كيف يجلس ويأكل السيد المسيح مع العشارين والخطاة (مر 2: 16)؟.. لقد شخَّص الطبيب الشافي حالة هؤلاء العشارين والخطاة، فما هم إلَّا مرضى بمرض الخطية، في حاجة للطبيب الماهر الذي يشفق ويحنو عليهم، وليس للذين يدينونهم ويصبون عليهم الويلات، ولذلك أقترب منهم وفتح لهم أحضانه ومكَّن لهم محبته الإلهيَّة. ويقول “القديس غريغوريوس النزينزي”: ” ألا تشتكي لأنه يخالط الخاطئين ويتخذ أحد جباة الضرائب تلميذًا له، وتقول ما هي الفائدة التي يجتنيها من فعله هذا؟ أنها خلاص الخاطئين. أن نلوم يسوع لمخالطته الخاطئين هو كلوم الطبيب الذي ينحنى فوق المريض ويحتمل الروائح الكريهة من أجل شفائه” (260).

ويقول “الأب متى المسكين”: ” نعم لقد لاق بالمسيح أن يُدعى ابن الإنسان حتى يجد فيه كل إنسان ما يعوّض نقصه ويكمّل طهارته ويجد فيه أخًا يتكرَّم به ويتمجَّد. لم يعد ق. بطرس وحده هو الذي يفتخر قائلًا نحن الذين أكلنا معه وشربنا، بل العشارون والخطاة والزواني بكل صنف لهم ذات الفخر. فهو الأخ الأكبر للإنسانية بأجمعها والكل يفتخر بأنه أكل وشرب معه. لقد حطم المسيح قانون النجس والطاهر حينما قال لبطرس: “مَا طَهَّرَهُ الله لاَ تُدَنِّسْهُ أَنْتَ” (أع 10: 15). فليس فقط من يأكل بل من يلمس المسيح يُطهَّر ويقف نزف خطيته.. لقد أحبه هؤلاء الخطاة واللصوص والزناة والمستضعفون والتفوا حوله، ساروا معه وجروا وراءه أينما ذهب ووجدوا عنده في قلبه وفي بيته وعلى مائدته مكانًا يسعهم، وصارت لهم دالة عليه يتحدَّثون معه ويسمعون إليه، وفهموا رسالته وقرأوا إنجيله قبل أن يقرأه هؤلاء الكتبة والفريسيون، وآمنوا به وأحبوه وتابوا على يديه ونذروا حياتهم له” (261).

هل تبحث عن  تحقَّق التجسد الإلهي بواسطة نعمة الله المجانية

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي