب حتى نسير على خطاه.

إنّ التطويبات هي صورة المسيح وبالتالي صورة كل مسيحي. “طوبى للودعاء”. يسوع بذاته يقول لنا: “تَتَلمذوا لي فإنِّ وَديعٌ مُتواضِعُ القلب” (متى ١١: ٢٩). هذه هي الصورة الروحية للمسيح يسوع وهي تكشف وفرة محبته لنا. إنّ فضيلة الوداعة هي أسلوب عيش وتصرّف تُقرّبنا من يسوع ومن أحدنا إلى الآخر. إنها تسمح لنا أن نضع جانباً كل ما يقسمنا ويبعدنا عن بعض وإلى إيجاد أساليب جديدة للتقدّم في مسيرة القداسة التي توصلنا إلى الوحدة الحقيقية مع الله ومع بعضنا.

هل تبحث عن  يسوع .. دعنى أسألك: أين سطور الفرح في كتاب حياتك؟!!

إنّ التطويبات هي بطاقة وهوية المسيحي. إنها تبيّن بأننا أتباع يسوع. نحن مدعوون لكي نكون طوباويين وأتباع يسوع، وعلينا أن نواجه الصعاب بروح ومحبة يسوع.

طوبى لمن يبقون مثمرين بينما يواجهون الشرّ الذي يقترفه الآخرون تجاههم ويسامحون من كل قلبهم.

طوبى لمن ينظرون في عيون المهمّشين والمنبوذين والمتألمين ويظهرون بالقرب منهم لمساعدتهم وتخفيف الآمهم.

طوبى لمن يرون الله في كل شخص ويجهدون في سبيل جعل الآخرين يكتشفون المسيح.

طوبى لمن يتخلّون عن راحتهم الذاتية في سبيل مساعدة الآخرين.

طوبى لمن يصلّون ويعملون من أجل تحقيق الوحدة الكاملة بين المسيحيين. كلّ هؤلاء هم رسل رحمة الله وحنانه وبالتأكيد سيُكافأون على ذلك.

إنّ الدعوة إلى القداسة هي موجّهة إلى كل شخص منا ويجب أن نحصل عليها من الله بروح الإيمان. إنّ القديسين يحفّزونا بسيرتهم وبشفاعتهم لنا أمام الله ونحن بحاجة إلى بعضنا البعض إن أردنا بالحقيقة أن نكون قديسين وكاملين.

نطلب من الله نعمة قبول هذه الدعوة، الدعوة إلى الكمال والقداسة، بفرح وأن ننضمّ إلى تحقيقها مع بعضنا بالكامل. في هذا العيد، عيد جميع القديسين، نوكل كلّ نوايانا وطلباتنا إلى أمنا السماوية مريم العذراء سُلطانة القديسين والحوار الهادف إلى الوحدة الكاملة بين المسيحيين حتى نبارَك في جهودنا ونصل إلى القداسة بوحدتنا.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي