أَبْتَهِجُ أَنَا بِكَلاَمِكَ كَمَنْ وَجَدَ غَنِيمَةً وَافِرَةً
( مزمور 119: 162 )
إني أؤمن بالوحي الإلهي للكتاب المقدس، لأنه أسمى جميع الكتب. من أي نبع استقى “ورد ورث” ترنيماته المُنعشة؟ من الكتاب المقدس.
و“تنيسون” من أين له هذا الكنز من التأملات الخالدة؟ من ذات النبع. و“براوننج” الذي تزوَّد بشجاعة الإيمان التي كانت أساسًا لجميع كتاباته، من أين استقاها، إلا من الكتاب المقدس؟ و“لونج فيلو” وهو يتغنى بألحان المزامير الشجية، من أين له هذه، سوى من نبعها الفريد؟ وماذا يقول “رسكن”؟ “كل فكر فني أبدَعته، وكل ما سطَّره قلمي، وكل ما جادَت به قريحتي، بل إن كل سمُّو ارتفعت إليه أفكاري، يرجع الفضل فيه إلى حداثتي، حين كانت أُمي تُشرِف على قراءاتي اليومية للكتاب المقدس، وتحفيظها لي جزءً منه عن ظهر القلب”. والآن استمع إلى ما يقوله “فرويد” المؤرخ الإنجليزي الذائع الصيت: “الكتاب المقدس حين يُدرَس جيدًا يغدو نبعًا للآداب، بل إني موقن أنه المصدر الأصلي لكل علوم الأدب”.
وإني أؤمن بالوحي الإلهي للكتاب المقدس، لأن فيه وحده شِبع النفس البشرية، وكما يقول كارليل: “إنه الكتاب الفريد الذي حوى بين ضفتيه عبر آلاف السنين، ما وجدَت فيه نفس الإنسان هداية وغذاء وتجاوبًا مع أعمق مشاعرها”. وفضلاً عن ذلك فإن السؤال الذي لا بد أن يواجهه كل منا، هو هذا: “هل أجد فيه شبعًا؟ هل هو وسادة لرأسي في أزمنة المتاعب والآلام والأحزان؟ هل هو المعزي لي أثناء عبوري إلى الأبدية؟”. إنه رجاؤنا. ماذا لنا لكي نحيا لأجله، إلا أن نحيا في علاقة مع الله الذي أعطانا هذا الكنز الغالي: الكتاب المقدس؟ فالله قد وهبنا كتابه ليكون دليلاً لنا حتى لا نتردَّد ولا نعثر. قُل للمتشكك والمُلحِد: “إياك وذاك المؤمن الذي أحب أعظم الكتب، إليه لا تذهب، لا تحاول أن تنزع الوسادة من تحت رأسه، ما لم تكن قد أعدَدت له ما هو أفضل ليستعيض به عن كتابه المقدس”.
وإني إذ أواجه هذه الحقائق الجليَّة والأدلَّة الدامغة، لا يسَعني إلا أن أؤمن أن الكتاب المقدس هو بحق كلمة الله، وأن الله أعطانا فيه هذا النبأ العظيم: «هكذا أحبَّ الله العالم حتى بذلَ ابنَهُ الوحيد، لكي لا يهلك كل مَن يؤمن بهِ، بل تكون له الحياة الأبدية» ( يو 3: 16 )، «فتوبوا وآمنوا بالإنجيل» ( مرقس 1: 15 ).