admin
نشر منذ سنتين
2
” لطم يسوعَ واحدٌ من الخدام ” (يو18: 22)

” لطم يسوعَ واحدٌ من الخدام ” (يو18: 22)

” لطم يسوعَ واحدٌ من الخدام ” (يو18: 22)

بعد القبض على السيد المسيح، مضوا به إلى حنان أولاً لأنه كان حما قيافا الذى كان رئيساً للكهنة فى تلك السنة، ثم أرسله حنان موثقاً إلى قيافا رئيس الكهنة (انظر يو18: 14، 24).

“فسأل رئيس الكهنة يسوع عن تلاميذه وعن تعليمه. أجابه يسوع أنا كلمت العالم علانية. أنا علمت كل حين فى المجمع، وفى الهيكل حيث يجتمع اليهود دائماً. وفى الخفاء لم أتكلم بشئ. لماذا تسألنى أنا. اسأل الذين قد سمعوا ماذا كلمتهم. هوذا هؤلاء يعرفون ماذا قلت أنا. ولما قال هذا لطم يسوعَ واحد من الخدام كان واقفاً قائلاً: أهكذا تجاوب رئيس الكهنة. أجابه يسوع إن كنت قد تكلّمت ردياً فاشهد على الردى وإن حسنا فلماذا تضربنى؟” (يو18: 19-23).

كانت تعاليم السيد المسيح قد حوَّلت الكثيرين من حياة الخطية إلى حياة التوبة. والذين آمنوا به قد شعروا بتأثير ذلك فى حياتهم كما هو مكتوب “كما أهان الزمان الأول أرض زبولون وأرض نفتالى، يكرم الأخير طريق البحر عبر الأردن جليل الأمم. الشعب السالك فى الظلمة أبصر نوراً عظيماً. الجالسون فى أرض ظلال الموت أشرق عليهم نور” (إش9: 1، 2).

لذلك قال السيد المسيح لقيافا: “اسأل الذين قد سمعوا ماذا كلمتهم” لأن حياتهم بعد التغيير هى خير شاهد على سمو تعاليم السيد المسيح، وعلى قوة تأثيرها. وقد بهتت الجموع من تعليمه “لأنه كان يعلمهم كمن له سلطان وليس كالكتبة” (مت7: 29). ليتم ما هو مكتوب “انسكبت النعمة على شفتيك” (مز44: 2).

جاء السيد المسيح لخلاص البشرية، وأراد أن يصنع الخير للجميع، وكان يشتهى خلاص الجميع بما فى ذلك الذين وقفوا ضده وناصبوه العداء. ومن ضمن هؤلاء أيضا قيافا رئيس الكهنة الذى أصدر ضده الحكم بالموت ظلماً.

هل تبحث عن  مزج الخمر بالماء

لم يقصد السيد المسيح أن يهين قيافا حينما أجابه على سؤاله. بل أراد أن يلفت نظره إلى الحق الذى أعمى الشيطان قلبه لكى لا يراه.

وهنا تدخل واحد من خدام الهيكل ولطم السيد المسيح قائلاً: أهكذا تجاوب رئيس الكهنة. وكأنه يغار للرب ولكرامة رئيس كهنته، معتبراً أن السيد المسيح قد أهان قيافا بإجابته هذه.

لم يعلم ذلك المسكين أنه قد لطم رئيس الكهنة الحقيقى يسوع المسيح الذى قيل عنه “أقسم الرب ولن يندم أنت كاهن إلى الأبد على رتبة ملكى صادق” (عب7: 21، مز 110: 4). بل أكثر من ذلك أنه قد لطم السيد المسيح ابن الله الحى الذى تجسد من أجل خلاص جنس البشر. وهو الخالق والديان والمولود من الآب قبل كل الدهور.

إن كان ذلك الخادم قد غار لكرامة رئيس الكهنة الذى على رتبة هارون، والذى كان كهنوته رمزاً لكهنوت السيد المسيح. فكيف يتجاسر أن يلطم من له كهنوت لا يزول إلى الأبد، ومن هو مساوى للآب السماوى فى المجد الإلهى. ولكن هذه هى جهالة البشر الذين أبصروا السيد المسيح حينما أخلى ذاته آخذاً صورة عبد. وإذ وجد فى الهيئة كإنسان وضع نفسه وأطاع الآب السماوى حتى الموت؛ موت الصليب.

أشفق السيد المسيح على ذلك الخادم. إذ رآه يتصرف بجهالة ويغار غيرة ليست حسب المعرفة. وأشفق عليه من عواقب فعلته الشنعاء حينما لطم السيد المسيح على وجهه. وأراد أن يصحح له موقفه فقال له: “إن كنت قد تكلّمت ردياً فاشهد على الردى. وإن حسناً فلماذا تضربنى؟” (يو18: 23).

أراد السيد المسيح أن يقتاد ذلك الخادم المسكين إلى التوبة وإلى التبصر فيما يفعله. فقال له هذه الكلمات المفعمة بالحب والنصائح الثمينة.

هل تبحث عن  لوط في باب سدوم

لم ينفعل السيد المسيح -بالطبع- لسبب الإهانة التى وجهت إليه من أحد خدامه وعبيده. بل تكلّم معه بموضوعية ليقنعه بالصواب. وهكذا قدّم نفسه كخادم للخلاص، محتملاً أخطاء الآخرين فى صبر عجيب. وفى نفس الوقت أكّد بإجابته أنه لم يقصد إهانة رئيس كهنة اليهود، بل أراد أن يلفت نظره إلى ما فيه خيره هو وغيره ممن تآمروا لقتل السيد المسيح.

لقد لطم الكثيرون السيد المسيح على وجهه فى تلك الليلة وكان هو قد ترك لهم خديه ليلطمونهما، لأن هذا ما استحقته البشرية لسبب شرودها وخطاياها، وهو أراد أن يدفع ثمن الخطية التى للإنسان. ولكن اللطمة الوحيدة التى أجاب عنها بمثل هذه الكلمات، كانت هذه اللطمة التى أشفق على ضاربها من عواقب فعلتها التى ظن هو أنه يفعلها بغيرة مقدسة من أجل كرامة الكهنوت. ولم يكن يعلم ماذا يفعل.

قد يتساءل البعض لماذا لم يعط السيد المسيح خده الآخر لذلك الخادم حسبما أوصانا فى العظة على الجبل؟ ونقول إن الخد الآخر قد أعطى لكثيرين. وكان فى هذه المرة هو الحب الذى قابل به السيد المسيح تصرف ذلك الخادم والنصيحة الثمينة التى وجهها إليه فى وقت آلامه.

أما عن الخد الآخر فهو مستعد دائماً كما هو مكتوب “والرجال الذين كانوا ضابطين يسوع كانوا يستهزئون به وهم يجلدونه. وغطوه وكانوا يضربون وجهه ويسألونه قائلين تنبأ من هو الذى ضربك. وأشياء أخر كثيرة كانوا يقولون عليه مُجدِّفين” (لو22: 63-65). أما هو فلم يمنعهم بل تركهم يفعلون به كل ما أرادوا.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي