عندما خلق الله الإنسان الأول، آدم، أعطاه سلطانًا عل كل الخليقة (تك1: 26-28)، ويقول كاتب الرسالة إلى العبرانيين «بمجد وكرامة كللته، وأقمته على أعمال يديك. أخضعت كل شيء تحت قدميه» (عب2: 7،8).
وبسبب سقوط آدم ودخول الخطية إلى العالم فقدَ هذا السلطان، وأصبحت الخليقة لا تخضع له؛ فهو لا يستطيع أن يتحكم في سمك البحر، ولا البهائم ولا الحيوانات التي خرجت عن طاعته واكتسبت الصفة الوحشية. وكل ذلك كان بمثابة حصاد ما زرعه آدم الذي خرج عن طاعة وصية الرب في الجنة.
فجاء ربنا يسوع المسيح، وصار إنسانًا بالتجسد، واحتمل الآلام والموت بسبب خطية الإنسان، وذلك لكي يستعيد سلطان الإنسان المفقود بسبب الخطية.
لقد كُلِّل الإنسان بمجد وكرامة، لكن بسبب سقوطه فقد أيضًا هذا الامتياز، وصار عبدًا للخطية، وبتجسد الرب يسوع وإكماله عمل الصليب استعاد الإنسان مرة أخرى المجد والكرامة في ربنا يسوع المسيح (يو1: 12؛ رؤ1:5،6).
2- ليخلص شعبه من خطاياهم
«يسوع» أحلى اسم نطقت به شفتا الإنسان أو سمعته أذنا بشر. قال الملاك للمطوبة مريم: «وها أنت ستحبلين وتلدين ابنًا وتسمينه يسوع» (لو1: 31)، كما قال أيضًا ليوسف: «لا تخف أن تأخذ مريم امرأتك، لأن الذي حبل به فيها هو من الروح القدس. فستلد ابنًا وتدعو اسمه يسوع لأنه يخلِّص شعبه من خطاياهم» (مت1: 20،21).
لاحظ أنه ليس فقط يخلِّص شعبه من أعدائهم (الرومان) كما كانوا يريدون، لكن الأعظم من ذلك يخلِّصهم من خطاياهم.
إنه مات لأجل خطايانا، وهو الآن يحيا لأجل شعبه، من ثم يقدر أن يخلِّص إلى التمام (عب7: 25). وهكذا بتجسد الرب يسوع وموته على الصليب وضع أساسًا لخلاص كامل وأبدي.
هل تعرفت بالرب يسوع المخلص الحقيقي؟ قال عنه بطرس: «وليس بأحد غيره الخلاص. لأن ليس اسم آخر تحت السماء قد أُعطي بين الناس به ينبغي أن نخلص» (أع4: 12).
3- ليأتي بأبناء كثيرين إلى المجد
أتى الرب يسوع إلى الأرض بالتجسد ليأخذ من العالم أناسًا يشاركونه في مجده، أبناء يتحدون معه بالروح، ويدعوهم إخوته (عب2: 12)، ويصبحون ”شركاء الطبيعة الإلهية“. جاء ليتمِّم مشورة الآب السماوي الذي أراد أن يأتي بأبناء كثيرين إلى المجد. لقد أراد الآب أن يكون له أولاد، يتمتعون بامتياز القرب والإعزاز والوجود في حضرته.
وعندما يأتي الرب يسوع ليأخذنا إليه ويدخلنا بيت الآب ستتم فيه أقوال إشعياء النبي: «هأنذا والأولاد الذين أعطانيهم الرب» (إش8: 18).
4- لكي يبيد إبليس ويعتق من الموت
جاء الرب يسوع في الجسد ليواجه إبليس، كان عليه أن يتجسد ويصير إنسانًا حتى يمكنه أن يموت، وبموته يضع أساسًا لسحق الشيطان. لقد كان للشيطان سلطان في عالم الموت، أي الحجة والشكوى ضد الإنسان، وهكذا استخدم الشيطان الموت كسلاح مرعب ومخيف يشهره في وجه الناس. تذكر تأثير خبر الموت على حزقيا الملك التقي عندما وجه وجهه نحو الحائط وبكى بكاءً عظيمًا (إش 38).
بتجسد الرب يسوع وموته على الصليب فقد الشيطان هذا السلطان وأُبطلت حجته «فإذا قد تشارك الأولاد في اللحم والدم اشترك هو أيضًا كذلك فيهما، لكي يبيد بالموت ذاك الذي له سلطان الموت أي إبليس، ويعتق أولئك الذين خوفًا من الموت كانوا جميعًا كل حياتهم تحت العبودية» (عب2: 14،15). وهكذا ما عاد الشيطان الآن بقادر أن يشهر سلاحه المخيف ضد المؤمن، لأن الرب يسوع، بعمل الصليب، وضع أساسًا لإبطال مشكلة الموت ومخاوفه إلى الأبد (1كو15: 26).
5- ليكون رئيس كهنة رحيمًا وأمينًا
لقد دخل المسيح في ظروف الحياة، شارك في أحزان الناس وأفراحهم، دخل بيوتهم. لقد جاء مملوءًا نعمة وحقًا، فتعامل مع كل واحد بحسب حالته، كان يرثي لظروفهم المتنوعة وأحزانهم، لقد حمل أسقامهم ومتاعبهم، لم يضجر من جهلهم وضعفهم، ولا دانهم لأجل خطاياهم، نعمته هي التي أتت به إلى بئر سوخار ليتكلم مع امرأة خاطئة منبوذة من المجتمع، عاشت في ضياع، سوَّد الشيطان صفحات حياتها.
نعلم أن الملائكة أرواح، لذلك هي لا تعاني الآلام، لأنها لا تعرف ظروف البرية، هي غير قادرة على فهم طبيعتنا البشرية؛ لكن الرب بتجسّده اختبر الطبيعة الإنسانية، لقد اختبر التعب والجوع والعطش والألم، والمعاناة من ظلم الناس واحتقارهم ورفضهم له، وقمة آلامه أنه اجتاز في مشهد الموت، وكل ذلك كان طبعًا بمشيئة الله وقصده الصالح ليكون قادرًا ومهيئًا أن يقوم بخدمته كرئيس الكهنة.
وعندما نجتاز في التجارب المتنوعة، والآلام والمِحن نجد الرب مستعدًا لمساعدتنا، لقد جُرِّب في كل شيء مثلنا بلا خطية.
6- ليرفع خطية العالم
قال يوحنا المعمدان: «هوذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم» (يو1: 29). والمقصود بخطية العالم حالة اللعنة التي سادت العالم نتيجة دخول الخطية، وقد حصد العالم نتائج مريرة جدًا نتيجة لدخول الخطية، فالإنسان لا يأكل الخبز إلا بعرق الجبين، والمرأة تعاني آلامًا وأوجاعًا شديدة ساعة الولادة، وإجمالاً نقول إن كل الخليقة تئن وتتمخض معًا بسبب دخول الخطية إلى العالم.
لقد جاء المسيح في الجسد – حمل الله – ليرفع خطية العالم، ذهب إلى الصليب ليضع الأساس لحل هذه المشكلة، في الملك الألفي سيتم رفع حالة اللعنة نسبيًا، وفى الأبدية، حيث السماء الجديدة والأرض الجديدة، ستُرفع اللعنة نهائيًا، وتنتهي مشكلة الخطية ونتائجها إلى الأبد.
7- ليضع أساسًا لمصالحة كل شيء
عمل المسيح على الصليب أساسًا لمصالحة، ليس فقط الجنس البشري، بل كل الخليقة أيضًا، كل شيء في السماء والأرض وُضع أساس مصالحته مع الله بموت المسيح (كو1: 20). إن المصالحة تتصل بحالة العداوة، لذلك كان يلزم تجسد المسيح ومجيئه إلى العالم، ليذهب إلى الصليب ويسفك دمه لكي تتم المصالحة. «ولكن الكل من الله الذي صالحنا لنفسه بيسوع المسيح وأعطانا خدمة المصالحة. أي أن الله كان في المسيح مصالحًا العالم لنفسه غير حاسب لهم خطاياهم، وواضعًا فينا كلمة المصالحة. إذا نسعى كسفراء عن المسيح كأنّ الله يعظ بنا، نطلب عن المسيح: تصالحوا مع الله. لأنه جعل الذي لم يعرف خطية خطية لأجلنا لنصير نحن بر الله فيه» (2كو5: 18-21).
أفرايم فخري